بدء أعمال سفلتة خط البنك المركزي في مديرية صيرة بعدن    الأرصاد يتوقع هطول امطار رعدية على مناطق واسعة من البلاد    ارتفاع شهداء لقمة العيش في غزة إلى 2456    الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشيخ مجاهد يحيى معيض    هيئة إعلام الانتقالي تستعرض رؤيتها الاستراتيجية وخطط تطوير الأداء    محافظ حضرموت يتفقد الأعمال الإنشائية في جسر المنورة    بن الوزير وباسمير يتفقان على سرعة تشغيل ميناء قنا التجاري    جنيف: ندوة حقوقية تدعو الى ممارسة الضغط على المليشيات الحوثية لوقف الانتهاكات بحق التعليم    إغلاق صيدليات مخالفة بالمنصورة ونقل باعة القات بالمعلا    الجمعية الوطنية تثمن نجاحات الانتقالي بقيادة الرئيس الزُبيدي    التكتل الوطني يدين قصف الاحتلال للدوحة ويحذر من تبعات استمرار الصمت العربي والإسلامي    شركة النفط بعدن تختتم دورة تدريبية متخصصة في كهرباء السيارات الحديثة    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يطلع على سير عمل الأشغال العامة والطرق بالضالع    العثور على مدفن عمره 5500 عام في ياقوتيا الروسية    الغراب: 500 دولار مكافأة لكل لاعب يمني في حال الفوز على السعودية    توترات وقطع طرق رئيسية في حضرموت    دبي تحتضن النزال العالمي المرتقب بين عثمان نورمحمدوف وبول هيوز في 3 أكتوبر المقبل    نهب البنك المركزي وأسعار الصرف بصنعاء وعدن وفضيحة "الإعاشات"    بوليفيا تفجر مفاجأة من العيار الثقيل وتقصي البرازيل عن المراكز الأولى    منتخب الناشئين يدخل مرحلته الأخيرة استعداداً لبطولة كأس الخليج    صوت صدح في وجه الفساد المستشري    اليمن في مواجهة السعودية 4 عصرا    سالم ثابت العولقي بين التصحيح او الإستقالة    ضبط 86 متهماً بإعانة العدوان و7 مطلوبين للعدالة في الضالع    اعتراف صهيوني بتصنيع يمني متفوق للمسيرات    حزب الإصلاح.. إعلام الوهم بعد فضائح وهزائم الجبهات    خشعة حضرموت ومكيل يافع مواقع عسكرية ستصيب الجنوب في مقتل    مدير شركة مصافي عدن: الأسابيع القادمة ستدخل الوحدات الانتاجية للخدمة    العدوان على قطر: كشف لزيف السيادة وضعف الدفاعات    عدن.. تشكيلات مسلحة تقتحم مستودعات تابعة لشركة النفط والأخيرة تهدد بالإضراب    مصر تقترب من التأهل إلى كأس العالم 2026    مسؤول رقابي يتسأل عن حقيقة تعيين والد وزير الصحة رئيساً للمجلس الطبي الأعلى بصنعاء    تسجيل هزتين أرضيتين غرب اليمن    تكتل قبائل بكيل: العدوان الإسرائيلي على الدوحة اعتداء سافر يمس الأمن القومي العربي    الجاوي يدعو سلطة صنعاء لإطلاق سراح غازي الأحول    تصفيات اوروبا لكأس العالم: انكلترا تكتسح صربيا بخماسية    تصفيات أفريقيا المؤهلة لكأس العالم: كوت ديفوار تحافظ على الصدارة    مصر: إحالة بلوغر إلى المحاكمة بتُهمة غسيل الأموال    جامعة حكومية تبلغ طلاب قسم الأمن السيبراني بعدم قدرتها على توفير هيئة تدريس متخصصة    الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشيخ شاجع درمان    الجراحُ الغائرة    بين جوع العمال وصمت النقابات.. حكاية الرواتب المؤجلة    وداعاً بلبل المهرة وسفير الأغنية المهرية    دعوة يمنية لعودة اليهود من فلسطين إلى موطنهم الأصلي بلاد اليمن    إب.. السيول تغمر محلات تجارية ومنازل المواطنين في يريم وتخلف أضرارا واسعة    لحج.. غموض يكتنف تصفية مصنع حكومي لإنتاج معجون الطماطم بعد بيع معداته ك"خردة"    الاطلاع على تنفيذ عدد من مشاريع هيئة الزكاة في مديريات البيضاء    تواصل فعاليات "متحف الذاكرة" بتعز لتوثيق معاناة الحصار وصمود أبناء المدينة    وفاة الفنان اليمني محمد مشعجل    62 تغريدة صنعائية في حب "التي حوت كل فن": من يبغض صنعاء فإن له معيشةً ضنكًا*    روسيا تعلن عن لقاح جديد "جاهز للاستخدام" ضد السرطان    تعز.. حملة ميدانية لإغلاق شركات الأدوية المخالفة للتسعيرة الجديدة    طنين الأذن .. متى يستدعي القلق؟    بحشود ايمانية محمدية غير مسبوقة لم تتسع لها الساحات ..يمن الايمان والحكمة يبهر العالم بمشاهد التعظيم والمحبة والمدد والنصرة    وفيكم رسول الله    مرض الفشل الكلوي (20)    للمعاندين: هل احتفل الصحابة بالمولد بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام    حلاوة المولد والافتراء على الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خلافات على مقعد الوزير
نشر في نشوان نيوز يوم 29 - 03 - 2009

صفقة روسيا واتفاق التأجيل وتجار المخدرات وكرسي الداخلية.. تفسيرات متعددة لواقع أمني ساخن في اليمن
كتب/ عادل الأحمدي
ربما كان اغتيال السياح الكوريين من قبل مجموعة قيل بأنها تنتمي إلى القاعدة، ثم التفجير الانتحاري أمام موكب الوفد الكوري الجنوبي الذي جاء للتحقيق في الحادثة سابقة الذكر، مضافاً عليه حريق مخازن في شركة توتال الفرنسية بحضرموت. ربما كانت هذه الثلاثة الأحداث كافية بمفردها للتأكيد بأن اليمن شهد أسبوعاً أمنياً ساخناً.
بينما الملفت هو أن الأحداث الداخلية اليومية الأمنية ارتفعت هي الأخرى وبوتيرة ملفتة، حيث تلقى المشتركون في خدمة “ناس موبايل” الإخبارية، الثلاثاء الماضي 14 رسالة خبرية حول أعمال قتل ونهب واختطاف وتقطع وتفجير ومثلها كانت أخبار “سبتمبر موبايل” وإن جاءت بلغة مختلفة، لكن الأمر برمته قام برفع منسوب القلق لدى المواطنين ولدى المعنيين بتحليل الشأن العام في اليمن.
خصوصاً أن كثيراً من الاختلالات الأمنية في الأسبوع الماضي تحبل بكونها مقدمات غامضة المصادر لأحداث غامضة العواقب.
هناك مزاج غريب ومتناقض يتحكم في صناعة الأحداث في اليمن، لا يحمل دلالات الشُّبه المعتادة للسلطة أو للقاعدة أو لغيرها من الجهات.. لتتعدد التفسيرات على سيناريوهات ثلاثة:
الأول يقول: إن اتضاح ملامح سياسة أوباما القائمة على التركيز على أفغانستان وليس إيران، تعني مضي الإدارة الجديدة في تبني معزوفة الإرهاب والقاعدة. وبالتالي فإن الهجوم الإرهابي على الكوريين، إما بأصابع أمريكية لإظهار أن خطر القاعدة ما زال قائماً. (وكبش الفداء ليسوا غربيين بل أسيويين ليس بينهم وبين القاعدة أية عداوة).
علماً أن الخبر الذي تم نفيه والمتعلق بنية الإدارة الأمريكية القيام بعمليات ضد القاعدة في اليمن قد تزامن مع زيارة مساعدة وزيرة الخارجية لشؤون الإرهاب إلى اليمن. والملفت أكثر تزامنه مع خبر رسمي يمني عن أن السلطات تلاحق القاعدة بالطائرات المروحية وهو ما لم يحدث إلا في العام 2002 حينما قتلت طائرة أمريكية بدون طيار أبو علي الحارثي المتهم بانتمائه للقاعدة، وبأنه أحد العقول المدبرة لتفجير كول..
وثاني التفسيرات يقول: أنه ولنفس الأسباب فإن الإدارة اليمنية هي الفاعل إما بطلب من أمريكا، أو للفت اهتمام الإدارة الأمريكية الجديدة لحصد بعض الاتفاقيات الثنائية، ولجعل النظام مهماً في نظر أوباما، لأنه يقع في إحدى نقاط الإرهاب المتجددة.
لكن هناك من يدحض هذا التفسير بسبب نوعية الضحايا، خصوصاً وأن كوريا الجنوبية وعدت في الفترة القليلة الماضية بتقديم مساعدات سخية لليمن.
السيناريو الثالث يدعم السيناريو الأول ويقول أن أمريكا هي الفاعل، لكنه يورد أسباباً إضافية.. أبرزها صفقة السلاح اليمنية الروسية وإصرار الرئيس علي عبدالله صالح على إحداث توازن في الضغوط الخارجية عليه وذلك عن طريق إبحاره نحو موسكو.
عدا ذلك، هنالك تفسيرات تتحدث عن حروب سياحية من قبل منافسين في المنطقة لا يريدون أن تزدهر السياحة في اليمن. تماماً كما هو الحال، على سبيل التشبيه، مع برنامج لإحدى الدول العربية في اليمن يشجع الإساءات الصحفية المتعاقبة في الصحافة اليمنية للمملكة العربية السعودية. بهدف إفساد العلاقات بين البلدين ومن ثم الاستحواذ على سوق العمالة في المملكة بعد إزاحة العنصر اليمني جراء تأزُّم العلاقة!!
وبالعودة إلى الموضوع، فإنه من اللافت أن القليل فقط من المحللين يذهب إلى أن القاعدة هي السبب، ومع إقرار بعضهم بحقيقة القبض على عناصر متطرفة، فإنه لا يزال من غير اليقيني إن كان تنظيم القاعدة الحقيقي هو الذي أهل هذه العناصر، أم أن أجهزة أخرى أصبحت تدير حساباتها على هذا النحو. موهمة الأشخاص المنفذين أنها هي القاعدة.
وفجأة وبعد ارتفاع أصوات تبرئ القاعدة عن قتل الكوريين يطلع علينا موقع “صدى الملاحم” الخاص (كما يقال) بقاعدة اليمن ببيان يعلن فيه مسؤوليته عن الحادث بعد مرور أيام عديدة على الحادث.. دون أن يعلن البيان مسؤوليته عن حادث طريق المطار! الذين مازالوا مصرين على تبريء القاعدة علقوا على البيان، مستشهدين بالمثل الشعبي: “عزب الويل يفرح بالتهم”..
توقيت البيان زاد الطين ابتلالاً والوضع اعتلالاً لتكبر من جديد دوائر الشك حول حقيقة ما يدور في هذا الربع الفقير من شبه جزيرة العرب.
التصريحات الخطيرة التي أطلقها القيادي السابق بتنظيم القاعدة العوفي في التلفزيون السعودي مساء الجامعة الماضية.. وحديثه عن أن إيران وأمريكا وأجهزة أمن أخرى تدير ما يسمى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.. هذه التصريحات قد تقلب الطاولة رأساً على عقب على كل القراءات والتحليلات المعتادة وتؤسس لموجة جديدة من السياسات والتحليلات والمواقف.
العليمي والمصري
كل ما سبق يتعلق بالأحداث الأمنية الكبرى في الأسبوع المنصرم.. ليبقى الاستفهام معلقاً حول التدفق الشديد لأحداث أمنية محلية في نفس الأسبوع، متواكبة مع حملة صحفية وسياسية ضد وزير الداخلية مطهر رشاد المصري. وهذا التدفق هو الآخر يحتمل ثلاثة سيناريوهات:
الأول: استغلال بعض أوكار الإجرام استنفار الأمن وانشغاله تجاه القاعدة، للقيام ببعض الأعمال الجنائية.
الاحتمال الثاني: أن الأعمال الأمنية تعد رسائل مدروسة من قبل شبكة من تجار المخدرات تضررت مصالحهم بشكل واضح، خلال العام المنصرم الذي أولت فيه أجهزة الأمن اليمنية اهتماماً ملحوظاً بتعقب وملاحقة تجارة وتهريب المخدرات، التي ازدهرت منذ العام 2000 بسبب انشغال السلطات الأمنية بملاحقة العنف الأصولي..
وتقود شبكة المخدرات في اليمن عناصر أجنبية باكستانية سورية إيرانية أفغانية، تتخذ من اليمن معبراً لتهريب المخدرات إلى المملكة العربية السعودية وباقي دول الخليج.
علماً أن عناصر تابعة لأحد تجار المخدرات الذين ينشطون في المحافظات الشرقية كان قد شن هجوماً انتقامياً على إحدى النقاط الأمنية بحضرموت، قبل حوالى عام وثلاثة أشهر بقذائف الأر بي جي نجم عنه مقتل وإصابة عدد من أفراد النقطة.
هنالك أيضاً تفسير ثالث، يتحدث عن أن مجموع التفجيرات والاعتقالات والتقطعات التي حدثت في الأسابيع المنصرمة، هي نسبة معقولة ومعتادة، لكن الجديد في الأمر هو التسليط الإعلامي عليها. وذلك -حسب أصحاب هذا الرأي- يندرج ضمن حرب يقودها مراكز قوى سلطوية ضد وزير الداخية الحالي مطهر رشاد المصري بهدف دفع رئيس الجمهورية لتغييره.
بعض الأصابع تتجه نحو نائب رئيس الوزراء لقطاع الأمن والدفاع د. رشاد العليمي الذي يقول الكثيرون أن قرار تعيين وزير بديل عنه في الداخلية كان مفاجئاً له.
يتمتع العليمي بخبرة في مكافحة القاعدة ويبدو أن أداءه في السنوات الماضية يحظى برضى الشرطي العالمي الكبير أمريكا.. كما يتمتع العليمي بعلاقات متميزة بالعديد من المنابر الصحفية رسمية وحزبية وأهلية.. وظاهرة تصارع الوزير القديم مع الوزير الجديد معروفة في اليمن في السنوات الأخيرة، وهي إحدى مظاهر الفساد السياسي. ويعتبر البعض حيادية الرئيس صالح وتحفظه في مثل هذه الخلافات يندرج ضمن مصفوفة مدهشة من وسائله لاكتشاف طرائق الصراع بين الأقوياء من أتباعه!
هنالك دافعان يوردهما أصحاب هذا التفسير الثاني لإزاحة الرئيس صالح الدكتور العليمي عن وزارة الداخلية، الأول لتقدير الرئيس صالح أن مرحلة أوباما لن تكون مرحلة القاعدة.. والثاني لوضع الحد أمام تعملق العليمي الذي تحول إلى مركز قوى ذا تأثير ملموس وفي وقت وجيز. كان الرئيس يرقب تعملق العليمي ضارباً عرض الحائط بقول أبي الطيب المتنبي:
ومن يجعل الضرغام للصيد بازه تصيّده الضرغام فيما تصيّدا
وكما سبق ثمة من يرى بأن الرئيس يتبع في ذلك سياسة مفادها ترك العنان لأصحاب الطموحات من كبار موظفيه وتركهم يخطئون ليسهل عليه بعدها إزاحتهم إلى مجلس الشورى بملفات سود دون أن يتبرموا بكلمة!!
ومؤكد أن منصب نائب رئيس الوزراء لقطاع الدفاع والأمن، هو أعلى من منصب وزير الداخلية، لكنه لا يوفر الاحتكاك بالوزارة، كما أن ميزانيته أقل بكثير. مع العلم أن المنصوص الأول لقرار التشكيل الحكومي الأخير لم يكن وارداً فيه بشكل صريح أن العليمي نائب رئيس الوزراء (لشؤون الدفاع والأمن)، لكن الرئيس صالح في الاجتماع الأول بالحكومة الجديدة والمحافظين الجدد حرص على مخاطبة العليمي والتأكيد أنه نائب لشؤون الدفاع والأمن تتبعه وزارتان، ويكون مكتبه في الأمن القومي.. قالها صالح إما من باب التوضيح أو الاستدراك أو الترضية والتطمين. المهم أن رسالته للعليمي وصلت. وهي أن ثمة سقفاً لكل طويل في اليمن. (والعبرة في السلامي وباجمال وحسين المسوري وأحمد الكحلاني.. وغيرهم)!!
الثلاثاء الماضي كان العليمي (الذي أصبح أيضاً وزيراً للإدارة المحلية بعد إزاحة عبدالقادر هلال عبر حكاية لا يبدو أن العليمي كان بعيداً عنها) هو الذي يتحدث في الجلسة “المغلقة” لمجلس النواب والمخصصة لمناقشة الأحداث الأمنية. بينما كان المصري يحضر اجتماع وزراء الداخلية العرب في بيروت. وكعادته تحدث العليمي بطلاقة أكثر من خلفه المصري، وفجر مفاجأة جديدة.. منها اكتشاف مسؤولين في الأجهزة الأمنية متواطئين مع القاعدة. وكذا حدد العليمي وبدقة (وفقاً للمعلومات الأمنية الواردة إلى أجهزة الأمن حسب قوله) ما هي أولويات القاعدة في الفترة المقبلة!!
ولعله من الخطير كلام العليمي في الجلسة المغلقة للنواب أن القاعدة ستستهدف في المرحلة المقبلة شخصيات أمنية.. ومكمن الخطورة في ذلك أن مثل هذا الكلام يوجِّه مسبقاً أصابع الاتهام لأي حادث لا قدر الله يطال شخصية أمنية، يوجهها صوب القاعدة ويحصرها عليها.. كما أن هذا الكلام قد يغري بعض المجرمين لتصفية حساباتهم مع قيادات أمنية والتهمة على القاعدة!!
لكل طويل طرف
قد لا يكون العليمي هو الواقف الحقيقي وراء حملات التشهير بالوزير المصري.. لكن المؤكد أن غرماء المصري هم شلة متماسكة تجيد الكتمان والشائعات وزخرف القول. بعيداً عن صدقية دفاع المدافعين عن قضية المظلوم الشيخ المخلافي أو القتيل الدكتور درهم القدسي أو غيرهم، ففي الماضي أيضاً كانت تحدث هفوات وخذلانات من قبل الأمن في كثير من القضايا الحساسة، لكن أصابع الإتهام لم تكن توجه ضد الوزير مباشرة (الدكتور العليمي).. وإذا حدث ذلك من قبل مقال هنا أو خبر هناك.. رأيت عشرات المقالات في صحف السلطة والمؤتمر وقريباتها تنداح مدافعة عن العليمي دفاعاً قلما تجد مثيلاً له حتى عندما يتعرض رئيس الجمهورية لاصابات كلامية أعتى وأعنف.. ويا سبحان الله.. حتى الحوثيين ومنابر إيران لم تكن تلحق بالعليمي أي سوء رغم أنه المسؤول اليمني الأبرز الذي سدّد للحوثي وطهران ضربات كلامية متوالية في أكثر من مؤتمر صحفي، وداخل البرلمان.. لكن هذه المنابر الحوثية ضالعة هي الأخرى في الحملة ضد “مطهر رشاد العنسي” كما يسميه موقع “المنبر نت”. رغم كونه لم يلحق بالحوثيين أذى يذكر، ولم يفضحهم في مؤتمر صحفي ولا في جلسة مغلقة!!
والعجيب أنه طوال التمرد الحوثي لم ينتبه الكثيرون إلى أن تمرد الحوثي هو ذو طابع أمني يتحمل مسؤولية تعملقه جهاز الأمن، وكذا مسؤولية إخمادة.. وليس الجيش!
وبالعودة إلى مسألة هوس إدارة أوباما بالقاعدة باعتباره دافعاً يغري العليمي بمحاولة العودة للوزارة، فإن عمليات القرصنة في القرن الأفريقي هي الأخرى تغري شخصية مثله للعودة إلى منصة الأحداث عن طريق عودته للوزارة المهمة الواقعة على طريق المطار!!
كل ما سبق لا يلغي أن الرجل حالياً يشغل منصباً مهماً في الدولة كنائب لرئيس الوزراء ووزير للإدارة المحلية، ولكن يمكن التطرق أن دور العليمي في “تعز” والذي بدأه منذ سنوات قد بدأ يتقلص منذ انتخاب خالد الصوفي محافظاً للمحافظة.. ولعل من زائد القول التأكيد على أن الظروف الدولية قد جعلت ميزانية وزارة الداخلية ترتفع خلال عهد العليمي ما يقارب عشرة أضعاف، وذلك من أجل مكافحة الإرهاب وكان الرجل ملهماً في الاستفادة من هذه الزيادة في توسيع دائرة محبيه والحريصين على بقائه. على عكس المصري الذي لا يتمتع بموهبة أوامر الصرف ولا يدري في أي اتجاه يمكنه مد خيوط التحالف.. ولهذا نجده وحيداً وضعيفاً في مثل هذه الأزمة التي تشير المعطيات إلى أنها قد تنتهي بإقصائه عن الوزارة (سواء كان المستفيد من ذلك -فيما بعد- د. العليمي أو غيره). بمعنى أخر فإن المصري لا يعمل بنصيحة الشافعي رحمه الله
وإن كثرت عيوبك في البرايا وسرّك أن يكون لها غطاءُ
تستر بالسخاء فكل عيب يغطيه كما قيل السخاءُ
على العكس منه يتصرف العليمي وعلى مسافة من الاثنين يتأمل علي الآنسي مدير مكتب الرئيس.. رئيس جهاز الأمن القومي لتكون لملاحظاته مع الرئيس الكلمة الفصل في مصير كرسي الوزارة.
هل ليحيى بن محمد دور فيما يدور.. لا علم لي، فهذه أسرار أمنية لا يعرفها الكثير من قيادات الداخلية، ما بالك بكاتب صحفي يُعمل قلمه للمرة الأولى في شؤون الأمن. هرباً من الخوف الذي يعيشه… البلد.
إذا صحت تحليلات الذاهبين هذا المذهب فإن اليمن ستدخل نفقاً من الاختلالات الأمنية جراء تصارع الرؤوس القيادية الكبرى في قطاع الداخلية والأمن. علماً أن الفساد المالي والإداري والسياسي استشرى في كل مرافق السلطة التنفيذية في اليمن، لكن جهازي الدفاع والأمن ظلا منيعين ضد هذا الفساد، واقتصرت المظاهر على بعض الرشوات في قسم الشرطة، لكنها لم تصل إلى درجة اللعب بالورقة الأمنية من أجل مصالح الأشخاص.
على أن جهاز الأمن اليمني يظل واحداً من أذكى الأجهزة الأمنية في المنطقة وأكثرها إنسانية. حتى رغم اختراقات غربية كثيفة في السنوات الماضية حاولت التدخل في طبيعة تشكيل وحدات الأمن اليمنية وطرائق التأهيل والتحقيق والأرشفة المعلوماتية. (حتى لقد بات متداولاً لدى بعض الأوساط اليمنية الساخرة أن أي دولة في العالم تريد أن يكون لها يد في الأمن اليمني ما عليها سوى اغتيال اثنين أو ثلاثة أو عشرة من سواحها في اليمن، وتأتي بعدها لتشارك في التحقيقات ثم توقع اتفاقيات مع قيادة الداخلية لإعادة تأهيل الأمن اليمني. زائداً دورات متخصصة وزيارات متبادلة.. الخ)!!
ختاماً فإنه عند استرجاع كل التفسيرات السابقة مهما تباينت فإنها تؤشر جميعاً على أن الترهل الإداري الداخلي وغياب المشروع الوطني الجامع واستفحال الحالة الحزبية يجعل اليمن مرتعاً سهلاً لكل ذئاب العالم.
والمخيف هو أن ينتهز المجرمون الفرصة لإحداث اختلالات أكبر، ذلك أن الأمن وفق بعض العلماء، هو أيضاً “سمعة”.. بمعنى أن انفراط سمعة أي جهاز أمني في العالم، ستجعل منه فريسة يتآلب عليها الكثيرون من إخوان الشر.
حرية الإعلام في اليمن، هي الأخرى، تفيد في تقديم المعلومة.. لكنها حتى الآن لم تتعلم كيفية الإفلات من التورط في خدمة مراكز قوى متصارعة، وفي كل يظل المجتمع هو الخاسر الوحيد.
والشيء المتميز الوحيد في هذه الظروف اليمنية بالغة الفوضى، هو أنه بإمكان الصحافة أن تناقش هذه الأمور دون أن يمسسها سوء.
_________


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.