بعض الناس لا يعرف ماذا يريد.. شكونا كثيرا من عدم إلتفات الدولة لمعاناة الأطفال، وعدم توفر حدائق عامة ومتنزهات.. وحين حلت بوادر الاهتمام بدا هؤلاء البعض بالتذمر، ومهاجمة ما يتم العمل به.. فيا ترى هل هؤلاء غير راضين عن الأوضاع ، أم أنهم عن راضين عن أنفسهم!؟ قرأت هجوم وانتقادات لمهرجان صيف صنعاء السياحي ، وبالأخص لفقرات عروض الأزياء وودت أن أوجه سؤالاً لهؤلاء : هل في تراثنا اليمني ما يعيب؟ وهل في لبس جداتنا ما نداريه خجلاًُ!؟ فنحن قوم تزخر أرضنا بتراث له من الروعة ما يخطف الأبصار، ولنا أن نتفاخر به بين الأمم.. ذهبت خصيصاً لحضور عرض العباءات الذي تم الإعلان عنه ضمن فعاليات صيف صنعاء السياحي بعد أن قرأت التعليقات الهزيلة – بهزالة تفكير أصحابها- فدعوني أنقل لكم صورة حقيقية عن هذه الفعالية: صبايا في عمر الزهور يرتدين عباءات سوداء طرزتها يد مبدعة، مترجمة بذلك سطور رسمها خيال فنان يمني مبدع يدعى محمد إسحاق، حاكى فيها التراث ممزوجا بالحداثة اللائقة بأخته وزوجته وأبنته اليمنية، بعيدا عن الحداثة الدخيلة على مجتمعنا من المجتمعات الأخرى التي اختلطت فيها الثقافات ولم تعد ترى أثر فيها للعراقة العربية الإسلامية. انتظرت إلى أن فرغت الصبايا من عرضهن وسط هتاف الحاضرات، وتصفيق الأطفال ، فالتقيت ببعضهن لمعرفة رأيهن في تلك المشاركة، فقالت لي منسقة العرض الشابة ألطاف الحراسي- وهي المسئولة المالية لجمعية فتيات "أكمة الزبيب": اقترحت على مشرفي المهرجان أن نحضر فتيات يرتدين الزي اليمني لعدة مناطق لحضور حفل الافتتاح، فوافقوا وبدت الفتيات بشكل رائع في الافتتاح ، ورافقن الأخ وزير السياحة والضيوف أثناء طوافهن في أجنحة المعرض ومن ثم أعجب الجميع بالفكرة، وتنفيذ برنامج لعرض الأزياء والعباءات في الأيام المخصصة للنساء. أثناء ذلك حضرت الفتيات المشاركات في العرض وتتراوح أعمارهن ما بين 10 – 14 عاماً- بينهن عبير الربوعي، آية الحراسي، ياسمين الصلوي وعبير الحضوري، فسألتهن عن رأيهن في العرض، وما إذا كان بالامكان أن يشاركن في عروض أزياء مختلفة، فقلن إنهن سعيدات بذلك- خاصة وان العرض هو الأول من نوعه، وأنهن على استعداد للمشاركة في عروض الأزياء اليمنية في المهرجانات المخصصة للنساء، وأبدين استيائهن الشديد من بعض الذين هاجموا هذه البادرة. وقالت إحداهن وكانت الأصغر سناً: أن من يسيء إلينا يسيء لبناته لأننا نمثل اليمن فلا يجب أن يهاجمنا أي يمني وإن أزعجك رأيهم يا ماما اطمئني نحن أقوياء لأننا تعلمنا من أمثالكم – وعلى رأسكم ماما نور باعباد، وماما نجيبة حداد. وقالت أخرى:الفتاة اليمنية لن تنزل بمستوى اليمن إلى المشاركة في عروض الأزياء أو مسابقات ملكات الجمال، لأن اليمن ما زال محافظاً على تقاليده، ومتمسكاً بتعاليم دينه، والدليل على ذلك هو أننا خصصنا العرض لأيام النساء فقط، مع أن هناك عروض يومية للجميع لا تشمل عرض العبايات. وأضافت ثالثة: كل الحاضرات يلبسن العبايات ويهمهن أن يرين موديلات مختلفة- وهي بالتأكيد أفضل وأكثر حشمة مما تخرج به بعض الفتيات في الشوارع.. تركت المشاركات بعد أن تنفست من أعماقي لأراء الفتيات التي أراحتني لأطوف بعدها في أجنحة المعرض المختلفة التي جمعت التراث بالثقافة، فهناك الحلي والحياكة والتطريز والخياطة ونقش الخضاب، والرسم على وجوه الأطفال. كما أن هناك جناح لممارسة الهوايات فترى الألوان تتراقص فرحاً بين الأنامل الصغيرة.. وسألت البعض من اعمار مختلفة عن رأيهم في المهرجان فأجمعوا أن المهم صار عندنا مهرجان يضم أفراد الأسرة كبارا وصغارا، ولا نتعب في التفكير إلى أين نذهب ، لأننا نعلم أننا سنذهب إلى مهرجان صيف صنعاء.