أكدت مصادر الجالية العراقيةبصنعاء ل"نبأ نيوز" مغادرة أعداد كبيرة من العراقيين أصحاب الشهادات الأكاديمية العليا العاملة في اليمن عائدين إلى بغداد، بعد إغراءات كبيرة قدمتها حكومة المالكي، في نفس الوقت الذي تشهد المنح الدراسية اليمنية المقدمة للطلاب العراقيين "كساداً" بعد إعلان رفضهم لها. وأفادت مصادر الجالية العراقية: أن ما يقارب ال(60%) من الأساتذة العراقيين العاملين في الجامعات اليمنية أنهوا عقود عملهم مع الجانب اليمني، وعادوا إلى وطنهم تباعاً خلال العطلة الصيفية على خلفية إغراءات قدمتها حكومة المالكي، ورفعت بموجبها مرتبات أساتذة الجامعات العراقية إلى أرقام "خيالية"، وصلت ما بين (4 – 5) أضعاف ما كان يتقاضاه الأستاذ العراقي من الجامعات اليمنية. وكشفت المصادر: أن هناك تعهدات أخرى قدمها وفد عرافي رفيع كان قد زار اليمن مطلع يناير من العام الجاري، وضم الدكتور آيدن خالد وكيل وزارة الداخلية العراقية، والسيد عدنان الزرفي وكيل وكالة الاستخبارات العراقية، خلال اجتماع مع الأكاديميين العراقيين، تعهد خلالها الوفد بمنح العائدين سكناً مجانياً، وسيارة خاصة، وتعويضات تشمل رواتب جميع الفترة التي قضوها خارج العراق، فضلاً عن تسهيلات لأبنائهم للقبول في الجامعات، أو التوظيف. وعزت مصادر الجالية عودة العقول العراقية من اليمن إلى أسباب أخرى، منها: الاستقرار الأمني "النسبي" في أغلبية المحافظات العراقية، وارتفاع تكاليف الحياة المعيشية في اليمن، والتشدد الرسمي اليمني في منح الإقامات للعراقيين، وقيام الجهات الرسمية العراقية ممثلة بسفارتها بصنعاء، بتضييق الخناق على رعاياها، والضغط على الجهات الرسمية اليمنية لتشديد إجراءاتها على العراقيين بغية دفعهم للعودة إلى العراق. ورغم عودة عدد كبير من العراقيين إلى بلدهم، إلى الدرجة التي خلت كلية الطب بجامعة صنعاء من جميع كوادرها العراقية هذا العام، إلاّ أن نسبة كبيرة من العراقيين حملة الشهادات العليا أيضاً ما زالت غير قادرة على العودة على خلفية ظروف سياسية، أو إجتماعية قاهرة، والبعض ينتظر موافقات دول اخرى يعتزم الهجرة إليها، وأحياناً لأنهم محبون للحياة في اليمن وراغبون في البقاء فيها. في نفس الوقت تشهد العلاقات اليمنية–العراقية بروداً كبيراً، حيث ظلت صنعاء هي العاصمة العربية والإسلامية الوحيدة التي لم يزرها رئيس الحكومة نوري المالكي منذ تسنمه المنصب وحتى اليوم، رغم أن اليمن كانت الوحيدة التي لم تغلق سفارتها في بغداد، وظلت تحتفظ بتمثيل دبلوماسي بمستوى قائم بالاعمال حتى الآن.
وعلى صعيد متصل، أكدت مصادر الجالية العراقيةبصنعاء ل"نبأ نيوز" أن الطلاب العراقيين المقيمين في اليمن عزفوا هذا العام عن الاستفادة من الجزء الأعظم من (110) منحة دراسية مقدمة من الحكومة اليمنية، نظراً لكون الغالبية العظمى من هذه المنح في تخصصات إنسانية وعلمية متدنية (كليتي التربية والعلوم) وموزعة على جامعات المحافظات اليمنية المختلفة وليس جامعة صنعاء. وعزا المصدر هذا الرفض إلى المعدلات العالية التي يحملها الطلاب خريجو الثانويات والتي تؤهلهم لدخول أعلى الكليات لولا محدودية الحصة اليمنية المخصصة للعراقيين، ثم صعوبة عيش الطالب– خاصة الإناث- في محافظات أخرى بعيدة، فيما البعض يتهيب التكاليف، وبعض آخر حاصلين على معدلات بالتسعينات وفوق 85 يفضلون الجلوس في البيوت على الالتحاق بكلية تربية لدراسة تخصص إنساني لا يتفق وطموحه أو كفاحه التعليمي الطويل، في الوقت الذي تعجز أسرهم على ضمهم إلى نظام "التعليم الموازي"، أو إلحاقهم بالجامعات الأهلية. وأشارت مصادر الجالية إلى أن وزارة التعليم العالي اليمنية خصصت أربع مقاعد فقط للطب ومثلها للهندسة، وقد استأثرت بها وزارة التعليم العالي العراقية التي رشحت من داخل العراق (11) طالباً "من أبناء المتنفذين"، وقامت اليمن برفض اثنين منهم كونهم حاصلين على معدلات بالستينات ومرشحين لشغل مقاعد بكلية الطب، الأمر الذي أثار استياءً في أوساط الجالية العراقية التي استغربت قيام حكومة المالكي بتجاهل أبنائها وحرمانهم من المقاعد الدراسية رغم العلم بحجم الجالية العراقية، والعلم بأن الكثير من الأسر العراقية حرمت أبنائها من دخول الجامعات بسبب التكاليف الباهضة، التي تصل في كلية الطب بجامعة صنعاء "مثلاً" إلى (3.200) دولار سنوياً.