تقرير... مخطط الحرب واحتلال الجنوب سبق إعلان الوحدة    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    بايرن ميونيخ يسعى للتعاقد مع كايل ووكر    الدوري الانكليزي الممتاز: ارسنال يطيح بتوتنهام ويعزز صدارته    العلامة الشيخ "الزنداني".. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    العليمي يؤكد دعم جهود السعودية والمبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    التعاون الدولي والنمو والطاقة.. انطلاق فعاليات منتدى دافوس في السعودية    على طريقة الاحتلال الإسرائيلي.. جرف وهدم عشرات المنازل في صنعاء    الفنانة اليمنية ''بلقيس فتحي'' تخطف الأضواء بإطلالة جذابة خلال حفل زفاف (فيديو)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    بالصور.. محمد صلاح ينفجر في وجه كلوب    18 محافظة على موعد مع الأمطار خلال الساعات القادمة.. وتحذيرات مهمة للأرصاد والإنذار المبكر    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    خطر يتهدد مستقبل اليمن: تصاعد «مخيف» لمؤشرات الأطفال خارج المدرسة    اسباب اعتقال ميليشيا الحوثي للناشط "العراسي" وصلتهم باتفاقية سرية للتبادل التجاري مع إسرائيل    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    طالب شرعبي يعتنق المسيحية ليتزوج بامرأة هندية تقيم مع صديقها    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    تجاوز قضية الجنوب لن يغرق الإنتقالي لوحده.. بل سيغرق اليمن والإقليم    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    الحوثيون يلزمون صالات الأعراس في عمران بفتح الاهازيج والزوامل بدلا من الأغاني    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    وفاة شابين يمنيين بحادث مروري مروع في البحرين    اعتراف أمريكي جريء يفضح المسرحية: هذا ما يجري بيننا وبين الحوثيين!!    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يعزز مركزه بفوز على بلباو    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    ضربة قوية للحوثيين بتعز: سقوط قيادي بارز علي يد الجيش الوطني    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    قيادية بارزة تحريض الفتيات على التبرج في الضالع..اليك الحقيقة    قبل شراء سلام زائف.. يجب حصول محافظات النفط على 50% من قيمة الإنتاج    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    فريق طبي سعودي يصل عدن لإقامة مخيم تطوعي في مستشفى الامير محمد بن سلمان    ارتفاع إصابات الكوليرا في اليمن إلى 18 ألف حالة    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الروحاني في حوار: إسرائيل وأمريكا تريدان دولاً كرتونية بزعامات هزيلة
نشر في نبأ نيوز يوم 17 - 12 - 2007

الدكتور عبد الوهاب الروحانى سياسي يمنى مخضرم تدرج في العديد من المناصب السياسية والدبلوماسية في اليمن، حيث بدأ حياته المهنية صحافيا، وترأس العديد من الصحف اليمنية قبل أن يصبح رئيسا لدائرة الفكر والثقافة والإعلام بالمؤتمر الشعبي العام ورئيسا للجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب..
عين الدكتور الروحانى بعد ذلك وزيرا للثقافة حتى العام 2003 حيث انتقل للعمل في السلك الدبلوماسي سفيرا مقيما لليمن ومفوضا فوق العادة لدى روسيا الاتحادية وسفيرا غير مقيم في كل من فنلندا وأوكرانيا وروسيا البيضاء ومالدوفا.
قبل حوالي الشهرين عاد الدكتور الروحانى إلى اليمن بعد انتهاء فترة عمله الدبلوماسي محملا بالكثير من الآراء والتصورات حول الوضع في منطقة الشرق الأوسط والدور الروسي في المنطقة.. وفى هذا الحوار مع "العرب الأسبوعي" يتحدث الدكتور الروحانى عن جانب من تصوراته للوضع في المنطقة والعالم.
إسرائيل مصدر كل الكوارث
* كيف تنظر للتفاعلات السياسية الأخيرة في الشرق الأوسط؟
- المشكلة الكبيرة في المنطقة هي إسرائيل، فهي مصدر كل الأزمات والكوارث فيما يسمى الشرق الأوسط، وهى دولة محتلة غريبة مزروعة في قلب الأمة، وهى القوة العسكرية النووية التي تهدد امن واستقرار المنطقة برمتها، وهى فوق كل شيء ربيبة الاستعمار الأمريكي المعاصر في العالم.
واعتقد إن منطقة الشرق الأوسط ستظل بؤرة متفجرة طالما بقيت إسرائيل بقيت محتلة، قائمة على العنصرية والانتقام، فإسرائيل تفسر كل شي يحدث في المنطقة العربية والإسلامية على انه ضد أمنها، وضد مصلحتها، وهى بالتالي لن تسمح بإقامة دولة فلسطينية مجاورة، ولن تسمح أيضا بوجود دولة عربية أو إسلامية تتكامل فيها عناصر التفوق والقوة، وهو ما يفسر ما حدث بالأمس وما يحدث اليوم في العراق، وما يمكن أن يحدث مستقبلا في إيران، لو صدقت التهديدات الأميركية بشأنها.
* حتى في ظل أنظمة ديمقراطية لو وجدت؟
- إسرائيل والولايات المتحدة تريدان دولا كرتونية في المنطقة، بزعامات ديكتاتورية هزيلة، فوجود دول ديمقراطية حقيقية يعنى تنمية شاملة للمجتمعات العربية، ويعنى فقدان أميركا لمصالحها في المنطقة، وبدء العد التنازلي للتفوق الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط.
فالتفاعلات السياسية الأخيرة لا تبشر باستقرار وسلام المنطقة، وإنما تبشر بمزيد من العنف وانتهاك الحقوق ومصادرة الحريات، وتفاقم الأوضاع فيما يخص القضية الفلسطينية، وبالذات التمرس القائم بين حماس وفتح، واقتسام الأرض السليبة والسلطة الضائعة، خلق إشكالية جديدة، وزرع ورما جديدا في الجسم الفلسطيني، وهذا التطور المخيف في العلاقة الفلسطينية- الفلسطينية، هو موجه ضد القضية الفلسطينية، وليس في صالحها، والطرف المستفيد من تجييش الفلسطينيين ضد بعضهم هو إسرائيل بلا شك.
* وماذا عن التطورات في لبنان، وعلاقته بسوريا؟
- للأسف.. القرار اللبناني ليس في يد اللبنانيين، صحيح خرج اللبنانيون من نطاق سيطرة وسطوة شقيقهم الأكبر سوريا – إن صح التعبير- لكنهم وقعوا في نطاق سيطرة إقليمية ودولية أوسع، ومع هذا يظل اللبنانيون هم المعنيين باستشعار الأخطار التي تتهدد مستقبل بلدهم، وتجربتهم في الديمقراطية والمقاومة.
والسلطة والمعارضة، طرفان فاعلان في العملية السياسية، ولا يمكن لاحدهما أن يلغى الآخر، وبالتالي التوافق اللبناني- اللبناني بعيدا عن مراهنات الإقصاء هو برأيي الحل الأمثل للبنانيين.
أما العلاقة اللبنانية - السورية، فهي ضرورة يفرضها منطق التاريخ والجغرافيا، ولا غنى لكل منهما عن الآخر.
وهم "تخليص العالم"
* هل برأيك هناك ارتباطات بين الملفات الساخنة في المنطقة العراق وفلسطين ودارفور وغرب دارفور ارتباطات خفية؟
- لا شك أن الملفات مرتبطة ببعضها، وبصورة علنية، فلم يعد لدى الأمريكيين ما يخافونه، الرئيس بوش يتحدث ليل نهار عن أن قوة الولايات المتحدة موجهة لحماية المصالح الأميركية، وان العمليات العسكرية التي تقوم بها في العالم هي في جزء منها ديني، وتنطلق من وهم "تخليص العالم" في مفهوم الرئيس بوش وجماعة المحافظين الجدد، فالحروب التي يقودونها في العالم، والمشاكل التي يثيرونها هنا وهناك هي تنطلق أيضا من وهم الاعتقاد بأنهم مفوضون لذلك من عند الله. وأي شخص يعادى السلطة الأميركية هو بالضرورة شرير وإرهابي!
فاحتلال وتدمير العراق، وإثارة الأزمات السياسية والأمنية في لبنان، وتهديد إيران، وإرهاب سوريا، وتأجيج الصراع الفلسطينيالفلسطيني، وإثارة النزاعات العرقية في دارفور السودان، وعدم السماح بقيام دولة في الصومال، ودعم وتشجيع زعماء الحرب وعصابات الدم فيها، هي كلها مرتبطة بقضية الهيمنة الأمريكية، وتامين استمرار مصالحها ونهب الثروات العربية، إلى جانب توفير الحماية لأمن إسرائيل، ولاشك بأن القوة اللاعبة في هذه الماسي هي الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن تقف من ورائها إسرائيل، التي تتحكم في القرار السياسي الأميركي عبر اللوبيات الصهيونية الأمريكية كمنظمة " ايباك" – مثلا- التي تسيطر بقوة على مؤسسات صنع القرار الأميركي.
فالملفات إذن مرتبطة ببعضها، والسيناريوهات لا تزال قائمة لتفتيت العالم العربي، وإضعاف دوله الضعيفة أصلا، وتقسيمه إلى جزيئات صغيرة فقيرة، ضعيفة متناحرة.
خرائط قديمة وجاهزة
* هل نفهم أن خطة تقسيم العراق لا تزال قائمة؟
- خطة تقسيم العراق يمهد لها الأمريكيون منذ الأربع السنوات الماضية من الاحتلال، فالرسمة جاهزة، والحدود أصبحت واضحة، فهم يريدونها دولة كردية في الشمال، وسنية في الوسط، وشيعية في الجنوب- لا سمح الله-، وترجع لإشكالية الواقعة الآن بين العراق وتركيا إلى التخوف من قيام الدولة الكردية في الشمال، وهو تخوف وقلق كبير يساور كل دول المنطقة بما فيها إيران وسوريا.
هناك أيضا مؤشرات واضحة لانفراط الشراكة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية في السودان، ولعل زيارة "سالفاكير" نائب الرئيس السوداني – رئيس الحركة الشعبية إلى واشنطن بعد احتدام الأزمة السياسية بين الطرفيين السودانيين ينذر بخطر العودة الحرب، وربما الانفصال، وهو ما سيقود أيضا إلى تقسيم السودان إلى دويلات متحاربة في شمال البلاد وجنوبه وشرقه وغربه، وهو ما يؤكد تسريبات غربية وأمريكية بالذات إلى أن السودان مرشح للانقسام إلى خمس دول مستقلة عن بعضها.
ولاشك إن ما يسمى بمحاربة الإرهاب و"تنظيم القاعدة" الذي خلقته الاستخبارات الأمريكية قد وفر الغطاء لتنفيذ هذه الأجندة الأمريكية المجنونة لمحاربة الأمتين العربية والإسلامية، كما وفر غطاء لإسرائيل أيضا لان تتدخل في كل صغيره وكبيرة في المنطقة العربية، ومن هنا ليس غريبا أن أي لقاء عربي /عربي لمناقشة مستجدات الأوضاع في فلسطين أو العراق أو لبنان أو السودان، لا يتم إلا بأمر- ولا أقول بإذن - أمريكي وبجدول أعمال أمريكي أيضا .. وهو أمر يدعو للخجل حقا.
مستنقع كبير
* كيف تنظر لمستقبل التواجد العسكري الأمريكي في العراق والمنطقة؟
- الولايات المتحدة الأمريكية احتلت العراق على أمل أن تواصل هذا الاحتلال، وعلى أمل أن تحافظ على مصالحها الإستراتيجية في المنطقة، لأن الاحتلال لم يأت عفوا، فالمنطقة مليئة بمنابع النفط ومصادر الطاقة، وهذه مسألة هامة بالنسبة للتكنولوجيا الغربية واستمرارية تطوها، لكن أمريكا تخسر الآن كثيرا فهي تقدم ثمنا غاليا، ليس فقط على مستوى الانعكاسات الأمنية للاحتلال داخل أميركا نفسها، وتنامي الخسائر البشرية لقواتها المرابطة في العراق، وإنما أيضا على مستوى انحطاط سمعة أمريكا خارجيا، وتنامي مشاعر السخط والكره للإدارة الأميركية لدى شعوب العالم.. وبوش على كل حال وقع فى مستنقع كبير، ويمكنني القول بأن الولايات المتحدة الأمريكية تورطت باحتلالها للعراق، لأنها أولا لم تتمكن مع المملكة المتحدة من السيطرة الكلية على العراق، وإنما وجدت شريكا ثالثا دون أن يكون في حسبانها وهو إيران، ولإيران ثقل كبير وتأثير غير عادى في الساحة العراقية، في مقابل غياب تام للدول العربية، الممول الأساس للحرب والاحتلال.
* الدور الإيراني هل هو صحيح بهذه القوة التي يتحدث عنها البعض أم أن هذا مبالغ فيه؟ وهل هو في الاتجاه السلبي أم الايجابي؟
- إيران تمسك بخيوط اللعبة السياسية فى العراق بقوة، ويجب ان لا ننسى بان أغلب التنظيمات السياسية القوية والفاعلة فى العراق لها ارتباطات معروفة بإيران، وإيران لها منهج مذهبي معروف أيضا، والخط الشيعي فى العراق ليس بعيدا عنه، وشعور شيعة العراق بالظلم والإبعاد والملاحقات فى زمن صدام معناه الحرص على السيطرة والانتشار أيضا، وان على المدى البعيد، وطغيان فئة على فئة أخرى، ومعناه أيضا إثارة صراعات لا تخدم وحدة العراق، ولا تخدم وئام الشعب العراقي وتماسكه، وإنما تدفع إلى تجزئته وإلى إثارة مشاكل كبيرة فى المنطقة.
* فيما يخص التوتر بين تركيا وحزب العمال الكردستاني فى شمال العراق برأيك إلى أين يمكن أن يصل التدخل أو رد الفعل التركي؟
- بحسب علمي لقاء اسطنبول مطلع نوفمبر-تشرين الثاني الماضي، الذي جمع وزراء خارجية تركيا والعراق بحضور وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس قد خفف من حدة التوتر، والتزم "نوري" المالكي بعدم السماح بأعمال "إرهابية" من الأراضي العراقية ضد تركيا، فهناك اتجاه للتهدئة وطبعا ليس من مصلحة العراق الدخول فى مشاكل مع تركيا، وتركيا لاشك دولة قوية، وهناك محاذير كبيرة جدا لديها ولدى كل دول المنطقة من نمو من فكرة قيام الدولة الكردية فى الشمال.
* ولماذا القلق.. وما هى المحاذير؟
- الأكراد.. كل الأكراد يطالبون بحقوقهم، ولهم مطالب مشروعة.. لكن لابد من الاتفاق على نوعية هذه الحقوق وصيغها، والشكل الذي يجب ان يحصلوا من خلاله على حقوقهم.
أما المحاذير، فلاشك بان لكل بلد فى المنطقة مخاوفه السياسية والاقتصادية والأمنية من إقامة دولة كردية مستقلة، الى جانب انه سيترتب عليها رسم خارطة سياسية جديدة، ستؤثر على مجريات الأحداث فى المنطقة. ومع هذا ستظل القضية الكردية حاضرة، وظروف مواصلة الاحتلال الأميركي للعراق تهيئ للمزيد من الإثارة حولها، واشك بان أكراد العراق أو حتى أكراد العالم سيتخلون عن حزب العمال الكردستاني . فالقضية بالنسبة إليهم، هي قضية وجود.
* وماذا عن الملف النووي الإيراني.. برأيك على ماذا تراهن إيران فى تمسكها بحقها كما تدعى بامتلاك القدرات النووية؟
- من حق إيران، كما هو من حق أي دولة فى العالم أن تمتلك التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية، وهذا ما تعلنه إيران رسميا، وكانت على لسان عدد من قياداتها قد أعلنت استعدادها للتعاون فى إقامة مفاعلات نووية للأغراض السلمية لكل دول المنطقة، فى محاولة منها لتخفيف حدة القلق لدى دول الخليج العربي، ولتؤكد أن اتجاهها هو اتجاه سلمي.
ولعل رهان إيران على تطوير التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية ينطلق من عاملين رئيسيين برأيي هما: عامل اقتصادي وتنموي، سيحررها من الارتهان فى حاجاتها العلمية للسوق الغربية، وعامل آخر، وهو الشعور بأهمية تعزيز امتلاكها قرارها السياسي والسيادي، ثم لا ننسى أن إيران هي دولة محورية فى المنطقة وتأثيرها كبير.
* ماذا تعنى بدولة محورية؟
- إيران تمتلك الكثير من عناصر القوة فى المنطقة، ومن الصعب تجاهل دورها ورأيها فى الأحداث. وهذا يعنى أن التحركات الدولية التي تمت وتتم فى المحيط والامتداد الإقليمي لإيران، اعتقد إنها لا تتم بدون معرفتها. فهي تلعب بخيوط كثيرة ليس فقط فى محيطها العربي، كالعراق ولبنان، وفلسطين والعلاقة الاستراتيجية مع سوريا، وإنما أيضا من خلال تواجدها السياسي والثقافي فى الجمهوريات الإسلامية التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي فى آسيا الوسطى والقوقاز، فالحضور الإيراني فى المنطقة لا يمكن إغفاله، والقوى الكبرى وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية تدرك هذا جيدا، ومن هنا يأتي فهمنا لسعى إيران إلى تطوير إمكانياتها النووية للأغراض السلمية، وهى تدرك حقها فى هذا المجال.
مخاوف عربية
* لكن هناك تخوفات عربية من تطوير إيران لإنتاجها النووي؟
- أنا على المستوى الشخصي لا أرى مبررا للتخوف العربي من امتلاك إيران لأية قدرات نووية، فإيران أولا وأخيرا دولة مسلمة، والتخوف من تنامي قوتها لا يجب أن يكون ابلغ من التخوف والقلق من القوة النووية الإسرائيلية التي أصبحت حقيقة رعب قائمة فى المنطقة العربية.
ويبدو ان التقارير الغربية هي التي تضخم من خطر إيران النووي، لكن بالمقابل المجتمع الدولي يعرف حقيقة ما يجرى فى إسرائيل، فالمفاعلات النووية الإسرائيلية أنشئت وتطورت على أساس حربي، وليس على أساس سلمى وهذا معلن، وليس خافيا على احد، وبالتالي كيف يمكن للولايات المتحدة الأمريكية والدول الكبرى أن تعمل على منع دولة إسلامية من امتلاك القدرة النووية للأغراض السلمية وهى تتغاضى عن إسرائيل التي تمتلك القوة النووية العسكرية الضاربة فى المنطقة؟ فهذه مفارقات عجيبة وغريبة!
روسيا بوتين
* قبل فترة وجيزة عملت سفيرا لليمن فى روسيا الاتحادية.. برأيك وبحكم اقترابك للواقع السياسي فى روسيا هل هناك طموح حقيقي لدى القادة الروس لإحياء دور روسيا الفاعل فى العالم والشرق الأوسط على وجه التحديد؟
- روسيا هي الوريث الشرعي للإتحاد السوفييتي الذي كان دولة عظمى، ولا شك إنها – كما هو حال الجمهوريات السوفيتية السابقة – تعرضت للتفكك والضعف، ووصلت مطلع التسعينيات حد الانهيار بفعل تفاقم ألازمات السياسية والاقتصادية التي اجتاحتها، لكنها استعادت عافيتها، وتمكنت من النهوض مجددا، واستطاعت فى ظل الرئيس بوتين أن تعيد البناء الاقتصادي الروسي واستطاعت أن تستعيد الثقة بذاتها، وتجاه القوى الاقتصادية فى المنطقة، ثم استطاعت أيضا ان تحقق الأمن والاستقرار الداخلي وهذا ساعدها على مد جسور التواصل والشراكة الاقتصادية مع الدول المحيطة، وأعنى بها دول الرابطة التي كانت ملحقة بالجمهوريات السوفييتية السابقة، الى جانب إيجاد مناخ مناسب للشراكة الاقتصادية مع الصين والهند واليابان، ودول شرق آسيا، وأيضا الدول الغربية وفى مقدمتها ألمانيا وفرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية، وأصبحت هناك استثمارات كبيرة ومهمة.
واعتقد بان حالات الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني بدأت تساعد روسيا على السير قدما باتجاه تطوير التكنولوجيا العسكرية، علاوة على إنها لا تزال محافظة على تفوقها فى مجال الفضاء ووفقا لهذه المعطيات، الى جانب المعطى التاريخي، يمكن القول بان روسيا بالفعل تتهيأ جديا لاستعادة دورها كدولة عظمى لها مكانتها، و كلمتها المسموعة فى المجتمع الدولي.
خصوصية تاريخية
* هذا يقودنا للحديث عن الحنين فى روسيا هل هو إلى العهد الإمبراطوري أم إلى الدولة الشيوعية العظمى؟
- الشعب الروسي يتميز بخصوصية تاريخية، هذه الخصوصية تتمثل فى الشعور بالقوة، والقدرة على السيطرة، والاعتزاز بشدة بالقومية الروسية.. وأستطيع القول من خلال معرفتي الشخصية بالمجتمع الروسي ان المواطن الروسي يمكن ان يقبل بالجوع أو يتحمل سوء الحال، لكنه لا يقبل ان يسمع بان روسيا ليست دولة عظمى.. فلدى الروس نزوع للقوة والعظمة، وهى خصوصية معروفة فى التاريخ الروسي، سواء فى زمن ما قبل تأسيس الدولة أو فى زمن القياصرة أو حتى فى الزمن السوفيتي.
ولعل تنامي شعبية الرئيس الروس فلاديمير بوتين يعود الى مواقفه الحازمة تجاه الوجود العسكر الأميركي فى منطقة آسيا الوسطى، وتجاه التدخلات الأمريكية فى شئون الجمهوريات المستقلة عن الاتحاد السوفيتي السابق، وانتقاداته الحادة، بل ورفضه للسياسة الأميركية فى العالم، التي وصفها ذات يوم ب "سياسة الغاب".
* هل تعتقد بان الصوت الروسي لا يزال مسموعا فى المجتمع الدولي؟
- لا شك.. فروسيا قوة عظمى، ورغم أنها تعرضت لمصاعب كثيرة اثر انهيار الاتحاد السوفيتي، لكنها تمتلك من عناصر التفوق التكنولوجي العسكري ما يجعلها تستعيد مكانتها، صحيح لم تعد تلك القوة الجبارة، لكنها ترتب لنهوض قوي، وبسياسة هادئة.
لكن بناء روسيا لقوتها أو استعادتها لمجدها لا يعنى أنها باتجاه التصادم مع الغرب أو مع الولايات المتحدة الأمريكية، فروسيا تنهج الآن سياسة برجماتية تنطلق من فلسفة المصلحة وسياسة فن الممكن، لكنها أيضا تبدو متشددة جدا فيما يخص الفضاء الأمني لروسيا.
"الأب" فى وجه "الأم"
* فى هذه النقطة موقف روسيا المتشدد إزاء الدرع الصاروخي إلى أي مدى يمكن أن يصل هذا التشدد؟
- روسيا تعتبر الدرع الصاروخية المنصوبة فى بعض دول أوروبا الشرقية هو موجه ضدها وضد أمنها واستقرارها وليس بمواجهة تهديد الصواريخ الإيرانية – كما تزعم الولايات المتحدة الأميركية -، كما كانت قد اعتبرت فى السابق أن الثورات الملونة أو ما يقال عليها الثورة البرتقالية والمخملية فى جورجيا وأوكرانيا التي مولتها الأجهزة الغربية، هي موجهة ضدها أيضا.
ومع روسيا كل الحق فى ادعاءاتها، لان المخطط بشأن تفتيت الاتحاد السوفيتي "السابق" لن يكتمل– برأي الغرب- إلا بإضعاف روسيا، وتفكيك قوتها النووية، وهى تدرك ان أي تحرك غربي فى الفضاء السوفيتي السابق موجههٌ لإضعافها.
وعلى هذا فروسيا تذكر ما بين الوقت والآخر بقوتها، وخطاب بوتين فى ميونخ– الجميع يتذكره- كان قويا وصارخا وحمل بذور تهديد عندما تحدث عن سياسة القطب الواحد وعن وجود همجية فى السياسة الدولية، وفيما يجرى فى العالم فى ظل قيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وهى تعلن ما بين الوقت للآخر عن إنتاج سلاح قوى ومتطور، فقد أعلنت مؤخرا عن إنتاج قنبلة فعلها لا يقل عن فعل القنبلة النووية لكن دون تأثير إشعاعي وسمتها ب"الأب" بمقابل القنبلة التي تم تصنيعها فى الولايات المتحدة الأمريكية والتي يطلق عليها "الأم" فروسيا هي قوة حاضرة، لكنه لن تدخل فى مواجهة إلا إذا أحست أن هناك خطرا يهدد أمنها القومي المباشر.
* هل طرأ هناك تغير فى الموقف الرسمي التقليدي إزاء القضايا العربية الكبرى؟
- نعم تغير كثيرا، فقد كان الاتحاد السوفييتي يتنافس مع دول الغرب ومع الولايات المتحدة الأمريكية تحديدا على تقاسم العالم حيث كان هناك معسكران، معسكر اشتراكي ومعسكر رأس مالي، وكان الاتحاد السوفييتي يمول الخطط التنموية للبلدان الاشتراكية التي تدور فى فلكه بمقابل توجيه سياساتها، لكن كان ذلك على حساب شعوب هذا البلد الكبير "الاتحاد السوفييتي"، والآن تغير هذا المفهوم تماما، وحلت سياسة المنفعة الاقتصادية محل الشعارات وسياسة الاحتواء والتخندق المدفوع.
* وماذا عن موقفها من القضايا العربية؟
- الموقف الرسمي الروسي متعاطف كثيرا مع القضايا العربية، فروسيا تحاول ان تلعب دورا مهما فى حل القضية الفلسطينية، وإحلال السلام فى المنطقة من خلال وجودها فى اللجنة الرباعية، وجهودها بشأن قيام الدولة الفلسطينية، وفكرة عقد "مؤتمر سلام دولي" لحل الصراع العربي الفلسطيني هي فكرة روسية، وليست أمريكية، وأيضا الموقف الروسي المعتدل من الأزمة اللبنانية ودعم لبنان، ثم موقفها المعارض والثابت للاحتلال الأميركي للعراق، رغم المصالح الروسية الكبيرة هناك ..
لكن الروس لن يكونوا ملكيين أكثر من الملك، ولن يتعاطفوا مع القضايا العربية أكثر من تعاطف العرب مع قضاياهم.
* هل روسيا حريصة على علاقاتها مع العالم العربي؟
- فى مطلع التسعينيات كانت الكثير من مراكز الدراسات الروسية ومن المفكرين ذوى الاتجاه الغربي يدفعون الكرملين إلى أن ينصرف فى علاقته إلى الغرب لأن مصلحته تكمن مع الغرب وليس مع الشرق، وكان الاتجاه قويا لتخلى روسيا عن الاهتمام بالعلاقة مع العالم العربي، لكن التاريخ الروسي يثبت العكس، فروسيا ليس من مصلحتها التخلي دون مقابل عن علاقة تاريخية بنتها مع دول الشرق الأدنى والأقصى عبر التاريخ، وبالذات مع العرب، وهناك أوراق مهمة فى العلاقة مع العالم العربي يمكن ان تستفيد منها روسيا فى لعب دور فى القضايا الساخنة فى الشروق الأوسط والعالم .
والروس يدركون بأنهم في المرحلة الراهنة– على الأقل- لا يمكن أن يحلوا محل الأميركيين فى علاقاتهم بدول المنطقة، لكنهم مهتمون بتطوير العلاقة مع العالم العربي، فإلى جانب إن القادة الروس يحتفظون بعلاقة ايجابية ومتميزة مع كثير من القادة العرب، تسعى مؤسساتهم وشركاتهم الاستثمارية الى إيجاد شراكة اقتصادية وتجارية، وستكون هي المخل لعلاقات امتن وأقوى مع العالم العربي.
عن/ العرب أونلاين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.