فياريال يفتتح الموسم بالفوز على ريال أوفييدو    بمعنويات عالية شعب إب يستعد لمباراته أمام السهام الحالمي    ليفربول يستهل حملة الدفاع عن لقب البريمييرليغ بفوز مثير على بورنموث    الأمم المتحدة: أكثر من 41 ألف شخص يواجهون خطر المجاعة في عبس    ذمار.. محاولة جديدة لاختطاف طفلة والسلطات تتلقى بلاغات عن فقدان أطفال    بين القصيدة واللحن... صدفة بحجم العمر    اختاروا الثمن الذي يناسبكم وتريدون لي أن ادفعه    بدء قمة بوتين وترامب في ألاسكا    المدينة التي لن تركع(3) مأرب.. دروس في الدولة والتاريخ    وصول طائرة "مملكة أوسان" إلى مطار عدن لتعزيز أسطول اليمنية وتخفيف ضغط الرحلات    اتحاد إب يحقق فوزا عريضا على الشروق ويتصدر المجموعة الرابعة في بطولة بيسان    منذ قرابة 20 ساعة.. مئات المسافرين عالقون بين إب وصنعاء بسبب انقلاب شاحنة    العميد صالح بن الشيخ أبوبكر: حضرموت لن تنهض إلا بأهلها    الجالية اليمنية في ماليزيا تنظم ندوة فكرية حول الهوية الوطنية    "مؤسسة تنمية الشبابية" مع أوقاف مأرب تختتم المرحلة الثانية من برنامج تأهيل معلمي حلقات القران الكريم    الحكومة تلزم شركة الغاز بتخفيض الأسعار بما يتوافق مع تحسن صرف العملة    تعز.. سيول جارفة في قدس تلحق اضرارا فادحة بالممتلكات وتهدد قرى بالجرف والاهالي يوجهون نداء استغاثة    حضرموت: تحذيرات من عودة القاعدة وتحالفات مشبوهة تهدد الأمن المحلي والدولي    اليمنيون يجددون تأكيدهم على ثباتهم مع غزة ومواجهة مخططات الاعداء    أمطار رعدية متوقعة على المرتفعات والسواحل وتحذيرات من السيول والعواصف    الصحة العالمية: وفاة 4332 شخصاً وإصابة 390 بالكوليرا في 31 دولة هذا العام    صنعاء .. مليونيه مع غزة جهاد وثبات توجه رسالة قوية للمجرم نتنياهو    البنك المركزي الصيني يجري عملية إعادة شراء عكسية مباشرة بقيمة 70 مليار دولار    مدقق مالي: شركات الادوية الكبرى تسعر الدواء في صنعاء بسعر يتجاوز السعر الرسمي للدولار باكثر من 40٪    إشهار مؤسسة "آفاق التآلف للتنمية الاجتماعية" بصنعاء    حاشد .. صوت المقهورين وقلم المنفيين    «زينبيات الحوثي».. تقرير يمني يكشف «نقاب المليشيات»    عيدروس الزبيدي..عهد الرجال للرجال    المحويت.. كتل صخرية ضخمة تهدد عدد من القرى ومخاوف الانهيار تجبر عشرات الأسر على النزوح    وفاة لاعب يمني في رحلة تهريب إلى السعودية    المقالح يوجه دعوة لسلطة صنعاء لتفادي فضيحة الاعتقالات    المغرب يكسب زامبيا بثلاثية.. والكونغو تحتفظ بآمالها    ب 1.921 مليار.. ريال مدريد العلامة التجارية الأغلى    بسبب محتوى "مُخل بالآداب" على تيك توك.. حملة توقيفات في مصر    الإمارات تدعم شبوة بالكهرباء ومشاريع صحية وتنموية تخفف معاناة آلاف المواطنين    مدير أثار ذمار يفند مزاعم كشف أثري في وصاب    نتنياهو يصدم العرب بخطة إسرائيل الكبرى ما بعد تفكيك حماس    وزير الرياضة يطلق تطبيق «ثمانية» بحضور وزيري الإعلام والاتصالات    سلة آسيا.. لبنان تفرط في التأهل ونيوزيلندا تعبر    احتكار الأدوية في عدن والجنوب: إمتصاص لدماء وصحة الفقراء    تظاهرة شعبية غاضبة في الضالع    البيتكوين يواصل تحطيم الأرقام القياسية    الموعد والقنوات الناقلة لمباراة ليفربول وبورنموث في الدوري الإنجليزي    العثور على مدينة قبطية عمرها 1500 عام في موقع عين العرب    ندوة ثقافية بذكرى المولد النبوي في كلية العلوم الإدارية بجامعة ذمار    جرائم القتل في سجون الأمن السياسي بمأرب تظهر الوجه القبيح لإخوان الشيطان    الحكومة: مشاهد الحوثيين بكربلاء تكشف انسلاخهم عن اليمن وانغماسهم بالمشروع الإيراني    انتبهوا    حالة من الذعر تهز الأرجنتين بسبب "كارثة" طبية أدت لوفاة العشرات    وزير الكهرباء وأمين العاصمة يدشنان الإنارة الضوئية في ميدان السبعين    وزير الثقافة يطمئن على صحة الممثل المسرحي محمد معيض    تحضيرات مبكرة لاستقبال ذكرى المولد النبوي بامانة العاصمة    الهيئة الإدارية للجمعية الوطنية تشدد على مضاعفة الجهود الرقابية للحفاظ على استقرار أسعار الصرف    صنعاء .. مرضى السرطان يشكون من انعدام بعض الأصناف الدوائية    نيويورك حضرموت    اكتشاف حفرية لأصغر نملة مفترسة في كهرمان عمره 16 مليون سنة    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    فيديو وتعليق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أميركا «روزفلت» ترحل عن عالمنا
نشر في نشوان نيوز يوم 12 - 10 - 2013

تأملت خريطة العالم التفاعلية التي عرضها علينا باحث ياباني، وقد أخذت نقاط حمراء وزرقاء تضيء وتطفئ عليها، إنها تسجيل لتجوال سفن وبوارج البحرية الأميركية خلال العام الماضي حول العالم. تحليل الخريطة يشير إلى أنها تمضي أياماً في منطقة وتغيب عنها أياماً أخرى، ولكنها لا تغيب أبداً طوال العام عن خليجنا العربي وبحر العرب على خلاف أي منطقة أخرى في العالم.
يفسر الباحث الياباني ذلك بأنه التزام كامل من قبل الولايات المتحدة بأمن خطوط إمداد النفط للاقتصاد العالمي. إذاً فإن حليفتنا الاستراتيجية ملتزمة بأمننا، وها هي موجودة فعلياً في نحو 15 قاعدة عسكرية و7 قواعد بحرية في خليجنا وحوله، مع أساطيل لا تكاد تغيب عن بحارنا، فلا داعي للقلق من الباب الذي فتح بينها وبين غريمتنا إيران والذي نخشى أن يتطور إلى سلام فكلام فموعد فلقاء.
ليس تماماً. لنستمع مجدداً للباحث الياباني الذي جمعتني به الأسبوع الماضي جلسة بحث مغلقة عن أمن الخليج والدور الياباني (هذا إذا كان هناك دور ياباني)، إذ يقول: «نحن في اليابان نعتمد على نفط الخليج بنسبة 90 في المئة، بينما الولايات المتحدة تعتمد عليه بنسبة 18 في المئة فقط، وهي نسبة يتوقع لها أن تقل في الأعوام المقبلة، ولكنها هناك من أجلنا ومن أجل الصين وكوريا والهند واقتصاد العالم».
يعني ذلك أن الوجود الأميركي في المنطقة غير معني ب «أمننا» مثل التدخلات الإيرانية في البحرين واليمن والعراق وسورية ولبنان. لعل تفسير الباحث الياباني الجاف يشرح ما طرأ على الولايات المتحدة من تغيير في سياستها بعد تلك المكالمة السريعة بين الرئيسين الأميركي والإيراني، كموقفها المتخاذل من «قضيتنا» السورية، الذي تماهى مع الموقف الروسي فحصرته في مسألة نزع الأسلحة الكيماوية لنظام بشار الأسد، حتى قيل إن ذلك كان سبباً في انزعاج وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل فغادر نيويورك مغضباً ولم يلقِ كلمة المملكة كعادته في دورة الأمم المتحدة السنوية في أيلول (سبتمبر) الماضي، الشهر الذي سيدخل تاريخ العرب المعاصر كمفصل تاريخي، إذ شهد لحظات تاريخية ترقى إلى لحظات سايكس بيكو، ووعد بلفور، ومؤتمر يالطا، واجتماع «يو أس أس كوينسي» بين الملك عبدالعزيز والرئيس روزفلت، والإنزال الأميركي على ساحل بيروت عام 1958 إلى آخر هذه القائمة من الأحداث التي شكلت الشرق الأوسط الجديد. فجأة في أيلول 2013 يرفض البرلمان البريطاني اقتراحاً بالتدخل العسكري للمرة الأولى في الشرق الأوسط الذي صنعته بريطانيا، يعقب ذلك تراجع من الرئيس الأميركي عن التدخل في سورية بتحويل أمره إلى الكونغرس للتصويت، ثم يطلب منه عدم التصويت بعدما توصل إلى اتفاق مع الروس يغير دفة الأحداث في سورية من إنقاذ الشعب إلى نزع سلاح النظام الكيماوي الذي سيستغرق عاماً كاملاً، والتخلي عن فكرة التدخل العسكري إلى البحث عن حل سياسي.
أعود إلى خريطة الباحث الياباني، فتحليل انتشار السفن والبوارج الأميركية حول العالم يقول إن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تدخل حربين في وقت واحد. أضف إلى ذلك معلومة أخرى، أن تعداد البحرية الأميركية اليوم أقل من تعدادها خلال الحرب العالمية الثانية، إذاً فهو ليس فقط اختلاف بين رئيس جمهوري وآخر ديموقراطي، أو رئيس غير مثقف تحركه غريزته وآخر مثقف يفكر في عواقب كل فعل ويفضل دوماً التفاوض على الحرب، وإنما حصل تغير على الولايات المتحدة نفسها. لفتت انتباهي إشارة الرئيس أوباما إلى أن الشرق الأوسط يشهد «صراعات طائفية» باستمرار، فهل كان يقول لمواطنيه إن الأفضل أن نبتعد عن مشكلات هذا العالم القديم الذي يرفض الخروج من الماضي؟
لا يعني ذلك أن الولايات المتحدة باتت حمامة سلام. إنها لا تزال نشطة عسكرياً ولكن وفق أولوياتها، فخلال العام الماضي نجحت بالتعاون مع بحرية دول عدة من بينها الهند وإيران وعمان في خفض عمليات القرصنة من 40 في العام الواحد إلى 3 فقط، وحربها على القرصنة ليست لها علاقة بقيم أخلاقية وإنما مصالح تجارية، كما جاء قرارها الأخير بتجميد معظم المساعدات والمنح لمصر (حتى تعود للمسار الديموقراطي والحكم المدني)، واستثنت من ذلك ما هو موجه لمساعدتها في الحرب على الإرهاب وحملتها العسكرية في سيناء، ما يشير إلى أن «الحرب على الإرهاب» لها أولوية لا تتأثر حتى بالانقلابات العسكرية، وهو ما ستحافظ عليه في علاقتها مع بقية دول المنطقة.
وفق هذا المنطق، فإن احتمالات توصلها إلى توافق مع إيران واردة، فما هو أصل الخلاف بينهما؟ كان ثمة خلاف تاريخي احتاجته الثورة الإيرانية التي كانت بحاجة إلى عدو، فاستدعى الخميني «الشيطان الأكبر» وصنع منه كابوساً يهدد الثورة كي يشحن نفوس أنصاره من حوله وحول الثورة ويجمع صفهم ويوحد كلمتهم، من دون أن يمنع ذلك من لحظات تعاون خلال الحرب مع العراق ثم حرب الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق التي تعاونت إيران معها إلى آخر مدى، وبدأت تتكشف أسرار تلك المرحلة، أما الخلاف الحقيقي الذي جلب على إيران العقوبات القاسية فهو مشروعها النووي وتهديد إسرائيل.
وحيث إن الولايات المتحدة باتت غير متحمسة للتورط في قضايانا المزمنة أو الطائفية بحسب تعبير أوباما مثل الحرب السورية، فإنها مستعدة للتفاهم مع إيران لو قدمت تنازلات حقيقية «فقط» في مسألة النووي وإسرائيل، وترك «الصراعات الطائفية المزمنة» لنا نحلها منفردين. وأزعم أن اللحظة مواتية لذلك، فإيران لا تريد النووي إلا كرادع من هجوم أميركي أو إسرائيلي عليها، ولا بد من أنها ترى لحظات «الانسحاب» الأميركي من المنطقة مثلما نراها، ما يشجعها على إبداء مرونة أكثر، كما أنها بحاجة إلى الخروج من حالة العقوبات، التي باتت تهدد الاستقرار من داخلها، فالشعب الإيراني يريد حياة أفضل، وبات لدى إيران اقتصاد وصناعة مقتدرة وكفاءات عالية، ولكن حالة الانغلاق تحجّم تطورها وقدرتها التنافسية. لقد راقبت إيران التحول الذي حصل في تركيا خلال العقد الأخير، وتعتقد أنها تستطيع أن تفعل مثلهم، ولكن هذا يتطلب انفتاحاً حقيقياً على العالم من حولها وتحديداً مع الولايات المتحدة.
إنها لحظات تاريخية نعيشها وبداية تحولات هائلة، ليس بالضرورة أن تكون شراً مطلقاً ولا خيراً عميماً، وإنما تحتاج إلى رؤية استراتيجية أفضل واستعداد وتقديم أولويات المستقبل على أولويات الماضي.
- إعلامي وكاتب سعودي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.