قال محللون ودبلوماسيون الثلاثاء 15/2/2011 إن العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز لديه ما يكفي من أموال النفط لتجنب ثورة اجتماعية على غرار ما حدث بين الفقراء في مصر وتونس إلا أن الملك يجب أن يجري إصلاحات إذا أراد إسكات المعارضة. وعلى الرغم من أن المملكة تملك أكثر من 400 مليار دولار في رصيدها من أموال النفط لحل المشاكل الاجتماعية فإن السعودية يجب أن تتعامل مع قضايا مثل الوظائف والإسكان ورغبة جيل على دراية بالانترنت في أن يسمع صوته. وبينما تسمر السعوديون أمام شاشات التلفزيون لمتابعة سقوط الرئيس المصري السابق حسني مبارك والرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي قضى الملك عبد الله الشهور الثلاثة الأخيرة في فترة نقاهة مما جعل خطط الإصلاح معلقة. وفي مجتمع محافظ كالسعودية يعيش فيه 19 مليوناً لم يتعود على المعارضة السياسية بدأ السعوديون ببطء في استخدام موقع "تويتر" للتدوين المصغر لانتقاد الفساد، وأسس إسلاميون حزباً سياسياً معارضاً الأسبوع الماضي وهو أمر يعتبر من المحرمات في المملكة. وتنامي الغضب في جدة ثاني أكبر مدينة سعودية بعد مقتل عشرة على الأقل بسبب السيول مما أدى إلى تنظيم احتجاجات نادرة وتساءلت عشرات الصحف في مقالاتها الافتتاحية عن سبب عدم تأهب السلطات بشكل أفضل للسيول وعن حالة البنية التحتية. وقال المحلل السياسي خالد الدخيل حسبما ذكرت وكالة "رويترز" إنه يعتقد أن السعوديين يتوقعون أن تتعامل السلطات بجدية ألان مع مشاكلهم التي ذكر منها البطالة والإسكان والاعتماد على العمالة الأجنبية والفساد وكلها قضايا يجب معالجتها. ومنذ توليه السلطة عام 2005 لم يتخذ العاهل السعودي أي إجراء لتعديل النظام السياسي القائم على الملكية المطلقة ولم يفعل الكثير لتغيير القواعد الاجتماعية التي تفرض واحدة من أكثر القيود صرامة في العالم على السلوك الشخصي. وحتى الإصلاحات الضيقة مثل فتح الجامعات التقنية وإطلاق برامج تدريب للمعلمين والقضاة فقد قوبلت بتشكك من بعض جهات المؤسسة الدينية المحافظة القوية في السعودية. وتعطلت الإصلاحات في السعودية مع غياب العاهل السعودي الذي يبلغ من العمر نحو 87 عاماً لأسباب صحية وكذلك غياب أخيه ولي العهد الأمير سلطان الذي ظل خارج البلاد خلال معظم العامين المنصرمين لتلقيه العلاج من مرض لم يعلن عنه. وقالت "جين كنينمونت" المحللة في وحدة المعلومات بمجلة اكونوميست "التقدم في صنع السياسة بكل الإشكال يبدو بطيئاً جدا في هذا الوقت.. وفي نظام عادة ما يتخذ فيه الزعماء القرارات فان غياب هؤلاء الزعماء يبطئ حقاً النشاط السياسي". وأجرت المملكة انتخابات بلدية عام 2005 قبل أن يتولى العاهل السعودي العرش واعتبرت الانتخابات وقتها خطوة على طريق إصلاح الهيكل السياسي لكن دبلوماسيين قالوا أن جولة جديدة من الانتخابات كانت تأمل النساء المشاركة فيها لم تجر بسبب معارضة المحافظين، ولم يعلن بعد عن إجراء انتخابات للبرلمان. وتحاول الرياض طمأنة حلفاء لها بأن الحكومة السعودية تعمل بشكل الطبيعي أثناء فترة تعافي الملك عبد الله في المغرب بعد خضوعه لجراحة لتثبيت عدد من فقرات العمود الفقري في نيويورك. وقال محلل في السعودية طلب عدم ذكر اسمه "تعطل العديد من المشروعات الحكومية يبدو أن الإصلاحات التي تتطلب سلطة الملك معلقة ... أعتقد أن الملك عبد الله يجب أن يعود في أقرب وقت ممكن". وكان محللون قد توقعوا أن يجري العاهل السعودي تعديلاً حكومياً حتى تضم الحكومة عناصر جديدة لكن فترة الحكومة انقضت منذ أكثر من أسبوع ولم يعلن عن تشكيل حكومة جديدة مما يعني أن الوزراء الحاليين وبعضهم في الوزارة منذ 30 عاماً أو أكثر باقون في مناصبهم في الوقت الحالي. وينتظر الكثير من السعوديين العاهل السعودي لإقرار مشروع قانون للتمويل العقاري لتوفير مساكن بأسعار معقولة. ويتطلب مشروع القانون سلطة الملك في الوقت الذي يمس فيه نقص المساكن قضية حساسة وهي امتلاك أفراد الأسرة الحاكمة لمعظم الأراضي في السعودية. وقال "دانيال بروبي" كبير مسؤولي الاستثمار في شركة "سيلك انفيست" البريطانية لإدارة التمويل والتي تستثمر في السعودية " قانون التمويل العقاري من المجالات التي ستعطي مليون أسرة تحتاج إلى مساعدة أملاً في امتلاك منازل". والتعليم من المجالات التي بدأ فيها بعض الإصلاح في السعودية لكن النظام لازال يكافح لتخريج علماء ومهندسين واقتصاديين ومحامين تحتاج إليهم البلاد. وتخيم على أي خطط للإصلاح بعيدة المدى مسألة الخلافة حيث يحكم السعودية منذ قرابة 60 عاماً جيل واحد من الملوك كلهم من أبناء الملك الراحل عبد العزيز مؤسس السعودية. وعندما ذهب العاهل السعودي إلى الخارج للعلاج عاد الأمير سلطان إلى المملكة لإدارة شؤونها في غيابه، وإذا أصبح الاثنان غير قادرين فان وزير الداخلية الأمير نايف وهو أخ لهما يتوقع أن يتولى العرش، والأمير نايف شخصية محافظة ويشكك في الإصلاحات. ويجب أن تنتقل ولاية العرش في نهاية الأمر إلى جيل أصغر سناً. وأنشأ الملك مجلساً للأسرة الحاكمة لتنظيم أمر ولاية العرش لكنه لم يوضح كيف ومتى سيبدأ عمله، وفي تلك الإثناء يتامى نفاد صبر السعوديين الشبان من أجل إحداث تغيير. وقال الصحفي السعودي الشهير جمال خاشقجي إن أحداً لن يدعو إلى تغيير النظام في السعودية لكن البعض سيدعو لإصلاحات سياسية، وأضاف "إن السعوديين لديهم مطالب وإحباطات."