أججت معلومات كشفتها "نبأ نيوز" عن تحضيرات يجريها "حيدر العطاس" للعودة لليمن، خلافات قوى الحراك الانفصالي، وأشعلت المعارك بين قيادات الجنوب "التاريخية" التي استنفرت قواعدها لخوض جولة أخيرة تحسم أعوام الصراعات المريرة بين مكونات الحراك. فبعد أقل من 24 ساعة من نشر "نبأ نيوز" لتقريرها عن استعدادات "العطاس" لشغل الفراغ القيادي للحراك الجنوبي، والتوافق مع المعارضة على مشروع فيدرالي لمرحلة ما بعد الرئيس صالح، قطع "علي سالم البيض" مرحلة سباته الطويل ليشن هجوماً شرساً على من وصفهم بأنهم يعتقدون أن "المشروعية لهم فقط"، ومن اتهمهم بالسعي لأجل مصالحهم الشخصية- في إشارة غير مباشرة ل"العطاس"- محذراً إياهم من قيادة الجنوب إلى "مصير مجهول". ودعا "البيض" إلى أنه "لابد من إعادة التفكير والحسابات لبعض القيادات التي تصر أنها ستستمر إلى الأبد وأن المشروعية لها فقط تفصلها على كيفها ومقاسها وتتجه بها وبشعبنا من جديد إلى مصير مجهول من أجل مصالحها الشخصية فقط". وقال البيض: إن "البعض ما زال يفكر بأدوات الماضي والأنا والأبدية"، مضيفاً: "علينا جميعاً تحرير النفس قبل كل شيء ومواكبة المرحلة الجديدة والحقبة التاريخية المستقبلية بما تمليه عليها شروط المرحلة هذه وليس العكس". وأشار في تصريحه لوسائل إعلامية ناطقة بلسان انفصاليي الخارج، إلى "إن "ثورة الجنوب هي ثورة الشباب والجيل، وإنهم هم أصحاب المستقبل والإرادة الحقيقية القادمة وهم صناع الثورة و من يحدد معالم مستقبلها القادم"، داعياً إلى "مواصلة العمل بكل جهد وقوة وما لنا من علاقات وغيرها حتى التوصل لتحرير الجنوب وتسليم مقاليد الحكم والدولة للجيل الذي يضحي بحياته من أجل تحرير الوطن". "البيض" الذي يتبنى مشروع "فك الارتباط" حيّا للمرة الأولى من وصفهم ب"شباب الجنوب العربي" وطالبهم ب"الاستمرار إلى رحيل آخر محتل من أرضنا"، رغم أنهم من أنصار مشروع "الجنوب العربي" الذي يتبناه حزب التجمع الديمقراطي "تاج"- وهو ما اعتبره مراقبون إشارة إلى محاولة المكونات الانفصالية في أوروبا إسقاط أي رهانات داخلية أو خارجية للحراك خارج إطار نفوذها المرتبط بدوائر أجنبية، والذي بدأ يتهيب الحلول المنبثقة من دوائر عربية "خليجية". أول هجوم اشتراكي على الحراك التطورات التي شهدتها ال24 ساعة الماضية كشفت عن استنفار غير مسبوق لجميع القوى المتصارعة على "الإرث الجنوبي". فقد فتح الدكتور ياسين سعيد نعمان- أمين عام الحزب الاشتراكي- نيران أول هجوم عنيف يشنه على قيادات الحراك الجنوبي واتهمها بأنها تحاول النيل من تاريخ حزبه والتأسيس لما وصفها بزعامة استثنائية على حساب الحزب. وقال نعمان: "إن قيادات الحراك التي تهاجم الحزب الاشتراكي إنما تنطلق في هجومها من قاعدة تصفية حساب تاريخي لها مع الحزب الاشتراكي"، واصفاً إياها بأنها "جيب السلطة في الجمهورية العربية اليمنية (سابقا) ممن ربتهم في أجهزتها ودفعت بهم في مراحل مختلفة للاغتيالات والتفجيرات ضد كوادر وعناصر الحزب الاشتراكي"- طبقاً لصحيفة الأمناء. محاولة الحراك للرد تنتهي بانشقاق وفي أول ردة فعل من قبل قيادات الحراك على هجوم "نعمان"، فإنها قامت عصر اليوم بعقد اجتماع موسع لها في "لبعوس/ يافع" برئاسة حسن باعوم، ووزعت على قياداتها المشاركة استمارات إعلان الاستقالة من الحزب الاشتراكي.. غير أن تلك الاستمارات فجرت خلافاً شديداً بين أعضائها، وأسفر عن انسحاب القياديين صلاح الشنفرة، وناصر الخبجي من الاجتماع، فيما واصل الآخرون اجتماعهم.. علماً أن حسن باعوم كان أول من أعلن استقالته من الاشتراكي وأمهل بقية القيادات مدة شهر لتقديم استقالاتهم، إلاّ أن البعض يرى أن "الحراك" ليس حزباً وإنما حركة شعبية ولا تستوجب الاستقالة- وهي نفس المبدأ الذي يتبناه الدكتور ياسين سعيد نعمان. ولم تخل تصريحات علي سالم البيض اليوم الأربعاء من هجوم على حزب الاشتراكي، وإشارة إلى موقفه منه، فقد قال: "إن ما يحدث في العالم العربي وخاصة في مصر وتونس يعبر عن مرحلة جديدة وحقبة تاريخية هامة كانت لابد أن تحدث مع مجرى المتغيرات العالمية و انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي والأيديولوجية الاشتراكية وموتها في عقر دارها". عدة مدن جنوبية شهدت اليوم مسيرات كبيرة تحت مسمى "يوم المعتقل الجنوبي"، حاولت خلالها تخفيف قلق الخارج من الحراك من خلال منعها المشاركين حمل السلاح، إلاّ أن تلك الرسالة لم يتحقق وصولها وذلك اثر حادثتين، الأولى قيام مجموعة مسلحة من الحراك في الحبيلين باختطاف اثنين من أفراد الشرطة واقتيادهما إلى مكان مجهول.. والثانية هي قيام قوة مسلحة أمس بالتقطع لسيارة عسكرية ونهب جميع مرتبات أفراد الوحدات العسكرية في تلك الجهات، بعد الاعتداء المسلح على السائق وأمين الصندوق والمرافقين. كل المؤشرات الراهنة تؤكد أن جميع قوى الحراك في الداخل والخارج قررت خوض معركة فاصلة، بعد أن أثار تقرير "نبأ نيوز" حول عودة العطاس حفيظتها، بكل السيناريوهات اليمنية والإقليمية التي تضمنها لمستقبل السلطة لمرحلة ما بعد انتهاء فترة رئاسة الرئيس علي عبد الله صالح 2013م. للاطلاع على تقرير "نبأ نيوز" السابق: * العطاس يمهد للعودة ومحللون يرجحون الفيدرالية لما بعد صالح