كشف تقرير حديث أن الزواج المبكر في اليمن يعد سبباً رئيسياً في حرمان الفتيات من التعليم، وفي ارتفاع العنف المنزلي ضد الفتيات، وأن الفتيات اليمنيات يُحرمن من حقوقهن كأطفال عندما يتم تحضيرهن للأمومة في سن مبكرة. وبحسب "بيرنيلا ويس"، قائدة فريق البحث- في التقرير الصادر عن منظمة "إنقاذ الطفولة" السويدية، بالتعاون مع مركز أبحاث ودراسات النوع الاجتماعي والتنمية بجامعة صنعاء تحت عنوان "العنف الجنسي ضد المراهقات في الشرق الأوسط"- فإن "التحضير المبكر للأمومة يخلق شعوراً لدى الفتيات وأسرهن مفاده أن الزواج هو الهدف الرئيسي للفتيات". وقالت "ويس" لوكالة الانباء الانسانية: أن الظروف التي تواجهها الفتيات والأمهات الشابات جعلت ترتيب اليمن يأتي في نهاية قائمة مؤشر الأمومة لعام 2007، حيث جاءت في المرتبة 31 من بين 33 دولة من أقل الدول تقدماً. وقالت: "لقد وجدنا أن هناك علاقة قوية بين الزواج المبكر وارتفاع نسبة العنف المنزلي ضد الفتيات، بالإضافة إلى ارتفاع عدد حالات الطلاق بين الأزواج الصغار. أضف إلى ذلك الفقر الذي يجبر الأسر على تزويج بناتها للتخفيف من العبء المالي ومصاريف التعليم". من جهتها، أفادت سهى باشرين، مسؤولة سياسة في منظمة أوكسفام: أن الزواج المبكر يؤثر بشكل سلبي على جهود التنمية. وأوضحت أنها لا تشك في أن الزواج المبكر الواسع الانتشار وتأثيره على المجتمع ساهم في تدني ترتيب اليمن في قائمة تقرير التنمية البشرية حيث تدنى من 148 عام 2000 إلى 150 عام 2007. وأضافت باشرين أنه "عندما يتم تزويج الفتيات، فإنهن يواجهن مشاكل جسدية ونفسية لأن أجسادهن وعقولهن لا تكون قد نمت بالشكل الذي يكفي لتصبحن زوجات وأمهات. بالإضافة إلى ذلك، فإن غياب المعرفة بقضايا الصحة التناسلية يسبب مشاكل كبيرة حيث لا تحصل الفتيات على الدعم الذي يحتجنه حول كيفية التفاوض مع أزواجهن بخصوص حياتهن الجنسية وعدد الأطفال الذي سينجبنه". وأشارت إلى أن: "هذا الأمر يعد من أهم أسباب ارتفاع نسبة الخصوبة لدى المرأة اليمنية، حيث تصل إلى حوالي 6.5 طفل للأم الواحدة. كما تواجه الفتيات نقصاً في الخدمات الطبية ويضطررن للولادة في البيوت. ولا يستفيد سوى 20 إلى 30 بالمائة من النساء في اليمن من مساعدة العاملين الصحيين المدربين أثناء الولادة". وقد احتلت اليمن المرتبة 128 في تقرير الفجوة النوعية لعام 2007 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي والذي أشار إلى أن النساء اليمنيات يعشن في مجتمع لا يمنحهن حقوقاً متساوية مع الرجال. ووفقاً للمقياس الذي استخدمه التقرير (حيث يعني 0.0 عدم المساواة و1.0 المساواة)، تم ترتيب التمكين الاقتصادي للمرأة في اليمن في الرتبة 0.251، والتحصيل العلمي في الرتبة 0.565 والصحة والقدرة على البقاء في الرتبة 0.980 ، أما التمكين السياسي فجاء في الرتبة 0.008. ووفقاً للدكتورة حسنية القادري، مديرة مركز دراسات وأبحاث النوع الاجتماعي والتنمية بجامعة صنعاء، فان الزواج المبكر يعتبر السبب الرئيسي في انعدام التعليم بين الفتيات وغياب برامج تمكين المرأة. وقالت: أنه "عندما تتزوج الفتيات، من المتوقع أن ينقطعن عن المدرسة ويتفرغن لأنشطة الأمومة. وهذا ما يشرح وصول نسبة الأمية بين النساء في اليمن إلى أكثر من 70 بالمائة". وأضافت: "للأسف، أخشى أن تضطر هذه الفتيات إلى مواجهة المزيد من العراقيل عندما يحاولن الالتحاق بالتعليم العالي. فقرار الحكومة فرض سنتين خدمة إجبارية في مراكز التعليم والصحة لثلاثين ألف فتاة بعد انتهائهن من المدرسة سينعكس سلباً على إمكانية التحاقهن بالتعليم العالي. فإذا لم تكن تلك الفتيات قد تزوجن عند بداية الخدمة الإجبارية فسيتزوجن حتماً عند نهايتها بعد سنتين. وهذا يعني أن عدد الطالبات في الجامعات سينخفض أكثر". وتجدر الإشارة إلى أن اتفاقية حقوق الطفل تعرّف الزواج المبكر على أنه الزواج الذي يتم قبل بلوغ العروس أو العريس سن 18 عاماً. وهذا ما يحصل في اليمن حيث تُجبر القيم الاجتماعية المحافظة والفقر الفتيات على الزواج وتحمل مسؤولية الأمومة قبل بلوغهن سن 18 عاماً، حسب ويس. كما أن العديد من أولياء الأمور يعتقدون أنهم يحمون شرفهم وشرف بناتهم إذا زوجوهن في سن مبكرة.