بينها 7 منتخبات عربية.. 30 متأهلا إلى كأس العالم 2026    إعوامل دولية ساعدت في كارثة وقوع الجنوب العربي بيد اليمن    أفاعي الجمهورية    120 مصابا بينهم 100 ضابط في اشتباكات بالمكسيك    بلاطجة "بن حبريش" يهددون الصحفي "خالد الكثيري"    المتقاعدون يدعون للاحتشاد وبدء مرحلة التصعيد السلمي    وسائل إعلام غربية: صنعاء كشفت الفخ الذي نصبته أمريكا وإسرائيل والسعودية في اليمن    اعتراف أمريكي: سلاح مشاة البحرية يحتاج إلى التعلم من الدروس اليمنية    عين الوطن الساهرة (3)    شعب حضرموت بطلاً لتصفيات أندية الساحل وأهلي الغيل وصيفاً لبطولة البرنامج السعودي الثانية للكرة الطائرة    مريم وفطوم.. تسيطران على الطريق البحري في عدن (صور)    سفيرٌ يمنيٌّ وطنه الحقيقي بطاقة حزبه.. تحويل السفارة من ممثل للدولة إلى مكتبٍ حزبي    تصفيات كأس العالم 2026 - أوروبا: سويسرا تتأهل منطقيا    الجاوي ينتقد إجراءات سلطة صنعاء في التعاطي مع التهديدات التي تواجهها    الشهيد أحمد الكبسي .. وعدُ الإيمان ووصيةُ الخلود    فراغ ، حياة وتجربة ناصرية    حلف قبائل حضرموت يصطدم بالانتقالي ويحذر من غزو المحافظة    قراءة تحليلية لنص "في المرقص" ل"أحمد سيف حاشد"    أمن مأرب يحبط مخططاً حوثياً جديداً ويعرض غداً اعترافات لأفراد الخلية    في رحلة البحث عن المياه.. وفاة طفل غرقا في إب    مُحَمَّدَنا الغُماري .. قصيدة جديدة للشاعر المبدع "بسام شائع"    الدفتيريا تغلق مدارس في محافظة شبوة    الدفتيريا تغلق مدارس في محافظة شبوة    تجربتي في ترجمة كتاب "فضاء لا يتسع لطائر" ل"أحمد سيف حاشد"    حكم قرقوش: لجنة حادثة العرقوب تعاقب المسافرين ومدن أبين وتُفلت الشركات المهملة    رئيس الوزراء بيدق في رقعة الشطرنج الأزمية    الرئيس الزُبيدي يُعزّي العميد الركن عبدالكريم الصولاني في وفاة ابن أخيه    اكتشاف 570 مستوطنة قديمة في شمال غرب الصين    سعر برميل النفط الكويتي يرتفع 1.20 دولار ليبلغ 56.53 دولار    إعلان الفائزين بجائزة السلطان قابوس للفنون والآداب    اختتام بطولة 30 نوفمبر لالتقاط الأوتاد على كأس الشهيد الغماري بصنعاء    شبوة أرض الحضارات: الفراعنة من أصبعون.. وأهراماتهم في شرقها    بوادر تمرد في حضرموت على قرار الرئاسي بإغلاق ميناء الشحر    أمن العاصمة عدن يلقي القبض على 5 متهمين بحوزتهم حشيش وحبوب مخدرة    يوم ترفيهي لأبناء وأسر الشهداء في البيضاء    انتشال أكبر سفينة غارقة في حوض ميناء الإصطياد السمكي بعدن    خطر المهاجرين غير الشرعيين يتصاعد في شبوة    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    الأرصاد: أجواء باردة إلى شديدة البرودة على المرتفعات    "الشعبية": العدو الصهيوني يستخدم الشتاء "سلاح إبادة" بغزة    بيريز يقرر الرحيل عن ريال مدريد    فريق DR7 يُتوّج بطلاً ل Kings Cup MENA في نهائي مثير بموسم الرياض    معهد أسترالي: بسبب الحرب على اليمن.. جيل كامل لا يستطيع القراءة والكتابة    ضبط وكشف 293 جريمة سرقة و78 جريمة مجهولة    وديا: السعودية تهزم كوت ديفوار    توخيل: نجوم انكلترا يضعون الفريق فوق الأسماء    محافظ عدن يكرّم الأديب محمد ناصر شراء بدرع الوفاء والإبداع    المقالح: من يحكم باسم الله لا يولي الشعب أي اعتبار    الصين تعلن اكتشاف أكبر منجم ذهب في تاريخها    نمو إنتاج المصانع ومبيعات التجزئة في الصين بأضعف وتيرة منذ أكثر من عام    الإمام الشيخ محمد الغزالي: "الإسلام دين نظيف في أمه وسخة"    الحديدة.. مليشيا الحوثي تقطع الكهرباء عن السكان وتطالبهم بدفع متأخرات 10 أعوام    وداعاً للتسوس.. علماء يكتشفون طريقة لإعادة نمو مينا الأسنان    عدن.. انقطاعات الكهرباء تتجاوز 15 ساعة وصهاريج الوقود محتجزة في أبين    جراح مصري يدهش العالم بأول عملية من نوعها في تاريخ الطب الحديث    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يمنيات يروين مآسيهن.. ويتساءلن: لماذا العنف ضدنا؟
نشر في نبأ نيوز يوم 28 - 06 - 2009

إن كانت المرأة قد حصلت على حقوقها، خلال القرن الماضي، فإن في الأفق ملامح قاتمة من ممارسات العنف الجسدي والنفسي التي ما يزال الرجل يستخدمها تجاه المرأة، فالقوانين والدستور ينصفانها، والواقع يظلمها ويقسو عليها، عشرات بل مئات من حالات العنف ضد المرأة في اليمن سجلتها منظمات محلية ودولية، حتى بات الأمر ظاهرة تُؤرق المجتمع وتبعث على التساؤل، وعلى الرغم من النجاح الذي حققته المرأة اليمنية في مجالات كثيرة واقتحامها مجالات كانت في السابق حكرا على الرجال، وتبوئها مناصب مرموقة منها وكيلة وزارة ونائبة في البرلمان وسفيرة ومعلمة وطبيبة وصحفية، إلا أن السجلات الرسمية تحفل بجرائم ضد المرأة اليمنية تتراوح بين القسوة والعنف والاضطهاد النفسي، ويصل الأمر أحيانا إلي القتل والاختطاف والاغتصاب، الصورة تبدو قاتمة بعض الشيء، وتمثل ظاهرة اجتماعية خطيرة حوّلت حياة بعض النساء إلى جحيم لا يطاق‏.‏
وإذا حاولنا تفسير الأسباب التي تدفع بالرجل إلى ممارسة العنف ضد زوجته أو أخته أو أمه أو امرأة تسير في الشارع، سنجد أن هناك إجماعا على أن هذه الأسباب تبدو متعددة وشائكة ترتبط أحيانا بالظروف الاجتماعية والاقتصادية الداخلية وأحيانا بالعادات والتقاليد أو بالنزعة العدوانية لدى الرجل؛ لكونها مجرد امرأة، فالمرأة من جانبها ضعيفة ومستضعفة والرجل هو الطرف الأقوى الذي صنعته المعادلة الاجتماعية بحكم العادات والتقاليد التي تؤيده وبحكم الطبيعة القبلية للمجتمع‏.
‏"السياسية" استطلعت عن كثب آراء أخصائيين نفسانيين لمعرفة أسباب تعنيف المرأة وكيفية حمايتها والمحافظة على حقوقها التي كفلتها لها كل القوانين والشرائع السماوية.

‏** نماذج صارخة‏
"س.م" ربة بيت وأم لثلاث بنات جامعيات، تروي قصتها المأساوية عن العنف المنزلي بتحفّظ تام وتقول: "لم أكن أتوقع أن يتحول زوجي الوديع الهادئ إلى ذئب مفترس هائج لا يعرف قلبه للرحمة طريقا، لقد جمعتني به علاقة حب ومودة دامت أعواما طويلة، تكللت بعدها بالزواج، ولكن للأسف بدأت سلوكيات زوجي تتغير منذ السنة الثانية من زواجي، وحملي الأول، بدأ يتحجج بالغياب الدائم، وأصبح سريع الغضب لأتفه الأسباب، فلا يمر يوم إلا والإهانات والشتائم تلاحقني".
وأضافت: "ولأن مجتمعنا يرفض أن تعود المرأة إلى بيت أهلها مطلقة، ونظرة المجتمع لها، فقد حاولت أن ألوذ إلى الصبر من أجل بناتي، ولكن للأسف أصبح زوجي يتمادى ويستخدم يده بالضرب، بل ويتحجج بأبسط مشكلة ليستخدم وسيلة الضرب المبرح، حاولت معه مرارا، ولكن لم أستطع، الغريب في الأمر أن زوجي يستمتع بضربي عند بكائي أو عند تحكيم الأهل والجيران، وهذا ما يزيد شكوكي بإمكانية أن يتحول إلى مريض نفسي يعاني من أمراض نفسية معيّنة وعند ما قمت مؤخرا باستشارة أحد الأخصائيين أكد لي معاناته بمرض "السادية" وهو مرض نفسي يستمتع فيه المريض بتعذيب الآخرين، ولكن ما زاد مأساتي أن زوجي يرفض الذهاب لأخذ العلاج أو للجلسات النفسية، أصبحت حياتي جحيما لا يطاق، والمشكلة الأخرى تكمن في بناتي، فقد أصبحن شاردات الذهن، كثيرات الخوف من أبسط الأمور تراجعت حياتهن الدراسية عاما بعد عام، وأصبح شبح العُقد النفسية يطاردهن مع هذا الأب الذي أصبح ينهال على إحداهن بالضرب والشتم من أبسط الأمور، لقد أصبحن (بناتي) دائمات التردد إلى العيادات النفسية، أما أنا فلا أعلم هل سأعيش ما تبقى من عمري أم أن الموت بيد هذا الزوج ستكون نهايتي المأساوية، أم أن الهروب إلى الشارع هو الملاذ الآمن".
** عذاب يومي
"العذاب النفسي الذي أتجرعه من زوجي يفوق كل عذاب، فالعذاب الجسدي ينتهي بمجرد انتهاء الألم، أما النفسي فيظل أياما وأياما"، هكذا بدأت "إيناس" ربة بيت وأم لولدين وبنتين، تقول والحسرة تبدو على تعابير وجهها، وهي تسرد حكايتها المؤلمة عن العنف النفسي: "مشكلتي مع زوجي بدأت منذ البداية، فأنا من أسرة محافظة وملتزمة دينيا، وزوجي عكسي تماما، وله نظرته الخاصة تجاه الحياة الزوجية، فالشتم والإهانات والتجريح أمر عادي بالنسبة له، حاولت توجيهه بأسلوب هادئ ومقنع وبأن ذلك سوف ينعكس على نفسية أبنائه وطريقة سيرهم في الحياة، لكنه تمادى يوما بعد يوم؛ ولأن بناتي يسمعن مثل هذه الإهانات يوميا فقد حاولن مع والدهن، أما الصغرى فقد قررت عدم الزواج بتاتا، وأصبحت تكتب لوالدها رسائل يومية تستعطفه، ولكن الرحمة انتزعت من أقرب الناس إليه، ومع كل ذلك قررت أن أسير مع زوجي على هذه الحياة، وأتحمل الشتائم من أجل بناتي وإبني، ولكن هذه مشكلتي بالاختيار منذ البداية، ويجب أن أتحمّل تبعاتها".
** آلام مشتركة
أما اعتدال، 31 عاما، فقصتها تختلف عن كل قصة، فهي عاملة وأم لبنت وولدين في مراحلهم الدراسية، تقول: "زوجي لا يستخدم معي أي أنواع من الضرب الجسدي أو الإهانات والشتائم، ولكن نعاني معا تذمرا وآلاما نفسية، وعدم القدرة على اتخاذ حلول لبعض المشكلات الأسرية ومشاكله الخاصة، فقد وصل بي الحال مع زوجي إلى حد الانفصال العاطفي، فكل منا ينام في غرفة منفصلة ولا نتحدث مع بعضنا أبدا، إلا عند الضرورة القصوى، والتي يحتاج إليها أبنائي".
وتضيف اعتدال: "تكمن مشكلة زوجي الأساسية في عقدة النقص منذ الطفولة، فقد عاش حياة بائسة وفقيرة، وعند ما وصل إلى مكانة عالية أصبح يترفع على أقرب الناس بألفاظه وأحاديثه ومغامراته، وأصبح يشعرني دائما بأنه الأفضل وأنني لا شيء أمامه، وأن كلمته هي التي يجب أن تنفذ، ولا حاجة لرأيي أو مشورتي مع أن شخصيته تبدو مختلفة تماما أمام أصدقائه وأهله، حاولت مرارا أن أوضح له أن أفكارنا ومشورتنا يجب أن تكون واحدة، ولكن مشاكلنا لم نستطع حلها، فاختار زوجي هذا الطريق، ومن أجل أبنائي يجب أن يسير مركب الحياة، ويجب أن أضحي من أجلهم، حتى وإن حكمت الحياة أن أعيش مع هذا الرجل الذي حرمني من أبسط حقوقي وأصبحت لا أجد من أتحدث إليه أو أبوح بمعاناتي النفسية لأجد حلا يخرجني من هذه المأساة".
"ك. ل"، ربة بيت وأم لبنات وأولاد تقول: "زوجي يكبرني بعشرة أعوام، وهو ابن خالي، وله مكانة وكلمة بين الأهل، ولأنه يعلم جيّدا ظروفي، وعدم قدرتي على العمل، وظروف أهلي الذين لا يمكن بأي حال أن يتقبلوني إن فكّرت بأمر الطلاق، لذلك فهو يستغل هذه المواقف لصفّه، فإن ثارت ثائرته لأبسط الأمور هددني بالطرد إلى الشارع أمام أبنائي، لقد ساء زوجي معاملتي، وأصبح لا يهتم بي أمام الناس والجيران، وأصبحت أشعر بإحراج شديد عند قدوم جيراني لوقف النزاعات بيننا، حتى أبنائي أصبحوا يعانون حالات هذيان وشرود وعقد نفسية جراء تعامل والدهم، لو أن هناك قانونا يمنع مثل هذه الأعمال لكان الوضع أفضل حالا مما نحن عليه".
** غيض من فيض
إحدى السيدات تشكو من أن زوجها يضربها لأتفه الأسباب، حتى أنه في إحدى المرات كسر لها أنفها، وعند ما تذهب إلى بيت أهلها يعيدونها بالقوة إلى زوجها، سيدة أخرى تعرضت لحادث بشع، لم يسبق له مثيل حين أحضر زوجها فأسا وقطع رجلها اليمنى مدعيا أن بها جِنا‏!‏ وأخرى تعرضت للضرب من أخيها لتتنازل له عن حصتها من الميراث، وأخريات يتعرضن للمضايقات والشتائم في الشارع والإيذاء، فضلا عن حالات الاختطاف والاغتصاب التي تتعرض لها المرأة اليمنية.

** نطاق المشكلة
أكدت منظمة محلية ناشطة في الدفاع عن الحقوق وقضايا المرأة أن العنف الذي تتعرض له النساء في اليمن يرتبط بثقافة سائدة ما زالت تفعل فعلها إلى اليوم نتيجة لبقاء واستمرارية سيطرة تلك العادات والتقاليد البالية على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتظهر تأثيراته حتى اليوم في مختلف حلقات هذه الحياة.
تقرير عن "أوضاع المرأة في 2008" الصادر عن مؤسسة "أوام" الثقافية، أشار استنادا على مصادر وزارة الداخلية لعام 2008 إلى تعدد صور العنف والانتهاكات الموجهة ضد المرأة، حيث بلغ عدد الحوادث المسجّلة 1008 حادثة، تعددت بين جرائم هتك العرض، والفعل الفاضح والقذف والسب ثم جرائم السرقة يليها جرائم الشروع في القتل وجرائم القتل العمد، ثم جرائم التهديد بالخطف ثم جرائم إحداث عاهات مستديمة ثم جرائم الاغتصاب ثم الشروع فيه.
وتحمّل الدراسات الخاصة بوضع المرأة في اليمن الفقر والأمية، والعادات الاجتماعية مسؤولية ممارسة العنف ضد المرأة اليمنية والتي تأخذ أشكالا عدّة. وأشارت نتائج دراسة ميدانية حول ظاهرة العنف الأسري في المجتمع اليمني، أن نسبة النساء اللاتي يعانين من العنف من قبل الزوج أو أحد أفراد الأسرة الذكور مرتفعة، حيث تتعرض 67 بالمائة من النساء للعنف من قبل أزواجهن، و30 بالمائة من قبل إخوانهن الذكور، و17 بالمائة من قبل الوالدين.
كما بيّنت الدراسة أن 57 بالمائة يتعرضن للعنف لأكثر من خمس مرات خلال أربعة أشهر، وأن 53 بالمائة، من عيّنة الدراسة تعرضن للعنف الجسدي، ويأتي في المرتبة الثانية العنف النفسي بالألفاظ النابية والتجريح، كما أن 23 بالمائة منهن مُنعن من التعليم و13 بالمائة تعرضن للهجر من قبل الزوج، و25 بالمائة يتم الاستيلاء على رواتبهن إما من قبل الزوج أو الأهل.
دراسة أجريت في محافظة عدن على عيّنة من 43 امرأة، بيّنت أن فئة النساء العاملات في القطاع الحكومي هُنّ أعلى فئة تتعرض للعنف بنسبة 56.6 بالمائة، وتأتي فئة الأميَّات في المرتبة الثانية بنسبة 43.4 بالمائة.
** الزواج المبكر
يحتل الزواج المبكر رأس قائمة ممارسات العنف ضد المرأة، والذي يتسبب بمشاكل ذات أوجه اجتماعية وصحيّة وإنسانية عديدة، وينتقد عدد من الناشطين في مجال حقوق الإنسان عدم وجود قانون صريح يجرِّم زواج الفتيات الصغار، ويقول تقرير حديث صادر عن مركز دراسات وأبحاث النوع الاجتماعي بجامعة صنعاء أن نحو 52 بالمائة من الفتيات اليمنيات تزوجن دون سن الخامسة عشرة، خلال العامين الأخيرين، مقابل 7 بالمائة من الذكور. فيما تصل نسبة حالات زواج الطفلات إلى 65 بالمائة من حالات الزواج، منها 70 بالمائة في المناطق الريفية.
وكشف التقرير عن فجوة عُمرية كبيرة بين الزوجة والزوج، تصل في بعض الأحيان إلى حالات يكبر فيها الزوج زوجته بنحو 56 سنة، وتناضل عدد من منظمات المجتمع المدني المعنية بالمرأة في اليمن لمواجهة حدة الثقافة المنتشرة في أوساط المجتمع والتي تنظر إلى المرأة بدونية.
** حلول علمية
تقول أستاذ علم النفس الطبي - قسم العلوم السلوكية، وأمين عام الجمعية اليمنية للصحة النفسية في كلية الطب والعلوم الصحية بمحافظة عدن، الدكتورة آمال باصديق: "هناك أشكال متنوعة من العنف الممارس ضد المرأة، وبالإمكان أن تؤدي إلى حدوث آثار صحيّة بشكل مباشر أو على المدى البعيد، فقد تؤدي إلى الإصابة والوفاة، وتشمل الوفيات الناجمة عن العنف ضد المرأة جرائم الشرف التي يرتكبها الأفراد لأسباب ثقافية، والانتحار، ووفاة الأمهات جراء حالات الإجهاض غير المأمونة".
وتؤكد باصديق أن العنف ضد المرأة يسهم بشكل كبير في زيادة مخاطر الاكتئاب واضطرابات الإجهاد ومشاكل النوم واضطرابات الأكل والضيق الانفعالي، وأما عن الصحة الجسدية فإن العنف الممارس يمكن أن يؤدي في حالات إلى وقوع مشاكل صحيّة، منها الصداع وآلام الظهر والاضطرابات المعدية والمعوية ومشاكل في القدرة على التحرك.
أما عن الآثار الاجتماعية والاقتصادية، تشير باصديق إلى أن العنف الممارس ضد المرأة قد يؤدي بها إلى العُزلة وعدم القُدرة على العمل، ونقص المشاركة في الأنشطة المنتظمة، وعدم التمكّن من الاعتناء بنفسها وأطفالها.
وأكدت باصديق أنه لا بُد من إجراء المزيد من التقييم لتدابير الوقاية من العنف كتعزيز فرص النساء والبنات للاستفادة من التعليم والنجاح في الحياة وتحسين ثقتهن بأنفسهن وقدرتهن على التفاوض والحد من الفوارق بين الرجل والمرأة في المجتمعات المحلية، ومن الجهود الأخرى التي تُوجت بنجاح إيجابي العمل مع المراهقين من أجل الحد من العنف الممارس في فترة التعارف بين الذكور والإناث، وتنفيذ البرامج الداعمة للأطفال الذين شهدوا حالات من العنف الممارس ضد أمهاتهم، والاضطلاع بحملات جماعية لتثقيف الجمهور بهذه القضية والعمل مع الرجال والفتيان لتغيير السلوكيات المرتبطة بالفوارق القائمة بين الجنسين، كذلك الاعتناء بالضحايا ورفع وعي العاملين الصحيين بالعنف وآثاره وتعزيز المعارف بشأن الموارد المتاحة للنساء اللاتي تعرضن للإيذاء.
أما الأخصائية النفسانية فتحية عبد الرب فتقول: "تعتبر المرأة نفسها أحد العوامل الرئيسية لبعض أنواع العنف والاضطهاد، وذلك لتقبلها له واعتبار التسامح والخضوع أو السكوت عليه كرد فعل لذلك، مما يجعل الآخر يأخذ في التمادي والتجرؤ أكثر فأكثر، وقد تتجلى هذه الحالة أكثر عند فقد المرأة من تلتجئ إليه، ومن يقوم بحمايتها. وهناك أسباب ثقافية كالجهل وعدم معرفة كيفية التعامل مع الآخر وعدم احترامه، وهذا الجهل قد يكون من الطرفين (المرأة والمُعنِّف لها)، فجهل المرأة بحقوقها وواجباتها من طرف، وجهل الآخر بهذه الحقوق من طرف ثانٍ مما قد يؤدي إلى التجاوز وتعدي الحدود".
وتضيف: "فضلا عن ذلك فإن من العوامل تدني المستوى الثقافي للأسر وللأفراد، والاختلاف الثقافي الكبير بين الزوجين بالأخص إذا كانت الزوجة هي الأعلى ثقافيا، مما يولّد التوتر وعدم التوازن لدى الزوج كردة فعل له، فيحاول تعويض هذا النقص باحثا عن المناسبات التي يمكن انتقاصها واستصغارها بالشتم أو الإهانة أو حتى الضرب وهناك أسباب تربوية".
وتؤكد الأخصائية فتحية أن الرجوع إلى القانون الإلهي والشريعة الإسلامية يعطي للمرأة كامل حقوقها وعزتها وكرامتها، أيضا وجوب تطبيق هذه القوانين الإسلامية من قبل المسؤولين كالحكومات والمؤسسات والمتصدين للأمور، ومعاقبة من يقوم بالعنف ضدها، كي تحس المرأة بالأمن والأمان وهي قابعة في قعر دارها، أو عاملة في محل عملها، أو ماشية في طرقات بلدتها. أيضا التوعية الاجتماعية سواء كان ذلك في المجتمع الأنثوي أم في المجتمع العام، إذ لا بُد من معرفة المرأة لحقوقها، وكيفية الدفاع عنها، وإيصال صوت مظلوميتها إلى العالم بواسطة كافة وسائل الإعلام، وعدم التسامح والتهاون والسكوت في سلب هذه الحقوق، وصناعة كيان واعٍ ومستقل لوجودها، ومن طرف آخر نشر هذه التوعية في المجتمع الذكوري أيضا، عبر نشر ثقافة احترام وتقدير المرأة التي تشكل نصف المجتمع بل غالبيته".
** كلمة أخيرة
مشوار علاج العنف ما زال في بداياته، حتى تتغير العقلية والرؤية العامة تجاه المرأة، وتصبح المرأة إنسانا ذا كيان، وذا اعتبار ثابت لا يمكن في أي وقت التنازل عن حقوقه والتضحية عن مكتسباته، وإن أهم التحديات التي تواجه وقاية المرأة من العنف وتهددها هو الفرق بين ما يقال وبين ما يمارس، فهناك كلام كثير يقال عن المرأة، لكن ما يمارس يختلف ويتناقض عمّا يقال، فمن المهم إذن أن يتطابق القول والممارسة في معاملة المرأة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.