في حوار هو الأول الذي تجريه وسيلة إعلامية يمنية مع مسئول عراقي منذ سقوط نظام الرئيس صدام حسين، "نبأ نيوز" تحاور الدكتور خضير موسى الخزاعي- وزير التربية، ومبعوث رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى صنعاء.. ولأول مرة يتحدث مسئول عراقي من صنعاء عن الشباب المضللين الذين يحملون للعراقيين "هدايا الموت والدمار"، وعن جهود يمنية للحد منهم يتم الثناء عليها، في نفس الوقت الذي يقول: "غير كافٍ هذا ونريد المزيد".. وعن بعثيين ممنوعون من العودة... وعن حماس عراقي يتوسل اليمن للإسهام بإعادة اعمار العراق، وترحيب مبكر بالعمالة اليمنية، وكشف مؤامرات متهم بها الجوار العراقي الذي يخشى امتداد رياح التغيير.. وعن منجزات في زمن الاحتلال... ذلكم هو خلاصة حوار نزار العبادي مع الدكتور خضير الخزاعي ن الذي نورده كاملاً فيما يلي: • ما هي الرسالة التي حملتموها من بغداد إلى صنعاء؟ العراق يؤمن بضرورة التفاهم مع المحيط العربي والإقليمي وإيجاد أمتن العلاقات فيما بيننا كعرب، وأشقاء، وكمسلمين. وتربطنا بالجمهورية اليمنية روابط تاريخية متينة وعريضة جداً، وهي بحاجة الى تمتين وتحسين هذه الروابط. لذلك فان هذه الزيارة جاءت تأكيداً من الحكومة العراقية لإيجاد روابط منتجة ومثمرة لصالح البلدين والشعبين، وقد تزامنت زيارتنا مع مناسبة أعياد الوحدة وهذه لها أيضا مساس بوضعنا العراقي الذي نصر على أن يبقى العراق موحداً أرضاً وشعباً. • هل هناك محاور محددة ناقشتموها مع دولة رئيس وزراء اليمن؟ التقينا مع الأخ رئيس الوزراء وكان اللقاء ودي وايجابي ، وتطرقنا إلى الكثير من الموضوعات منها العلاقات الثنائية وضرورة مكافحة الإرهاب، وضرورة دعم العراق في مواجهته للإرهاب، إذ يمثل العراق الآن جبهة لكل الناس المحبة للسلام والتعايش السلمي في مواجهة أناس تكفيريين قتلة لا يؤمنون إلاّ بالموت، ولا يحترمون الحياة..لذلك وجدنا لدى الأخوة اليمنيين كل تجاوب وكل استعداد، ومواقف ايجابية تشكر الحكومة اليمنية عليها، ومنها الخطاب السياسي الحالي المؤيد للعملية السلمية في العراق، وكذلك اتخاذ الكثير من الإجراءات التي تحد من نشاط المتسللين من اليمن إلى العراق للانضمام تحت لواء التكفيريين والصداميين والقاعدة، وبالتالي أعطونا وعود جديدة لتكثيف الجهود أكثر وأكثر إزاء هذه الأنشطة الهدامة. وهم قالوا لنا بوضوح نحن اكتوينا بنار الإرهاب قبل أن تكتووا بها ولا زال الكثير منهم حين يرجعون من العراق إلى اليمن مرة أخرى يحملون رسائل موت ودمار للشعب اليمني.. يعودون وهم مزودون بخبرة على القتل والدمار، ويحاولون تفجير البنى التحتية والإنسان اليمني.. وهذا ما تحدثنا نحن وإياهم به.. الإرهاب مدان ، وينبغي أن تتوافر كل الجهود الخيرة للقضاء عليه واستئصاله من جذوره. • الخطاب اليمني يؤكد أن هناك جهود يمنية للحد من المتسللين، وحتى تم تحديد فئات عمرية للسفر إلى سوريا والأردن.. الم تفلح هذه الجهود؟ - لقد خففت بكل تأكيد هذه الحملات، وقللت من المغامرين والمغرر بهم من الشباب ولكن هذا لا يكفي، بل بحاجة إلى مزيد من التشديد على هكذا أناس يفترض بهم أن يبقوا هنا ليتعلموا ويستفيدوا ويعيشوا، لا أن يأتون ومعهم هدايا الموت والدمار للشعب العراقي. نؤكد على ايجابية ما قامت به الحكومة اليمنية ، والتأكيد مرة أخرى على مزيد من الجهد لكي لا ينجر الآخرون.. ونحن سنعود ونؤكد لحكومتنا بان التعاون وثيق بيننا وبين الجمهورية اليمنية على مواجهة الإرهاب. • هل لدى الحكومة العراقية أي شكوك حول وجود دعم مقدم من قبل عراقيين مقيمين في اليمن، كأن يكونوا قيادات بعثية أو عسكرية؟ هؤلاء – كما تعلم- يبحثون عن مواقع وامتيازات بغير حق والوضع العراقي الجديد لا يسمح لهؤلاء لأن يعودوا ثانية لأنهم لا يحملون إلا الفكر العنصري، وبالتالي لا مكان لهم في الساحة العراقية، إلاّ حينما يعودوا إلى رشدهم ويصبحوا مواطنين عاديين.. أما الذين لم تتلوث أيديهم بدماء الشعب العراقي، والذين لم تمتليء بطونهم وجيوبهم من السحت الحرام من أموال الشعب العراقي، والذين ليس لديهم مشكلة يرجعون حياهم الله بلا انتقام ولا أحقاد ولا الصفة التي كانوا عليها.. ولكن حين يستمرون على أذاهم ويشجعون على العنف في العراق فنحن سنواجههم، وكل الحكومات التي تستضيفهم سوف نتحدث معها بوضوح وشفافية، أما أن تلجم هؤلاء وتمنعهم من هكذا أعمال تخريبية مدمرة ليس فقط للعراق وإنما للعلاقات الثنائية بين البلدين.. ونحن بجد أقول لك نشكك بنوايا هؤلاء وأفعالهم، وقد أبلغتنا الحكومة اليمنية بأنها لا تسمح لأحد بان يتآمر أو يكيد للشعب العراقي. • على الصعيد الاقتصادي اليمن تروج لفرص استثمارية ، فهل تعتزم بغداد توسيع علاقاتها التجارية والاقتصادية مع صنعاء!؟ نحن أخبرنا المسئولين في اليمن بان العراق تبنى مشروع استثماري ضخم جداً.. وأقول بكل صراحة نحن نتمنى أن يكون رأس المال العربي حاضراً فيه؛ واليمن واحدة من الدول العربية التي نأمل ونتمنى أن تساهم في عملية اعمار العراق، وان يسهم في هذه الخيرات العراقية التي يقطف ثمارها الكثير من الذين يستثمرون.. أضف إلى ذلك أن الاستثمار سيولد فرص عمل كثيرة، وبلا شك ستكون هناك فرص كثيرة لكل الذين يقفون معنا في هذه المحنة. وأنا اعتقد أن الشعب اليمني سيكون له مجال خصب في الاستثمار ، ومجال خصب أيضا للعمالة التي تأتي من اليمن إلى العراق، وسوف نحتضنها كأي عربي مسلم بكل محبة واحترام؛ ولديهم تجربة معنا بأن اليمنيين الذين جاءوا إلى العراق احتضنهم العراق ولم يشعروا في يوم ما أن هناك فرق بينهم وبين المواطن العراقي.. هذا واحد من ثوابتنا ليس فقط مع اليمنيين بل مع كل الناس الذين وقفوا معنا ونحن نواجه الأخطار. • يعني الآن مسموح لليمنيين بالدخول للعراق للعمل، أم يشترط عبر قنوات رسمية!؟ - بكل تأكيد مسموح، بشكل واضح وشفاف وقانوني، وأي إنسان يستطيع أن يسهم في بناء العراق أو الاستثمار أو خبرة فنية يحتاجها العراق سوف نستقبله بكل ترحاب. • معالي الوزير، ماذا عن العراقيين في الخارج- ومنها اليمن- هل حملتم رسالة معينة لهم!؟ - العراق بلدهم ولا نحتاج إلى رسائل لهم، حينما يأتون سيجدون فرصاً متساوية لكل الناس، فالعراق لكل العراقيين، وثروة العراق لكل العراقيين، ولا توجد هناك احتكارات ولا امتيازات لأحد، وبالتالي هناك تكافؤ في الفرص لكل العراقيين، وبقدر ما يعطي يأخذ.. وهذا أمر طبيعي ولهم مثل الذي عليهم بالمعروف. • هناك كفاءات علمية عراقية كبيرة داخل اليمن، هل ستوجهون لهم الدعوة بالعودة!؟ - أنا لا أحب أن أوجه دعوة لأخي العراقي.. العراق للعراقيين، والبلد يحتاج إلى كل الناس الطيبين، وكل الناس البناءين والفاعلين والايجابيين وبإمكانهم أن يأتوا ولن يجدوا فينا إلا مزيد من التفهم والتعاطي الايجابي معهم، ونقدم لهم ما يحتاجون، وبالتالي سيكونون شركاء معنا في بناء هذا الوطن. • ماذا لو كانوا بعثيون لم يرتكبوا جرماً- أو يعتقدون كذلك!؟ - نحن ندرك بأن هناك نوعان من البعثيين في العراق: هناك ناس قصروا وأساءوا وآذوا العراقيين، وهؤلاء بيننا وبينهم القانون. عندنا القضاء مستقل وعندما يجد أن هناك أدلة على أياً من الناس- سواء كان بعثياً أم غير بعثي- فالقانون سيأخذ مجراه. لكن النوع الثاني كبقية العراقيين لا يستطيع أي أحد أن يصيبه بسوء، وبالتالي هم يشخصوا أنفسهم إذا لم يعتدوا على أحد، لم يسرقوا، لم يقتلوا فمكانهم العراق وحياهم الله. • الأوساط السياسية العراقية تتحدث عن ايجابيات تحققت في الفترة الأخيرة في العراق.فما هي تلك الايجابيات التي تشجع المغترب العراقي على العودة إلى وطنه!؟ - على كل الأصعدة هناك تقدم في العراق. فعلى الصعيد الأمني بعد خطة فرض القانون، أنت تعلم أن هناك أبواق تبث الدعاية المسمومة، والوجه المعتم على العراق. الآن لا توجد فرص كثيرة للتحدث عن العراق.. يوميا كانت تتحدث عن المزيد من السيارات المفخخة. الآن لا تجد مثل ذلك الحديث ن ولو وجدوا مثل ذلك لوضعوها في المجهر وكبروها عدة مرات وظلوا ينفخون فيها.. فأبواقهم مسمومة والكل يعرفها، هذه تضاءلت إلى نسبة كبيرة جداً. هناك مشروع المصالحة الوطنية بدأ يتخذ مداه الواسع ولدينا حوار جدي مع الأطراف السياسية، مع الكيانات الاجتماعية، مع كل الناس الذين في المشهد السياسي العراقي.. والعشائر العراقية بدأت تعي بخطورة التكفيريين والصداميين، وكذلك القاعدة، لذلك انسجمت مع الحكومة في مشروع وحدوي أولا، وبمواجهة العدو القادم من الخارج ثانياً. وحققت الكثير من الإنجازات، وعلى صعيد مدينة الرمادي وكل محافظة الأنبار وكذلك الآن محافظة ديالى بدأت تستلهم التجربة وكذلك الموصل وكل الذين يهددهم الإرهاب لا يجدون إلا الحكومة هي الحضن الكبير الدافيء القادر على أن يدعمهم ويشد على أزرهم ويضعهم بمواجهة هذا العدو المشترك. على الصعيد الاقتصادي العراق لأول مرة في تاريخه يحقق ميزانية ضخمة جدا تقدر ب(41) مليار دولار وفيها ما فيها من الإنجازات.. وأنا متأكد أن العقل العراقي يختزل المسافات نحو التنمية والازدهار والاستقرار لمجرد أن تتوقف طاحونة الموت والعنف الذي تنفخ بها أبواق لها أجندتها الخاصة لا تريد لهذا المشروع العراقي أن ينمو ويزدهر، وكذلك لأنهم يخشون على عروشهم وكياناتهم حتى لا يصابوا بعدوى التغيير. لأن التجربة الديمقراطية في العراق إذا ما قدر لها أن تهدأ سوف يتعايش فيها الجميع والطاقات الخيرة العراقية، والامكانات العراقية الكبيرة، وفرص العمل، والثروات العراقية المودعة في الأرض كلها عوامل تطور وتنمية وازدهار. وبالتالي سوف تؤثر على الواقع في دول الجوار التي تخشى من هذه التجربة ولذلك تقف موقفا سلبيا. لكنها أدركت بعد حين أن هذا الموقف السلبي لا يستطيع أن يوقف المد العراقي نحو التقدم وتحقيق الأهداف وبالتالي إذا ما استمروا سوف تنتشر عدوى الفوضى بهم، وفعلا بدأت نيران الإرهاب تحرق الكثير من مواقعهم.. الآن خطوات ايجابية حول تفهم العراق بدأت مع كل دول الجوار وهذه خطوة مشجعة .. أعتقد إن العراق مقبل على خير ، وكل العراقيين يعيشون في حالة من التفاؤل وهذا لا يعني لا توجد مشكلات، المشكلات موجودة ولكن الحمد لله رب العالمين تجاوزنا عنق الزجاجة وبدأنا نفكر بفضاء أوسع . وأنا متأكد إن أمن العراق هو أمن الكل من دول الجوار وقوة العراق هي قوة للعالم الإسلامي ، وسوف يؤكد العراقي أصالته، وأنه لا يتعامل مع الآخرين بروح الانتقام، ولا بروح الثأر، وإنما على اصالته وطبيعته وكرمه . سوف يتسامح مع الآخرين ويتعايش معهم. • هل ستنتهي أجندة عملكم لليمن بزيارة اليوم!؟ - لا هذه بداية لزيارات متبادلة . لربما نشكل لجان مشتركة بيننا وبينهم لحل الكثير من المشكلات العالقة، ولربما تتطور العلاقات بيننا إلى وفود تتزاور ، وبلا شك أن اليمن التي نحس ونلمس موقفها الايجابي سنبادلها بخطوات.. ومن دنا إلينا شبراً سوف ندنو منه ميلاً..