سيظل فك الارتباط هو المطلب الأساسي والوحيد للشعب الجنوبي بعد تجربة عشرون عام في وحدة لا طعم ولا رائحة لها شابها الكثير والكثير من الأنانية والطمع والغطرسة من قيادات شمالية ظنت إن إرادة الشعب الجنوبي لابد أن تقهر. وانه يجب ترويض وتهذيب هذا الشعب لكي يصبح مثل العصفور الجميل وسط قفص من حديد, يغرد ويشجو بصوته الجميل دون أن يتحرر من قفصه أو من قبضة سجانه فيصبح مطيعا هادئا. ولكن للأسف لم يكن القفص ذهبي ولم تكن تغريده العصفور مطربة بل كانت ثورية. الحرية لا تهدى ولا تشترى, القفص الذي كنا ولا زلنا فيه حديديا أكله الصدى فأصبح يتآكل وتتساقط كل إجراءه. حرية الشعب الجنوبي أصبحت مطلبا أساسيا وملحا, فلا يمكن أن نظل حبيسين قفص الوحدة التي شبنا وترعرعنا على حبها واكتشفنا زيفها وخديعة صناعها. الجنوب اليوم تواجهه الكثير من التحديات والعراقيل وللأسف ليست من غرمائه بل من أهله فلذلك تباينت الآراء حول مستقبل الجنوب, هناك من يرى إن مستقبل الجنوب بعد فك الارتباط سيكون نسخة طبق الأصل من الجنوب السابق, كون من يتزعم الثورة الجنوبية هي وجوه قد ألف الشعب الجنوبي رؤيتها ولا ينتظر منها أي بصيص أمل في تحسن وتطور الوضع الجنوبي طالما عادت هذه القيادات إلى السلطة مرة أخرى. ويقوم هذا الفريق بسرد ونشر كل المظاهر السلبية التي مارسها النظام السابق, مثل النهج الاشتراكي وقانون التأميم والسحل والاغتيالات وغيرها من الأمور التي يعتقد بأنها ستظل في عقل وفكر القيادات الجنوبية القادمة طالما وأنهم اشتركوا فيها أبان وجودهم على رأس السلطة في النظام السابق وسيمارسونها في النظام القادم للجنوب إذا ما تربعوا على قمة هرم السلطة في الجنوب مرة أخرى. متهمين النظام السابق بأنه لم يبني اقتصادا قويا ولم يحدث تنمية حقيقية, بل كان نظاما فقيرا معدما وحرم الشعب فيه لكثير من المكاسب التنموية والاقتصادية, لم تكن هناك استثمارات ولا نهضة تنموية حقيقية. بينما يرى الفريق الأخر أن الماضي سيضل ماضي بآلامه وإحزانه وأفراحه, ويرون بأن أي نظام مهما كان نهجه وسياسته له ايجابياته وسلبياته, وعلينا أن لا نتغنى بكل سيئ ونتجاهل كل جيد والعكس صحيح. فالايجابيات كانت كثيرة ومهمة جدا, فقد كان هناك امن, نظام, فانون إداري ومالي ممتاز وكانت هناك مساواة في العمل ومجانية في التعليم والتطبيب وهذا أهم ما يتمناه المواطن, والسلبيات أيضا كانت موجودة, فلا احد يرغب أو يتمنى عودة التأميم, السحل و النظام الاشتراكي برمته. ويرون من يقف اليوم ضد الثورة الجنوبية أو الحراك بحجة مآسي الماضي هم قوم هدفهم عرقلة هذه الثورة الجنوبية ومسيرة الحراك الجنوبي السلمي. ويرون أيضا إن أخد الايجابيات من الماضي والعمل بها في المستقبل أمر طبيعي, كوننا نسعى جميعا إلى توفير الأمن وتطبيق القوانين ومجانية التعليم والتطبيب وتوفير فرص العمل بشكل متساوي وعادل للشباب, هذه أمور كانت موجودة في النظام السابق فلا عيب من عودتها كونها من أهم مقومات الدولة المدنية الحديثة والديمقراطية. فماذا لو أخذنا بوسطية الرأي المبنية على حقيقة الواقع اليوم, وما يدور في هذا العالم من متغيرات سياسية واقتصادية ومصالح مشتركة, نجد إن الاشتراكية بكل قوانينها المادية وشعاراتها الطبقية والبروليتاريه والعمال والفلاحين وغيرها لم تعد من متطلبات الواقع والحياة المعاصرة, لقد ماتت الاشتراكية وكفنت ودفنت في تربتها وبكل الطرق المسيحية والإسلامية والبوذية. فلذلك عودة الاشتراكية إلى الجنوب من المستحيلات الكبرى. ثانيا لا يمكن بأية حال من الأحوال عودة قانون التأميم, لقد كان هذا القانون ظالما وشاذا في مجتمعنا الإسلامي, فحرية التمليك والتجارة والاستثمار والهجرة هي ما يميز المجتمعات بشكل عام وهي سمات الحياة والحرية في عالمنا اليوم, فلا يمكن أن تعود سياسة الماضي سياسة الملكية العامة ومحاربة البرجوازية الصغيرة والكبيرة والملكية الخاصة فهذا النهج مرفوض جملة وتفصيلا من كل شرائح المجتمع. أما التصفيات الجسدية والسحل وغيرها من الجرائم التي اكتواء بها شعبنا الجنوبي بعد الاستقلال مباشرة فقد كانت من متطلبات تلك الفترة التي حدثت فيها وكانت في نظر من قام بها بأنها ضرورية لقيام الدولة وتثبيت الأمن والاستقرار وقد مورست في كل الدول العربية بدون استثناء في بداية مرحلة قيامها, ولكن نقول بأنه لا يوجد أي عذرا ومهما كان أن يبرر جريمة قتل النفس الحرة وسحلها ومهما كانت أسبابها فهي مرفوضة ومحرمة شرعا. مثل هذه الأفعال لا نقبل بأن تعود مرة ثانية ولن تعود أصلا كون الزمان ليس ذلك الزمان, فلم نقم بثورة ونطالب بالتحرير والاستقلال والخلاص من الظلم ونقوم بعد ذلك بمعاودة الظلم والقتل مرة أخرى فهذا أمر مرفوض تماما, فحرية الرأي والتعبير هي ما نصبوا إليها في إطار نظام ديمقراطي فيدرالي جنوبي, يستطيع كل مواطن من ممارسة حقه في التعبير عن الرأي بحرية في إطار إقليمه أو الجنوب عامة وفق ما يسمح به القانون والديمقراطية الصحيحة وليست ديمقراطية التسيب. مستجدات: لقد حذرنا في مقالنا السابق (إقليم حضرموت اليمني) بأن التواجد العسكري للجيش اليمني المركزي في إقليم حضرموت اليمني لن يعطي حكومة الإقليم الحرية المطلقة في إدارة شؤون الإقليم وان بر وبحر وجو حضرموت ستكون تخت حماية جيش لا نثق فيه ولن يكون ولاءه للإقليم. اليوم نفاجئ بصدور قرارات رئاسية بتشكيل المناطق العسكرية وكرمت حضرموت بمنطقتين عسكريتين من السبع المناطق احدهما في سيئون والأخرى في ألمكلا وستكون حضرموت تحت الحصار والوصايا العسكرية للجيش اليمني وافرحوا يا أيها المنادون بإقليم حضرموت اليمني والحالمون بأن تكون حضرموت مثل اسكتلندا وويلز في الاتحاد البريطاني. لقد كشفت عصبة حضرموت عن أهدافها الخبيثة تجاه حضرموت, إذ صرح رئيسها بان العصبة ترحب في بقاء حضرموت كإقليم في الاتحاد اليمني وهذا شيء مؤسف. إن من يدعون حرصهم على حضرموت ونضالهم من اجل استقلال حضرموت كانوا يمارسون المكر الخديعة, أرادوا بها خدعة الشعب الحضرمي, ما قلناه وحذرنا منه سابقا بخصوص هذه العصابة كان صحيحا هو تتقيد خطة محكمة مع عصابة صنعاء لضرب الحراك وإضعافه إلا إنهم وبفضل الله سبحانه وتعالى الذي كشف مكرهم قد فشلوا وسيفشلون أينما حلوا ونطقوا كذبا.