ثمة أمور عابرة تستوجب على كل ذوي عقل أن يقف أمامها لبرهة من الزمن ليمعن التفكير فيها قبل أن يستطرد بأي ردة فعل أكانت على نفس الاتجاه أو في الاتجاه المعاكس.. ما تشهده الحالمة تعز في هذه الأيام من نقلة حضارية تتناسب والمكانة التي تتبوأها و المستمدة من تاريخها العريق الذي سطر على أنصع صفحات التاريخ بياضا و إشراقا ما هو إلا دليل ساطع وبرهان واضح يدل على أن عظمة هذه المدينة تكمن في أهلها الذين عرفوا بحبهم للعلم و عشقهم للجمال ما أرقى من مكانتها – أي تعز – لتصبح عاصمة الثقافة على صدر خريطة هذا الوطن الغالي. شوقي أحمد هائل ليس سوا أحد أبناء هذه المحافظة ولد فيها و ترعرع في كنفها حتى بلغ أشده ليبلغ معه حمل أثقل كاهله في تبوءها مسئولية التخطيط و المالية بالمحافظة مع أن كل الدلائل تشير إلى أن الرجل ليس بحاجة إلى مثل كذا منصب و أنه في غنى عن ذالك كله.. قبل بضعة أشهر أعتلى الرجل منبر مؤسسة السعيد في ندوة حول تنظيم الأسواق وقبل أن تنبض شفتاه حول مالت أليه عاصمة الثقافة والجمال كانت عيناه الأسبق تعبيرا عما يخلج في صدره من ألم وحسرة عن حال المدينة في وقتها الراهن و هو ذات الأمر الذي سرح به خياله وعبرت عنه لسانه في رسم صورة فلكورية لتعز السبعينات و الثمانينات من القرن المنصرم وكيف أصبح حالها من عشوائية فوضوية شوهت رونق جمالها الحضاري لتمتد المأساة إلى الإنسان و ممتلكاته حين كان أول بشائر السوء احتراق سوق بأكلمة بسبب تماس كهربائي من رمضان المنصرم . إن الناظر لمعظم شوارع تعز اليوم وخاصة بعد أن نفذت حملة تنظيم الأسواق ونقل أسواق القات إلى خارج المدنية يدرك من الوهلة الأولى الفرق الهائل في تعز قبل الحملة وبعدها وخاصة في تقلص حدة الازدحام المروري إلى درجة كبيرة جدا حتى أن أحدهم عبر عن عدم خوفه من نقل مريضه من وادي القاضي إلى الجمهوري للغسل الكلى في هذه المرة.. من الأمور العابرة التي تستوجب التفكير فيها كما أشرت في بداية الحديث أن المجلس المحلي في المحافظة بكل قيادته إذا لم يقم في مثل هذه الخطوة و قد بلغت الفوضى والعشوائية و الازدحام المروري أوج أشده كيف ستكون مدنية تعز بعد عامين من الآن حين تصبح عدد المركبات ضعف ما هو عليه ؟ ما سعيت لأجله من وراء هذا المقال ليس من باب التملق أو المجاملة لأحد كما قد يظن بعض من قاصري الفهم و إنما لإيضاح حقيقة إن لم تكن من باب أخلاقيات المهنة وشرف العمل الصحفي فهي من باب الضمير الإنساني كأقل واجب. استغلال البعض لحملة تعز في نفث سموم عدائية تجاه شخص بحد عينه و استغلال أنيين الفقراء و البسطاء من الناس في هتافات ونشر أفكار تحمل في طياتها حقد دفين لتصفيات حسابات تغلب عليها المصلحة الشخصية على المصلحة العامة لم تعد تجدي نفعا مع رجل عرف بتواضعه ووطنيته وحبه للخير وقربه من الجميع.. نؤكد لمثل هؤلاء أن تعز ليست شوقي هائل وحسب و لم تعد ملك لفئة من الناس بحد عينهم وإنما أضحت ملك للجميع والجميع يسعى لأجل إظهار مدينته كما يحب أن يراها , أجمل عبارة استقيتها من عجوز تقتات يومها من الإحسان في شارع جمال حينما أردفت "نفس الله عليه من نفس لنا الطريق وسهل لقمتي " ولكم يا من تمنون على الناس برزقكم من دون الله عبرة فيما قالت...