في عام 2009 طلبت مني صحيفة العاصمة أن اكتب مقالة " نقدية " بمناسبة الذكري التاسعة عشرة لميلاد التجمع اليمني للإصلاح وقد نشر المقال الذي كتبته بتاريخ 2/9/2009م. ما كان يعجبني في التجمع انه كان يسعي إلى إن يسمع رأي الآخر فيه وقد دعيت عدة مرات إلى ندوات ومحاضرات وكنت أتصور في كل مرة أنني لن ادعى مرة أخرى بحكم أن الناس لا ترتاح إلى النقد رغم أن في تراثنا مقولة أمير المؤمنين "رحم الله امرءًا أهدى إليَّ عيوبي"0 بعد الانتخابات الرئاسية دعيت من قبل شباب الإصلاح للحديث عن التحديات التي سوف تواجه التجمع في المرحلة القادمة؟ حددت حينها نوعين رئيسين من التحديات احدهما من داخل التجمع والآخر من خارجه0 1 التحدي من داخل التجمع يتعلق بمدى قدرة كوادر الإصلاح علي الانتقال من ولاء الطاعة إلى ولاء القناعة أي أن تنتقل الكوادر من كونها أداة لتنفيذ القرارات وحسب إلى أنها يجب أن تكون أداة للمشاركة في صنع القرارات أيضاً, وإلا لا فارق بين من يقول: "اللي تشوفه يا أفندم" وبين من يتصور بأنه ملزم بطاعة ولي الأمر دون نقاش, لافرق بينه وبين قوم بلقيس لو سئل عن رأيه فقال الامرإليكِ. 2 التحدي الآخر رغم ماشهده التجمع من تطور فإن التنشئة الأيديولوجية الضائقة بالآخر المختلف ظلت تتعلق في علاقة التجمع وكوادره بالآخر, ظلت علاقة محكومة بالشك والحذر من ناحية ومحكومة بعصبية ذات طابع أناني ومحكومة من ناحية ثالثة بمخلفات متخلفة أيديولوجية ومذهبية وعنصرية ومناطقية وإن خالها تخفى علي الناس تعلم. في كثير من ممارسة التجمع يبدو كمن يرى أن مصلحة الحزب مقدمة علي مصلحة الوطن. يشعر بالحاجة إلى شركاء في المسيرة لكنه يريد شركاء بلا شراكة لم يقتنع التجمع - بعد - أن قوة شريكه قوة له وضعف شريكه ضعف له. الأخطر من كل ما سبق أن يتطلع حزب لأن يحكم الوطن بكل أبنائه وبمختلف معتقداتهم وأفكارهم ومناطقهم وسلالاتهم وهو في نفس الوقت يقف من الآخر المختلف إما شريكاً في حربه وظلمه وإقصائه أو غير معني بظلمه واضطهاده وشعاره "أين ما وقعت نفعت". هذه الصور بمجملها تشكل عائقاً نفسياً لدى الآخر في قبول أن يكون الإصلاح هو الحزب الحاكم, وعليه فلابد للإصلاح الحزب المتطلع للتغيير والحكم أن يغير هذه الصورة في عقول الناس ونفوسهم ويتم ذلك عن طريق القطيعة الكاملة بين الأيديولوجية والتعامل السياسي والوطني مع الآخر وان يتم تعويد الكوادر الإصلاحية على كل المستويات علي القبول بالشراكة الفعلية والبعد عن التعصب المخل بما يتعلق بالعمل العام والوظيفة العامة وأن يكون شعار الحزب التجمع في خدمة الوطن, وليس الوطن في خدمة التجمع وحين يتجسد الشعار في سلوك كوادر التجمع علي كل المستويات سوف يشعر المجتمع أن التجمع حزب الوطن. إن ما يساعد الإصلاح علي تجاوز هذه السلبيات هو أن يتعمق في وعيه انه سوف يحكم اليمن وانه سيكون لكل اليمن بكل فئاته ومواطنيه من يحب منهم ومن يكره من يواليه ومن يختلف معه من يضم ومن وسربل, من يتسنن ومن يتشيع, من هو مسلم ومن ليس مسلماً الدين لله والوطن للجميع. وصدق الله القائل:(وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) ا0 د0 محمد عبد الملك المتوكل