بعض من أصحاب المؤهلات العالية لديهم الماجستير أو الدكتوراه؛ لكنهم للأسف لا يمتلكون الثقافة الكافية، ولا الرؤية الواضحة، ولا مفاتيح النجاح، إمكانات وقدرة وخبرة ودراية وإدارة.. أولئك تحملهم الشهادات ولا يحملونها، ومثلهم بعض المسؤولين الذين وجدوا أنفسهم بين لحظة وأخرى في أماكن قيادية؛ إما في وزارة أو مؤسسة أو دائرة حكومية، وهم في حقيقة الأمر مسؤولون تحملهم المناصب ولا يحملونها!!. هكذا هي الحظوظ .. والأرزاق .. واللهم لا اعتراض!. بالمقابل هناك أكاديميون ومسؤولون في مواقع كبيرة يتخاطبون بلغة العقل، ويتحاورون بثقافة تقبل الآخر، ويديرون مهامهم وأعمالهم بفهم ودراية وبسلاسة، وبتواضع جم وابتسامة دائمة وبأبواب مكاتب مفتوحة. الطامة الكبرى هي أن يأتي متسلق أو محظوظ أو مسنود إلى كرسي المسؤولية؛ فيبدأ التعامل مع الآخرين بعجرفة وبعيون مبهررة وكلمات غير محتشمة، وبأساليب مقززة!!. ذلك النفر لا يحمد الله على النعمة، ولا يستوعب معنى ما يقوله المثل: (لو دامت لغيرك ما وصلت إليك) ولا يحب أن يرى إلى أبعد من أنفه، ولا ينظر أبداً إلى أن المسؤولية تكليف لا تشريف، وأنه وضع في المنصب الذي يشغله لينفذ سياسة النجاح ويخدم الموظف والمواطن ويحرص على حق الآخرين. أحد المقهورين من معاملة سيئة وجدها في مكتب مدير عام لم يجد ما يفعله سوى أن يرفع يديه إلى السماء ويقول: (منك لله)!. شاب أكمل البكالوريوس منذ أعوام ومازال يبحث عن حقه في التوظيف، وبعد أن أثبت وجود تجاوز بمنح درجته الوظيفية لشخص آخر قابله المسؤول المهم في الوزارة المتخصصة بعبارات قد يستدعي أن يفكر ذلك الشاب بمغادرة الحياة وليس مغادرة الوزارة!. موظف بسيط يقول بحرقة: "تخيلوا.. أشهر عدة وأنا أحاول مقابلة المسؤول عني دون فائدة، وعندما حاولت ترصده عند مغادرته وجدته يخرج من سلّم خاص إلى سيارته دون توقف!!". الحكايات كثيرة عن أولئك الذين لا يحترمون أنفسهم ولا مواقعهم ولا مسؤولياتهم، ومع ذلك يحاول البعض من باب (علّ وعسى) أن يذكرهم ويطالبهم باحترام الآخرين. ولأنهم كذلك، وكون "ريشهم منفوش على ما فيش" فإن من الأحرى أن أجمع قصصهم وأتناولها بوضوح ودون رتوش؛ حتى وإن تطلب الأمر نتف الريش المنفوش!!.