في الشهر الماضي انتهى النوّابون او النحّالة ((ونوّاب بمعنى نحّال والنوب هو النحل)) باللهجة الحضرمية. انتهوا من موسم الدباسة اي موسم الحصاد لأشهر وأجود وألذ أنواع العسل الحضرمي الذي يستخلص من رحيق شجرة السدر المميزة التي يجنى منها النحل رحيقها حصريا ليعطينا أجود انواع العسل المصفى . وقلت حصريا كما يقول النحالة عندما يأتي موسم السدر فإن النحل لا يتجه الى اي شجرة اخرى فيكون السدر هو مبتغاه ومقصده لا يرتضي به بديلا. واشتهرت اودية حضرموت بأجود انواع شجر السدر وبالذات وديان دوعن وعمد والعين وبن علي وعدم وسر وغيرها من الوديان وارتبط العسل باسم وادي دوعن تحديدا كماركة مسجلة لأجود انواع العسل الحضرمي كما اسلفنا . وفي النهاية كل انتاج اودية حضرموت يرتبط بمسمى واحد اما العسل الحضرمي او العسل الدوعني و(دوعن وليس دوعان )كما كان يحاول المخلوع علي عفاش نطقها في خطاباته لكي تصبح مرادفة في النطق لكوكبان وعيبان وماشابههما ، فوادي دوعن اشتهر ايضا بأبنائه الذين جابوا الافاق واصبح بعضهم من كبار الاثرياء في العالم وفي الحجاز على وجه التحديد ، وقد يكون لشهرتهم ومكانتهم سببا في ارتباط كل انواع العسل الحضرمي باسم دوعن والله اعلم . وبطبيعة الحال لا توجد سابقا ولا في الوقت الحاضر احصائيات دقيقة عن حجم وكميات العسل الذي ينتج محليا في وادي دوعن ناهيك عن كل اودية حضرموت بشكل عام . وتأتي السوق اليمنية والسعودية والخليجية كأهم ثلاثة اسواق رئيسية لبيع العسل الحضرمي والذي تأتي قيمته الغذائية في المقام الأول ومؤكد يكون هو صاحب أعلى سعرا مقارنة بأنواع العسل الاخرى الواردة من بلدان ومناطق اخرى ويستحق ذلك لأنه الاجود على الاطلاق ليس تعصبا ولست من تجار العسل ولكنها حقيقة يثبتها الواقع ولا تحتاج لكلماتي . في السنوات الاخيرة ومع انتشار تجار العسل في كل مكان وكثرة محلاته في المدن الرئيسية في صنعاء والرياض وجدة ودول الخليج ومناطق كثيرة من البلدان المختلفة وكلها يكون العسل الحضرمي هو الاكثر طلبا لمن يقدّر الجودة ويعرفها ويتلذذ بها . فلهذا شهدت أودية حضرموت في موسم الحصاد في السنوات الماضية اعدادا كبيرة من النحّالين ومن تجار العسل من صنعاء وتعز وغيرهما وهم يتوافدون ليلا الى اودية حضرموت ودوعن وما جاورها على وجه التحديد وفي كل عام يتزايدون ويأتون معهم بكميات كبيرة من اسراب النحل تمتص كل رحيق اشجار السدر الحضرمي وبكميات مهولة لم تترك مجالا للنحّالة المحليين الذين لم تكن لهم تلك الامكانيات والاعداد المهولة من اسراب النحل مما جعل الحصاد لديهم قليلا ومحدودا ومحصولهم المادي في نهاية المطاف كذلك ، ( حق الناس للناس ) كما يقول المثل الحضرمي واما الخسارة . وذكرني هذا الامر كامتداد لنفس طريقة الاستحواذ والسيطرة والهيمنة والاستباحة لكل شيء في حضرموت خاصة والجنوب بشكل عام وتحديدا بعد حرب 1994م. حيث اصبحت ثقافة الغالب وسياسة المنتصر لم تسلم منها اشجار السدر في حضرموت ولا حتى اشجار دم الاخوين في سقطرى . ونحن نضع تساؤلنا امام السلطة المحلية على وجه التحديد والتي جاءت كثمرة من ثمار الثورة الجنوبية وضغطها على الواقع المرير وليس فهلوة ومسرحية اخرجت حينها بطريقة خاصة ليرضي بها سيده المخلوع ويضحك بها على السذج ممن تغرهم الصور البرّاقة حيث تم التعيين الانتخابي لتخفيض وطأة الحراك عليهم وذرّ الرماد في العيون والا لما حركوا ساكنا. نحن نقول لهم بلادكم مستباحة في كل شيء ما تحت الثرى وما فوقه حتى النحل الوافد لم يترك لنحل بلادكم شيئا كما هو الحال في العمالة النفطية وكما هو الحال في التجارة والمقاولات الصغيرة والكبيرة وغيرها من الأمور. فهل سيطول صمتكم ام ماذا تريدون لأهلكم ؟ أتريدون لهم الرحيل من بلادهم على ايديكم وانتم تنظرون. هيئوا اذن لهم اماكن أمنة ونظام اقامة آمن في دول الجوار او حتى بجزر واق الواق طالما بلغ بكم الايثار اقصى مداه بان تؤثرون الآخرون على اهلكم حتى ولوكان بكم خصاصة . نأمل ان يكون لكم دورا ايجابيا في وضع الضوابط والحماية لنوّابة حضرموت ونحلها حفاظا على مصدر رزقهم الوحيد وحفاظا على سلامة الجودة لعسل دوعن ليبقى مميزا في جودته . وآه منك يا عسل دوعن يا قوت العاشقين . [email protected]