بعد نجاحها في دفع الحكومة اليمنية إلى الانصياع لمطالبها بإلغاء الضرائب الجمركية على البضائع التي تستوردها، في أعقاب أزمة سعرية "مفتعلة" كشفت عجز الحكومة في التدخل لحماية السوق الاقتصادية، عاد التجار مجدداً إلى ساحة التحدي ليفتحوا نيرانهم على الضرائب الحكومية، في نفس الوقت الذي كان رئيس الوزراء يقف أمام مجلس النواب ويدعو إلى الالتزام بدفع الضرائب فيما بدا رداً مباشراً على الحكومة من موضع النفوذ الذي أكده التجار لأنفسهم أبان الأزمة السعرية. ففي ورشة عمل خاصة بالضرائب والإصلاحات الضريبية نظمها اليوم بصنعاء الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية بالتعاون مع مركز المشروعات الدولية الخاصة بواشنطن، وصف خالد طه مصطفى - نائب رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية- النظام الضريبي في اليمن بأنه "قيد" على التنمية وليس حافزا لها، مؤكداً أن اليمن مصنفة ضمن العشر الدول الأبرز في العالم التي يكون فيها معدل الضريبة مرتفعا، مستنداً في ذلك على تقرير لمؤسسة التمويل الدولية، ومعتبراً وجود هذه الضرائب لا يمكن أن يلبي الغايات التنموية، ويتسبب بالكثير من الأزمات الاقتصادية، وأن على الحكومة أن تعيد النظر بسياساتها الضريبية إذا ما كانت تتطلع إلى انتعاش اقتصادي. من جهته اتهم الدكتور محمد عبد الواحد الميتمي- مدير عام الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية- الحكومة بأنها تقوم بفرض الضرائب لتعبئة موارد تحتاجها خزائنها لمواجهة النفقات الحكومية المتزايدة، داعياً إلى تحقيق التوازن بين الوظائف الرئيسية لفرض الضرائب دون انحياز، ومراعاة الوضع الاقتصادي والسياسة الاقتصادية المطلوبة لمعالجته. وطالب باستكشاف كفاءة الإدارة الضريبية لإصلاح الخلل القائم فيها قبل الشروع في فرض ضرائب جديدة، مبرراً ذلك بأن معالجة هذا الخلل قد يعفي المجتمع من فرض ضرائب جديدة. وقال الدكتور الميتمي: إن النظام الضريبي يؤثر على التنمية الاقتصادية تأثيرا مباشرا فالاستقطاع الضريبي يؤثر في حجم الادخار وما يمكن أن تلعبه هذه المدخرات في التكوين الرأسمالي . واعتبر مناقشة الموضوع مع الحكومة بعقل ناضج ومنفتح من شأنه أن يؤمن اكبر تدفق للاستثمارات الوطنية والإقليمية والعالمية إلى قنوات الاقتصاد اليمني.. وفي الوقت الذي كان متوقعاً أن يأتي الرد من رئيس مصلحة الضرائب أو من ينوبه – بحسب اختصاص حلقة النقاش- حضر الدكتور محمد الحاوري- وكيل وزارة التخطيط- ليؤكد للتجار عدم وجود ضرائب جديدة خلال الفترة القادمة، وأن الطاقة الضريبية القصوى 15 بالمائة، فيما لا تتجاوز الطاقة الضريبية الفعلية في الاقتصاد اليمني 10 بالمائة. وأشار إلى أن الهدف من الضرائب ليس ماديا بحتا وإنما له أهداف اقتصادية واجتماعية تعمل الدولة على الموازنة بين هذه الأهداف، مبيناً أن حزمة الإعفاءات الضريبية والجمركية المطبقة تهدف إلى تشجيع الاستثمارات وليس تقييدها. مصادر اقتصادية مشاركة في حلقة النقاش وصفت فتح التجار ملف الضرائب ومطالبتهم بالغائها بمثابة "رصاصة رحمة" يطلقونها على الضرائب مثلما فعلوا مع الضرائب الجمركية التي بمجرد أن فتحوا موضوعها استخدموا نفوذهم التجاري واضطروا الحكومة الى الغائها. واعتبروا هذه الدعوة مدفوعة بتشجيع التنازلات التي حصلوا عليها من قبل الحكومة، مؤكدين عدم مشروعية المطلب خاصة وأن الضرائب تفرض بنسب عالية حتى في الولاياتالمتحدة، وعلى ممتلكات خاصة غير تجارية.