تصوير: ديفيد سوانسون حذر خبراء وناشطون من احتمال ارتفاع نسبة عمالة الأطفال في اليمن نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد وارتفاع الأسعار، موضحين بأن مستقبل هؤلاء الأطفال في خطر لأنهم يضطرون لمغادرة مدارسهم في سن مبكرة. وقال جمال الشامي، رئيس المدرسة الديمقراطية، وهي منظمة غير حكومية محلية، بأن "الوضع في البلاد أصبح مزرياً، فنسبة عمالة الأطفال في ارتفاع بسبب تدهور الوضع الاقتصادي للكثير من الأسر"، مما يجعل العديد من الأطفال يعتقدون بأن عليهم أن يعملوا ليساعدوا في تحسين دخل ذويهم. وتقدر الإحصاءات الرسمية عدد الأطفال العاملين في اليمن بما يفوق 400.000 طفل. وأفادت منظمة العمل الدولية في عام 1999 بأن حوالي 19.2 % من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و14 عاماً يعملون في اليمن. كما ساهمت عمالة الأطفال في زيادة نسبة الانقطاع عن الدراسة، حيث صرح الشامي بأن "هناك حوالي مليوني طفل منقطعين عن الدراسة"، موضحاً بأن معظمهم سينتهي بهم الأمر إلى الأمية. وبينما يحدد العرف الدولي سن الرشد القانوني في 18 عاماً، ينص القانون اليمني على أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و 15 سنة فقط يعتبرون أحداثاً. ومن المنتظر أن يوافق البرلمان على رفع سن الرشد القانوني من 15 إلى 18 سنة. ويرى الخبراء بأن الأمر الذي يثير القلق هو التأثير النفسي لبيئة العمل على الطفل العامل، حيث قال الشامي: "إن العنف يولد العنف، وبتعرض الطفل العامل للعنف وسوء المعاملة سواء في البيت أو في العمل، فإنه سيصبح عنيفاً تجاه المجتمع". *الأخطار بدأ مشير عبدو، 16 عاماً، العمل في بيع الأكواب الزجاجية في شوارع صنعاء منذ عدة سنوات لمساعدة عائلته حيث يكسب دولاراً واحداً في اليوم. ويعمل الأطفال في اليمن كباعة متجولين في الشوارع، أو كعمال في المطاعم ومحطات البترول والمصانع ومواقع البناء وورشات إصلاح السيارات، كما يعمل العديد منهم في القطاع الزراعي حيث يتعرضون لخطر التسمم بالمبيدات الحشرية. وقال الشامي بأن بعض الأطفال العاملين يتعرضون أيضاً لأخطار أخرى سواء من قبل آبائهم، أو في الشارع أو في محل العمل، كما أنهم عادة ما يصبحون عرضة لملاحقة موظفي البلدية. كما يعمل بعض الأطفال في حمل أغراض ثقيلة مثل أكياس الإسمنت والطعام، مما يسبب لهم العديد من المشاكل الصحية. وقال العقيد علي عوض فروة، مدير وحدة شؤون النساء والأحداث بوزارة الداخلية اليمنية بأن "الطفل إذا حمل أكثر مما يستطيع فإن الضرر قد يلحق بجسمه وعموده الفقري". ومن الأمثلة على مخاطر العمل ما أصاب جمال جميل عباس، 14 عاماً، الذي يعمل هو وأخوه في ورشة حدادة لمساعدة والديهما على تحسين دخل الأسرة، فقد جمال إحدى عينيه بسبب اللحام حيث قال عن ذلك: "بعد أن عملت في الورشة لبعض الوقت بدأت أشعر بحساسية في عيني وبدأت عيناي تؤلماني. والآن، أستطيع أن أرى بعين واحدة فقط"، وكان جمال يأمل أن يصبح طبيباً أو طياراً ولكن فرصة تحقيق حلمه هذا قد تبخرت. *تعداد 2008 يحصي الأطفال العاملين وقال صلاح الغنامي، المدير المالي والإداري للبرنامج الدولي لمكافحة عمالة الأطفال، بأن عمل الأطفال مشكلة بالغة التعقيد وبحاجة إلى جهد كبير لحلها. وأوضح بأن البرنامج، الذي بدأ عمله في اليمن عام 2000، قد تمكن من تأسيس وحدات للإشراف على مكافحة عمالة الأطفال في العديد من الوزارات الحكومية، كما أسس مركزين لإعادة تأهيل الأطفال العاملين في صنعاء ومدينة سيئون في الجنوب. وقال الغنامي بأن البرنامج قد وقع اتفاقاً مع المكتب المركزي للإحصاء، وهو مؤسسة حكومية، لإحصاء الأطفال العاملين خلال تعداد 2008 للسكان. ووفقاً له، فإن الأطفال العاملين يتمركزون في صنعاء وتعز وحجة وحضرموت وعدن كما يتم تهريب مئات الأطفال إلى السعودية لاستغلالهم كأيد عاملة رخيصة، حسب الخبراء. تعرض عبد الله الريمي، 14 عاماً، الذي يعمل جابياً للأجرة في حافلة، لإصابة خطيرة خلال مشادة أثناء العمل. كما كان ضحية تهريب إلى السعودية عندما كان في سن التاسعة. وقال عن هذه التجربة: "ذهبت مع أحد الباعة إلى السعودية للعمل في التسول، اختلفنا في الطريق إلى هناك وتركني في صعدة [شمال اليمن]، وكان علي العودة إلى صنعاء لوحدي". وفي دورته حول عمالة الأطفال في بداية هذا الشهر، قال برلمان الطفل بأن عمالة الأطفال مشكلة تحتاج إلى معالجة عاجلة. وأوصى الأعضاء الحكومة بإصدار قوانين تنص على معاقبة الأسر التي تدفع بأطفالها إلى العمل، وتأسيس مراكز في جميع أنحاء البلاد لإعادة تأهيل الأطفال العاملين، وتحديث كل القوانين الخاصة بعمالة الأطفال. ويشكل الأطفال نصف سكان اليمن البالغ عددهم 21 مليون نسمة، ويعيش 43 % منهم تحت خط الفقر المحدد في 2 دولار، وفقاً لتقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأممالمتحدة الإنمائي عام 2005.