صراع على الحياة: النائب احمد حاشد يواجه الحوثيين في معركة من أجل الحرية    شاهد:الحوثيون يرقصون على أنقاض دمت: جريمةٌ لا تُغتفر    ليست السعودية ولا الإمارات.. عيدروس الزبيدي يدعو هذه الدولة للتدخل وإنقاذ عدن    عدن تنتفض ضد انقطاع الكهرباء... وموتى الحر يزدادون    "امتحانات تحت سيف الحرمان": أهالي المخا يطالبون بتوفير الكهرباء لطلابهم    "جريمة إلكترونية تهزّ صنعاء:"الحوثيون يسرقون هوية صحفي يمني بمساعدة شركة اتصالات!"    "الحوثيون يزرعون الجوع في اليمن: اتهامات من الوية العمالقة "    البريمييرليغ: السيتي يستعيد الصدارة من ارسنال    زلزال كروي: مبابي يعتزم الانتقال للدوري السعودي!    الارياني: استنساخ مليشيا الحوثي "الصرخة الخمينية" يؤكد تبعيتها الكاملة لإيران    الوكيل مفتاح يتفقد نقطة الفلج ويؤكد أن كل الطرق من جانب مارب مفتوحة    الرئيس الزُبيدي يثمن الموقف البريطاني الأمريكي من القرصنة الحوثية    مانشستر يونايتد الإنجليزي يعلن رحيل لاعبه الفرنسي رافاييل فاران    الروح الرياضية تهزم الخلافات: الملاكمة المصرية ندى فهيم تعتذر للسعودية هتان السيف    ارتفاع طفيف لمعدل البطالة في بريطانيا خلال الربع الأول من العام الجاري    رئيس انتقالي لحج "الحالمي" يعزي في وفاة الشخصية الوطنية والقيادية محسن هائل السلامي    أمين عام الإصلاح يبحث مع سفير الصين جهود إحلال السلام ودعم الحكومة    كريستيانو رونالدو يسعى لتمديد عقده مع النصر السعودي    في الذكرى ال 76 للنكبة.. اتحاد نضال العمال الفلسطيني يجدد دعوته للوحدة الوطنية وانهاء الانقسام مميز    المنامة تحتضن قمة عربية    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    الذهب يرتفع قبل بيانات التضخم الأمريكية    سنتكوم تعلن تدمير طائرتين مسيرتين وصاروخ مضاد للسفن فوق البحر الأحمر مميز    بريطانيا تؤكد دخول مئات السفن إلى موانئ الحوثيين دون تفتيش أممي خلال الأشهر الماضية مميز    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الولايات المتحدة: هناك أدلة كثيرة على أن إيران توفر أسلحة متقدمة للمليشيات الحوثية    مجازر دموية لا تتوقف وحصيلة شهداء قطاع غزة تتجاوز ال35 ألفا    اليمن تسعى للاكتفاء الذاتي من الألبان    طعن مواطن حتى الموت على أيدي مدمن مخدرات جنوب غربي اليمن.. وأسرة الجاني تتخذ إجراء عاجل بشأنه    بن عيدان يمنع تدمير أنبوب نفط شبوة وخصخصة قطاع s4 النفطي    وصمة عار في جبين كل مسئول.. اخراج المرضى من أسرتهم إلى ساحات مستشفى الصداقة    بيان عاجل لإدارة أمن عدن بشأن الاحتجاجات الغاضبة والمدرعات تطارد المحتجين (فيديو)    برشلونة يرقص على أنغام سوسيداد ويستعيد وصافة الليغا!    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    لاعب منتخب الشباب السابق الدبعي يؤكد تكريم نجوم الرياضة وأجب وأستحقاق وليس هبه !    ليفربول يسقط في فخ التعادل امام استون فيلا    إنجاز يمني تاريخي لطفلة يمنية    استعدادات حوثية للاستيلاء على 4 مليار دولار من ودائع المواطنين في البنوك بصنعاء    ما معنى الانفصال:    جريمة قتل تهز عدن: قوات الأمن تحاصر منزل المتهم    سيف العدالة يرتفع: قصاص القاتل يزلزل حضرموت    مقتل عنصر حوثي بمواجهات مع مواطنين في إب    البوم    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    فريق مركز الملك سلمان للإغاثة يتفقد سير العمل في بناء 50 وحدة سكنية بمديرية المسيلة    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    دموع ''صنعاء القديمة''    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    قارورة البيرة اولاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خلافات على مقعد الوزير
نشر في نشوان نيوز يوم 29 - 03 - 2009

صفقة روسيا واتفاق التأجيل وتجار المخدرات وكرسي الداخلية.. تفسيرات متعددة لواقع أمني ساخن في اليمن
كتب/ عادل الأحمدي
ربما كان اغتيال السياح الكوريين من قبل مجموعة قيل بأنها تنتمي إلى القاعدة، ثم التفجير الانتحاري أمام موكب الوفد الكوري الجنوبي الذي جاء للتحقيق في الحادثة سابقة الذكر، مضافاً عليه حريق مخازن في شركة توتال الفرنسية بحضرموت. ربما كانت هذه الثلاثة الأحداث كافية بمفردها للتأكيد بأن اليمن شهد أسبوعاً أمنياً ساخناً.
بينما الملفت هو أن الأحداث الداخلية اليومية الأمنية ارتفعت هي الأخرى وبوتيرة ملفتة، حيث تلقى المشتركون في خدمة "ناس موبايل" الإخبارية، الثلاثاء الماضي 14 رسالة خبرية حول أعمال قتل ونهب واختطاف وتقطع وتفجير ومثلها كانت أخبار "سبتمبر موبايل" وإن جاءت بلغة مختلفة، لكن الأمر برمته قام برفع منسوب القلق لدى المواطنين ولدى المعنيين بتحليل الشأن العام في اليمن.
خصوصاً أن كثيراً من الاختلالات الأمنية في الأسبوع الماضي تحبل بكونها مقدمات غامضة المصادر لأحداث غامضة العواقب.
هناك مزاج غريب ومتناقض يتحكم في صناعة الأحداث في اليمن، لا يحمل دلالات الشُّبه المعتادة للسلطة أو للقاعدة أو لغيرها من الجهات.. لتتعدد التفسيرات على سيناريوهات ثلاثة:
الأول يقول: إن اتضاح ملامح سياسة أوباما القائمة على التركيز على أفغانستان وليس إيران، تعني مضي الإدارة الجديدة في تبني معزوفة الإرهاب والقاعدة. وبالتالي فإن الهجوم الإرهابي على الكوريين، إما بأصابع أمريكية لإظهار أن خطر القاعدة ما زال قائماً. (وكبش الفداء ليسوا غربيين بل أسيويين ليس بينهم وبين القاعدة أية عداوة).
علماً أن الخبر الذي تم نفيه والمتعلق بنية الإدارة الأمريكية القيام بعمليات ضد القاعدة في اليمن قد تزامن مع زيارة مساعدة وزيرة الخارجية لشؤون الإرهاب إلى اليمن. والملفت أكثر تزامنه مع خبر رسمي يمني عن أن السلطات تلاحق القاعدة بالطائرات المروحية وهو ما لم يحدث إلا في العام 2002 حينما قتلت طائرة أمريكية بدون طيار أبو علي الحارثي المتهم بانتمائه للقاعدة، وبأنه أحد العقول المدبرة لتفجير كول..
وثاني التفسيرات يقول: أنه ولنفس الأسباب فإن الإدارة اليمنية هي الفاعل إما بطلب من أمريكا، أو للفت اهتمام الإدارة الأمريكية الجديدة لحصد بعض الاتفاقيات الثنائية، ولجعل النظام مهماً في نظر أوباما، لأنه يقع في إحدى نقاط الإرهاب المتجددة.
لكن هناك من يدحض هذا التفسير بسبب نوعية الضحايا، خصوصاً وأن كوريا الجنوبية وعدت في الفترة القليلة الماضية بتقديم مساعدات سخية لليمن.
السيناريو الثالث يدعم السيناريو الأول ويقول أن أمريكا هي الفاعل، لكنه يورد أسباباً إضافية.. أبرزها صفقة السلاح اليمنية الروسية وإصرار الرئيس علي عبدالله صالح على إحداث توازن في الضغوط الخارجية عليه وذلك عن طريق إبحاره نحو موسكو.
عدا ذلك، هنالك تفسيرات تتحدث عن حروب سياحية من قبل منافسين في المنطقة لا يريدون أن تزدهر السياحة في اليمن. تماماً كما هو الحال، على سبيل التشبيه، مع برنامج لإحدى الدول العربية في اليمن يشجع الإساءات الصحفية المتعاقبة في الصحافة اليمنية للمملكة العربية السعودية. بهدف إفساد العلاقات بين البلدين ومن ثم الاستحواذ على سوق العمالة في المملكة بعد إزاحة العنصر اليمني جراء تأزُّم العلاقة!!
وبالعودة إلى الموضوع، فإنه من اللافت أن القليل فقط من المحللين يذهب إلى أن القاعدة هي السبب، ومع إقرار بعضهم بحقيقة القبض على عناصر متطرفة، فإنه لا يزال من غير اليقيني إن كان تنظيم القاعدة الحقيقي هو الذي أهل هذه العناصر، أم أن أجهزة أخرى أصبحت تدير حساباتها على هذا النحو. موهمة الأشخاص المنفذين أنها هي القاعدة.
وفجأة وبعد ارتفاع أصوات تبرئ القاعدة عن قتل الكوريين يطلع علينا موقع "صدى الملاحم" الخاص (كما يقال) بقاعدة اليمن ببيان يعلن فيه مسؤوليته عن الحادث بعد مرور أيام عديدة على الحادث.. دون أن يعلن البيان مسؤوليته عن حادث طريق المطار! الذين مازالوا مصرين على تبريء القاعدة علقوا على البيان، مستشهدين بالمثل الشعبي: "عزب الويل يفرح بالتهم"..
توقيت البيان زاد الطين ابتلالاً والوضع اعتلالاً لتكبر من جديد دوائر الشك حول حقيقة ما يدور في هذا الربع الفقير من شبه جزيرة العرب.
التصريحات الخطيرة التي أطلقها القيادي السابق بتنظيم القاعدة العوفي في التلفزيون السعودي مساء الجامعة الماضية.. وحديثه عن أن إيران وأمريكا وأجهزة أمن أخرى تدير ما يسمى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.. هذه التصريحات قد تقلب الطاولة رأساً على عقب على كل القراءات والتحليلات المعتادة وتؤسس لموجة جديدة من السياسات والتحليلات والمواقف.

العليمي والمصري
كل ما سبق يتعلق بالأحداث الأمنية الكبرى في الأسبوع المنصرم.. ليبقى الاستفهام معلقاً حول التدفق الشديد لأحداث أمنية محلية في نفس الأسبوع، متواكبة مع حملة صحفية وسياسية ضد وزير الداخلية مطهر رشاد المصري. وهذا التدفق هو الآخر يحتمل ثلاثة سيناريوهات:
الأول: استغلال بعض أوكار الإجرام استنفار الأمن وانشغاله تجاه القاعدة، للقيام ببعض الأعمال الجنائية.
الاحتمال الثاني: أن الأعمال الأمنية تعد رسائل مدروسة من قبل شبكة من تجار المخدرات تضررت مصالحهم بشكل واضح، خلال العام المنصرم الذي أولت فيه أجهزة الأمن اليمنية اهتماماً ملحوظاً بتعقب وملاحقة تجارة وتهريب المخدرات، التي ازدهرت منذ العام 2000 بسبب انشغال السلطات الأمنية بملاحقة العنف الأصولي..
وتقود شبكة المخدرات في اليمن عناصر أجنبية باكستانية سورية إيرانية أفغانية، تتخذ من اليمن معبراً لتهريب المخدرات إلى المملكة العربية السعودية وباقي دول الخليج.
علماً أن عناصر تابعة لأحد تجار المخدرات الذين ينشطون في المحافظات الشرقية كان قد شن هجوماً انتقامياً على إحدى النقاط الأمنية بحضرموت، قبل حوالى عام وثلاثة أشهر بقذائف الأر بي جي نجم عنه مقتل وإصابة عدد من أفراد النقطة.
هنالك أيضاً تفسير ثالث، يتحدث عن أن مجموع التفجيرات والاعتقالات والتقطعات التي حدثت في الأسابيع المنصرمة، هي نسبة معقولة ومعتادة، لكن الجديد في الأمر هو التسليط الإعلامي عليها. وذلك -حسب أصحاب هذا الرأي- يندرج ضمن حرب يقودها مراكز قوى سلطوية ضد وزير الداخية الحالي مطهر رشاد المصري بهدف دفع رئيس الجمهورية لتغييره.
بعض الأصابع تتجه نحو نائب رئيس الوزراء لقطاع الأمن والدفاع د. رشاد العليمي الذي يقول الكثيرون أن قرار تعيين وزير بديل عنه في الداخلية كان مفاجئاً له.
يتمتع العليمي بخبرة في مكافحة القاعدة ويبدو أن أداءه في السنوات الماضية يحظى برضى الشرطي العالمي الكبير أمريكا.. كما يتمتع العليمي بعلاقات متميزة بالعديد من المنابر الصحفية رسمية وحزبية وأهلية.. وظاهرة تصارع الوزير القديم مع الوزير الجديد معروفة في اليمن في السنوات الأخيرة، وهي إحدى مظاهر الفساد السياسي. ويعتبر البعض حيادية الرئيس صالح وتحفظه في مثل هذه الخلافات يندرج ضمن مصفوفة مدهشة من وسائله لاكتشاف طرائق الصراع بين الأقوياء من أتباعه!
هنالك دافعان يوردهما أصحاب هذا التفسير الثاني لإزاحة الرئيس صالح الدكتور العليمي عن وزارة الداخلية، الأول لتقدير الرئيس صالح أن مرحلة أوباما لن تكون مرحلة القاعدة.. والثاني لوضع الحد أمام تعملق العليمي الذي تحول إلى مركز قوى ذا تأثير ملموس وفي وقت وجيز. كان الرئيس يرقب تعملق العليمي ضارباً عرض الحائط بقول أبي الطيب المتنبي:
ومن يجعل الضرغام للصيد بازه تصيّده الضرغام فيما تصيّدا
وكما سبق ثمة من يرى بأن الرئيس يتبع في ذلك سياسة مفادها ترك العنان لأصحاب الطموحات من كبار موظفيه وتركهم يخطئون ليسهل عليه بعدها إزاحتهم إلى مجلس الشورى بملفات سود دون أن يتبرموا بكلمة!!
ومؤكد أن منصب نائب رئيس الوزراء لقطاع الدفاع والأمن، هو أعلى من منصب وزير الداخلية، لكنه لا يوفر الاحتكاك بالوزارة، كما أن ميزانيته أقل بكثير. مع العلم أن المنصوص الأول لقرار التشكيل الحكومي الأخير لم يكن وارداً فيه بشكل صريح أن العليمي نائب رئيس الوزراء (لشؤون الدفاع والأمن)، لكن الرئيس صالح في الاجتماع الأول بالحكومة الجديدة والمحافظين الجدد حرص على مخاطبة العليمي والتأكيد أنه نائب لشؤون الدفاع والأمن تتبعه وزارتان، ويكون مكتبه في الأمن القومي.. قالها صالح إما من باب التوضيح أو الاستدراك أو الترضية والتطمين. المهم أن رسالته للعليمي وصلت. وهي أن ثمة سقفاً لكل طويل في اليمن. (والعبرة في السلامي وباجمال وحسين المسوري وأحمد الكحلاني.. وغيرهم)!!
الثلاثاء الماضي كان العليمي (الذي أصبح أيضاً وزيراً للإدارة المحلية بعد إزاحة عبدالقادر هلال عبر حكاية لا يبدو أن العليمي كان بعيداً عنها) هو الذي يتحدث في الجلسة "المغلقة" لمجلس النواب والمخصصة لمناقشة الأحداث الأمنية. بينما كان المصري يحضر اجتماع وزراء الداخلية العرب في بيروت. وكعادته تحدث العليمي بطلاقة أكثر من خلفه المصري، وفجر مفاجأة جديدة.. منها اكتشاف مسؤولين في الأجهزة الأمنية متواطئين مع القاعدة. وكذا حدد العليمي وبدقة (وفقاً للمعلومات الأمنية الواردة إلى أجهزة الأمن حسب قوله) ما هي أولويات القاعدة في الفترة المقبلة!!
ولعله من الخطير كلام العليمي في الجلسة المغلقة للنواب أن القاعدة ستستهدف في المرحلة المقبلة شخصيات أمنية.. ومكمن الخطورة في ذلك أن مثل هذا الكلام يوجِّه مسبقاً أصابع الاتهام لأي حادث لا قدر الله يطال شخصية أمنية، يوجهها صوب القاعدة ويحصرها عليها.. كما أن هذا الكلام قد يغري بعض المجرمين لتصفية حساباتهم مع قيادات أمنية والتهمة على القاعدة!!

لكل طويل طرف
قد لا يكون العليمي هو الواقف الحقيقي وراء حملات التشهير بالوزير المصري.. لكن المؤكد أن غرماء المصري هم شلة متماسكة تجيد الكتمان والشائعات وزخرف القول. بعيداً عن صدقية دفاع المدافعين عن قضية المظلوم الشيخ المخلافي أو القتيل الدكتور درهم القدسي أو غيرهم، ففي الماضي أيضاً كانت تحدث هفوات وخذلانات من قبل الأمن في كثير من القضايا الحساسة، لكن أصابع الإتهام لم تكن توجه ضد الوزير مباشرة (الدكتور العليمي).. وإذا حدث ذلك من قبل مقال هنا أو خبر هناك.. رأيت عشرات المقالات في صحف السلطة والمؤتمر وقريباتها تنداح مدافعة عن العليمي دفاعاً قلما تجد مثيلاً له حتى عندما يتعرض رئيس الجمهورية لاصابات كلامية أعتى وأعنف.. ويا سبحان الله.. حتى الحوثيين ومنابر إيران لم تكن تلحق بالعليمي أي سوء رغم أنه المسؤول اليمني الأبرز الذي سدّد للحوثي وطهران ضربات كلامية متوالية في أكثر من مؤتمر صحفي، وداخل البرلمان.. لكن هذه المنابر الحوثية ضالعة هي الأخرى في الحملة ضد "مطهر رشاد العنسي" كما يسميه موقع "المنبر نت". رغم كونه لم يلحق بالحوثيين أذى يذكر، ولم يفضحهم في مؤتمر صحفي ولا في جلسة مغلقة!!
والعجيب أنه طوال التمرد الحوثي لم ينتبه الكثيرون إلى أن تمرد الحوثي هو ذو طابع أمني يتحمل مسؤولية تعملقه جهاز الأمن، وكذا مسؤولية إخمادة.. وليس الجيش!
وبالعودة إلى مسألة هوس إدارة أوباما بالقاعدة باعتباره دافعاً يغري العليمي بمحاولة العودة للوزارة، فإن عمليات القرصنة في القرن الأفريقي هي الأخرى تغري شخصية مثله للعودة إلى منصة الأحداث عن طريق عودته للوزارة المهمة الواقعة على طريق المطار!!
كل ما سبق لا يلغي أن الرجل حالياً يشغل منصباً مهماً في الدولة كنائب لرئيس الوزراء ووزير للإدارة المحلية، ولكن يمكن التطرق أن دور العليمي في "تعز" والذي بدأه منذ سنوات قد بدأ يتقلص منذ انتخاب خالد الصوفي محافظاً للمحافظة.. ولعل من زائد القول التأكيد على أن الظروف الدولية قد جعلت ميزانية وزارة الداخلية ترتفع خلال عهد العليمي ما يقارب عشرة أضعاف، وذلك من أجل مكافحة الإرهاب وكان الرجل ملهماً في الاستفادة من هذه الزيادة في توسيع دائرة محبيه والحريصين على بقائه. على عكس المصري الذي لا يتمتع بموهبة أوامر الصرف ولا يدري في أي اتجاه يمكنه مد خيوط التحالف.. ولهذا نجده وحيداً وضعيفاً في مثل هذه الأزمة التي تشير المعطيات إلى أنها قد تنتهي بإقصائه عن الوزارة (سواء كان المستفيد من ذلك -فيما بعد- د. العليمي أو غيره). بمعنى أخر فإن المصري لا يعمل بنصيحة الشافعي رحمه الله
وإن كثرت عيوبك في البرايا وسرّك أن يكون لها غطاءُ
تستر بالسخاء فكل عيب يغطيه كما قيل السخاءُ
على العكس منه يتصرف العليمي وعلى مسافة من الاثنين يتأمل علي الآنسي مدير مكتب الرئيس.. رئيس جهاز الأمن القومي لتكون لملاحظاته مع الرئيس الكلمة الفصل في مصير كرسي الوزارة.
هل ليحيى بن محمد دور فيما يدور.. لا علم لي، فهذه أسرار أمنية لا يعرفها الكثير من قيادات الداخلية، ما بالك بكاتب صحفي يُعمل قلمه للمرة الأولى في شؤون الأمن. هرباً من الخوف الذي يعيشه... البلد.
إذا صحت تحليلات الذاهبين هذا المذهب فإن اليمن ستدخل نفقاً من الاختلالات الأمنية جراء تصارع الرؤوس القيادية الكبرى في قطاع الداخلية والأمن. علماً أن الفساد المالي والإداري والسياسي استشرى في كل مرافق السلطة التنفيذية في اليمن، لكن جهازي الدفاع والأمن ظلا منيعين ضد هذا الفساد، واقتصرت المظاهر على بعض الرشوات في قسم الشرطة، لكنها لم تصل إلى درجة اللعب بالورقة الأمنية من أجل مصالح الأشخاص.
على أن جهاز الأمن اليمني يظل واحداً من أذكى الأجهزة الأمنية في المنطقة وأكثرها إنسانية. حتى رغم اختراقات غربية كثيفة في السنوات الماضية حاولت التدخل في طبيعة تشكيل وحدات الأمن اليمنية وطرائق التأهيل والتحقيق والأرشفة المعلوماتية. (حتى لقد بات متداولاً لدى بعض الأوساط اليمنية الساخرة أن أي دولة في العالم تريد أن يكون لها يد في الأمن اليمني ما عليها سوى اغتيال اثنين أو ثلاثة أو عشرة من سواحها في اليمن، وتأتي بعدها لتشارك في التحقيقات ثم توقع اتفاقيات مع قيادة الداخلية لإعادة تأهيل الأمن اليمني. زائداً دورات متخصصة وزيارات متبادلة.. الخ)!!
ختاماً فإنه عند استرجاع كل التفسيرات السابقة مهما تباينت فإنها تؤشر جميعاً على أن الترهل الإداري الداخلي وغياب المشروع الوطني الجامع واستفحال الحالة الحزبية يجعل اليمن مرتعاً سهلاً لكل ذئاب العالم.
والمخيف هو أن ينتهز المجرمون الفرصة لإحداث اختلالات أكبر، ذلك أن الأمن وفق بعض العلماء، هو أيضاً "سمعة".. بمعنى أن انفراط سمعة أي جهاز أمني في العالم، ستجعل منه فريسة يتآلب عليها الكثيرون من إخوان الشر.
حرية الإعلام في اليمن، هي الأخرى، تفيد في تقديم المعلومة.. لكنها حتى الآن لم تتعلم كيفية الإفلات من التورط في خدمة مراكز قوى متصارعة، وفي كل يظل المجتمع هو الخاسر الوحيد.
والشيء المتميز الوحيد في هذه الظروف اليمنية بالغة الفوضى، هو أنه بإمكان الصحافة أن تناقش هذه الأمور دون أن يمسسها سوء.
_________
نشوان - خاص


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.