منهكون ومفلسون، على هذا الحال يجري ترحيل الآلاف من اليمنيين عبر منفذ الطوال الترابي والمتسم بالفوضى على الحدود مع المملكة العربية السعودية. وفي حين يتدفقون على متن حافلات مكتظة بشكل خطير، يعطيهم عمال الإغاثة فقط الخبز والعصير. وبالنسبة للكثيرين، يعد هذا هو الدعم الوحيد الذي يتلقونه. وتشكل عملية الطرد الحديثة من المملكة العربية السعودية مشكلة كبيرة لليمن. على مدى عقود من الزمن، تجاهلت المملكة العربية السعودية الملايين من العمال غير الشرعيين والمهاجرين الذين شغلوا بهدوء وظائف العمل اليدوي التي لا يرغب فيها السعوديين. ولكن ومع ارتفاع معدل البطالة بنسبة 12 ٪ وفي حين تواجه المملكة ضغوطات متزايدة من اجل خلق فرص عمل لمواطنيها، قضت الرياض في مارس بأنه لن يتم التسامع مع العمال غير الشرعيين المتواجدين داخل المملكة. إلا ان بلدان هؤلاء العمال، ولا سيما اليمن وإثيوبيا، عملتا عل اقناع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبدالعزيز بمنح فترة لمدة اربعة اشهر للسماح للعمال بالامتثال للقانون. ولكن عندما انتهت المهلة يوم 4 نوفمبر بدأت حملات الترحيل والاعتقال ضد العمال الأجانب بشكل جدي. كان اليمنيون من بين العمال الأكثر تضررا من هذا القانون، وتقول المنظمة الدولية للهجرة ، وهي هيئة تابعة للأمم المتحدة، تقول ان ما يقارب 8000 يمني أعيدوا عبر منفذ الطوال في يوم واحد في أوائل نوفمبر تشرين الثاني. ويقول مسؤولون يمنيون ان المجموع الكلي لعدد الوافدين في الشهر يصل الى 71000 وهو ما رفع عدد العائدين إلى ما بين 300000 الى 400000 منذ بداية العام . كلا من المرحلين والمنتقدين للسياسة السعودية أعترفوا بان المملكة لديها الحق في فرض قوانينها وأن معظم اليمنيين المرحلين كانوا هناك بشكل غير قانوني. ولكن المخاوف تتركز على الطريقة التي تتم عبرها عمليات الترحيل وما ستتركه من تأثير على اليمن، أفقر بلد في العالم العربي، حيث يعيش ما لا يقل عن ثلث المواطنين تحت خط الفقر. ويقول أحد عمال الاغاثة الدولية الذي طلب عدم الكشف عن هويته "ان الطريقة التي يتم من خلالها ترحيل اليمنيين وحشية." حيث أفاد الكثير من المرحلين انه يجري اخذهم مباشرة من الشارع إلى مرافق الاحتجاز مع عدم منحهم فرصة لجمع متعلقاتهم. مكتظين داخل غرف صغيرة، يقول البعض إنهم تعرضوا للضرب والسلب اثنا تواجدهم في المعتقلات. ويقول احد الشباب "ضربوني بكابل كهرباء. إذا نمت ضربوك واذا تحدثت ضربوك ايضاً،" حيث ويقول شهود عيان انهم شاهدوا حافلة تقل جثة احد المرحلين. ولا تقدم الحكومة اليمنية شيئا يذكر لأولئك الذين يصلون عبر الحدود. حيث العديد منم لا يملكون حتى ما يكفي من المال للسفر الى بيوتهم. ان السلطات في صنعاء غير مؤهلة للتعامل مع تداعيات على المدى الطويل أيضا. حيث يقول خبراء اقتصاديون ان تجربة عام 1990 عندما شهدت البلاد طرد بعض العمال في تلك الفترة من دول الخليج المجاورة، كانت صدمة لم تتعاف البلاد منها بعد. الاقتصاد اليمني هو في حالة أسوأ بكثير مما كان عليه قبل عقدين من الزمن. وما يقارب أكثر من نصف الشباب في البلاد بالفعل عاطلون عن العمل. يجب على اليمن أيضا معرفة كيفية ملء فجوة التحويلات باعتبار المليارات من الدولارات التي كان يرسلها العاملين الى بلدهم في كل عام تستمر في الانخفاض. وفي الوقت نفسه، ما يزال اليمن يحاول تجاوز عملية التحول السياسي الهشة في أعقاب الاطاحة بالرئيس السابق علي عبد الله صالح في العام 2011. ويقول العديد من المرحلين اليمنيين انهم سوف يحاولون العودة إلى المملكة العربية السعودية مرة اخرى. ويقول علي صوفان (58 عاما) ان أول مرة رحل فيها من منزله في شمال اليمن إلى المملكة سيرا على الأقدام كانت في عام 2000. وعلى الرغم من طرده عدة مرات، إلا انه يقول انه استمر بمحاولة العودة الى هناك. إن الشاب الذي تعرض للضرب، وغيره من الكثيرين، يعتزمون التسلل أو التهرب إلى السعودية في أقرب وقت ممكن . ورغم ان المخاطر والتكاليف مرتفعة، إلا انهم يرون عبر ذلك تقديم المزيد من الأمل لحياة كريمة في موطنهم اليمن. *ذا اكونوميست