في سابقة تاريخية عالمية دخل رغيف الخبز لأول مرة في تاريخ البرلمانات إلى أروقة مجلس النواب اليمني ليدلي بشهادته على حجم الفساد الذي يحكم السوق الاقتصادية اليمنية، ومستوى الانفلات الذي آل إليه هذا السوق من القبضة الحكومية التي حتى بعد أن انصاعت لمطالب التجار وتنازلت عن الضرائب الجمركية، لم تكفل حماية لقمة المواطن. فقد احضر النائب عبد الرزاق الهجري صباح اليوم إلى قاعة مجلس النواب رغيف خبز بحجم يكاد يقترب من حجم البسكويت، وطالب رئاسة المجلس فتح التحقيقات مع الجهات المختصة بما آل إليه حجم الرغيف، متسائلاً عما توصلت إليه لجنة الصناعة والتجارة بالمجلس فيما أنيط بها من مهمة تقصي للحقائق بشأن الغلاء في السوق- رافعاً الرغيف بيده إلى الأعلى ليراه الجميع. بدوره أبدى يحيى الراعي- نائب رئيس البرلمان- تأييده للانتقادات التي وجهها النائب الهجري، وأحال رغيف الخبز إلى لجنة التجارة والصناعة، وطلب من أعضاء اللجنة أن يأكلوا الرغيف ثم يعدوا تقريراً حوله..! وتزامناً مع فضيحة رغيف الخبز في اليمن ، فتح يحيى الراعي ملف فضيحة أعضاء مجلس النواب الذين ترتفع نسبة غيابهم عن المجلس يوماً بعد آخر حتى تحولت إلى ظاهرة مقلقة، استدعت انتقاد الراعي الذي أبدى استغرابه من أن يتحدث المجلس عن الفساد في الوقت الذي أعضاؤه لا يلتزمون بحضور الجلسات. وفي الوقت الذي حمل النائب عبد الكريم جدبان الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم مسئولية استمرار الغياب، ذهب النائب نبيل الباشا إلى غمز رئاسة المجلس بقوله بأن حسم موضوع الغياب سيكون محرجاً للجميع بمن فيهم رئاسة المجلس- في إشارة ضمنية إلى تغيب رئيس مجلس النواب الشيخ عبد الله الأحمر. كما حمل جدبان رئاسة المجلس مسئولية عدم اتخاذ أية إجراءات قانونية بحق المتغيبين الأمر الذي شجع على ارتفاع الظاهرة، منتقداً إياها أيضاً على عدم تقديم المواضيع الهامة في جدول أعمال المجلس فيما يتعلق بالتقارير الرقابية. هذا وقد شهد البرلمان جدلاً طويلاً حول ظاهرة الغياب تقدم النواب خلاله بجملة من الاقتراحات لآليات الحد منها، إلاّ أن حجم الاختلاف أنهى الجلسة دونما التوصل إلى أي اتفاق بشأن المعالجات. يشار إلى أن المادة (199) من اللائحة البرلمانية تنص على توجيه رئاسة المجلس تنبيها للعضو في حالة غيابه خمس جلسات متتالية أو سبع غير متتالية في فترة انعقاد عادية جلساتها عشر جلسات، وإذا كانت أكثر من ذلك يوجه للعضو أشعار خطي إذا لم يستأذن من هيئة الرئاسة أو لم يكن عذره مقبولا وإذا تغيب النائب دورتين كاملتين يطرح موضوعه على القاعة لاتخاذ المناسب مع النشر في وسائل الإعلام الرسمية.