في ظل تطبيع بعض الدول العربية، كمصر والأردن وقطر، علاقتها مع "إسرائيل" علناً، أقدمت دول أخرى على الأمر نفسه، محيطةً إياه بشيء من السرية. آخر فصول هذه العمليات السرية كانت في مجال التسلّح، حيث نقلت وكالة «معاً» للأنباء عن مجلة انتليجانس أونلاين الفرنسية أن أزمة في العلاقات السرية بين "إسرائيل" ودولة الإمارات العربية المتحدة حدثت على خلفية فشل صفقة أسلحة بينهما، اعترضت عليها وزارة الحرب "الإسرائيلية". أكد الناشط الفلسطيني، عمر البرغوثي، أن هذه ليست المرة الأولى التي تجري فيها الإمارات العربية المتحدة عمليات تطبيع مع "إسرائيل" ، بل عمليات كثيرة حدثت سابقاً في مجالات متعددة مثل الرياضة والتجارة والتعليم، مشدداً على أن هذه الصفقة هي الأسوأ حتى الآن، واصفاً إياها بالأمر «المخزي»، ومعتبراً أن «شراء الأسلحة الإسرائيلية التي يتم اختبارها على الفلسطينيين واللبنانيين هو شكل من أشكال التواطؤ المباشر من أجل تبييض جرائم الحرب "الإسرائيلية». وفي السياق، رأى البرغوثي، في حديث مع صحيفة «الأخبار»، أنه في الوقت الذي يدعو فيه المجتمع المدني الفلسطيني والعديد من الشخصيات البارزة في مختلف أنحاء العالم إلى فرض حظر عسكري على "اسرائيل"، «في إطار توسيع حملتنا لمقاطعتها وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ضدها بسبب انتهاكاتها الخطيرة للقانون الدولي وحقوق الإنسان»، تقوم حكومة الإمارات بتخريب هذا النشاط الذي يهدف إلى زيادة عزلة "إسرائيل" في جميع أنحاء العالم، إضافة إلى أنها «تقوّض المقاطعة العربية لإسرائيل التي تؤيدها دولة الإمارات العربية المتحدة ظاهرياً». كذلك، رأى البرغوثي، العضو المؤسس في حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على "إسرائيل" أن ما تفعله دولة الإمارات لا يتعارض فقط مع قرارات جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي، التي اتخذت بالإجماع، لكنه قبل كل شيء «صفعة مخجلة في وجه التضامن العربي مع الشعبين الفلسطيني واللبناني»، مشيراً إلى أنه في حين أن شعب دولة الإمارات العربية المتحدة يدعم النضال الفلسطيني من أجل الحرية والعدالة وتقرير المصير، «تعمد حكومته إلى تعميق تحالفها مع إسرائيل، خلافاً لتوجه الرأي العام، تنفيذاً لإملاءات الولاياتالمتحدة الأميركية». وفي هذا الإطار، ذكّر البرغوثي دولة الإمارات بأن "إسرائيل" ليست عدواً لفلسطين ولبنان بل للعالم العربي بأسره، بما في ذلك شعب الإمارات، كما توجه إليها بالقول: «إسرائيل هاجمت الدول العربية بانتظام، وقوضت سيادتها وارتكبت الجرائم الدولية في الدول العربية، كما حدث حين اغتال الموساد أحد الزعماء الفلسطينيين في دولة الإمارات العربية المتحدة». وأكد البرغوثي أن إسرائيل «تلعب دوراً رئيسياً في إعاقة الديموقراطية والوحدة في منطقتنا»، لافتاً إلى أنه «يبدو أن حكومة الإمارات العربية المتحدة عازمة على التضحية، أو على الأقل، التنازل عن سيادتها ومسؤولياتها في العالم العربي «لكسب رضا الحكومة الأميركية». وتساءل البرغوثي عما إذا كانت الإمارات قد سمعت ب«الربيع العربي، أم أنهم يعتقدون أنهم في مأمن من ذلك؟». وختم البرغوثي بالقول أن «المجتمع المدني الفلسطيني يحث أشقاءنا وشقيقاتنا في دولة الإمارات العربية المتحدة على إدانة قرار حكومتهم بشراء أسلحة اسرائيلية بشراسة وبشكل سلمي احتجاجاً على هذا التواطؤ المشين والمتهور مع اسرائيل». وكانت صحيفة انتليجانس أونلاين قد كشفت، الأسبوع الماضي، عن وجود أزمة في العلاقات السرية بين إسرائيل ودولة الإمارات العربية المتحدة، على خلفية صفقة أسلحة فاشلة بين الجانبين. وأوضحت الصحيفة أن موقع «واللا» الالكتروني "الاسرائيلي" أشار إلى سعي الجيش "الاسرائيلي" إلى إيجاد حل للقضية التي وصفتها بأنها «مخجلة»، والتي يرتبط بها اسم شركة الطائرات بدون طيار «إيرناوتيكس ديفنيس»، حيث تسلمت الشركة مبلغاً من إمارة أبو ظبي كمقدم لتلك الصفقة، لكن وزارة الحرب "الإسرائيلية" لم تمنح التصريح المطلوب من أجل إتمام الصفقة. وقد ذكرت مصادر مطلعة أن الكيان الصهيوني يسعى إلى تهدئة الأوضاع مع الإمارات، خوفاً من أن يؤدي التوتر الحالي إلى تصدع العلاقات بين الجانبين بعدما أعربت أبو ظبي عن غضبها الشديد حيال ما قامت به وزارة الجيش، حسبما نقل مركز «عكا» للدراسات الصهيونية. وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أنه رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية بين "اسرائيل" والإمارات، بلغ حجم العلاقات الاقتصادية بين الجانبين في الأعوام الأخيرة ما يقارب 300 مليون دولار، موضحةً أنه في الماضي أقدم رجل الأعمال "الإسرائيلي"، ميتي كوخابي، وهو أكثر رجال الأعمال "الإسرائيليين " نشاطاً في أبو ظبي، على مد الإمارة بمعدات مراقبة ومواكبة لصناعة النفط.