بعد قرار المملكة العربية السعودية رفض مقعدها غير الدائم في مجلس الامن الدولي، وهو القرار الذي كان بمثابة مفاجأة من العيار الثقيل، اثارت العديد من علامات الاستفهام داخل الاممالمتحدة وخارجها، بات الكثير من المراقبين يتساءلون عن الخطوة او المفاجأة السعودية القادمة. المفاجآت السعودية بدأت بمقاطعة الامير سعود الفيصل لمنبر الجمعية العامة للامم المتحدة ورفض القاء خطابه السنوي، ويبدو ان هذه المفاجئة كانت تمهيدا لرفض عضوية مجلس الامن، ولا بد من مفاجأة اكبر في الطريق حسب مندوب عربي في الاممالمتحدة رفض ان يذكر اسمه. المجموعة العربية في الاممالمتحدة تمارس جهودا مكثفة لاقناع الامير سعود الفيصل التراجع عن قراره برفض عضوية مجلس الامن على اساس ان وجود المملكة في هذا المقعد اكثر فائدة من المقاطعة بحكم ثقلها الدولي، ولكن هذه الجهود لم تحقق اي نتائج حتى الآن. الدكتور نواف عبيد مستشار الامير سعود الفيصل والزميل في كلية كيندي في جامعة هارفارد كتب مقالا قال فيه ما معناه ان “مقاطعة” المملكة للجمعية العامة، ورفض مقعد مجلس الامن ليس خطوة احتجاج رمزية، وانما انعكاس لتغيير سياسي صلب سيؤدي الى تحول جذري في السياسة الخارجية السعودية القوة النفطية العظمى، على حد وصفه. الاكاديمي السعودي لم يعط اي تفاصيل في هذا الصدد، وربما غير مخول بذلك، لكن هناك تسريبات تفيد أن بلاده تريد قيادة تيار عربي قوي يواجه الاختراق الايراني المتسع في سورية والعراق وبما يمنع انهيار كل من سورية ولبنان، وهذا قد يترجم على شكل تصعيد مكثف لدعمها للمعارضة السورية المسلحة وتزويدها بأسلحة متقدمة، بعد التحول الخطير في الموقف الامريكي لصالح بقاء نظام الرئيس بشار الاسد، والحوار الامريكي الايراني. مصادر موثوقة في بيروت قالت ل”راي اليوم” ان كميات ضخمة من الصواريخ المضادة للطيران في طريقها الى المعارضة السورية، وباتت القيادة السورية غير مهتمه في اي ايدي تقع او تتسرب هذه الاسلحة بما في ذلك الجماعات الجهادية. هناك خطوتان اخريتان محتملتان حاليا في اطار التحول السياسي السعودي الجديد، الاولى هي مقاطعة مؤتمر جنيف حول سورية في حال عقده في 23 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، اما الخطوة الثانية فربما تتمثل في قيادة مجموعة من الدول العربية للانسحاب من الاممالمتحدة او تجميد العضوية فيها. السعودية تجد نفسها وحيدة مطعونة في الظهر من حليفها الامريكي الذي راهنت عليه طوال الثمانين عاما الماضية، ورفضها لمقعد مجلس الامن هو رسالة قوية لهذا الحليف لم تعط مفعولها، وربما تتبعها رسائل اقوى في الاسابيع والاشهر المقبلة.