كعادة قبائل حضرموت في السنوات المتأخرة عندما يحدث أمرا عظيماً يستهدفها أو أحدا من أبنائها تعقد اجتماعات ومؤتمرات تخرج بعدها بمصطلحات التنديد والاستنكار التي حفظناها عن ظهر قلب لكثرة ما سمعناها عبر وسائل الإعلام في القمم العربية , لا شك أن الاجتماع خير وبركة وقوة لكننا نلحظ أن هذه المؤتمرات التي تكررت تكون غالباً ردة فعل تمتص بعض الغضب المكبوت ولا تتجاوزها لبرنامج عملي تجتمع عليه قبائلنا لتكون الرقم الصعب في حضرموت فيحسب لها حساب حقيقي من قبل الجهات التي تستهدف أبناء المحافظة . أتذكر مقتل عددٍ من أبناء حضرموت حينها إما بطائراتٍ بلا طيار تتخطفهم من الجو أو برصاصٍ وقنابل تستهدفهم من الأرض وبعد كل جريمة قتل أو اختطاف يتداعى شيوخ القبائل للاجتماع , فمن اجتماع منطقة عين ون مروراً بتاربة سيئون فخشامر العقاد فالقطن والمكلا ودوعن .. هناك مؤتمرات أو اجتماعات قبلية لكن يغلب عليها اجتماع القبائل المكلومة وحدها أو قبائل أخرى متعاطفة معها وهذا شيء جميل لم نعهده من قبل, لكن المواطن الحضرمي يسأل : وماذا بعد كل اجتماع ؟ هل هناك رؤية واضحة يخرج بها شيوخنا ومقادمتنا ويتبلور عن هذه الاجتماعات الدعوة لاجتماع عام لقبائل حضرموت جميعها وعلماؤها وشخصياتها الاجتماعية لتشكيل موقف موحد ضد أي عمل يستهدف أبناء المحافظة بحيث يحسب لكلمة وبيانات مشايخنا حساب أم أن الأمر لا يعدو كونه ردة فعل وغضب مؤقت يتلاشى مع الزمن ويطويه النسيان فتصير البيانات النارية حبر على ورق أسوة ببيانات أخواتها من قمم الزعامات العربية المعروف نتائجها قبل عقدها. صحيح إن هناك حلول قدمت في بعض القضايا وانتهت على أساس تحكيم الأعراف القبلية لكن للأسف بعضها بعيد عن الإنصاف والعدل وإقامة الحق وردع المعتدين حيث تتدخل السلطة ويلزم المعتدي غالباً بدفع مبالغ مالية طائلة تبلغ الملايين ويعلن فيها عن تنازلات كبيرة من هذه المبالغ إكراماً للسلطة تارة وللضيوف أخرى والنصيب الثالث إكراماً للمحكمين!! فيما يستمر مسلسل القتل والاختطاف لأبناء حضرموت وتدور عجلته ليبقى السؤال مفتوحاً : من التالي يا ترى ؟ وحينما كانت رياح التغيير وثورتها تهب على البلاد وضعف الأمن وتضعضع كان أبناء حضرموت يخافون الأسوأ لا من شيء سيأتيهم من داخل المحافظة بل من قبل قطاع الطرق والمستغلين للفوضى من خارجها ولذلك كم سرت شائعات ونشرت أخبار في حينه عن وجود جماعات أو أفرادٍ يجوبون شوارع المكلا مسلحين بسيارات بلا أرقام أو أنهم ساكنون في بعض الفنادق وشكلت لذلك لجان أمنية شعبية في الأحياء وكل ذلك يدل على أن الأسوأ الذي يتربص بحضرموت هو من خارجها والواقع يشهد بأن الاختطافات التي حصلت على بعض أبنائها والتقطع والقتل لآخرين كان يمارس أكثره أشخاص من محافظاتٍ أخرى إما على سبيل الثأر والانتقام أو من أجل النهب والسرقة فما إن يختلف حضرمي مع آخر على مبلغ مالي أو قطعة أرض حتى يفقد روحه أو يختطف لأسابيع وقد بلغ الاستخفاف مبلغه باختطاف الأطفال وصغار السن ومن ليس له شأن في الواقعة وما تجرأ أولئك إلا لاعتقادهم بضعف البنية القبلية في المحافظة وحب السلم والسلام الذي يتصف به أبناء حضرموت عامة وتقديرهم لحياة المدنية والاحتكام للنظام والقانون في بلدٍ يحتكم فيه النظام نفسه وجيشه وحماة أمنه عند أي نزاع بينهم وبين قوى قبلية إلى أعراف القبيلة !! والوقائع على هذا يصعب حصرها وعدها وهذا ما يستدعي أن يقف أبناء المحافظة خاصةً علماء الدين فيها والشخصيات الاجتماعية والأكاديمية وقبائلها صفاً واحداً وتكون لهم كلمتهم القوية ضد من يخلل بأمنها ويعتبرها فيداً ومغنماً في غير حرب فكيف الحال لو غاب الأمن والسلم ؟! ما أحوجنا اليوم إلى حلف فضول حضرمي يجتمع له أهل النخوة والمروءة من أبنائها وهم كثيرٌ كما اجتمعت قيادات من شيوخ مكة – وهم في جاهلية – لنصرة المظلوم في دار عبدالله بن جدعان فيما سمي بحلف الفضول وكان رسولنا صلى الله عليه وسلم حاضراً في هذا الحلف وأثنى عليه بقوله : )لقد شهدت مع عمومتي حلفا في دار عبد الله بن جدعان ما أحب أن لي به حمر النعم ، ولو دعيت به في الإسلام لأجبت (فمتى تشهد حضرموت مثل هذا الحلف ؟.