نقابة الصحفيين اليمنيين تطلق تقرير حول وضع الحريات الصحفية وتكشف حجم انتهاكات السلطات خلال 10 سنوات    استمرار انهيار خدمة الكهرباء يعمّق معاناة المواطنين في ذروة الصيف في عدن    3 عمليات خلال ساعات.. لا مكان آمن للصهاينة    فعاليات للهيئة النسائية في حجة بذكرى الصرخة ووقفات تضامنية مع غزة    - اعلامية يمنية تكشف عن قصة رجل تزوج باختين خلال شهرين ولم يطلق احدهما    - حكومة صنعاء تحذير من شراء الأراضي بمناطق معينة وإجراءات صارمة بحق المخالفين! اقرا ماهي المناطق ؟    شاب يمني يدخل موسوعة غينيس للمرة الرابعة ويواصل تحطيم الأرقام القياسية في فن التوازن    بدعم كويتي وتنفيذ "التواصل للتنمية الإنسانية".. تدشين توزيع 100 حراثة يدوية لصغار المزارعين في سقطرى    قرار جمهوري بتعيين سالم بن بريك رئيساً لمجلس الوزراء خلفا لبن مبارك    غرفة تجارة أمانة العاصمة تُنشئ قطاعا للإعلان والتسويق    "ألغام غرفة الأخبار".. كتاب إعلامي "مثير" للصحفي آلجي حسين    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    إنتر ميلان يعلن طبيعة إصابة مارتينيز قبل موقعة برشلونة    منتخب الحديدة (ب) يتوج بلقب بطولة الجمهورية للكرة الطائرة الشاطئية لمنتخبات المحافظات    أزمة اقتصادية بمناطق المرتزقة.. والمطاعم بحضرموت تبدأ البيع بالريال السعودي    عدوان أمريكي يستهدف محافظتي مأرب والحديدة    وزير الخارجية يلتقي رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر    تدشين التنسيق والقبول بكليات المجتمع والمعاهد الفنية والتقنية الحكومية والأهلية للعام الجامعي 1447ه    وفاة عضو مجلس الشورى عبد الله المجاهد    اجتماع برئاسة الرباعي يناقش الإجراءات التنفيذية لمقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية    الطيران الصهيوني يستبيح كامل سوريا    مصر.. اكتشافات أثرية في سيناء تظهر أسرار حصون الشرق العسكرية    اليمن حاضرة في معرض مسقط للكتاب والبروفيسور الترب يؤكد: هيبة السلاح الأمريكي أصبحت من الماضي    قرار بحظر صادرات النفط الخام الأمريكي    أزمة جديدة تواجه ريال مدريد في ضم أرنولد وليفربول يضع شرطين لانتقاله مبكرا    الحقيقة لا غير    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    أسوأ الأطعمة لوجبة الفطور    سيراليون تسجل أكثر من ألف حالة إصابة بجدري القردة    - رئيسةأطباء بلاحدود الفرنسية تصل صنعاء وتلتقي بوزيري الخارجية والصحة واتفاق على ازالة العوائق لها!،    الفرعون الصهيوأمريكي والفيتو على القرآن    الجنوب يُنهش حتى العظم.. وعدن تلفظ أنفاسها الأخيرة    مليشيا الحوثي تتكبد خسائر فادحة في الجفرة جنوب مأرب    إعلان عدن التاريخي.. نقطة تحول في مسار الجنوب التحرري    المستشار سالم.. قائد عتيد قادم من زمن الجسارات    استشهاد نجل مستشار قائد محور تعز العميد عبده فرحان سالم في مواجهات مع المليشيا    اسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 3 مايو/آيار2025    الأرصاد يتوقع استمرار هطول الامطار ويحذر من التواجد في بطون الأودية    إصلاح الحديدة ينعى قائد المقاومة التهامية الشيخ الحجري ويشيد بأدواره الوطنية    عدوان مستمر على غزة والاحتلال بنشر عصابات لسرقة ما تبقى من طعام لتعميق المجاعة    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    خلال 90 دقيقة.. بين الأهلي وتحقيق "الحلم الآسيوي" عقبة كاواساكي الياباني    الهلال السعودي يقيل جيسوس ويكلف محمد الشلهوب مدرباً للفريق    اللجنة السعودية المنظمة لكأس آسيا 2027 تجتمع بحضور سلمان بن إبراهيم    احباط محاولة تهريب 2 كيلو حشيش وكمية من الشبو في عتق    سنتكوم تنشر تسجيلات من على متن فينسون وترومان للتزود بالامدادات والاقلاع لقصف مناطق في اليمن    صحيفة: أزمة الخدمات تعجّل نهاية التعايش بين حكومة بن مبارك والانتقالي    الفريق السامعي يكشف حجم الاضرار التي تعرض لها ميناء رأس عيسى بعد تجدد القصف الامريكي ويدين استمرار الاستهداف    وزير سابق: قرار إلغاء تدريس الانجليزية في صنعاء شطري ويعمق الانفصال بين طلبة الوطن الواحد    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    غزوة القردعي ل شبوة لأطماع توسعية    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    جازم العريقي .. قدوة ومثال    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير عربي يتهم الاشتراكي والسلفيين بانتهاك حرية الصحافة باليمن
نشر في نبأ نيوز يوم 09 - 01 - 2007

من بين ثلاث تصنيفات وزعت عليها الأنظمة الإعلامية، وصفت المنظمة العربية لحرية الصحافة- ومقرها لندن- النظام الإعلامي المتبع في اليمن بأنه من نوع الأنظمة بين (مفتوحة وبين مغلقة)، نظراً لوجود تدخلات تنتهك الحريات الإعلامية، في نفس الوقت الذي وضعت صحيفة "الثوري" الناطقة بلسان الحزب الاشتراكي اليمني في قائمة الصحف التي تعرضت لانتهاكات "ترتكبها قيادات حزبية في المعارضة ضد صحفها وصحفييها"، فيما أدرجت صحيفة "يمن أوبزرفر" ضمن الصحف التي تعرضت لانتهاكات "من جانب قوى التيار الديني السلفي المتشدد في العالم العربي الذي يقوده المتشددون الوهابيون".
وحدد - التقرير السنوي الخامس 2005/ 2006 للمنظمة، المعنون: (حال الحريات الصحفية في العالم العربي)- الجهات التي تقوم بانتهاك حريات الصحافة والتعبير في العالم العربي ب "التدخل السياسي للأحزاب المحلية، والجماعات الدينية، ومن حكومات دولها، وكذلك من حكومات دول عربية أخرى".
وأشار إبراهيم نوار- رئيس المنظمة- في مقدمة التقرير الذي يتوقع إصداره خلال اليومين القادمين، إلى أنه: "تم رصد حالات انتهاكات في بلدان عربية تم فيها حبس صحفيين أو منعهم من الاشتغال بمهنة الصحافة أو وقف الصحف والمحطات التليفزيونية منها اليمن ولبنان". واعتبر "الصحافة المستقلة تسقط –المحرمات- وتتجاوز الخطوط الحمراء"، مؤكداً بان المنظمة العربية لحرية الصحافة "سجلت زيادة كبيرة في معدل نمو حالات انتهاك حرية الصحافة في العالم العربي خصوصا في سورية ومصر والسعودية وتونس والجزائر".
لكنه في نفس الوقت نوه إلى وجود تطورات جيدة على صعيد الحريات الصحافية خاصة في مصر التي بدأت للمرة الأولى تنتقد النظام في الصحف، وكذلك السعودية التي قال أن صحفها بدأت تظهر الوجه الآخر للحقيقة، وهي حالات لم تكن موجودة من قبل لدى كلا البلدين.
وعرج أيضاً على اتساع إقبال القراء العرب على المواقع الاخبارية الالكترونية "المستقلة" التي بات نفوذ بعضها أوسع بكثير من الصحافة الورقية الحكومية، معتبراً ذلك الانفتاح هو "رد فعل طبيعي في مواجهة القيود التي تفرضها الحكومات على حرية تدفق المعلومات وحرية الرأي والتعبير".
"نبأ نيوز" تورد فيما يلي نص مقدمة التقرير التي كتبها رئيس المنظمة، ونشرها موقعها الالكتروني أمس الاثنين:
مقدمة:
يصدر بعد أيام التقرير السنوي الخامس للمنظمة العربية لحرية الصحافة الذي يتناول بالعرض التحليلي والتوثيقي حال الحريات الصحفية في العالم العربي خلال الفترة من مايو 2005 وحتى ديسمبر 2006. ونظرا لاعتبارات عملية فإن هناك بعض الاستثناءات حيث تقتصر فترة التغطية بالنسبة لبعض البلدان على العام 2005 فقط أو تمتد إلى الأشهر الأولى من العام 2006. ويظهر التقرير أن الصراع بين القوى التي تسعى لتحرير الصحافة من القيود والقوى التي تعمل جاهدة على استمرار تكبيل الصحافة في العالم العربي وصل أوجه وبلغ أعلى مستوياته منذ العام 2000 وحتى الآن. فالقوى الساعية إلى تحرير الصحافة من القيود إزدادت اتساعا وزادت بأسا. أما القوى التي تعمل على استمرار تكبيل الصحافة بالقيود فإنها زادت استبدادا واتسع ميلها لاستخدام العنف في مواجهة الصحفيين والقوى الحليفة لهم الذين يدافعون عن حرية الرأي والتعبير. وتتمثل المواجهة في أجلى صورها في الصراع حول عقوبة الحبس في قضايا النشر، وهو الصراع الذي قد تمتد نيرانه إلى مجالات وقطاعات أخرى بما يتجاوز نطاق الصحافة والصحفيين.
ويعتبر العراق حالة خاصة في هذا التقرير، فعدد القتلى من الصحفيين يرتفع كل يوم منذ الإحتلال الأمريكي للعراق حتى الآن حتى تجاوز المائة والسبعين صحفيا ووصل في بعض الإحصاءات إلى ما يقرب من مائتي صحفي قتلوا بنيران الحرب في العراق. ولا تبدو هناك بادرة في الأفق لوقف نزيف الدم من الصحفيين في العراق سواء تعلق الأمر بالصحفيين الأجانب أو بالصحفيين العراقيين. وحتى فيما يتعلق بقرار مجلس الأمن رقم 1738 الصادر في 23 ديسمبر 2006 بخصوص حماية الصحفيين في مناطق النزاع والصراعات المسلحة فإنه أعاد التأكيد على قرارات وبروتوكولات دولية سابقة إبتداء من معاهدات جنيف عام 1949 والبروتوكولات الإضافية المكملة لها خصوصا المادة 79 من البروتوكول الإضافي رقم 1 (8 يونيو 1977) المتعلقة بحماية الصحفيين العاملين في مناطق النزاعات. كذلك أعاد القرار 1738 التأكيد على قرارات سابقة أصدرها مجلس الأمن الدولي في ذات الخصوص ومواثيق الأمم المتحدة التي تنص على حماية المدنيين في زمن الحرب ومسؤولية قوات الإحتلال عن ضمان سلامة المدنيين. ولم يتضمن القرار آليات محددة تضمن نظاما دوليا لحماية أرواح الصحفيين والمؤسسات الصحفية في زمن الحرب وفي مناطق النزاع مما يفقد القرار الكثير من أهميته ويحوله إلى مجرد وثيقة دولية فاقدة الروح ترقد جنبا إلى جنب مع وثائق كثيرة غيرها صدرت في خصوص حماية الصحفيين والمدنيين الموجودين في مناطق الحرب ولم تسفر عن تغيير السلوك الدولي فيما يتعلق بالإعتداءات المتكررة على الصحفيين والمؤسسات الإعلامية. ومن أخطر النقاط التي لم يتطرق إليها القرار 1738 ما يتعلق بسلطة التحقيق وسلطة الإدعاء والمحاكمة فيما يتعلق بالمتهمين بشن الإعتداءات على الصحفيين. وقد لمسنا في المنظمة العربية لحرية الصحافة من خلال تعاملنا مع حالات بعينها إتهم فيها جنود أمريكيون أو بريطانيون باستهداف الصحفيين أن القيادة العسكرية لقوات الإحتلال في العراق هي التي تولت التحقيق ولم يتم السماح لجهات مستقلة بإجراء التحقيقات. وقد أسفرت التحقيقات العسكرية عن أن الاعتداءات على الصحفيين لم تكن "متعمدة" ومن ثم تمت تبرئة المسئولين عنها.
ومن الضروري أن نقرر أنه بسبب زيادة العنف والاعتداءات التي يتعرض لها الصحفيون في العراق وقعت النتائج التالية:
1- ازداد لجوء المؤسسات الإعلامية العالمية مثل وكالات الأنباء ومحطات التليفزيون والصحف والمجلات إلى استخدام الصحفيين والمصورين المحليين كمصادر للأخبار عن الأحداث في العراق إلى جانب المصادر الرسمية المتاحة في المنطقة الخضراء أو في قيادة قوات التحالف.
2- تمركز المراسلين الأجانب في فندق "الحمراء" في وسط بغداد في ظل حراسة مشددة أو في أماكن الإقامة الحصينة المتوفرة لهم بعيدا عن مواقع الأحداث. وأدى هذا إلى عزلة ملموسة للمراسلين واقتصار ما يحصلون عليه من أخبار ووجهات نظر على ما يصلهم من مساعديهم المحليين والمصادر الرسمية العراقية والأمريكية.
3- العودة بصورة متزايدة إلى استخدام الصحفيين المرافقين للقوات الأجنبية لأغراض إعداد تقارير أقل ما توصف به هو إنها تقارير "علاقات عامة" تهدف إلى تحسين صورة الدور الذي تقوم به قوات الإحتلال وتسويق هذه الصورة في الولايات المتحدة من أجل كبح جماح القوى المناهضة للحرب في العراق والمعسكر المنادي بعودة الجنود الأمريكيين إلى ديارهم.
4- فرض قيود شديدة على حرية تداول المعلومات العسكرية في العراق خصوصا تلك المتعلقة بالانتهاكات التي يرتكبها جنود القوات المتعددة الجنسيات ضد المواطنين العراقيين. وهذا يفسر أن كل الفضائح التي تكشفت عن الممارسات السلبية للجنود جاءت عن طريق الصحف الأمريكية ولم تستطع صحيفة عراقية واحدة أن تكشف تفاصيل أيا من هذه الفضائح وآخرها فضيحة اغتصاب فتاة عراقية ثم قتلها هي وأسرتها. وما حرية الصحافة في العراق إلا كذبة كبيرة، لأن الحرية لا تتحقق لصحفيين يقتلون على مرأى ومسمع من قوات الإحتلال وصحف مهددة ليل نهار بالتفجير والنسف.
ومن المهانة أن نكشف في هذا التقرير عن أن هؤلاء الذين قضوا وهم يؤدون واجبهم المهني لمصلحة محطات تليفزيونية دولية مثل محطة "الحرة" ووكالات أنباء عالمية ذات سمعة مدوية مثل "رويترز" لم تحصل أسر أيا منهم على التعويض المناسب بحجة أن الصحفيين القتلى مثل عبد الحسين خزعل (الحرة) ومازن دعنا (رويترز) لم يكونوا متعاقدين مع هاتين الجهتين! وفي هذا السياق فإنه لابد من الإشادة بموقف قناة "العربية" التي دفعت تعويضات عادلة لأسر الضحايا (أطوار بهجت وزميليها) وتولت علاج المصابين الذين وقعت إصاباتهم وهم يؤدون عملهم كما هو الحال في مثال الزميل جواد كاظم.
إن المجتمع الدولي بأكمله يتحمل مسؤولية نزيف الدم الذي يعاني منه الصحفيون في العراق. ولا تقف المؤسسات الإعلامية المحلية والدولية بعيدا عن نطاق هذه المسؤولية، فهذه المؤسسات مسئولة بالدرجة الأولى عن أمن وسلامة مراسليها الذين يصنعون لها السبق الصحفي في معركة المنافسة على الحصول على الأخبار أولا وكسب المزيد من القراء أو المشاهدين. وهي أيضا مسئولة عن رعايتهم في حال تعرضهم للاعتداء ومسئولة عن تعويض أسرهم ورعايتها في حال موتهم في ميدان العمل.
التفاوت الكبير في حال الحريات الصحفية بين البلدان العربية
تظهر متابعة حال الحريات الصحفية في العالم العربي تفاوتا كبيرا في مساحة الحرية المتاحة للصحفيين والإعلام وحرية التعبير والرأي بشكل عام. فهناك الدول التي توجد فيها أنظمة إعلامية مفتوحة نسبيا، مثل مصر والمغرب ولبنان والأردن وفلسطين، بينما هناك دول ذات أنظمة إعلامية مغلقة نسبيا مثل ليبيا وسورية والسودان وتونس وسلطنة عمان. وبين هاتين المجموعتين توجد دول عربية ذات أنظمة إعلامية بين مفتوحة وبين مغلقة مثل معظم دول الخليج واليمن وموريتانيا والجزائر. وهناك دول ذات أنظمة إعلامية ممزقة تعكس الحال السياسي في بلدها مثلما هو الحال في العراق وفي الصومال حيث وقعت الصحافة ووسائل الإعلام أسيرة لقوى طائفية وقبلية تفرض سيطرتها بالقوة.
وتعاني الصحافة العربية بشكل عام من التدخل السياسي للأحزاب المحلية والجماعات الدينية ومن حكومات دولها وكذلك من حكومات دول عربية أخرى. فالإساءة إلى دولة صديقة مثلا تعتبر جريمة في قوانين الصحافة في معظم الدول العربية بما فيها قانون جرائم النشر الذي صدر أخيرا في مصر. وقد تم رصد حالات انتهاكات في بلدان عربية تم فيها حبس صحفيين أو منعهم من الاشتغال بمهنة الصحافة أو وقف الصحف والمحطات التليفزيونية منها اليمن ولبنان. ومن الضروري العمل على فصل الإعلام عن السياسة في العالم العربي حتى يكتسب الإعلام مصداقيته المطلوبة لدى الرأي العام. وتسجل الموجة الأخيرة من تعديلات قوانين الصحافة في العالم العربي مقاومة حتى النفس الأخير من جانب الدولة والحكام العرب لأي تغيير جذري في طبيعة النظام الإعلامي بما يسمح بحرية حقيقية للتعبير والرأي وللصحافة ووسائل الإعلام وذلك خشية أن يؤدي هذا التغيير إلى هز أنظمة الحكم القائمة في العالم العربي.
الصحافة المستقلة تسقط "المحرمات" وتتجاوز الخطوط الحمراء
وسجلت تقارير المنظمة العربية لحرية الصحافة زيادة كبيرة في معدل نمو حالات انتهاك حرية الصحافة في العالم العربي خصوصا في سورية ومصر والسعودية وتونس والجزائر. ولا تعني هذه الزيادة التي بلغت في بعض الأحوال ما يقرب من 100% مقارنة بالعام السابق أن هذه الدول هي الأسوأ أو أن حرية الصحافة في بلدان عربية أخرى هي أفضل و أن الإنتهاكات فيها أقل. إن حال الحريات الصحفية في دول مثل السودان وليبيا هي الأسوأ في العالم العربي غير أن حركة الدفاع عن حرية التعبير والرأي في هذه الدول لا تزال غير قادرة على النزال مثلما هو الحال في مصر والسعودية والمغرب والجزائر. كما أن استبداد الأنظمة في عدد من الدول العربية التي لم تتوفر عنها معلومات كافية يمثل رادعا ضد قوى حرية الصحافة التي لا تزال أضعف من أن تواجهه. إن الزيادة الكبيرة في انتهاكات حرية التعبير والرأي في بعض الدول تعني زيادة حدة المواجهة بين تيار الحرية وبين تيار التقييد وتظهر أن تيار التقييد والكبت لم يعد أمامه إلا الكشف عن وجهه القبيح وممارسة القهر في مواجهة دعاة الحرية.
وفي دول مثل مصر والسعودية فإن الصحافة استطاعت أن تنتزع نطاقا أوسع من الحرية عن ذي قبل. ففي مصر على سبيل المثال ازداد عدد الصحف المستقلة وزاد نطاق توزيعها حتى أن صحيفة "المصري اليوم" أصبحت تنافس صحفا مصرية عريقة مثل الأهرام والأخبار فيما يخص المصداقية وأرقام التوزيع. واستطاعت صحف مثل "الدستور" و"الأسبوع" و "صوت الأمة" و "الفجر" أن ترفع سقف حرية التعبير إلى نطاق غير مسبوق. وخلال العام 2005/ 2006 أسقطت الصحافة المصرية المستقلة الكثير من "المحرمات" وتخطت الكثير مما كان يعرف سابقا في الوسط الصحفي ب "الخطوط الحمراء" وهي مؤسسة الرئاسة والمؤسسة الدينية والمؤسسة العسكرية والمؤسسة الأمنية. ومن الممكن القول بأنه لم تعد هناك خطوط حمراء تتوقف عندها الصحافة المستقلة في مصر. فالرئيس أصبح عرضة للانتقاد مثله في ذلك مثل رئيس الحكومة والوزراء والنواب وغيرهم من المسؤولين العموميين. كما أن الانتقادات الموجهة إلى مؤسسات الدولة الأخرى وعلى رأسها المؤسسة الأمنية تشهد بأن حرية التعبير في مصر تسير في الاتجاه الصحيح بفضل قوة الدفع النضالية والتضحيات التي تقدمها الجماعة الصحفية المؤمنة بمبادئ حرية الرأي والتعبير.
وبينما توسع الصحافة المستقلة نطاق حريتها في مصر على حساب الدولة المركزية والصحافة التابعة لها وضد المحرمات التي كانت مفروضة سابقا فإن الصحافة السعودية سواء المقيمة أو القائمة في خارج البلاد راحت هي الأخرى توسع نطاق حريتها على حساب القوى السلفية الوهابية المتشددة. فللمرة الأولى تظهر المرأة السعودية على شاشة التليفزيون قارئة لنشرات الأخبار "قناة الإخبارية" وللمرة الأولى تتحدى صحيفة شابة هي صحيفة "شمس" الطابع المغلق للنظام الاجتماعي التقليدي في السعودية وتقدم على صدر صفحاتها الوجه الآخر من الحياة الحقيقية التي يعيشها الشباب السعودي فتيانا وفتيات بعيدا عن النفاق الاجتماعي والتطرف الديني.
وفي الوقت الذي أظهرت فيه الدولة والملك عبد الله على وجه الخصوص تسامحا وانفتاحا تجاه الروح الجديدة للصحافة السعودية فإن قيادات التيار السلفي الوهابي المتشدد أظهرت على الدوام عداء مستميتا ضد القوى المتحررة في المجتمع السعودي ومنها أنصار حرية الصحافة واستقلالها.
غير أن هذه الجسارة التي تظهرها الصحافة في بعض أنحاء العالم العربي من أجل توسيع نطاق الحريات الصحفية والحريات العامة لا تتقدم إلى أهدافها ولا تحرز تقدمها بدون تضحيات. وقد أظهرت إحصاءات المتابعة التي أجرتها المنظمة العربية لحرية الصحافة أن هذه التضحيات تزيد مع زيادة قوة تيار حرية الصحافة ومن ثم فإن ردود الفعل سواء من جانب الحكومات أو من جانب القوى المتطرفة المتشددة تكون عصبية وعنيفة.
ويثير هذا النجاح الذي حققته الصحافة العربية المستقلة قضية العلاقة الجدلية بين تعديل قوانين الصحافة والإعلام للسماح بحريات أوسع وإسقاط القيود على حرية التعبير والرأي وبين الكفاح الفعلي المتواصل لاكتساب مساحات حرية أكبر بقوة الأمر الواقع. فالصحفيون الذين يناضلون من أجل إسقاط القيود على حرية التعبير والرأي لا يمكن لهم أن ينتظروا حتى تنجح جهودهم وإنما يتعين عليهم وهم في مواقع عملهم دفع الحواجز إلى السقوط وتوسيع هامش الحرية.
زيادة الانتهاكات غير الحكومية
وعندما نشير إلى انتهاكات حرية الصحافة وحرية التعبير والرأي فإننا لا نعني بها فقط الانتهاكات التي ترتكبها الحكومات وإنما هناك انتهاكات لا تقل خطورة ترتكبها قيادات حزبية في المعارضة ضد صحفها وصحفييها (مثال صحيفة الوفد في مصر وصحيفة الثوري في اليمن). كما أن هناك انتهاكات ترتكبها قيادات صحف "مستقلة" ضد صحفييها كما هو الحال في معظم الصحف "المستقلة" في مصر التي تتوسع في استغلال الصحفيين العاملين لديها إلى أقصى الحدود وفي صور مختلفة أهمها عدم توقيع عقود عمل لمعظم هؤلاء الصحفيين.
غير أن ما يلفت النظر في هذا التقرير على وجه الخصوص هو زيادة قوة وعدد الانتهاكات ضد حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير من جانب قوى التيار الديني السلفي المتشدد في العالم العربي الذي يقوده المتشددون الوهابيون. وبسبب الضغوط التي يمارسها هذا التيار فإن عددا من الصحف تعرض للإغلاق مثل صحيفة "شمس" السعودية و صحيفة "يمن أوبزرفر" اليمنية وصحف أخرى في الأردن والجزائر.
إن هناك قطاعات من الرأي العام في العالم العربي تضيق بحرية التعبير والرأي ولا تطيق التعددية الإعلامية وتتبنى خطابا سياسيا شموليا لا يقبل الرأي المخالف أو التغطية الإعلامية الموضوعية. إن هذه القطاعات تمارس ضغوطا على حرية الصحافة لا تقل في خطورتها عن الضغوط التي تمارسها الدولة. وتصل هذه الضغوط من جانب من يتسترون بالدين إلى حد القتل وإزهاق الأرواح مثلما حدث في حال الصحفي محمد طه محمد أحمد في السودان.
وكانت أزمة الرسوم الكاريكاتورية الدانماركية مثالا قويا على اتجاه التيار الديني السلفي المتشدد إلى "تسييس" هذه الأزمة ومحاولة تحقيق أقصى المكاسب منها خصوصا في ظل دعم دول مثل إيران وسورية اللتين عملتا على استخدام هذه الأزمة كمسار يتم منه توجيه طاقات الغضب والإحباط الكامنة في العالمين العربي والإسلامي (بسبب البطالة والفقر والاستبداد) إلى عدو خارجي هو الغرب بشكل عام، خصوصا في ظل الضغوط التي كانت تمارسها أوروبا الغربية والولايات المتحدة على هاتين الدولتين، إيران بسبب برنامجها العسكري النووي، وسورية بسبب تورطها في لبنان والاتهامات الموجهة إليها في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.
زيادة الإقبال على مواقع الإنترنيت المستقلة.
الظاهرة الأخيرة التي نود الإشارة إليها والتي كشف عنها هذا التقرير هو زيادة لجوء القارئ العربي إلى مواقع الإنترنيت للحصول على الأخبار والمعلومات والإطلاع على وجهات النظر غير الحكومية. وهذا الاتجاه هو رد فعل طبيعي في مواجهة القيود التي تفرضها الحكومات على حرية تدفق المعلومات وحرية الرأي والتعبير. وقد استطاعت مواقع إليكترونية مستقلة تطوير مصداقيتها وقدرتها على إقناع زائريها إلى الحد الذي أصبحت فيه مصدرا من مصادر المعلومات الرئيسية في بلدانها مثل موقع "أخبار ليبيا" وموقع "أخبار تونس" وكذلك المواقع الإليكترونية السورية والسعودية والمدونات الشخصية في مصر. ومن الملاحظ أن درجة الإقبال على تصفح مواقع الإنترنيت المعارضة تزداد كلما زادت القيود على حرية تدفق المعلومات وحرية الرأي والتعبير. ولذلك فإنه ليس من المستغرب أن يكون نفوذ المواقع الإليكترونية الإخبارية الخاصة بتونس وليبيا هو أقوى من نفوذ الصحافة الحكومية وأن الإقبال على هذه المواقع يمثل مصدر إزعاج مستمر للسلطات في البلدان العربية ذات النظم الإعلامية المغلقة أو شبه المغلقة.
إن العام 2006 قد حمل معه الكثير من عوامل القلق والخوف على مستقبل حرية التعبير والرأي.، غير أنه في الوقت نفسه حمل معه أيضا الكثير من دوافع الأمل والتفاؤل التي تؤكد أن قوة الحركة المساندة لحرية التعبير والرأي لا تتقهقر بل إنها تكسب الكثير من المواقع الجديدة كل يوم. ومع ذلك فإن القلق على أرواح الصحفيين وعلى أمنهم وسلامتهم يتزايد خصوصا في الأماكن التي تزايدت فيها النزاعات الطائفية والعرقية والسياسية إلى حد حمل السلاح لتصفية الخلافات بين الفرقاء بدلا من مقارعة الحجة بالحجة واللجوء إلى الحوار بدلا من العنف.
إننا في المنظمة العربية لحرية الصحافة نعتقد أن المخاطرة بالحياة هي ضريبة يدفعها العاملون في مهنة الموت في العالم العربي بسبب تردي الأحوال السياسية وانتشار مواقع النزاعات المسلحة في العراق وفلسطين والسودان والصومال وبسبب انتشار تيارات تضيق بالرأي الآخر وبسبب استبداد معظم الحكومات في البلدان العربية. إن هذا هو قدرنا وسوف نواجهه بالشجاعة الكافية.
ولا يسعني وأنا أقدم هذا التقرير إلا أن أعبر عن شكري وتقديري لكل الزملاء الذين تعاونوا من أجل إصدار هذا التقرير بالصورة التي هي عليه على الرغم من المشاق التي تحملوها من أجل تدقيق الوقائع وإكمال الصورة في تقارير البلدان المختلفة. وأرجو أن يكون تقرير السنة المقبلة أفضل شكلا وأحسن مضمونا، فنحن دائما في المنظمة العربية لحرية الصحافة نطمح إلى الأفضل.
إبراهيم نوار
رئيس المنظمة العربية لحرية الصحافة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.