تسبب مشروع بيان اعتذار من أبناء الشعب اليمني في المحافظات الجنوبية بتأجيج الخلافات في أوساط قيادات الحراك الانفصالي في الخارج، وإرجاء اجتماعها إلى أجل غير مسمى، في نفس الوقت الذي تؤكد مصادر "نبأ نيوز" أنباء عن تسويات كبيرة قادمة بين السلطة وقيادات جنوبية في الخارج. وتفيد مصادر "نبأ نيوز": أن الاجتماع الدوري لما يسمى بمشروع (أبو ظبي- دمشق) الذي يضم أطياف معارضة الخارج، والمنعقد في الإمارات خلال الأسبوع الماضي، شهد خلافاً حاداً بين القيادات الجنوبية على خلفية مشروع بيان تم اقتراحه، ليتم توجيهه في ذكرى مجزرة 13 يناير 1986م إلى أبناء الشعب اليمني في المحافظات الجنوبية، وتقدم من خلاله قيادات الجنوب "التاريخية" التي كانت في مواقع صنع قرار الدولة الشطرية آنذاك اعتذارها عما اقترفت أيديها من آثام ومذابح بحق أبناء شعبها، ذهب ضحيتها ما يزيد عن عشرة آلاف مواطن في غضون أقل من أسبوعين فقط. وقالت المصادر: أن عدداً من القيادات "التاريخية"- في مقدمتهم حيدر أبو بكر العطاس- أعلنوا رفضهم الاعتذار من "أبناء الجنوب"، وطالبوا بإلغاء مشروع البيان، مؤكدين أنهم غير معنيين بذلك، وأن "من كان يشعر أنه ارتكب خطأ فلا مانع بأن يعتذر، ولكن باسمه"- على حد تعبيرهم. وقد أثارت تلك الردود إستياءً من قبل الآخرين، الذين اعتبروا توجيه مثل هذا البيان ضرورة لإغلاق ملف يناير "الأسود"، وقطع الطريق على من يحاول استخدامه كورقة لضرب "الحراك الجنوبي"، وهو الأمر الذي تطور إلى مشادات كلامية، وغمز ولمز، وتبادل اتهامات، قاد إلى رفع جلسة الاجتماع، وتأجيل النقاش إلى وقت آخر. وتؤكد المصادر: أن مشروع بيان الاعتذار سبق أن تم اقتراحه في جلسة سابقة عقدت في القاهرة، وكان متوقعاً إقراره في الاجتماع الأخير، غير أن الحساسيات بين جناحي العطاس وعلي ناصر (الطغمة والزمرة) ظلت عائقاً أمام الكثير من القضايا التي يجري مناقشتها في إطار "القضية الجنوبية"، خاصة في ظل ما يثيره أنصار العطاس من شكوك حول الرئيس علي ناصر، وطبيعة علاقته بالسلطة في صنعاء. ولفتت المصادر إلى موضوع رسائل التهديد التي تلقاها الرئيس علي ناصر مؤخراً، مرجحة أنها كانت محاولة من جناح العطاس لزعزعة- ما يعتقدون- العلاقة بين علي ناصر والرئيس علي عبد الله صالح، والتي ترى المصادر أنها شكوك "لم تأت من فراغ"، بل "مبنية على خلفيات تاريخية، وتصريحات للرئيس علي ناصر لمح فيها إلى وجود اتصالات بينه وبين صنعاء من حين لآخر..". مصادر قيادية في الحراك الانفصالي في الداخل أفادت "نبأ نيوز" أن خلافات القيادات في الخارج انعكس على الحراك في الداخل، حيث أن هناك انقسام بين قيادات الداخل بشأن مهرجان "التصالح والتسامح" الذي من المقرر إقامته يوم 13 يناير القادم، حيث أنه في الوقت الذي أعلنت الهيئة الوطنية التي يقودها العميد ناصر النوبة عزمها على إحياء المناسبة في مدينة لودر من محافظة أبين، فإن المجلس الوطني الذي يرأسه حسن باعوم يعتزم إقامة مهرجانه في ساحة الهاشمي من محافظة عدن- وسط رهان من كل فريق على سرقة أضواء الجنوب، والظهور بصفة الزعيم الأوحد. وعلى صعيد متصل: أكدت مصادر سياسية مطلعة ل"نبأ نيوز": أن تسويات سياسية كبيرة تمت خلال الأيام القليلة الماضية، وبصدد الإعلان عنها قريباً، بين السلطة وقيادات "جنوبية" كبيرة في معارضة الخارج، من شأنها أن تفضي إلى وفاق جديد على الساحة السياسية اليمنية، طبقاً لخارطة سياسية جديدة ستنتظم عليها جميع القوى السياسية الوطنية. وتعتقد المصادر أن اللقاء الذي جمع الرئيس صالح بقيادات أحزاب اللقاء المشترك الأسبوع الماضي في محافظة الحديدة أفضى إلى اتفاق مبدئي حول معظم مفردات الخارطة السياسية الجديدة، والتي أسهمت أطراف خارجية في إقناع بعض الفرقاء بها، بعد سلسلة لقاءات احتضنتها عاصمة دولة خليجية، وبعضها عقدت في مدينة "بون" الألمانية. وقالت المصادر: أن ما سيعلن عنه قريباً سيقطع الطريق على جميع المشاريع والرهانات- سواء كان مصدرها الداخل أم الخارج- لكونه تم بالتوافق مع جميع القوى السياسية الوطنية، وفي مقدمتها رموز قيادية "جنوبية" تمثل المفاصل الرئيسية لملف ما يسمى ب"القضية الجنوبية"، منوهاً إلى أنه على ضوء ذلك سيتم أيضاً بناء رؤية محددة تجاه الانتخابات البرلمانية 2009م، تنسجم مع ما تم التوافق عليه. وتأتي هذه الأنباء منسجمة مع ما تشهده الساحة السياسية اليمنية منذ فترة من هدوءٍ نسبي، وتراجع كبير بحدة الخطاب السياسي المتبادل من قبل جميع أطراف اللعبة السياسية، بما فيها "القيادات التاريخية الجنوبية" في معارضة الخارج؛ وهو الأمر الذي يعزز الانطباع بوجود "هدنة" سياسية لإتاحة الفرصة أمام الحوار لتسوية الإشكاليات القائمة- خاصة في ظل تزايد الضغوط الدولية (الأمريكية والأوروبية) على مختلف القوى السياسية اليمنية للخروج بالأزمة القائمة إلى صيغة توافقية تجنب البلد الانزلاق نحو الفوضى أو العنف. هذا وتتحفظ "نبأ نيوز" على تفاصيل الخارطة السياسية الجديدة، والتسويات المتصلة بها، حرصاً على المصلحة الوطنية العليا، وستقوم بنشر تلك التفاصيل في الوقت المناسب الذي لا يؤثر على مجريات العملية السياسية..!!