وتستمر الفضايح.. 4 قيادات حوثية تجني شهريا 19 مليون دولار من مؤسسة الاتصالات!    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    الهلال يصعق الأهلى بريمونتادا مثيرة ويقترب من لقب الدورى السعودى    بأمر من رئيس مجلس القيادة الرئاسي ...الاعدام بحق قاتل في محافظة شبوة    قيادي حوثي يفتتح مشروعًا جديدًا في عمران: ذبح أغنام المواطنين!    "الغش في الامتحانات" أداة حوثية لتجنيد الطلاب في جبهات القتال    شاهد.. جثامين العمال اليمنيين الذين قتلوا بقصف على منشأة غازية بالعراق في طريقها إلى صنعاء    شاهد.. صور لعدد من أبناء قرية الدقاونة بمحافظة الحديدة بينهم أطفال وهم في سجون الحوثي    العثور على مؤذن الجامع الكبير مقتولا داخل غرفة مهجورة في حبيل الريدة بالحج (صور)    حقيقة فرض رسوم على القبور في صنعاء    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    كنوز اليمن تحت سطوة الحوثيين: تهريب الآثار وتجريف التاريخ    الرئيس الزُبيدي يطالب بخطط لتطوير قطاع الاتصالات    الذهب يصعد متأثراً بآمال خفض اسعار الفائدة الأميركية    فتيات مأرب تدرب نساء قياديات على مفاهيم السلام في مخيمات النزوح    السلطة المحلية تعرقل إجراءات المحاكمة.. جريمة اغتيال الشيخ "الباني".. عدالة منقوصة    أبطال أوروبا: باريس سان جيرمان يستضيف بوروسيا دورتموند والريال يواجه بايرن في إياب الدور قبل النهائي    البرلمان العربي يحذر من اجتياح رفح جنوب قطاع غزة    فارس الصلابة يترجل    صورة.. الهلال يسخر من أهلي جدة قبل الكلاسيكو السعودي    عودة نجم بايرن للتدريبات.. وحسم موقفه من صدام الريال    السياسي الوحيد الذي حزن لموته الجميع ولم يشمت بوفاته شامت    مبابي يوافق على تحدي يوسين بولت    التشكيل المتوقع لمعركة الهلال وأهلي جدة    مسيره لطلاب جامعات ومدارس تعز نصرة لغزة ودعما لطلاب الجامعات في العالم    ضجة بعد نشر فيديو لفنانة عربية شهيرة مع جنرال بارز في الجيش .. شاهد    تعاون حوثي مع فرع تنظيم القاعدة المخيف في تهديد جديد لليمن مميز    مليشيا الحوثي تقتحم قرية بالحديدة وتهجّر سكانها وتختطف آخرين وتعتدي على النساء والأطفال    رشاد العليمي وعصابته المتحكمة في نفط حضرموت تمنع تزويد كهرباء عدن    ضعوا القمامة أمام منازل المسئولين الكبار .. ولكم العبرة من وزير بريطاني    سلطات الشرعية التي لا ترد على اتهامات الفساد تفقد كل سند أخلاقي وقانوني    صنعاء.. اعتقال خبير في المواصفات والمقاييس بعد ساعات من متابعته بلاغ في هيئة مكافحة الفساد    القاعدي: مراكز الحوثي الصيفية "محاضن إرهاب" تحوّل الأطفال إلى أداة قتل وقنابل موقوتة    رغم تدخل الرياض وأبوظبي.. موقف صارم لمحافظ البنك المركزي في عدن    تغاريد حرة.. رشفة حرية تخثر الدم    ليلة دامية في رفح والاحتلال يبدأ ترحيل السكان تمهيدا لاجتياحها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    عقب تهديدات حوثية بضرب المنشآت.. خروج محطة مارب الغازية عن الخدمة ومصادر تكشف السبب    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    البدعة و الترفيه    هل يستطيع وزير المالية اصدار كشف بمرتبات رئيس الوزراء وكبار المسئولين    رباعية هالاند تحسم لقب هداف الدوري.. وتسكت المنتقدين    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    فاجعةٌ تهزّ زنجبار: قتيلٌ مجهول يُثيرُ الرعبَ في قلوبِ الأهالي(صورة)    استهداف السامعي محاولة لتعطيل الاداء الرقابي على السلطة التنفيذية    الليغا: اشبيلية يزيد متاعب غرناطة والميريا يفاجىء فاليكانو    وفاة مريض بسبب نقص الاكسجين في لحج ...اليك الحقيقة    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    أمريكا تغدر بالامارات بعدم الرد أو الشجب على هجمات الحوثي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تحول ميناء ميدي اليمني وميناء عصب الإرتيري إلى معسكر للحوثيين
نشر في الأضواء يوم 10 - 03 - 2011

ركز الرئيس في مقابلته مع قناة «إم بي سي» بأن الحوثيين يتمددون باتجاه «ميناء ميدي» للحصول على منفذ بحري باعتبارها استراتيجية واضحة في الحرب السادسة.وبالعودة إلى الوراء بضعة أشهر، فقد نشر الصحفي «أوليفييه روجيز» من راديو «فرانس إنترناشيونال الفرنسية» 7 مايو عن نزول وحدات من الحرس الثوري الإيراني «باسداران» بإرتيريا في ديسمبر 2008م. نجيب اليافعي -" الأهالي"وتقول مصادر غربية إن سفنا حربية وغواصة رست في ميناء عصب الإرتري، وهو موقع استراتيجي يطل على البحر الأحمر على بعد كيلو مترات قليلة من باب المندب ومدخل خليج عدن، وينقل عبره ربع نفط العالم، و10% من التجارة البحرية العالمية، وعلى هذا «لم يختر الإيرانيون ميناء عصب عبثاً». ويضيف روجيز «إذا انفجر الخلاف مع الغرب على المسألة النووية وسع طهران شن جهاد بحري، والسيطرة على الممرات تتصدر أولويات النظام الإيراني»، ويضيف: «الإيرانيون من ناحيتهم يريدون توسيع سياسة ردعهم الشامل». ونعود -مجدداً- لحديثنا عن «ميناء ميدي» الذي بدأ يظهر إلى السطح منذ فجر 24 أغسطس عندما هزت ثلاثة انفجارات في ثلاثة قوارب للصيد تعرض اثنان منهما لأضرار جسيمة فيما تعرض القارب الثالث للتدمير بالكامل، وكان اللافت حديث مصدر محلي ل»نيوز يمن» أن الأجهزة الأمنية عثرت على أجزاء من قنابل موقوتة بمكان الحادث. لكن القصة لم تنته بعد، إذا أن الأحداث توالت بعدها لتكشف عن سيناريو تدور أحداثه على اليمن، لكنها مرتبطة بقوى إقليمية ودولية يبدو أنها قررت نقل الصراع هذه المرة إلى سواحل البحر الأحمر. فقد غادرت البارجة الثالثة التابعة لسلاح البحر الإيراني ميناء بندر عباس إلى خليج عدن 31 أغسطس، وحينها كانت الحرب قد بدأت بين الحوثيين والحكومة، وقتها قال قائد سلاح البحر التابع للجيش الأدميرال حبيب الله سياري في رسالة مقتضبة وجهها لطاقم البارجة المرسلة إلى خليج عدن «إن أداء المهام في خليج عدن يصب أيضاً في حفظ مصالح البلاد»، وأضاف: «إن هذه المهمة الخطيرة هي الثالثة لكم، والتي تنفذ في المياه الدولية، وإن الشعب الإيراني سيثمن جهودكم».وأعلن قائد المنطقة البحرية الأولى للجيش الأدميرال «فريبرز قادر بناه» أن «مهام هذه البارجة التي تستغرق شهرين، تتمثل في حفظ مصالح الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المياه الدولية»، مشيراً إلى إرسال بارجتين لمنطقة خليج عدن ومياه الصومال سابقاً «نظراً لتدهور الأوضاع الأمنية وسيطرة القراصنة على المنطقة». وبعدها كشفت مصادر دبلوماسية ل»قناة العربية» 13 سبتمبر أن إيران تمتلك مركزاً للتموين في ميناء عصب الإريتري لمساندة أسطولها الذي يشارك القوات الدولية بخليج عدن. وأكدت المصادر أن إيران تتمتع بتسهيلات في ميناء «عصب الإريتري» والمطل على مضيق باب المندب، حيث أقامت مركزاً للتموين مقابل إعادة تأهيل بعض المصافي النفطية لإرتريا وفق مصادر دبلوماسية بأثيوبيا.وأشارت «العربية» أن إيران «اتجهت إلى إرتريا بعد أن أخفقت في محاولة للحصول على تسهيلات في اليمن». وبعدها نشرت «قناة العالم» 13 أكتوبر أن مصادر يمنية أكدت أن السلطات السعودية أقامت في منطقة الربع الخالي معسكراً يمد الانفصاليين الجنوبيين في اليمن بالسلاح والتدريبات العسكرية اللازمة، وذكرت مصادرها أن الأمير متعب نجل الملك السعودي يشرف شخصياً على هذه العملية انطلاقا من مصلحة سعودية تصب في تجزئة اليمن، وقبلها ذكرت أن أربعة آلاف مسلح يتدربون في تلك المنطقة. لنعود مجدداً إلى «ميناء ميدي» عندما كشفت مصادر يمنية ل»الشرق الأوسط» 17 أكتوبر عن تزويد إيران للحوثيين بأسلحة متطورة قبل نشوب الحرب السادسة بصعدة في 11 أغسطس من العام الجاري، والتي وقعت بعدها حادثة انفجار الثلاثة القوارب في 24 بميدي على ساحل البحر الأحمر. ونقلت مصادر الصحيفة أن إيران زودت المتمردين بصواريخ متطورة مضادة للدروع، تم نقلها عبر البحر الأحمر من ميناء إفريقي على سفينة إيرانية رست قبالة سواحل اليمن الواقعة على المنطقة البحرية للميناء في ميدي، حيث أفرغت حمولتها بنقلها على قوارب صغيرة وخزنت في مزارع وأماكن قريبة من الميناء. وبعدها قام الحوثيون بنقلها إلى مناطق متعددة بصعدة وحرف سفيان بعد المرور بمحافظتي حجة والحديدة، وتزداد غموض الحكاية مع حديث المصادر عن تورط مسئولين رتبوا لدخول السفينة الإيرانية، وقيام السلطات الأمنية بالتحقيق مع اثنين من مجموعة ضبطوا على ذمة القضية، ولم تفصح الحكومة عن أية نتائج حتى الآن. لكن المصادر ذاتها أكدت أن تفجير القاربين بميناء ميدي حدث عندما اشتبكت القوات البحرية اليمنية مع الأشخاص الذين كانوا يحاولون تهريب تلك الأسلحة. مخاوف السعودية من هذه القصة أخذت مداها، إذ نقلت رويترز 20 أكتوبر أن السعودية تنوي بناء سور حدودي مع اليمن سيكلفها مليارات الدولارات للحد من عمليات التهريب والتسلل، وللتقليل من المخاوف التي زادت في الآونة الأخيرة. وتتطور الحكاية باستمرار، إذ كشف السيد بشير إسحاق مسئول العلاقات الخارجية بالتحالف الإريتري المعارض عشية زيارته لمدينة «ملبورن الأسترالية» 23 أكتوبر عن «وجود معسكر تدريب لعناصر من أنصار الحوثي بدعم وإشراف إيراني، في منطقة -دنقللو- شرق مدينة قندع وسط أرتريا». وحذر إسحاق في حديثه ل»المركز الإرتري للخدمات الإعلامية» من «الأبعاد الخطرة التي بدأ يأخذها التعاون الإيراني الإرتري، وما قد يشكله من تهديد لأمن المنطقة ودولها بصفة عامة»، وقال «إن لإيران أهداف ومصالح معروفة تسعى لتحقيقها ضمن استراتيجية ترمي لتوسيع نفوذها في منطقة البحر الأحمر». وأشار إلى وجود مصنع للمراكب أنشئ في ميناء عصب برأس مال إيراني، ووجود حركة تشيع نشطة في منطقة «عصب وموصع» والقرى المجاورة لها. وكانت معلومات ترددت عن تقديم إيران طلب للحكومة اليمنية بتفعيل ميناء ميدي على شكل استثمارات إيرانية، لكن الحكومة رفضت هذا الطلب، وتداولت الصحافة معلومات عن قيام شخصيات مقربة من النظام وعلى صلة بالحوثيين بشراء أراض شاسعة في ميدي لصالح الحوثيين.ويبدو أن التسابق الدولي أصبح محموماً على المناطق المطلة على باب المندب كأهم ممر دولي لمرور النفط والتجارة الدولية، وشكلت القرصنة بوابة لوصول مختلف القوى الدولية إلى خليج عدن بأسأطيلها العسكرية ومن بينها إيران وروسيا وأمريكا. ومع زيارة وزير خارجية فرنسا السيد برنار كوشنير في زيارته الرسمية لليمن 21 فبراير 2009م، قال مصدر دبلوماسي فرنسي للوكالة الفرنسية «إن تعزيز التعاون بين فرنسا واليمن في مكافحة القرصنة البحرية يمكن أن يترجم إلى بناء ميناء في جزر بريم -ميون- اليمنية». وقد التفتت السعودية مبكراً إلى خطورة الجزر اليمنية والمناطق المطلة على البحر الأحمر ووجهت مستثمرين سعوديين من أصل حضرمي للمشارك في تنفيذ أضخم استثمارات عقارية وسياحية في الجزر اليمنية تبلغ خمسة مليار دولار وخاص في جزر أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي وجزيرة كمران وأحد الجزر التابعة لمدينة ميدي في البحر الأحمر.على أن الالتفات المصري والسعودي لتواجد إيران في سواحل البحر الأحمر قد بدأ في تسليط الأضواء عليها، فقد عقد مؤتمر «التحركات الإيرانية في شرق إفريقيا والقرن الإفريقي» 21 أكتوبر 2009م بمقر المركز الدولي للدراسات السياسية والمستقبلية بالقاهرة أكدت توصياته أن توسيع مناطق نفوذ إيران في البحر الأحمر سيؤثر على مصر والسعودية واليمن ودول الخليج. وقال اللواء أحمد فخر رئيس المركز: «إن التحركات الإيرانية تفرض تحديات على مصر وعلى دول المنطقة» وأن «ما يحدث في شرق إفريقيا والقرن الإفريقي باعتبارها دول مطلة على البحر الأحمر ودوله ذات مصالح مائية مع دول منابع النيل، بالإضافة إلى ما تتم إثارته من إضطرابات وقلاقل تهدد استقرار دول ذات علامة أمنية مشتركة مثل الصومال واليمن والسودان». فيما قال د. عادل سليمان المدير التنفيذي للمركز «يتزايد الحضور الإيراني في المنطقة، وتتمتع بتسهيلات هامة في ميناء عصب المطل على باب المندب مع زيادة التعاون مع إرتريا، بالإضافة إلى التعاون العسكري بين طهران والخرطوم، وإقامة علاقات مع بعض الأطراف المتحاربة في الصومال، ثم أخيراً دعم الحوثيين في منطقة صعدة وشمال اليمن». وأهم من ذلك، حديث محمد عباس ناجي -باحث متخصص فى الشؤون الايرانية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام- أن «إيران تسعى إلى فتح ممرات بحرية وبرية تسهل الوصول إلى مناطق الأزمات في منطقة الشرق الأوسط، لاسيما منطقة الصراع العربي- الإسرائيلي، من خلال تأمين وجود إيراني بالقرب من الممرات البحرية، خصوصا البحر الأحمر وباب المندب، وهو ما يوفر ورقة تستطيع إيران استخدامها للتعامل مع السيناريوهات المحتملة لأزمة ملفها النووي، وعلى رأسها احتمال تعرضها لضربة عسكرية سواء من جانب إسرائيل أو الولايات المتحدة، أو الاثنتين معا».ووفقاً للباحث ناجي، فإن دور التمدد الإيراني تقوم به مؤسسات ما يسمى «البنياد» وهي مؤسسات خبيرة تعمل بمعزل عن سيطرة الحكومة، وتمثل كيانات اقتصادية عملاقة تناطح إمكانيات الدولة نفسها وهي معفاة من الضرائب وتتبع المرشد الأعلى مباشرة، وأهمها مؤسسة «المستضعفين، الشهيد، الإمام الرضا، الخامس عشر من خرداد» وغيرها. ولوجود علاقات استراتيجية بين إسرائيل وإرتريا مكنت الأولى من إقامة أنشطة استخباراتية واسعة ضمن تواجدها الاقتصادي بأرتريا والدعم اللوجيستي العسكري الذي قدمته منذ عقود كان من بينها دعمها عسكريا في غزو جزيرة حنيش عام 96م. وفي هذا السياق كشفت صحيفة معاريف الإسرائيلية في تقرير أعده «نداف زائيفي» مراسلها للشئون الأمنية نهاية سبتمبر الماضي حسب معلومات نقلتها عناصر في المعارضة الإرترية ومصادر دبلوماسية تعمل في مجال منظمات الإغاثة داخل إرتريا أن إيران دشنت قاعدة عسكرية قبالة ميناء عصب والتي تقع في منطقة معزولة داخل الصحراء الإرترية بالقرب من الحدود مع جيبوتي والقريبة من مضيق باب المندب عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، إحدى الطرق التجارية التي يمر من خلالها نحو 40% من الصادرات النفطية. ومع نهاية 2006م توجه الرئيس الإرتري أسياسي أفورقي لإيران وطلب من طهران الارتباط بعلاقات دبلوماسية وتجارية، وخلال 2008م والتقى خلالها بالرئيس نجاد وتم التوقيع على اتفاقية في سبتمبر 2008م تقضي بمنح إيران الحق الحصري بالإشراف على تطوير وصيانة وعمل شركة تكرير النفط الإرترية المعروفة باسم مصفاة عصب، وتركزت الاتفاقية مبدئيا على قيام الإيرانيين بتكرير النفط في المصفاة وإعادة استيراده لإيران. إعادة بناء معمل تكرير النفط كانت روسيا أقامته في المنطقة الواقعة بالقرب من ميناء عصب، وقد منح الاتفاق طهران القدرة على السيطرة التامة على معمل التكرير الإرتري. وبات واضحاً وجود معالم مخطط إيراني يسعى لنقل الحرب من مضيق هرمز والخليج العربي إلى خليج عدن وباب المندب بين إرتريا واليمن الذي يعتبر أضيق ممر في خليج عدن ويصل بين قناة السويس والبحر الأحمر والمحيط الهندي. وتشير المعلومات السابقة إلى أن اتفاقية «ليفني، رايس» التي تم إبرامها قبل ستة أيام من انتهاء ولاية بوش، بدأت في سريانها من خلال استراتيجية جديدة يتم رسمها في البحر الأحمر والمحيط الهندي حيث الصراع الدولي القادم. وكان المحلل السياسي في شئون القرن الأفريقي عبده محمد سالم توقع في حديثه ل»الأهالي» 13 أبريل من العام الحالي وجود استراتيجية جديدة ترتكز على منهجية تجزئة الأمن الاستراتيجي لمنطقة البحر الأحمر. وبموجب هذه التجزئة للأمن الاستراتيجي توقع سالم أن تحتفظ بريطانيا بخليج عدن لنفسها إضافة إلى ميناء «زيلع» في الصومال، والسواحل الصومالية المقابلة لأراضي «النبط والهرجس» في شمال شرق الصومال، وشمال غربه. فيما ستظل جزيرة ميون منطقة تنافس بين البريطانيين والفرنسيين.. وكون الحكومة اليمنية قد سلمت مطار ميون للفرنسيين كمنطقة نفوذ، يقول سالم «أتوقع أن تسيطر القوات البريطانية على جبل الشيخ سعيد مقابل التسليم لسيطرة فرنسية على جزيرة ميون كمنطقة نفوذ خالصة لفرنسا إلى جانب نفوذها الحالي على منطقة «خليج تاجورة». في حين سيبقى الساحل الشرقي للصومال حيثما يقبع الرهينة الأمريكي حالياً منطقة نفوذ لأمريكا وإيطاليا، وربما والكلام ل»سالم» امتد
هذا النفوذ إلى سواحل «مومباسا» على أن يبقى الساحل الإريتيري و»أرخبيل دهلك» منطقة نفوذ خاصة بإسرائيل، وقد يمتد إلى خليج العقبة وخلجان «السويس» وجزيرة «أم الرشراش». وبالعودة إلى التفكير الاستباقي لإيران في البحر الأحمر وخليج عدن، نعود قليلاً إلى تصريح محمود حسن علي زاده سفير إيران بصنعاء ل»السياسية» 7 مايو 2009م فإن قراءة الأحداث تقول إن إيران تنطلق من التاريخ ومعرفة الجغرافيا وفقاً لمصالحها الأمنية والاقتصادية، وليس وفقاً لرؤية قاصرة لما يدور من أحداث في صعدة مثلاً واعتبار الدعم الإيراني مذهبياً، فهي قراءة خاطئة، والقضية بالنسبة لإيران مصيرية. يقول زاده: «نظراً للعلاقات القديمة تربط إيران باليمن، والقواسم المشتركة التي تربطهما من الناحية الثقافية والسياسية، فإن علاقة الأواصر بين البلدين هي أكثر من جيدة، ولهذا عندنا علاقات تاريخية من قديم الأيام، حتى أن قسما منها يعود إلى قبل الإسلام، والقسم الآخر بعد الإسلام». ويشير زاده إلى قيامه بلقاءات إيجابية وطيبة مع وزير التجارة، ورئيس الغرفة التجارية، وتقديمه اقتراحاً لقيام تبادل تجاري وصناعي بين البلدين، مشيراً إلى أنه توجد حوالي 70 وثيقة تعاون بين إيران واليمن، بالإضافة إلى وجود اتفاقية أمنية، على أن يقوم وزير التجارة بزيارة إلى إيران.وفي دراسته «لماذا يتوسط الصدريون بين الحوثيين وصنعاء» المنشورة في الجزيرة نت 19 أكتوبر 2009م، اعتبر فاضل الربيعي أن العراق عندما يصبح طرفاً في أزمة عربية داخلية سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فذلك يعني أن هذه الأزمة ليست ولم تعد «أزمة محلية»، وأن لها أبعاداً إقليمية وربما دولية، تتخطى كل تصورات وحسابات الأطراف المحلية المنغمسة فيها، بحيث أن تشابك المصالح الإقليمية والدولية هو الذي يجعل من حرب صعدة، وكل «صعدة عربية» أخرى، حدثاً يتجاوز الإطار المحلي الذي يدور فيه.على أن تلازم حرب صعدة مع تطور مطالب قوى «الحراك الجنوبي» واتجاه اليمن نحو التفكك جعل من طهران تراقب بدقة هذه المسار لكونه يتحكم في سياستها المتبعة حيال مسألة صعدة، وليس أي اعتبار مذهبي أو «طائفي» آخر سواء كان يخص «الزيديين» الشيعة أم مسألة التنافس والصراع مع «الوهابية» السعودية، بحيث أن تفكك اليمن يعني لطهران تغيراً دراماتيكياً هائلا في معادلة القوى المطلة على ساحل البحر الأحمر. يقول الربيعي: «بخلاف ما يشاع اليوم في بعض وسائل الإعلام والتحليلات غير الرصينة؛ فإن طهران ترسم إستراتيجيتها الدفاعية عن نفوذها ومكانتها في ساحل البحر الأحمر مستندة إلى معطيات تاريخية ثابتة، أي أنها لا تنتهج حيال مسألة صعدة سياسة راهنة ومرتجلة أو ذات دوافع صغيرة، أملتها ظروف «اضطهاد الشيعة الزيدية» أو ظروف التجاذب مع «السنة الوهابيين»؛ بل تعتمد استراتيجية الدفاع عن الكيان التاريخي الإيراني في كل جزء من المنطقة، يمكن أن يمس هذا الكيان بالضرر». وباتت دوافع طهران للتدخل في حرب صعدة هي نفسها دوافعها للتدخل من قبل في حرب البصرة، إذ أن حساسية طهران حيال إمكانية أن يؤدي تفكك اليمن إلى سقوط «سواحل البحر الأحمر» في قبضة قوى معادية لها، أكبر بكثير من أي دوافع «مذهبية». وبالعودة إلى تاريخ الصراع على سواحل البحر الأحمر وشواطئ الخليج العربي بين الفرس والرومان ثم بينهم وبين البيزنطيين ورثة روما، تؤكد أن التدخل الإيراني في شئون اليمن يرتبط بصراع قديم ومتواصل بين فارس وروما، ثم بين فارس وبينزنطة «اليوم بين فارس وأمريكا» هدفه منع الرومان القدامى والجدد من بسط نفوذهم كلياً على سواحل البحر الأحمر، التي من سيطر على مداخله يضمن لنفسه السيطرة على طرق التجارة الدولية. وتشعر فارس أنها عرضة لأخطار خارجية تهدد بحرمانها من نفوذها في سواحل البحر الأحمر، وأنها قد لا تتمكن من التنفس بصورة طبيعية إذا ما تمكن الرومان «القدامى والجدد» من وضع أيديهم عليه، وهو ما يفسر السبب الحقيقي الذي تحكم في موقف فارس من ثورة الملك اليمني سيف بن ذيزن ضد الأحباش وكلاء روما عام 575م. إذ قدمت فارس لثورة ذيزن كل الدعم العسكري المباشر من أجل طرد الحبشة وحرمان البيزنطيين من السيطرة على اليمن، فيما لعبت مملكة الحيرة في العراق دوراً دبلوماسياً عندما قام النعمان بن المنذر باصطحاب ذي يزن إلى البلاط الفارسي طلباً للدعم العسكري ونصرة الثورة اليمنية. يضيف الربيعي: «كان اليمن، بالنسبة لفارس كما هو العراق اليوم بالنسبة لإيران المعاصرة، ومن منظور استراتيجي يتخطى ويتجاوز البعد الديني أو المذهبي، هو النقطة القاتلة التي إذا ما تمكن «العدو» من الوثوب إليها، وفرض فيها سيطرته المطلقة؛ فإن خطر موت فارس ككيان يصبح محتوما، وحرب صعدة الداخلية، هي في السياق ذاته، حرب وجود وبقاء بالنسبة لإيران، أي أن تدخلها يتخطى كليا مسألة المذهب والبعد الطائفي.من جانب آخر أدركت طهران قبل نحو عامين أن حرب الأمريكيين ضد الصدريين في معقلهم بالبصرة -أكبر الموانئ البحرية جنوب العراق- أنها حرب مصغرة من أجل وضع اليد تدريجياً على الموانئ البحرية في المنطقة، ولذلك رسمت طهران استراتيجيتها للدفاع عن سواحل البحر الأحمر وأقصى الجنوب العراقي على أساس وجود ترابط في مصادر التحديات والأخطار التي تواجهها. ولذلك، فإن السيطرة على «البصرة» وتطهيرها من الجماعات المسلحة الموالية لإيران يتكامل مع هدف تطهير صعدة من الجماعات المسلحة نفسها الموالية لإيران، ورغم أن صعدة ليست ميناء بحرياً، لكنها تقع في قلب منطقة الاقتراب من تخوم إيران البحرية. ومع إدراك طهران بتحول دولي جديد تقوده أمريكا للسيطرة على «باب المندب» و»مضيق هرمز» للإمساك بها من العنق و»خنقها»، فإن هذا الوضع يملي على طهران التدخل في شئون اليمن، حتى بات التدخل في صعدة «حاجة ومتطلباً أمنياً استراتيجياً بأكثر مما هو متطلب مذهبي أو طائفي عارض». ويختم الربيعي بتأكيده أن «التماثل بين تحول التيار الصدري إلى جماعة ثقافية وإعلان الحوثيين عن استعدادهم للتحول هم أيضا إلى جماعة ثقافية والتخلي عن السلاح، يكشف في أحد أوجهه عن التكتيك الذي تتبعه طهران، كما يكشف عن الترابط المذهل في استراتيجيتها الدفاعية وبحيث تصبح البصرة وصعدة وكل شواطئ الخليج الشرقية وصولا إلى الساحل الجنوبي الغربي للبحر الأحمر مسرحا لمعركة واحدة، يتقرر فيها لا مستقبل العراق واليمن وإنما مستقبل إيران نفسها

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.