حوار مع الخبير في الشؤون الليبية د. يوسف شاكير حاوره: فهيم الصوراني نص الحوار: سؤال: المحلل الاستراتيجي والخبير في الشؤون الليبية الدكتور يوسف شاكير أهلا وسهلا بكم ضيفا على موجات إذاعة صوت روسيا من موسكو، أنطلق مع حضرتك من آخر تطورات الأوضاع في ليبيا ولا سيما فيما يتعلق بقبول استقالة نائب رئيس الوزراء الليبي نتيجة لفشل الحكومة في تطبيق البرامج والمهام التي كانت موضوعة أمامها، بداية كيف تقرؤون استقالة نائب رئيس الوزراء وفي أي سياق يمكن وضعها؟ جواب: أخي الكريم أعتقد أن هي ليست شجاعة مبدأ بل هي عملية قفز من هذا المركب الغارق والذي يغرق والذي نراه أمام عيوننا في هذه الدولة الفاشلة. السيد عوض البرعصي هو جزء من هذه المنظومة التي أودت بليبيا إلى ما هي عليه، وهو رجل له تعاطف وارتباطات بالاخوان المسلمين، ويحاول الآن تبرير أن لديه رؤية، ولكن في دولة فاشلة لا يمكن أن تكون هناك رؤية، وفي دولة ينعدم فيها التخطيط الاستراتيجي ودولة منعدمة فيها الأجهزة التنفيذية لتطبيق قرارات وإقامة دولة بمفهوم الدولة منعدمة، أنا لا أستغرب أن يأتي السيد علي زيدان ويستقيل في هذه الأيام القريبة القادمة فلذلك أخي الكريم هذه السلسلة من الاستقالات في المجلس الوطني وداخل الحكومة. والسيد زيدان نفسه قال تقابلت مع 37 ضابطا رفضوا قبول وزارة الدفاع فماذا يعني هذا؟ بعني هذا أن ليس هناك أمن وأمان وليس هناك دولة بالمفهوم المتعارف عليه في علم السياسة، وهذا أخي الكريم ما نستطيع قوله في هذا الصدد ولكن هناك أمور أخرى مستعدون للخوض فيها لما يدور في ليبيا. سؤال: نعم بطبيعة الحال من خلال هذه الاستقالة سننتقل إلى الوضع الداخلي في التطورات الأمنية، وفي مشهد جديد من حالة عدم الاستقرار والنظام في ليبيا حيث أن هناك مجموعة سيطرت على مطار طرابلس الدولي ولم تسمح للطائرات القطرية بالهبوط في المطار، فلماذا تحديدا الطائرات القطرية برأيك؟ جواب: قطر متهمة بإشعال نيران الفتنة وبإدخال الأسلحة إلى ليبيا، ولكن دعني أرجع لك من المربع واحد حيث سنتين أدت إلى تحويل ليبيا إلى أن تكون الدولة رقم واحد لتنظيم القاعدة، صارت دولة تملكها القاعدة ماليا وجغرافيا وتسليحيا. ليبيا بمساحتها الشاسعة وموقعها الجيواستراتيجي وبحدودها مع الأفارقة وبحدوده المتوسطية مع أوروبا أصبحت أفغانستان الحقيقية، هذه الحقيقة التي يهربون منها السياسيين والإعلاميين، لأنه نقل إلى ليبيا كل مقاتلين القاعدة من العرب وغيرهم، ورأينا المتلازمة الليبية ما أدت في تونس والجزائر ومالي، إزاء هذا الوضع الآن وجد الغرب نفسه أن الثورات المصطنعة هذه من قبله سيطر عليها خلاف لمنطلقاتها الأساسية، وأن هذه الشعوب مقموعة وتريد الحرية وتريد الديمقراطية. هناك الحركة القاعدية والميليشيات ركبت هذه الموجات وسيطرت عليها لأنها هي كانت التنظيمات الوحيدة المنظمة وهذا الأمر أخي الكريم ينساق على ما يحدث في ليبيا الآن من اغتيالات وتصفيات وقتل، ويجب أن نربط الحلقات بعضها ببعض أي يجب ربط الوضع الليبي مع الوضع التونسي والوضع المصري ببعضها البعض، كما كان قبل السابع عشر من فبراير الآن يرتبط ببعض البعض. الأمر أوقع الأوروبيين والأمريكان في ورطة كبيرة فيما يدعونه محاربة الإرهاب والحركات التكفيرية والحركات الجهادية التي تتحالف في كل مكان في سوريا وفي ليبيا. الحالة الليبية أخي الكريم فاليعلم الجميع وليعلم صناع القرار، أن الحالة الليبية وصل الثوار الليبيون الجهاديون القاعديون الميلشويون إلى حد لا يطاق، حيث الاعتقالات والسجناء والعبث بمقدارات الدولة والمال والبترول وكل ما يخطر بالبال. سؤال: عفوا دكتور هنا تحديدا أريد أن آخذ رأيك في هذه النقطة أي في الدول التي شهدت تغيرات كتونس ومصر وليبيا، حيث كان لقطر دور كبير جدا في تحقيق هذه التغيرات، ولكن في تونس ومصر كانت هناك قوة معارضة وهي الآن في مصر تمكنت من عزل الرئيس، وهناك في تونس هناك ضعط كبير جدا على حركة النهضة، فهل في ليبيا من قوة مضادة لقوة الأمر الواقع الموجودة الآن في البلاد؟ جواب: نعم أخب الكريم إن الوكيل القطري هو الذي حاول تنفيذ هذا المخطط، لأنه لدى الأمريكان وكلاء محليين وإقليميين ودوليين، وفي الأزمة كانت فرنسا وقطر وعملاء آخرين على الأرض، فيما يبدو أن الوكيل القطري الآن تجاوز التفويض الممنوح له وأن التكليف الأمريكي له أدى بأن التعهدات التي قطعتها قطر على نفسها ما لبت بها، وأزيح أمير قطر وأزيح الكثيرون من الواقفين في هذا الطريق، الفشل القطري هو الفشل بالإطاحة بالرئيس بشار الأسد، وبرهنت سوريا على أنها مرارا تحارب الحركات الجهادية. سؤال: هل العملية العكسية بدأت ابتداء من نقطة صمود سوريا وعدم سقوطها في المشروع القطري السعودي التركي؟ جواب: نعم ثبات سوريا أدى إلى إقالة الشيخ حمد ووزير خارجيته واستبداله بنجله الأمير تميم، وهذا يعني ضمن ما يعنيه تحجيم الطموح القطري ضمن حدود قطر ، وهذا الأمر يعني أن الحركات الإسلامية وخاصة الاخوان المسلمين الذين لا هم لهم إلا الوصول إلى السلطة بغض النظر عن الأسباب تلقوا صفعة ولطمة قاضية بذلك. سؤال: هل تتوقع أن تكون ليبيا هي القادمة بعد مصر ومن ثم تونس؟ جواب: نعم أنا أقول لك إن ما يجري في تونس ومصر اللتان هما البوابتان اللتان مهدتا لاقتحام ليبيا والإطاحة بها، وها هما الآن يعاد النصاب إليهما من جديد عبر حركات شعبية رافضة لحركة الإسلام الجهادي في تونس ومصر وكل البلاد العربية. تونس الآن تحتضن آلاف الليبيين والمجلس الشعبي في تونس تغير وتبدل بفضل سلوكيات ثوار الناتو والتي يعرفهم أهلنا في تونس. ونحن رأينا وحذرنا، وكان للدور الذي ألقاه والمحاضرة الاستراتيجية اليت ألقاها الرئيس فلاديمير بوتين في مؤتمر الثمانية هي اللبنة التي شكلت ضربة قوية للغرب عندما تحدث عن الإسلام الجهادي بالوقائع وبالمعلومات الدقيقة التي التقفتها ألمانيا والتقفها الكثيرون، فتكلم عن مخاطر الإسلام الجهادي الذي تدعمه الولاياتالمتحدة والغرب وبعض الدول العربية، ومعلومات دقيقة فاجأ بها قادة الدول الثمانية وخصوصا الأمريكيين والفرنسيين، وهنا نرى أن المستشارة الألمانية تبنت وأيدت كل ما نطق به الرئيس فلاديمير بوتين وهذا الأمر دفع إلى منع أوروبا إلى إصدار قرار التسليح للمعارضة السورية، في هذا السياق رأينا التغيير في قطر وكلنا سمعنا عن الانتخابات في النظام الائتلافي السوري المعارض والذي يقوده شخص من قبيلة شمر، وأزيحت قطر وتلقفت السعودية الملفات وهي رزينة نوعا ما في دبلوماسيتها محل التخبط القطري الذي مارسته قطر مع ملفات المنطقة، وعوهد بهذه الملفات إلى السعودية، ورأينا كيف ترجم ذلك في الساحة المصرية. وأنا أبشر أن أزمة ليبيا ستنتهي كما ابتدأت بنفس السيناريو، والآن ليبيا تعيش اللحظات الأخيرة من العرف الأخواني الأمريكي والدليل على ذلك ما حصل في مصر وما حصل في تونس، وهذا يعني أن هناك وعي شعبي ستضطر الولاياتالمتحدة بأخذخ بعين الاعتبار. هذا الرفض الشعبي يرفض الإسلام السياسي الجهادي القاعدي الاخواني، وفي ليبيا جرى في الفترة السابقة زحف ومهاجمة مكاتب الاخوان المسلمين في طول البلاد وعرضها نتيجة الممارسات اللإانسانية واللاأخلاقية التي يمارسها الجهاديون ضد كل من يختلف معهم بالرأي. وسلسلة الاغتيالات التي رأيناه كلهم من المؤيدين والذين خلقوا الثورة، وكل من اختلف معهم بالرأي قتل أو اختطف أو حاولوا اغتياله أو تفجيره. إن الشعوب التي كانت ترفض أنظمتها الاستبدادية هي الآن ترفض الاستيداد الديني الآن الذي تمارسه الحركات الإسلامية الآن باسم العزة الإسلامية، فلذلك كما قلت لك البوابتان التونسية والمصرية يعاد النصاب إليهما من جديد الآن، ونحن في هذا السياق نقول إن سيناريو ليبيا سينتهي كما ابتدأ بعملية حماية دولية للمدنيين وحماية للناس الذين يقتلون والناس الذين تعرفهم كل المخابرات الدولية والتي تعرف ما يدور في ليبيا إلا صانعي القرار خائفون ومتخوفون ويقولون إن القاعدة تسيطر وتتمكن الآن على مقدرات الدولة الليبية وهذا الأمر جعل الكثير من السفارات تغلق أبوابها وتنسحب، وهذا يعني بداية سحب الشرعية من هذا النظام، وملف النفط هذا النفط الذي خفض من مليون وأربع مئة إلى 350 ألف نتيجة هذه الممارسات في الاحتلال، ولأنه لا يوجد كيان دولة ولا شرطة، وكيف ستقوم دولة بدون شرطة أو جيش؟ فلذلك يقتل ضبط الجيش بكل أصنافهم، وكل من يحاول بناء نواة أمنية أو عسكرية يقتل أو يصفى وآخرهم كان رئيس الأركان المكلف، وكل من دخل في مداخلة على أحد البرامج تصب في هدف تشكيل نواة أمنية قتل، وأبدأ من السيد مسماري وحتى جنيدي أخيرا حاولوا ضربه في رجليه وقد نجا، وهناك ضباط قتلوا وكل من ابتدأ هذه الثورة وحماها قتل، وهنا السؤال وعلامة استفهام كبيرة وهذا ما يخاف أن يقوله المسؤولون الليبيون في أي مناسبة.