جيسوس.. عجوز برتغالي تربع على عرش الدوري السعودي    جدول مباريات وترتيب إنتر ميامي في الدوري الأمريكي 2024 والقنوات الناقلة    مصادر سياسية بصنعاء تكشف عن الخيار الوحيد لإجبار الحوثي على الانصياع لإرادة السلام    لهذا السبب الغير معلن قرر الحوثيين ضم " همدان وبني مطر" للعاصمة صنعاء ؟    نادي الخريجين الحوثي يجبر الطلاب على التعهدات والإلتزام بسبعة بنود مجحفة (وثيقة )    لو كان معه رجال!    الحوثيون يسمحون لمصارف موقوفة بصنعاء بالعودة للعمل مجددا    ميليشيا الحوثي تجبر أعضاء هيئة التدريس وموظفي جامعة صنعاء بتسجيل أبنائهم بالمراكز الصيفية    بالصور .. مقتل وإصابة 18حوثيا بينهم قيادي في كمين نفذه أحد أبطال الجيش الوطني في تعز    مفاجأة وشفافية..!    الدوري الايطالي ... ميلان يتخطى كالياري    فوضى عارمة في إب: اشتباكات حوثية تُخلف دماراً وضحايا    عاصفة مدريدية تُطيح بغرناطة وتُظهر علو كعب "الملكي".    الدوري المصري: الاهلي يقلب الطاولة على بلدية المحلة    القوات الجنوبية تصد هجوم حوثي في جبهة حريب وسقوط شهيدين(صور)    الحوثيون يطورون أسلوبًا جديدًا للحرب: القمامة بدلاً من الرصاص!    "هذا الشعب بلا تربية وبلا أخلاق".. تعميم حوثي صادم يغضب الشيخ "ابوراس" وهكذا كان رده    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    بعد فوزها على مقاتلة مصرية .. السعودية هتان السيف تدخل تاريخ رياضة الفنون القتالية المختلطة    كوابيس أخته الصغيرة كشفت جريمته بالضالع ...رجل يعدم إبنه فوق قبر والدته بعد قيام الأخير بقتلها (صورة)    بلباو يخطف تعادلًا قاتلًا من اوساسونا    إطلاق سراح عشرات الصيادين اليمنيين كانوا معتقلين في إريتريا    شاهد:ناشئ يمني يصبح نجمًا على وسائل التواصل الاجتماعي بفضل صداقته مع عائلة رونالدو    أطفال غزة يتساءلون: ألا نستحق العيش بسلام؟    الاحتجاجات تتواصل في الحديدة: سائقي النقل الثقيل يواجهون احتكار الحوثيين وفسادهم    مصر تحمل إسرائيل مسؤولية تدهور الأوضاع في غزة وتلوح بإلغاء اتفاقية السلام    احتكار وعبث حوثي بعمليات النقل البري في اليمن    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    المبيدات في اليمن.. سموم تفتك بالبشر والكائنات وتدمر البيئة مميز    السلطة المحلية بمارب: جميع الطرقات من جانبنا مفتوحة    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    سلطة صنعاء ترد بالصمت على طلب النائب حاشد بالسفر لغرض العلاج    توقعات بارتفاع اسعار البن بنسبة 25٪ في الاسواق العالمية    مقتل شاب برصاص عصابة مسلحة شمالي تعز    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل الأمني بمحافظة أبين    اليمن يرحب باعتماد الجمعية العامة قرارا يدعم عضوية فلسطين بالأمم المتحدة مميز    القيادة المركزية الأمريكية تناقش مع السعودية هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية مميز    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    أمين عام الإصلاح يعزي رئيس مؤسسة الصحوة للصحافة في وفاة والده    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    قوات دفاع شبوة تضبط مُرّوج لمادة الشبو المخدر في إحدى النقاط مدخل مدينة عتق    هل الموت في شهر ذي القعدة من حسن الخاتمة؟.. أسراره وفضله    اكلة يمنية تحقق ربح 18 ألف ريال سعودي في اليوم الواحد    الذهب يتجه لتحقيق أفضل أداء أسبوعي منذ 5 أبريل    وفاة وإصابة أكثر من 70 مواطنا جراء الحوادث خلال الأسبوع الأول من مايو    في رثاء الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني    بسمة ربانية تغادرنا    بسبب والده.. محمد عادل إمام يوجه رسالة للسعودية    عندما يغدر الملوك    قارورة البيرة اولاً    رئيس انتقالي شبوة: المحطة الشمسية الإماراتية بشبوة مشروع استراتيجي سيرى النور قريبا    ولد عام 1949    بلد لا تشير إليه البواصل مميز    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بوزارة الخارجية وشؤون المغتربين    الدين العالمي يسجل مستوى تاريخيا عند 315 تريليون دولار    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقافة اليمنية.. هوامش فردية في مواجهة الموت
نشر في نشوان نيوز يوم 21 - 01 - 2017

منذ وقت طويل، ظلّ الاهتمام بالثقافة من قبل الجهات الرسمية في اليمن يحمل طابعاً ديكورياً هامشياً، وحتى إنشاء وزارة الثقافة جاء من باب تحصيل الحاصل، ولم ينهض هذا المرفق، ولا الهيئات التابعة له ك "الهيئة العامة للكتاب"، و"صندوق التراث"، و"بيت الثقافة" بأيّة أعمال من شأنها التأسيس لفعل ثقافي حقيقي. لقد اكتفت هذه الهيئات في أكثر حالاتها بالقيام بمهامّ الاحتفال بالأعياد الوطنية، ومؤخراً تم إسناد وظائف أخرى لوظيفتها، مثل الاحتفال بالمولد النبوي، في ظلّ حرب شاملة قادتها السلطة السياسية على الثقافة والمثقّف على حدّ سواء، وصولاً إلى غرق البلاد في حرب حقيقية منذ سنوات تكاد تخفي معالم الثقافة في بلد دُمر جزء كبير من آثاره التي تعبّر عن أقدم الحضارات العربية.
تؤكد نجاح الشامي، رئيسة "نادي القصة" في تعز، أن "هناك صراعاً مستمراً بين الثقافي والسياسي في اليمن، مع أنّ الأصل أن تكون العلاقة تكاملية، باعتبار أن السياسي لا بدّ أن يكون مثقفاً والمثقف لا بد أن يكون سياسياً". تضيف "مهمّة المثقّف في المجتمعات مهمّة أكبر وأصعب من مهمّة السياسي، لأنها تدعو إلى إحداث التغيير والرقي بالمجتمع، ولهذا وجد السياسي في هذه الدعوة ما يهدّد سلطاته، ما جعل الأنظمة الاستبدادية الأبوية تعمل على محاربة الثقافة والمثقّفين بكل الوسائل، بينما قامت العادات والتقاليد، وخصوصاً في الشمال اليمني، بدعم جهود السياسي في هذا الجانب من خلال النظرة المحفوفة بثقافة العيب تجاه السينما والمسرح والكلمة بشكل عام، ما أدّى إلى تسهيل الحرب التي أعلنها النظام السياسي على الثقافة".
بعد تمادي السلطات السياسية في قمعها للمثقّفين والثقافة، جاءت ثورة شباط/فبراير، الشبابية الشعبية، لتمثّل متنفساً للمثقّف اليمني وتعطيه الأمل باتّساع سقف الحريات وتمكين العمل الإبداعي، وظهر هذا التأثير جلياً لدى المثقّفين الشباب الذين مثّل الفعل الثوري مصدر إلهام لهم للنهوض بالحراك الثقافي توازياً مع الفعل الثوري الهادف لإحداث التغيير، وبالفعل فقد شهد الحراك الثقافي نشاطات وحراكات متسارعة من خلال إنتاج الأعمال الأدبية، كما أن المسرح بدأ بالنهوض من جديد بما يوحي بمرحلة جديدة متحرّرة من قيود الماضي.
غير أن الانقلاب الذي قاده تحالف الحوثي وصالح ضدّ السلطة التي قامت بعد 2011، أوقف عجلة التغيير الثقافي في اليمن ليصل الواقع الثقافي إلى ما يشبه مرحلة الموت السريري بعد قيام الانقلابيين بإغلاق صحف ومجلات ومواقع إلكترونية ودور نشر ومكاتب قنوات إعلامية، واعتقال عدد من الصحافيين والمثقّفين، ومحاربة المثقّف الذي لا يوالي جماعة الانقلاب بكل الوسائل، ليكتمل هكذا المسلسل مع اشتعال الحرب التي تشهدها البلاد، حيث توقّف تماماً وصول الكتب والمجلات والدوريات العربية إلى اليمن، ما تسبّب بعزلة ثقافية شبه تامّة.
ويقول الشاعر فخر العزب "إن الانقلاب يمثّل بحدّ ذاته حالة عداء للثقافة والمثقّف الذي يؤمن بالطرق السلمية للتغيير"، ويعتبر أن "الكلمة، لا البندقية، من أقدس وسائل التغيير"، مضيفاً أن "الانقلابات لا تؤمن بثقافة التعايش والمساواة، وإنما تأتي لتنتصر لعصبية جاهلية مقيتة..
وهذا للأسف جعل بعض المحسوبين على الوسط الثقافي يسقطون في وحل مديح الجماعة الانقلابية التي حاربت بمختلف وسائل القمع كل ما له علاقة بالثقافة، ليجد المثقّف نفسه أمام تحدّيات جديدة، في مقدّمتها الحرب التي أحرقت الأخضر واليابس، ويجد نفسه مرغماً على رفض الحرب بالكلمة المتاحة التي تأتي على هيئة قصيدة شعر أو قصة أو رواية وغير ذلك".
لا خيار أمام المثقّف حين تنعدم الخيارات إلّا سلاح الثقافة في مواجهة الحرب، فحين غابت الفعاليات الثقافية لم يتردّد في إقامة أنشطة مرتجلة في المقهى وساحة الجامعة وعلى رصيف الشارع، وحين لم يجد صحيفة أو مجلة ينشر فيها إبداعاته، لجأ إلى مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة حيث المتنفّس البديل الذي يبوح من خلاله بالكلمة والموقف.
وحين لم يجد كتاباً جديداً أو صحيفة يقرأها، لجأ إلى الكتاب الإلكتروني كبديل متاح، وحين لم يجد دور نشر في بلده، لجأ إلى دور النشر العربية فتواصلت مسيرة الإصدارات اليمنية، رغم أنها في الغالب أعمال تأثّرت بشكل أو بآخر بالحرب التي حضرتْ فيها من خلال القضايا التي يعالجها الكتاب.
من جهة أخرى، وجد الشاعر والفنان التشكيلي ريان الشيباني في الحرب فرصة لاقتحام عالم الرواية، وأصدر أولى رواياته "نزهة الكلب"، عن "دار أروقة للنشر"، وحول تقييمه لدور المثقّف في زمن الحرب، يقول ل"العربي الجديد"، إنه يعتقد أن "هناك مسؤولية أخلاقية تقع على المثقّفين اليمنيين".
ويتابع "وبما أن الكتابة في معظمها نشاط فردي، فقد تكون الحرب شكّلت فرصة للكثير من الشباب للانعتاق من بوتقة الأعمال العضلية، والاتجاه لممارسة أنشطة إنسانية كانت في صميم اهتماماتهم، ولم يجدوا الأوقات المناسبة لممارستها، وفي زمن الحرب كان الامتلاء في كل شيء، بما فيها المآسي، ولذا ظللت أردّد: هناك دائماً فرصة، حتى في الحرب".
يؤكد الشيباني أن "الواقع الثقافي اليمني يعيش على الهامش، رغم أن هناك تاريخاً غنياً، وموروثاً زاخراً، لكن لم يتم إرساء تقاليد وتراكم يمكن البناء على أساسه، وكل المحاولات التي تقوم هي محاولات فردية، ولا تمثّل في المجمل فعلاً جماعياً يمكن من خلاله إطلاق حكم واضح باتجاه وجود ثقافة حقيقية".
كما يرى أن الإصدارات في زمن الحرب من غير الضروري أن تستجيب لإفرازات الحرب، فهناك أعمال روائية واكبت مرحلة أخرى من الصراع وجسّدته، وليس ببعيد عنّا رواية "الرهينة"، ل زيد مطيع دماج، والتي لا تزال تثير الكثير من الجدل الثقافي، فالمشكلة هي في اتصالنا مع التاريخ، وليس في انقطاعه".
الصمت والمنفى
مثلما لم يكن للمثقّفين اليمنيين دور فاعل قبل انطلاق الانتفاضة الشعبية عام 2011 بسبب قمع النظام وتخاذل بعضهم إزاء انتهاكات السلطة طوال عقود، فإن حضورهم اليوم يبدو مربكاً بعد أن تواجهوا لأول مرّة مع فكرة المنفى في أكثر من عاصمة عربية. وفي الداخل يُعتقل عشرات الكتّاب والصحافيين، وتُدمّر مؤسسات ومراكز ثقافية على يد الأطراف المتصارعة؛ يُغيّب المثفّف اليوم ما لم يكن ملحقاً بالسياسي وصامتاً عن فشله.

نشوان نيوز - العربي الجديد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.