الباحث فاضل الربيعي جدلاً واسعًا حين قدّم رؤية تقول إن اليمن هو مهد اليهودية، وأن روايات التوراة تصف جغرافيا اليمن لا فلسطين، ربط الربيعي بين أسماء أماكن توراتية وأسماء مواقع يمنية قديمة، معتبرًا أن هذا التشابه اللغوي دليل على أن قصص التوراة حدثت في اليمن بشطريه. لكن هذه الأطروحة، رغم جاذبيتها السياسية في تفكيك السردية الصهيونية، لا تستند إلى شواهد أثرية مادية مباشرة، فالنقوش الحميرية والسبئية المكتشفة حتى اليوم لم تُظهر أدلة واضحة على ارتباطها بالأحداث التوراتية، أما وجود المعابد والمقابر اليهودية في اليمنوالجنوب فهو ثابت تاريخياً، لكنه يُفسَّر بانتشار اليهودية لاحقاً في جنوب شبه الجزيرة، خصوصاً بعد أن اعتنق بعض ملوك حمير الديانة اليهودية في القرون الميلادية الأولى، لا كمهدها الأول.
الإجماع العلمي يميل إلى أن ظهور اليهودية ارتبط بجغرافيا المشرق (فلسطين/الشام)، فيما كان شمال اليمن وحتى الجنوب أحد المراكز المهمة لانتشارها لاحقاً، وبالتالي تبقى قراءة الربيعي أقرب إلى أطروحة فكرية نقدية تتحدى السرديات السائدة، لكنها لا تحظى بإسناد أثري مادي يجعلها بديلاً للرواية التاريخية المعتمدة.
دعوة الأخ جلال الصلاحي لإسرائيل للعودة إلى اليمن وإن كانت تحمل طابعاً فكاهياً غير أنها تحمل أبعاداً خطيرة في توقيت لا يحتمل الترويج لأفكار إسرائيل الكبرى والدولة الأموية، نحن في مرحلة وعيّ سياسي تقتضي اليقظة والتنبّه.