عندما نفى الإنجليز المحتلون لمصر أمير الشعراء أحمد شوقي الى أسبانيا، قال من هناك: وطني لو شغلت بالخُلد عنه نازعتني إليه في الخُلد نفسي ثم عندما أجبر الشاعر الشهيد أبو الأحرار محمد محمود الزبيري على الهجرة الى باكستان، قال من هناك: ولو أني حللت ربوع نجم هممت به إلى الوطن الوثوبا وفي كلتا الحالتين ظل قلبا شوقي والزبيري معلقين بوطنيهما، ويشتاقان إلى كل ذرة تراب فيهما، والأجمل أنهما اختزلا كل مشاعرهما في هذه الأبيات الخالدة، التي أجّجت للثورة.. وللنصر.. وللحياة الكريمة. ثم إنه الحب الكبير.. ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «حب الأوطان من الإيمان» فكيف إن هو حب اليمن.. و«الإيمان يمان» كما قال عليه الصلاة والسلام؟! ومن جانب آخر نحن ننتمي إلى أوطاننا مثلما ننتمي إلى أمهاتنا، فليس هناك أعظم وأجمل من حضن وحنان الوطن والأم، والتمسك بتراب الوطن ،والحفاظ عليه،ووضعه في حدقات العيون وشغاف القلب واجب أخلاقي وديني والاهم هو تحصين الذات بالولاء الوطني ،وقد نبه الرئيس علي عب دلله صالح ، في كلمة خلال حفل تدشين فعاليات المراكز والمخيمات الصيفية الخاصة بالشباب، إلى مخاطر التربية والتعبئة الخاطئة، التي تتغذى عادة من فكر مغلق، ورؤى ضيقة متعصبة. يقول الصحابي حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: «ليس خياركم الذين يتركون الدنيا للآخرة، ولا الذين يتركون الآخرة للدنيا، ولكن الذين يأخذون من هذه.. وهذه». نعم.. نحن أمة الاعتدال.. والوسط، ولكن من أين جاء البعض بالغلو، والتطرف، والتعصب الأعمى؟! ألم يدركوا أن المهاجرين اليمنيين الذين أدخلوا ما يقارب مائتي مليون في الإسلام من بلدان جنوب شرق آسيا عملوا بالمعاني الصادقة.. لديننا الإسلامي الحنيف؟! ومنذ فجر الإسلام.. وبدء الدعوة المحمدية الشريفة، ليس عجيبا أن تأتي من اليمن البشائر، ونسمات التفاؤل، التي تخرج بالأمة من هاوية اليأس.. والتشرذم.. وفي فضل أهل اليمن في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ما يؤكد الحقيقة النابعة من مشكاة الإيمان والحكمة اليمانية، يقول عليه الصلاة والسلام: «إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن». ثم ماذا يعني أن تجد في مستهل أحاديثه عليه الصلاة والسلام قوله: «أتاكم أهل اليمن» لاشك انه مفتتح بشرى، وتفاؤل: «أتاكم أهل اليمن كأنهم السحاب» «أتاكم أهل اليمن ، أرق أفئدة وألين قلوبا» «أتاكم أهل اليمن ، وهم أول من جاء بالمصافحة» وإذا كانت صاحبة فكرة صنع أول منبر في الإسلام هي امرأة يمنية جليلة.. يقول جابر رضي الله عنه:«أن امرأة من الأنصار جاءت الرسول عليه الصلاة والسلام، فقالت: يا رسول الله! إلاَّ أصنع لك شيئاً تقعد عليه، فإن لي غلاما نجارا؟! فقال لها: «إن شئت» فلما كان يوم الجمعة قعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم على المنبر الذي صنع». فإننا نتساءل: هل كانت تلك المرأة تدرك أن بعض المنابر في مساجد بلادها وغيرها من المراكز والمخيمات يستغلها الحاقدون والمغرضون، وكل من في قلوبهم مرض، ضد الوطن.. وثوابته؟! كما أنه ونتيجة للتعبئة الخاطئة، وتلاقي الغلو، والتطرف، والتعصب الأعمى، مع امتلاك السلاح دفع الوطن اليمني ثمناً باهظاً في اقتصاده الوطني، فلم يكن في بال الروسي ميخائيل كلاشنيكوف مخترع البندقية الهجومية الخطيرة المعروفة باسمه (كلاشنيكوف) أن اختراعه الفتاك هذا، سيكون بالنسبة لهذه القوى المتطرفة، مصدرا للويلات، والأحزان، ومؤخرا اعترف هذا المخترع انه تمنى لو كان اخترع شيئا آخر لمساعدة الناس، مثل آلة لجز العشب..!! ونجزم أن مخترع هذه البندقية قد وقع أسيرا للغلو، والتعصب.. حتى أخرجها إلى حيز الوجود.. ثم وقع في الندم. مثله مثل هؤلاء الغارقين في الأفكار الظلامية والضلالية وموروثات عهود الكهنوت والاستعمار، والعاملين على تشويه صورة الإسلام ونقائه.. فليحمي الله وطننا، ولنحصنه ونصونه.. ونغلق كل الأبواب والنوافذ التي تأتي منها رياح سامة، وعاصفة.. وحاقدة.. ومجرمة. الثورة