راشفورد يجرّ نيوكاسل للهزيمة    تعز.. إصابة طالب جامعي في حادثة اغتيال مدير صندوق النظافة    تجربة الإصلاح في شبوة    صندوق النظافة بتعز يعلن الاضراب الشامل حتى ضبط قتلة المشهري    حين تُغتال النظافة في مدينة الثقافة: افتهان المشهري شهيدة الواجب والكرامة    مسيّرة تصيب فندقا في فلسطين المحتلة والجيش الاسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ ومسيّرة ثانية    مسيّرة تصيب فندقا في فلسطين المحتلة والجيش الاسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ ومسيّرة ثانية    وعن مشاكل المفصعين في تعز    الصمت شراكة في إثم الدم    الفرار من الحرية الى الحرية    ثورة 26 سبتمبر: ملاذٌ للهوية وهُويةٌ للملاذ..!!    عاجل: بيان مجلس القيادة الرئاسي – 18 سبتمبر 2025م    القوات المسلحة: ضرب أهداف حساسة في (يافا وأم الرشراش وبئر السبع)    اللجنة الوطنية للمرأة والأمن والسلام تدين جريمة اغتيال القيادية افتهان المشهري وتطالب بالعدالة الفورية    وقفة احتجاجية في المعهد العالي بالجوف تنديدا بجرائم العدو الصهيوني    إشهار جائزة التميز التجاري والصناعي بصنعاء    الهيئة العامة للآثار تنشر القائمة (28) بالآثار اليمنية المنهوبة    انخفاض صادرات سويسرا إلى أميركا بأكثر من الخُمس بسبب الرسوم    مجلس القضاء الأعلى ينعي القاضي عبدالله الهادي    السيد القائد يوجه تحذير شديد للسعودية : لا تورطوا أنفسكم لحماية سفن العدو    البنك المركزي يوجه بتجميد حسابات منظمات المجتمع المدني وإيقاف فتح حسابات جديدة    الأرصاد: حالة عدم استقرار الأجواء ما تزال مستمرة وتوقعات بأمطار رعدية على أغلب المحافظات    المحرّمي يعزِّي في وفاة المناضل والقيادي في المقاومة الجنوبية أديب العيسي    استمرار نزوح الفلسطينيين هربا من القصف الإسرائيلي المتواصل على مدينة غزه    الوفد الحكومي برئاسة لملس يطلع على تجربة المدرسة الحزبية لبلدية شنغهاي الصينية    بتمويل إماراتي.. افتتاح مدرسة الحنك للبنات بمديرية نصاب    نائب وزير الإعلام يطّلع على أنشطة مكتبي السياحة والثقافة بالعاصمة عدن    تغييرات مفاجئة في تصنيف فيفا 2025    أمنية تعز تحدد هوية المتورطين باغتيال المشهري وتقر إجراءات صارمة لملاحقتهم    تعز.. احتجاجات لعمال النظافة للمطالبة بسرعة ضبط قاتل مديرة الصندوق    برغبة أمريكية.. الجولاني يتعاهد أمنيا مع اسرائيل    موت يا حمار    أمين عام الإصلاح يعزي الشيخ العيسي بوفاة نجل شقيقه ويشيد بدور الراحل في المقاومة    يامال يغيب اليوم أمام نيوكاسل    مفاجأة طوكيو.. نادر يخطف ذهبية 1500 متر    النصر يكرر التفوق ويكتسح استقلول بخماسية أنجيلو    نتائج مباريات الأربعاء في أبطال أوروبا    دوري أبطال آسيا الثاني: النصر يدك شباك استقلال الطاجيكي بخماسية    رئيس هيئة النقل البري يعزي الزميل محمد أديب العيسي بوفاة والده    مواجهات مثيرة في نصف نهائي بطولة "بيسان الكروية 2025"    حكومة صنعاء تعمم بشأن حالات التعاقد في الوظائف الدائمة    الامم المتحدة: تضرر آلاف اليمنيين جراء الفيضانات منذ أغسطس الماضي    استنفاد الخطاب وتكرار المطالب    مجلس وزارة الثقافة والسياحة يناقش عمل الوزارة للمرحلة المقبلة    التضخم في بريطانيا يسجل 3.8% في أغسطس الماضي    غياب الرقابة على أسواق شبوة.. ونوم مكتب الصناعة والتجارة في العسل    لملس يزور ميناء يانغشان في شنغهاي.. أول ميناء رقمي في العالم    وادي الملوك وصخرة السلاطين نواتي يافع    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    رئيس هيئة المدن التاريخية يطلع على الأضرار في المتحف الوطني    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    100 دجاجة لن تأكل بسه: قمة الدوحة بين الأمل بالنجاة أو فريسة لإسرائيل    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    إغلاق صيدليات مخالفة بالمنصورة ونقل باعة القات بالمعلا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقافة اليمنية.. هوامش فردية في مواجهة الموت
نشر في نشوان نيوز يوم 21 - 01 - 2017

منذ وقت طويل، ظلّ الاهتمام بالثقافة من قبل الجهات الرسمية في اليمن يحمل طابعاً ديكورياً هامشياً، وحتى إنشاء وزارة الثقافة جاء من باب تحصيل الحاصل، ولم ينهض هذا المرفق، ولا الهيئات التابعة له ك "الهيئة العامة للكتاب"، و"صندوق التراث"، و"بيت الثقافة" بأيّة أعمال من شأنها التأسيس لفعل ثقافي حقيقي. لقد اكتفت هذه الهيئات في أكثر حالاتها بالقيام بمهامّ الاحتفال بالأعياد الوطنية، ومؤخراً تم إسناد وظائف أخرى لوظيفتها، مثل الاحتفال بالمولد النبوي، في ظلّ حرب شاملة قادتها السلطة السياسية على الثقافة والمثقّف على حدّ سواء، وصولاً إلى غرق البلاد في حرب حقيقية منذ سنوات تكاد تخفي معالم الثقافة في بلد دُمر جزء كبير من آثاره التي تعبّر عن أقدم الحضارات العربية.
تؤكد نجاح الشامي، رئيسة "نادي القصة" في تعز، أن "هناك صراعاً مستمراً بين الثقافي والسياسي في اليمن، مع أنّ الأصل أن تكون العلاقة تكاملية، باعتبار أن السياسي لا بدّ أن يكون مثقفاً والمثقف لا بد أن يكون سياسياً". تضيف "مهمّة المثقّف في المجتمعات مهمّة أكبر وأصعب من مهمّة السياسي، لأنها تدعو إلى إحداث التغيير والرقي بالمجتمع، ولهذا وجد السياسي في هذه الدعوة ما يهدّد سلطاته، ما جعل الأنظمة الاستبدادية الأبوية تعمل على محاربة الثقافة والمثقّفين بكل الوسائل، بينما قامت العادات والتقاليد، وخصوصاً في الشمال اليمني، بدعم جهود السياسي في هذا الجانب من خلال النظرة المحفوفة بثقافة العيب تجاه السينما والمسرح والكلمة بشكل عام، ما أدّى إلى تسهيل الحرب التي أعلنها النظام السياسي على الثقافة".
بعد تمادي السلطات السياسية في قمعها للمثقّفين والثقافة، جاءت ثورة شباط/فبراير، الشبابية الشعبية، لتمثّل متنفساً للمثقّف اليمني وتعطيه الأمل باتّساع سقف الحريات وتمكين العمل الإبداعي، وظهر هذا التأثير جلياً لدى المثقّفين الشباب الذين مثّل الفعل الثوري مصدر إلهام لهم للنهوض بالحراك الثقافي توازياً مع الفعل الثوري الهادف لإحداث التغيير، وبالفعل فقد شهد الحراك الثقافي نشاطات وحراكات متسارعة من خلال إنتاج الأعمال الأدبية، كما أن المسرح بدأ بالنهوض من جديد بما يوحي بمرحلة جديدة متحرّرة من قيود الماضي.
غير أن الانقلاب الذي قاده تحالف الحوثي وصالح ضدّ السلطة التي قامت بعد 2011، أوقف عجلة التغيير الثقافي في اليمن ليصل الواقع الثقافي إلى ما يشبه مرحلة الموت السريري بعد قيام الانقلابيين بإغلاق صحف ومجلات ومواقع إلكترونية ودور نشر ومكاتب قنوات إعلامية، واعتقال عدد من الصحافيين والمثقّفين، ومحاربة المثقّف الذي لا يوالي جماعة الانقلاب بكل الوسائل، ليكتمل هكذا المسلسل مع اشتعال الحرب التي تشهدها البلاد، حيث توقّف تماماً وصول الكتب والمجلات والدوريات العربية إلى اليمن، ما تسبّب بعزلة ثقافية شبه تامّة.
ويقول الشاعر فخر العزب "إن الانقلاب يمثّل بحدّ ذاته حالة عداء للثقافة والمثقّف الذي يؤمن بالطرق السلمية للتغيير"، ويعتبر أن "الكلمة، لا البندقية، من أقدس وسائل التغيير"، مضيفاً أن "الانقلابات لا تؤمن بثقافة التعايش والمساواة، وإنما تأتي لتنتصر لعصبية جاهلية مقيتة..
وهذا للأسف جعل بعض المحسوبين على الوسط الثقافي يسقطون في وحل مديح الجماعة الانقلابية التي حاربت بمختلف وسائل القمع كل ما له علاقة بالثقافة، ليجد المثقّف نفسه أمام تحدّيات جديدة، في مقدّمتها الحرب التي أحرقت الأخضر واليابس، ويجد نفسه مرغماً على رفض الحرب بالكلمة المتاحة التي تأتي على هيئة قصيدة شعر أو قصة أو رواية وغير ذلك".
لا خيار أمام المثقّف حين تنعدم الخيارات إلّا سلاح الثقافة في مواجهة الحرب، فحين غابت الفعاليات الثقافية لم يتردّد في إقامة أنشطة مرتجلة في المقهى وساحة الجامعة وعلى رصيف الشارع، وحين لم يجد صحيفة أو مجلة ينشر فيها إبداعاته، لجأ إلى مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة حيث المتنفّس البديل الذي يبوح من خلاله بالكلمة والموقف.
وحين لم يجد كتاباً جديداً أو صحيفة يقرأها، لجأ إلى الكتاب الإلكتروني كبديل متاح، وحين لم يجد دور نشر في بلده، لجأ إلى دور النشر العربية فتواصلت مسيرة الإصدارات اليمنية، رغم أنها في الغالب أعمال تأثّرت بشكل أو بآخر بالحرب التي حضرتْ فيها من خلال القضايا التي يعالجها الكتاب.
من جهة أخرى، وجد الشاعر والفنان التشكيلي ريان الشيباني في الحرب فرصة لاقتحام عالم الرواية، وأصدر أولى رواياته "نزهة الكلب"، عن "دار أروقة للنشر"، وحول تقييمه لدور المثقّف في زمن الحرب، يقول ل"العربي الجديد"، إنه يعتقد أن "هناك مسؤولية أخلاقية تقع على المثقّفين اليمنيين".
ويتابع "وبما أن الكتابة في معظمها نشاط فردي، فقد تكون الحرب شكّلت فرصة للكثير من الشباب للانعتاق من بوتقة الأعمال العضلية، والاتجاه لممارسة أنشطة إنسانية كانت في صميم اهتماماتهم، ولم يجدوا الأوقات المناسبة لممارستها، وفي زمن الحرب كان الامتلاء في كل شيء، بما فيها المآسي، ولذا ظللت أردّد: هناك دائماً فرصة، حتى في الحرب".
يؤكد الشيباني أن "الواقع الثقافي اليمني يعيش على الهامش، رغم أن هناك تاريخاً غنياً، وموروثاً زاخراً، لكن لم يتم إرساء تقاليد وتراكم يمكن البناء على أساسه، وكل المحاولات التي تقوم هي محاولات فردية، ولا تمثّل في المجمل فعلاً جماعياً يمكن من خلاله إطلاق حكم واضح باتجاه وجود ثقافة حقيقية".
كما يرى أن الإصدارات في زمن الحرب من غير الضروري أن تستجيب لإفرازات الحرب، فهناك أعمال روائية واكبت مرحلة أخرى من الصراع وجسّدته، وليس ببعيد عنّا رواية "الرهينة"، ل زيد مطيع دماج، والتي لا تزال تثير الكثير من الجدل الثقافي، فالمشكلة هي في اتصالنا مع التاريخ، وليس في انقطاعه".
الصمت والمنفى
مثلما لم يكن للمثقّفين اليمنيين دور فاعل قبل انطلاق الانتفاضة الشعبية عام 2011 بسبب قمع النظام وتخاذل بعضهم إزاء انتهاكات السلطة طوال عقود، فإن حضورهم اليوم يبدو مربكاً بعد أن تواجهوا لأول مرّة مع فكرة المنفى في أكثر من عاصمة عربية. وفي الداخل يُعتقل عشرات الكتّاب والصحافيين، وتُدمّر مؤسسات ومراكز ثقافية على يد الأطراف المتصارعة؛ يُغيّب المثفّف اليوم ما لم يكن ملحقاً بالسياسي وصامتاً عن فشله.

نشوان نيوز - العربي الجديد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.