من عجائب الدنيا أن نرى نظاماً سياسياً له أرض وشعب لكن ليس له كرامة أو حتى ضمير إنساني تجاه مواطنيه الذين يتعرضون لأبشع أنواع التنكيل على أيدي نظام "الشقيقة الكبرى" وسلطاتها الوحشية التي تمارس القمع اليومي والممنهج تجاه اليمنيين وبصور شتى وأنواع عدة لا تخفى على أحد . ما ينقص مسؤولينا هو بعضاً من الحياء أو الكرامة ما ينقص أحزابنا ومترفينا ومثقفينا ومشائخنا وكل من له علاقة بهذا الوطن هو قليلاً من الخجل وصحوة ضمير فعندما يتجرد النظام السياسي عن كرامة مواطن يمني يصبح بلا شرعية قانونية وأخلاقية لأنه تخلى عن أهم واجباته وصارت البلاد رقعة واسعة للتدخل الخارجي ومستباحة لأي قوة خارجية .
ما يثير الدهشة والإستغراب ليس تضاعف حجم الإهانات للمواطن اليمني في الخارج وفي السعودية على وجه التحديد حتى أصبح اليمني في ذيل قائمة "الآدميين" وكأنه لا يرتقي الى مرتبة "بني آدم" حين نرى أن الحيوانات تلقى معاملة حسنة من مجتمعات راقية .
وعلى ما يبدو أن الصمت الرسمي والشعبي كذلك والمجتمعي بأكمله على إهانة المواطن اليمني في السعودية تحديداً دفعت الجارة الكبرى والشقيقة الكريمة التي لا يخلو خطاب أي مسؤول يمني من مدحها الى إهانة اليمنيين وفي بلدهم أيضاً .
دعونا هنا نتناسى ما يحدث للمغتربين في الحدود وفي المدن والسجون السعودية .. تناسوا مشاهد الضرب المبرح والصلب والقتل وكسر الرؤوس والطعن .. تناسوا أي مشهد وتوقفوا قليلاً أمام عربدة سعودية حقيقية في الداخل اليمني .
ليس الأمر متعلقاً بالزواج السياحي ولا غيره فالتقارير الدولية التي نشرت مؤخراً تؤكد أن السعوديين يقصدون دولاً عدة وعلى رأسها اليمن من أجل البحث عن القاصرات من العذروات والنساء الجميلات وممارسة أبشع أنواع الدعارة .
هذه الدعارة التي يرفضها مجتمعنا المحافظ والملتزم وسرعان ما يغضب لأي مساس بها فكيف إذا كان الأمر متعلقاً بمن عليهم مسؤولية إيقاف تلك العربدة من جنود الأمن البواسل الذين تعرضوا مؤخراً لإهانات متكررة من قبل أجانب وعلى رأسهم سعوديين .
نقاط أمنية تستوقف دبلوماسيين سعوديين وبحوزتهم ممنوعات وقد قاموا بتغيير أرقام السيارة في مخالفة واضحة للقانون وخدش للحياء العام وإنتهاك صارخ للعادات والتقاليد وما كان من بعض جنود النجدة إلا أن قاموا بكسر قوارير الخمر وهو ما تسبب في مشادة بين الجنود والدبلوماسيين أنتهت بعد تدخل لقيادات أمنية بعد إتصالات عدة .
مرة أخرى وقبل ايام وفي نقطة أمنية أخرى قام جنود الأمن بإيقاف سيارة أتضح فيما بعد انها لدبلوماسي سعودي تعدى النقطة وكان مسرعاً وبعد إتصال الجنود بعمليات الداخلية التي أمرت بإيصال الدبلوماسي الى قسم شرطة وما إن وصل الدبلوماسي القسم وأجرى إتصالات عدة حتى جاءت الاوامر بالقبض على الجنود ومعاقبتهم وسجنهم .
هذه هي السعودية التي تحكم اليمن على ما يبدو فمواطنيها يمارسون الدعارة السياسية والأخلاقية في اليمن ويتم القبض عليهم ومن ثم يتم الإعتذار لهم بينما يعاقب اليمني في السعودية دون أسباب تذكر فقط لأن أحد الشباب السعودي أراد ضرب أي شخص فلم يجد إلا اليمني العامل لديهم ليستعرض قوته عليه ناهيك عما تقوم به الشرطة السعودية من إستخدام أنواع بشعة من التعذيب ضد "أبو يمن".
هذه بعض الأحداث البسيطة التي حدثت في صنعاء فحسب والكثير من القصص يتداولها الجنود اليمنيين المغلوب على أمرهم في عدن وفي تعز والحديدة وغيرها حيث تحولت البلاد الى ساحة مفتوحة للعربدة السعودية .
في الأخير يحتاج نظامنا وسياسيينا وقادتنا لبعض الكرامة ويحتاج شعبنا لبعض الإرادة حتى يتحرر من كل قوة تحاول الهيمنة عليه وإمتهان كرامتة وآدميته .