الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
14 أكتوبر
26 سبتمبر
الاتجاه
الاشتراكي نت
الأضواء
الأهالي نت
البيضاء برس
التغيير
الجمهور
الجمهورية
الجنوب ميديا
الخبر
الرأي الثالث
الرياضي
الصحوة نت
العصرية
العين أون لاين
المساء
المشهد اليمني
المصدر
المكلا تايمز
المنتصف
المؤتمر نت
الناشر
الوحدوي
الوسط
الوطن
اليمن السعيد
اليمن اليوم
إخبارية
أخبار الساعة
أخبار اليوم
أنصار الثورة
أوراق برس
براقش نت
حشد
حضرموت أون لاين
حياة عدن
رأي
سبأنت
سما
سيئون برس
شبكة البيضاء الإخبارية
شبوة الحدث
شبوه برس
شهارة نت
صعدة برس
صوت الحرية
عدن الغد
عدن أون لاين
عدن بوست
عمران برس
لحج نيوز
مأرب برس
نبأ نيوز
نجم المكلا
نشوان نيوز
هنا حضرموت
يافع نيوز
يمن برس
يمن فويس
يمن لايف
يمنات
يمنكم
يمني سبورت
موضوع
كاتب
منطقة
رداً على المدعو عبدالغني المعبقي،ومنشوراته التي لاتساوي جناح بعوضة
نائب وزير الاقتصاد يطلع على مستوى الانضباط الوظيفي في مؤسسة الاسمنت والشركة اليمنية الكويتية
باكستان: إسرائيل "دولة مارقة" وقدراتها النووية تشكل تهديدا للسلام العالمي
القائم بأعمال رئيس المجلس الانتقالي يتفقد مستوى الانضباط الوظيفي في هيئات المجلس بعد إجازة عيد الأضحى
غزة.. عشرات الشهداء بمجازر جديدة وانقطاع الإنترنت وسط وجنوبي القطاع
وزير الشباب يلتقي رئيس نادي شباب ملاح ويشيد بدور الأندية في تنمية وعي الشباب
مجلس النواب يثمن موقف باكستان الشجاع تجاه إيران
أمين عام الإصلاح يعزي البرلماني صادق البعداني في وفاة زوجته
احتجاجات غاضبة في حضرموت بسبب الانقطاعات المتواصلة للكهرباء
البكري يبحث مع مدير عام مكافحة المخدرات إقامة فعاليات رياضية وتوعوية
الوصفة السحرية لآلام أسفل الظهر
الأمم المتحدة:نقص الدعم يهدد بإغلاق مئات المنشآت الطبية في اليمن
تصنيف الأندية المشاركة بكأس العالم للأندية والعرب في المؤخرة
تعز.. مقتل وإصابة 15 شخصا بتفجير قنبلة يدوية في حفل زفاف
اليمن يستهدف عمق الكيان
علماء عرب ومسلمين اخترعوا اختراعات مفيدة للبشرية
بايرن ميونخ يحقق أكبر فوز في تاريخ كأس العالم للأندية
أرقام صادمة لحمى الضنك في الجنوب
الانتقالي ومعايير السيطرة في الجنوب
مستشار بوتين.. انفجار النهاية: إسرائيل تهدد بتفجير نووي شامل
التوقعات المصيرية للجنوب في ظل الحرب الإسرائيلية الإيرانية
للكبار فقط...
اغلاق السفارة الامريكية في اسرائيل وهجوم جديد على طهران وترامب يؤمل على التوصل لاتفاق مع إيران
القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد «الأخيرة»
وزيرا الخارجية والصحة يلتقيان مبعوث برنامج الأغذية العالمي
الأمم المتحدة.. الحاضر الغائب!!
صحيفة امريكية تنشر تفاصيل عن عملية الموساد في إيران
الفريق السامعي: الوطنية الحقة تظهر وقت الشدة
عراقجي: امريكا واوربا تشجع عدوان اسرائيل والدبلوماسية لن تعود إلا بوقف العدوان
ثابتون وجاهزون لخيارات المواجهة
حصاد الولاء
مناسبة الولاية .. رسالة إيمانية واستراتيجية في مواجهة التحديات
العقيد العزب : صرف إكرامية عيد الأضحى ل400 أسرة شهيد ومفقود
إب.. إصابات وأضرار في إحدى المنازل جراء انفجار أسطوانة للغاز
مرض الفشل الكلوي (8)
من يومياتي في أمريكا .. صديقي الحرازي
غاتوزو مدرباً للمنتخب الإيطالي
نائب وزير الخدمة المدنية ومحافظ الضالع يتفقدان مستوى الانضباط الوظيفي في الضالع
البكري يرأس اجتماعًا لوكلاء القطاعات العامة ويناقش إعداد خطة ال (100) يوم
وزيرا الخارجية والصحة يلتقيان مبعوث برنامج الأغذية العالمي
هيئة الآثار :التمثالين البرونزيين باقيان في المتحف الوطني
اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 15 يونيو/حزيران 2025
وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ
انهيار جزئي في منظومة كهرباء حضرموت ساحلا ووادي
أهدر جزائية.. الأهلي يكتفي بنقطة ميامي
اليغري كان ينتظر اتصال من انتر قبل التوقيع مع ميلان
اسبانيا تخطف فوزاً من رومانيا في يورو تحت 21 عاماً
حضرموت.. خفر السواحل ينقذ 7 أشخاص من الغرق ويواصل البحث عن شاب مفقود
صنعاء.. التربية والتعليم تحدد موعد العام الدراسي الجديد
صنعاء تحيي يوم الولاية بمسيرات كبرى
- عضو مجلس الشورى جحاف يشكو من مناداته بالزبادي بدلا عن اسمه في قاعة الاعراس بصنعاء
سرقة مرحاض الحمام المصنوع من الذهب كلفته 6ملايين دولار
اغتيال الشخصية!
الأستاذ جسار مكاوي المحامي ينظم إلى مركز تراث عدن
قهوة نواة التمر.. فوائد طبية وغذائية غير محدودة
حينما تتثاءب الجغرافيا .. وتضحك القنابل بصوت منخفض!
الترجمة في زمن العولمة: جسر بين الثقافات أم أداة للهيمنة اللغوية؟
فشل المطاوعة في وزارة الأوقاف.. حجاج يتعهدون باللجوء للمحكمة
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
من تحوّلات شاعر يمني في أزمنة النار والمطر
8 عبد العزيز المقالح
نشر في
نشوان نيوز
يوم 17 - 03 - 2021
الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح – نشوان نيوز – من تحوّلات شاعر يمني في أزمنة النار والمطر
وكنتُ امرأَ القيسِ – أذكرُ – لكنَّني مذْ فُجعتُ بموتِ أبي، واستعنتُ على وطني بالدَّخيلِ تقرَّحَ وجهُ القصيدِ، فَقَدْتُ ملامحَ وجهي، وصارَ الطَّريقُ إلى (
مأربٍ
) كالطريقِ إلى (
القدسِ
) ليلاً، و (دَمُّونُ) لا ينتخي للنشيجِ الذي يتعالى:
"تطاولَ اللَّيْلُ علينا دَمُّونْ
دَمُّونُ إنّا معشرٌ يمانونْ
وإنّنا لأهلِنا محبُّونْ ([1]) "
وفي ليلِ هذا الظلامِ، اختفى وجهُ ذاكرتي، غرقَتْ سُفْنُ أيّامِنا، عندَ (دارةِ جُلْجُلَ). لا يومَ للخمرِ، لا يومَ للأمرِ. ضَيَّعَني اللَّيلُ، ضَيَّعَ شِعْري صغيراً، وضيَّعَ عُمْري كبيراً. (عُنَيْزَةُ) شاختْ على قاعِ ذاكرتي. و (الدَّخُولُ) اختفى. شجرُ الذِّكرياتِ على مدخلِ العينِ جَفَّ. تساقطَ في قبضةِ الجَزْرِ، مَدُّ الفصولِ، إلى أنْ صَحا الشِّعْرُ في جسدِ الشّامِ مُتَّهَماً وحبيساً بصندوقِ (وَضّاحَ) – كنتُ أنا – كانَ شِعْري يُناجي (عُنَيْزَةَ) في خِدْرِها الطَّلَلِيِّ اليماني:
"أيا روضةَ الوَضّاحِ يا خيرَ روضةٍ
رهينُكِ وَضّاحٌ، ذهبتِ بعقلهِ لأهلِكِ لو جادوا علينا بمنْزلِ
فإنْ شئتِ فاحْيِيْهِ وإنْ شئتِ فاقتلي ([2]) "
حطَّمَ الشعرُ صندوقَ سجني، على غيمةٍ منْ هوادجِ (روضةَ) سافرْتُ، أرضعَني ثَغْرُها لبنَ الشمسِ، لكنَّ (روضةَ) كانتْ (عُنَيْزَةَ) ، كانَ هوايَ الجريحُ يرى في محاسنِها منْ (عُنَيْزَةَ) ضِحْكاتِها، ظِلَّ غَمّازَتَينِ على الوجهِ، تُفّاحتينِ على مرمرِ الصَّدْرِ نافرتينِ. افْتَرَقْنا، وحينَ رجعْتُ إليها، إلى (روضةِ القلبِ) كانَ اخضرارُ الرَّبيعِ بقايا شتاءٍ على جسدٍ يتقرَّحُ في قبضةِ اللَّيلِ، هاجرْتُ عنْ قبرِها خائفَ الخطواتِ، حملْتُ القُرَى حينَ هاجرْتُ والناسَ. كلُّ التَّضاريسِ كانتْ معي، شجرُ (البُنِّ) هاجرَ مرتحلاً خلفَ جفني، على شفتي حزنُ أوراقِهِ. وجهُهُ كانَ غَيْماً يُظَلِّلُني في الصَّحارى، وينقعُ جِلْدَ القصيدِ المسافرِ في النَّوْمِ، في جرحِ فاتنتي. وصَحا أيقظتْهُ خيولُ الإغارةِ تنتعلُ الشّامَ والرُّومَ، تجتاحُ أسيافُهم مدخلَ المنزلِ العربيِّ. بكى الشِّعْرُ مستمطراً، أرعدَتْ في الصَّحارى القوافي. وكانَ الرِّجالُ ينادونَني (المتنبِّيَ).. هذا هوَ اسمي الجديدُ، وفاتنتي هيَ (خَوْلَةُ) أختُ السُّيوفِ. تذكَّرْتُ حينَ بدا ضوؤُها (روضةَ) القلبِ.. نَفْسَ العيونِ التي ترقدُ الشمسُ خلفَ بساتينِها تستريحُ منَ السفرِ السَّرْمدي. كانَ وجهاً نبيَّ الملامحِ، جَفَّتْ عليهِ قُروحُ الشِّتاءِ وإنْ حجبَتْ شمسَهُ صُفْرَةٌ منْ ذبولِ الخريفِ؛ فأورقَ حُبّي، تفجَّرَ منْ عُمْقِ أغوارِهِ نهرُ شعري. وفوقَ حدائقِ فتنتِها أثمرَتْ كلماتي.. رأيتُ القصائدَ طالعةً منْ دمي كالسَّنابلِ في غابةِ الشَّمْسْ:
"فَدَيْناكَ منْ رَبْعٍ وإنْ زِدْتَنا كَرْبا
وكيفَ عَرَفْنا رَسْمَ منْ لمْ يَدَعْ لنا
فإنّكَ كنتَ الشَّرْقَ – للشمسِ – والغَرْبا
فؤاداً لِعِرْفانِ الجَمالِ، ولا لُبّا ([3]) "
ولكنَّ شمساً حلمْتُ بها لم تعشْ في الشَّآمِ طويلاً، فقد باعني الخوفُ للنِّيْلِ، والنِّيلُ ضيَّعَني موجُهُ، وتنكَّرَ لي قَصْرُ (خُوفُو) ، تساقطَ في سجنِهِ عَظْمُ شِعْري. رجعْتُ إلى المنزلِ المستباحِ، سكنْتُ (زَبِيْدَ) ارتديتُ عظامَ (عُمارةَ) سافرْتُ في جِلْدِهِ أحسبُ النِّيْلَ قد صارَ – مثلَ دمي فاطميَّ الهوى مستهاماً بفاطمةِ الحبِّ – روضتَهُ البِكْرُ؛ تلكَ التي تتبدَّلُ فيها الأسامي وتبقى هيَ الحبُّ والحُلْمُ، لكنّها رحلَتْ.. مِصْرُ ثَكْلَى تنوحُ، ومنْ دمعِها النِّيْلُ يجري على الضِفَّتَينِ، عيونُ النَّخيلِ مُقَرَّحةً، والعصافيرُ تدفنُ في الطَّمْيِ أحزانَها، وتعيدُ صدى صرخةِ الشِّعْرْ:
"لَهْفي وَلَهْفَ بني الآمالِ قاطبةً
فانزلْ على ساحةِ القَصْرَينِ وَابْكِ معي
على فجيعتِنا في أكرمِ الدُّوَلِ
ديارَهم لا على صِفِّينَ والجَمَلِ ([4]) "
قتلَتْي القصائدُ، عَلَّقَني الشعرُ تحتَ عيونِ النخيلِ، بلا كفنٍ. منْ يغطّي عظامي عنِ النملِ، عنْ نظراتِ التَّماسيحِ؟ منْ يرتدي شجني؟ قيلَ لي: سوفَ تطلعُ شمسُكَ منْ مغربِ الشمسِ. كانَ دمي نازفاً فاغْتَسَلْتُ بِهِ وتسلَّلْتُ ليلاً إلى الغربِ حيثُ ولدتُ ب (مَرْسِيْهِ) جئتُ معَ (العربي) كانَ مدخلُنا واحداً، دينُنا الحبُّ، في صورتي صورةُ الناسِ، والناسُ في صورتي. جسدي مغرقٌ في التواصلِ، يزرعُني الحبُّ عُشْباً على كلِّ خارطةٍ وعصافيرَ عاشقةً لا تكفُّ عنِ البَوْحْ:
"لقد صارَ قلبي قابلاً كلَّ صورةٍ
وبيتٌ لأوثانٍ وكعبةُ طائفٍ
أدينُ بدينِ الحبِّ أنّى توجَّهَتْ
فمرعى لغزلانٍ وديرٌ لرهبانِ
وألواحُ توراةٍ ومصحفُ قرآنِ
ركائبُهُ فالحبُّ ديني وإيماني ([5]) "
كانَ صوتي نَشازاً بمملكةِ اللَّيلِ، في وطنِ الحقدِ، حاولْتُ كَسْرَ الجدارِ الذي يفصلُ الشمسَ والناسَ عنْ ملكوتِ المحبّةِ، لكنّهم أحرقوا لغتي، أحرقُوا جسدَ الحبِّ، لم يبقَ لي – للنهارِ سريرٌ بهذا المكانِ منَ الأرضِ. أبحرْتُ في سُفُنِ الصمتِ مختفياً في رمادي، طَفَوتُ على خشبِ الذِّكرياتِ. استراحَ شراعُ دمي حينَ لاحتْ تحاورُ حزني، ومِنْ قبلِ أنْ يرتخي شجني فوقَ أفخاذِها تحتَ أثوابِها الخُضْرِ مَدَّتْ ليَ العاصفاتُ لساناً منَ النارِ والبرقِ. أسلَمَني البرقُ للرِّيْحِ، والرِّيْحُ للبَحْرِ، والبحرُ للجُزُرِ المبحراتِ معَ الخوفِ دونَ مَدَى، فاشتعلْتُ على البعدِ – في وحدتي – شَبَقاً وانتظاراً أعلِّلُ أيّاميَ الباقياتِ بأغنيةٍ تتمدَّدُ منْ شُرْفَةٍ اللَّيْلْ:
"عنْ ساكني صنعا، حديثكْ هاتْ وافواجَ النَّسيمْ
وخفِّفِ المسعى، وقفْ كي يفهمَ القلبَ الكليمْ
هل عهدُنا يُرْعى، وما يرعى العهودَ الاّ الكريمْ ([6]) "
لم يصلْ صوتُ حُبّي إلى النَّبْعِ، ضاعَ غنائي معَ الرِّيحِ فاحترقَتْ لغةُ النّايِ في شفتي، وعلى شاطئِ العينِ، حيثُ المرافئُ مهجورةٌ تختفي نارُ (ذاتِ العِمادِ) ، وتبرقُ نارُ (الجحيمِ) ، وبينَهما – بينَ نارِ الورودِ ونارِ الشتاءِ – يسافرُ وجهُ غدي كمداً، بينَ حُلْمٍ وَصَحْوٍ تناثرَ عُمْري القديمُ، وعمري الجديدُ وبينَهما تَتَبدَّدُ (يوتوبيا) الشعرِ والعشقِ.
ها هوَ ذا صوتُها:
منْ بعيدٍ أرى في النجومِ ملامِحَها، تلكَ
صنعاءُ
طالعةٌ منْ رمادِ الفجيعةِ والقهرِ، تنبتُ بينَ الخرائبِ؛ لكنَّ صورتَها تتبدَّدُ ساعةَ تقتربُ العينُ، ساعةَ يمتدُّ كي يتحسَّسَها القلبُ يصرخُ: ماذا أرى في مدينةِ حُبّي؟ رؤوساً مُقَطَّعَةً وأكُفّاً إلى اللهِ ضارعةً، وهواناً، وليلاً يغطّي وجوهَ النجومِ التي تتناثرُ أحلامُها في العَشِيّاتِ عَبْرَ الطريقِ الطويلِ المدَمَّى، المشانقُ في جانبيهِ الدَّليلُ، المرايا إلى الفجرِ، لم يبقَ غيري على كَتِفَيْهِ الهزيلَينِ رأسٌ تقومُ ويمسكُها الحزنُ أنْ تتكسَّرَ:
"ما كنتُ أحسبُ أني سوفَ أرثيهِِ
وأنّني سوفَ أبقى بعدَ نكستِهِ
فإنْ سلمْتُ فإني قد وهبْتُ لهُ
وأنَّ شِعْري إلى الدُّنيا سينعيهِ
حَيّاً أمزِّقُ روحي في مراثيهِ
خُلاصةَ العمرِ ماضيهِ وآتيهِ ([7]) "
وما أنقذَتْني سوى نجمةٍ منْ فمِ السيفِ، كانَ العناءُ العظيمُ يطاردُ كلَّ الرفاقِ. إلى أينَ أمضي؟.. إلى الشرقِ منْ آسيا، للجنوبِ منَ الشرقِ. ما أكبرَ الناسَ، ما أصغرَ الكونَ في مطلعِ الشمسِ؟ تقتربُ الكَفُّ منْ ماءِ عرشِ الإلهِ تكادُ تلامسُهُ. صارَ حزني قريباً منَ اللهِ يلعبُ في حِجْرِهِ، يتنقَّلُ ما بينَ أشجارِهِ، يتوحَّدُ فيهِ صلاةً وعنفاً، حياةً وموتاً. وفي نورِهِ طافَ قلبي بكلِّ المعابدِ. طالَ ارتحالُ دمي في بساطٍ منَ الذِّكْرِ مندلقٍ عنْ دفوفِ الدَّراويشِ في صوتِ (بُوذا) أطيرُ، ومنْ حولِ نارِ المجوسِ معَ الوثنيِّينَ صَلَّيْتُ، غَنَّيْتُ، واغتسلَتْ نارُ حُبّي بماءِ البراءةِ في (الكِنْجِ) باركَني كلُّ رَبٍّ هناكَ. تفتَّحَ قلبي ليدخلَهُ الزهرُ، والطيرُ، والوحشُ، والحشراتُ التي يفزعُ الغابُ منها. أبحتُ لكلِّ السيوفِ، لكلِّ السَّكاكينِ صدري فلم تستطعْ لا السُّيوفُ ولا ظامئاتُ السَّكاكينِ سَفْكَ دمي. وهنا حينَ عادتْ معَ الرِّيحِ رأسي إلى وطني قَطَعُوها بسيفٍ منَ الحقِّ كانَ الإمامُ يداعبُهُ ويربِّيْهِ في قَصْرِهِ. آهِ ما أكثرَ الشَّجَراتِ التي تُنْبِتُ الحقدَ في وطني، والصُّدُورَ التي تتربَّى عليها الخناجرُ ظامئةً، تستحمُّ بأوردةِ الجائعينَ العرايا. انطلقتُ بجِلْدي يُرافقُني السَّفَرُ الدَّمَوِيُّ، وسيفُ الإمامِ على عُنْقي مثبتٌ كلَّما أدركَتْ عينِيَ الصَّحْوَ في غربتي يفصلُ السيفُ رأسي ويتركُني جُثَّةً لا تطيقُ الحياةَ ولا الموتَ، جِذْعاً يَنِزُّ دماً في الموانئِ والطرقاتِ يفاجئُني اللَّيلُ في الشرقِ، لا شمسَ في الغربِ، وَهْيَ هناكَ تكابدُ في سجنِها وحشةَ اللَّيلِ، يرسُمُني في الرِّمالِ على شاطئِ البحرِ طفلاً يريدُ العبورَ إلى الفَجْرِ، يشعلُني الشوقُ، يشعلُ ما أبقتِ الرِّيحُ منْ جسدي. وكَنَصْلٍ (يَمانٍ) يحنُّ إلى غمدِهِ بعدَ حربِ (محاصرةٍ) ، تتوهَّجُ روحي حنيناً إلى الوطنِ الشمسِ، أخلعُ عنْ جسدي شارةَ الآدميِّينَ – حُبّاً لها – أستحيلُ إلى طائرٍ يتسلَّقُ أشجارَ مملكةِ الخوفِ، كلَّ صباحٍ ينقِّرُ جدرانَها باحثاً في المنافذِ عنْ ثغرةٍ أتسلَّلُ منها إلى وطني. آهِ، وجهُ المسافاتِ يمتدُّ، دمعي على صخرةِ البعدِ – منفرداً – يتكسَّرُ، ترسمُ أمواجُهُ في عيونِ النهارِ ظلالاً وأسئلةً في أديمِ اللَّيالي:
(ومتى أُقَبِّلُ تربةً نزحتْ
عادتْ طيورُ الأرضِ صادحةً
وأخيطُ منْ أشجارِها كفني؟
فمتى يعودُ الطّائرُ اليَمَني؟ ([8]))
لم يعدْ لدموعي صدىً، عينُ (دَمُّونَ) لم تنبجسْ، والطريقُ إلى (
مأربٍ
) كالطريقِ إلى (
القدسِ
) ما زالَ ليلاً بلا فَجْرٍ احْتَرَقَتْ في الطريقِ فوارسُهُ، ثمَّ نامتْ كواكبُهُ، نامَ وجهي بمقبرةِ الصمتِ حتى صَحا القبرُ والوجهُ في صوتِ أبنائيَ الشُّعَراءِ العصافيرِ، كانتْ حناجرُهم تتحدَّى سيوفَ الظلامِ على شجرِ الخوفِ، يستدفئونَ بأشعارِهم في ليالي الشِّتاءِ، يُعِدُّونَ منْ نارِها قُبَلاً ورصاصاً بها يكتبونَ لفاتنةِ القلبِ أجملَ أحلامِهم، أغنياتٍ، فصولاً منَ العشقِ تلكَ التي ضاعَ وجهُ شبابي، وصدرُ الكهولةِ؛ بحثاً عقيمَ التواريخِ عنْ لونِها عندَ أبوابِ (كندةَ) بينَ (الدَّخُولِ) على بابِ (قصرِ الوليدِ). قصائدُهم ثأرَتْ لي منَ الرُّومِ، منْ (أسودِ المشْفَرَينِ). وها أنا ذا عائدٌ منْ فصولِ التحوُّلِ، بي منْ ترابِ الزمانِ القديمِ شُروخٌ، ولي مُهْرَةٌ منْ خيولِ الزمانِ الجديدِ تسافرُ بي، تعبرُ النهرَ والبحرَ، تجتازُ رملَ الجزيرةِ عائدةً نحوَ (غَمْدانَ) ها هوَ ذا تتلألأُ أبراجُهُ.. أبصرُ الآنَ ما لم تكنْ أبصرتْ عينُ قلبي، وأقرأُ ما لم تكنْ قرأَتْ:
قد تهاجرُ جِلْداً وعَظْماً
وقد تتغيَّرُ لوناً وصوتاً،
وينكسرُ العُمْرُ هَمّاً وحُلْماً،
وقد ترتدي مَنْزلاً غيرَ (سِقْطِ اللِّوَى)
وحبيباً لغيرِ (الدَّخُولِ)..
ولكنَّ قلبَكَ يبقى هنا
خشباً للحريقِ
ونافذةً تتوغَّلُ في المطرِ / النارِ
تثمرُ في سنديانِ العصورِ الجديدةْ.
——————————————————————————–
([1]) امرؤ القيس.
([2]) وضاح
اليمن
([3]) أبو الطيب المتنبي
([4]) عمارة
اليمني
([5]) محيي الدين بن عربي.
([6]) عبد الرحمن الآنسي، شاعر شعبي
([7]) محمد محمود الزبيري
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
أمطار مبللة بالقصائد/ أيلوليات بقلم:نمر سعدي
عكاظية حيفا الثالثة للعام 2016
قَصَائِدُ..فِي وَدَاعِ أَبِي الشاعر محسن عبد المعطي محمد عبد ربه
عيدية للملك
عيدية للملك
أبلغ عن إشهار غير لائق