مستشفيات تصدر الاعاقة واخرى تنهي حياتك في لحظة.. تلك هي المستشفيات الخاصة في اليمن التي اصبح حضورها طاغيا في الساحة الطبية بعد تدهور الخدمات الصحية الحكومية, وامام جهاز رقابة حكومي غائب، ومواطن مصاب بعقدة الخواجة، يستمر مسلسل فتح هذه الدكاكين الطبية التي زادت اخطاؤها الطبية التي دائما ما يكون ضحيتها الاطفال قبل الكبار.. امس الاربعاء، وتحديدا عند الساعة الثانية عشرة ظهراً، لقي محمد لطف قاسم العمراني- 11 عاما- من اهالي قرية العمارنة شرعب السلام محافظة تعز، ربه بعد اجرائه عملية اللوزتين في احدى المستشفيات الخاصة الواقعة بمديرية القاهرة، واودعت جثته ثلاجة مستشفى الثورة العام بانتظار تقرير اللجنة الطبية والطبيب الشرعي الذي سيثبت في موضوع الخطأ الطبي من عدمه. وفي حين كان الطفل قد ادخل العناية المركزة في المستشفى نفسه لمدة اربعة ايام، تظاهر اهالي قرية العمارنة شرعب السلام ظهر اليوم الخميس امام بوابة المستشفى احتجاجا على ما وصفوه خطأ طبي فادح تسبب في وفاة ابنهم, مهددين باقتحام المستشفى ومعاقبة مرتكبي الخطاء الطبي اذا لم تنتصر الدولة لقضية الطفل الذي دخل المستشفى الخاص لاجراء عملية اللوزتين فخرج منه جثة هامدة.
والد الطفل لطف قاسم- 65 عاما- قال ل"نبأ نيوز": ان ابنه كان يعاني من التهاب اللوزتين فقرر بترها قبل ان يعود الى مدرسته بعد العيد لكن القدر شاء لابنه مسارا اخر, محملا المستشفى المسئولية الكاملة في وفاة ابنه. وأضاف: دخلت ابني يوم السبت الماضي الى المستشفي الخاص لاجراء عملية جراحية له في اللوزتين, واتفقت انا وادارة المستشفي على مبلغ عشرة الاف ريال ثم عملت له كشافة وفحص وكانت النتيجة حسب قول المستشفى ان الولد سليم 100% وبعد ذلك دخلوا الولد غرفة العملية واجروا له العملية وخرج خلال ربع ساعة وكان بيدها ينزف دم من فمه ويتحدث بصعوبة، وعندما وجدته يستغيث بي قلت له خلاص يابني.. لا تهدر لا تتكلم.. قالت لي الطبيبة خذه وروح به البيت. قلت لها الولد ينزف كيف اروح به..! اخذته الى قسم الجراحة فوجدته مرتفع الحرارة ويكاد يسقط من يديها فقالت ان بينه حرارة شديدة خذ له حق الحرارة .. اشتريت له حقنة حق الحمى .. ضربت له الابرة حق الحمة وفجاة وجدت عينيه تغيرت.. فقالوا لي انتظر نعمل له اللازم وجاء الاطباء وعملوا له الاكسجين وسحبوا منه قربتين دم. وفي اليوم الثاني والثالث وهم يطمئنوني ويقولوا اليوم تمام، اليوم تحسن، وكان هو في غيبوبة، وأمس توفي وعندما نقلناه الى مستشفى الثورة ميتا كان الدم يخرج من فمه واذنه وانفه.
واضاف والد الطفل: ان الفلوس التي يعرضها المستشفى لا تساوي ظفر من ابنه، وان الحل هو تقرير الطبيب الشرعي، وان موضوع الصلح على حياة ابنه غير وارد لان حياة ابنه غير قابله للمساومة بالفلوس وليست ارضية يتشارع عليه الناس, مشيرا الى ان ابنه الذي يدرس في مدرسة الثورة في شرعب السلام هو احد خمسة ابناء له وكان يستعد للعودة الى المدرسة بشوق ولم يكن يدرك ان لحظة النهاية ستكون قريبة وفي مستشفى خاص يضم بين جنباته اطباء روس من ذوي البشرة الزرقاء..
اما عادل الحجي مدير المستشفى- تتحفظ "نبا نيوز" على اسم المستشفى حتى صدور تقرير اللجنة الطبية- فقال ل"نبأ نيوز": ان الطبيبة الروسية التي أجرت العملية هي طبيبة مؤهلة تاهيل عال، وقامت بواجبها على اكمل وجه تجاه المريض, معتبرا ان ما حدث يسمى في العلم الطبي انتكاسة فبعض الاطفال يكون لديهم تحسس وهذه الانتكاسة تحدث بعد اي عملية جراحية على حد قوله.. وأضاف: دخل الطفل المستشفى يوم السبت الماضي وعملنا له كامل الفحوضات اللازمة في مثل هذه العملية وهذا موثق في ملفه الخاص به, وبعد اجراء الفحوصات كانت النتيجة بان الطفل سليم ولديه التهاب في اللوزتين تتطلب عملية جراحية, فوافق والده ووقع على اجراء العملية ودخل الطفل الغرفة الخاصة وتمت العملية وعندما خرج كان يتكلم بشكل طبيعي ويمكن لك ان تسال والده الذي هو الان امامك.. وتابع الحجي: بعد نصف ساعة من اجراء العملية الجراحية حدثت مضاعفات كما تحدث في اي عملية جراحية اخرى، وقمنا باسعافه وادخلناه العناية المركزة, ولفت الحجي في سياق حديثه ان تقرير اللجنة هو الذي سيحدد ان كان هناك خطأ طبي من عدمه واذا ما اتضح ان هناك خطأ طبي ارتكبته الطبيبة الروسية سيتم محاسبتها على الفور.
هذا وكان الاهالي قد تقدموا بشكوى الى نيابة غرب تعز ضد المستشفى في حين كان عدد من رجال الامن واعضاء من مجلس النواب والشخصيات الاجتماعية قد تدخلت في جهود صلح يقضي بمراضاة والد الطفل واخذ الجثة من ثلاجة المستشفى لدفنها في القرية على ان يقوم والده الضحية بعمل تنازل لصالح المستشفى والجهات المعنية وهو ما يرفضه والد الطفل بشده متمسكا بخيار القانون وانتظار ما سيسفر عنه تقرير الطبيب الشرعي واللجنة الطبية.
جدير بالذكر ان المستشفيات الخاصة زادت بشكل لافت في مدينة تعز خلال السنوات الثلاث الماضية بعضها يصعب التمييز بينها وبين الدكاكين التجارية ويرجع ذلك الى زيادة الاقبال عليها من قبل طالبي الصحة والاستشفاء بعد تدهور سمعة المستشفيات الحكومية التي تغرق في مستنقع الفساد وبالتالي تدهور خدماتها الامر الذي ادى الى فقدان الثقة بها من قبل الموطنين الذي وجدوا في المستشفيات الخاتصة البديل الافضل حتى وان كانوا يعلمون تزايد اخطائها الطبية في الفترة الاخيرة.