العين هي أداة الإبصار في الإنسان والحيوان، وهي نعمة من نعم الله تعالى، وقد وردت في القرآن الكريم بمعان شتى، وكذا وردت في الأدب العربي، وقد وصف الأدباء العين في بعض قصائدهم، وذكروا أسماءها، وما يستحسن فيها وما يعيب، وذكروا صفاتها وأجزاءها. وجاء اللغويون فيما بعد وشرحوا المعاني المختلفة للعين، وفصلوا القول في ذلك أيما تفصيل، حتى لا يكون هناك التباس أو غموض في المعنى المراد من العين عندما يرد ذكرها في القرآن الكريم أو في كتب الأدب. وفي بعض النصوص قد تذكر العين بلفظها وحروفها أو تذكر بصفة من صفاتها أو بجزء من أجزائها. كقول الشيخ شهاب الدين الحاجبي: «لها عين، لها غزل وغزل *** مكحلة، ولي عين تباكت وحاكت في فعائلها المواضي *** فيالك مقلة غزلت وحاكت» ففي البيت الأول وردت لفظة (العين) صريحة بلفظها، أما في البيت الثاني فقد ذكر جزء من أجزائها وهو (المقلة) ومقلة العين في اللغة هي الشحمة التي تجمع السواد والبياض، وسميت بذلك من قولهم (تماقل الرجل في الماء) إذا غاص فيه، ولما كانت حبة العين غائصة في مائها سميت (المقلة). ومن أجزاء العين (الحدقة) والمراد بها السواد الأعظم في العين، وسميت بذلك لأن البياض محدق بها. فيقال: (أحدق القوم بالرجل) أي أحاطوا به من جميع النواحي، ومن ذلك قول الشريف الرضي: «يا قلب مالك لا تفيق وقد رأت *** «يا قاتلي بنواظر أجفانها فتكت بك الحدق المراض ولم تزل *** قل للغزال أو الغزالة إذ رنت عيناك كيف مصارع العشاق؟ *** بسيوفها الأمثال فينا تضرب تشجي القلوب جناية الأحداق» *** أو لاح يهرب ذا، وتلك تغيب» ومن صفات العين (الناظر) وهو السواد الأصغر الذي يبصر فيه الرائي شخصه في الماء، ومثناها (الناظران) فيقال: إن فلاناً لمرتفع الناظرين، إذا كان طموحاً، ويقال: (خفض له ناظريه) للذي يستحي من أمر، وجمعها: (نواظر) كما في قول الشيخ برهان الدين القيراطي: «أهداب لحظك للورى شرك فمن *** أوثقته فيهن لا يتفلت كيف النجاة ورمح قدك مشرع *** كيف الخلاص وسيف لحظك مصلت؟» ومن أجزاء العين (الأهداب) ومفردها (هدب) وهو الشعر النابت على أطراف العين، والتي وردت في قول الشيخ برهان الدين: «إن العيون لك الحصون: فهدبها *** شرفاتها، وجفونها الأسوار وكذا محاجرها: الخنادق حولها *** والحافظون بها هم الأنوار» ومن صفات العين (المحجر) وهو ما دار بالعين، وهو ما يبدو من البرقع والنقاب، وجمعها (محاجر)، وقد وردت في قول سيف الدين المشد: «قواصد كافور توارك غيره *** ومن ورد البحر استقل السواقيا فجاءت به إنسان عين زمانه *** وخلت بياضاً خلفها وأماقيا» ومن أجزاء العين (الماق) وجمعها (آماق) وهو طرف العين مما يلي الأنف، وهو مخرج الدمع من العين، ولكل عين موقان. وقد وردت في قول المتنبي يمدح كافور الاخشيدي: «كم دماء مطلولة في هواه *** وبها دوسن خده مطلول وحديث من السقام صحيح *** قد رواه عن طرفه مكحول» ومن صفات العين (الطرف) وهو ما مال بأحد السوادين: السواد الأعظم والسواد الأصغر، والعين المطروفة هي ما أصاب سوادها شيء فتأذى به صاحبها. ويقال: طرفة عين، إذا تحركت أهدابها. وقد وردت في قول علاء الدين الوادعي: ومن عجيب ما قرأت في العين قصيدة للعلامة أحمد السجاعي المتوفى سنة 1197ه. ذكر فيها (العين) بمعان مختلفة، وأعجب ما فيها جعل حروف اسمه في أوائل أبياتها بالترتيب، وسنعرض هنا هذه القصيدة، وسنضع معنى لفظة (عين) في كل بيت من أبياتها بين قوسين بعدها مباشرة. أيا ظبي الفلا وكحيل عين (العين) *** ويا بدر الدجى وضياء عين (الشمس) حميت من المكاره يا غزالاً *** حوى كل الكمال بدون عين (العيب) ملكت القلب مني يا حبيبي *** وحق المصطفى المجري لعين (الماء) دعانا للهداية نعم طه *** رسول قد أبان لطرق عين (القبلة) أمين سيد ما فيه شك *** به تهدي الأنام بكل عين (الناحية) له ذات خلت عن كل سوء *** وقلب قد خلا من شين عين (الرياء) سما فوق السماء ونال قرباً *** وخاطب ربه وحظى بعين (النظر) جميل النفس والأفعال قطعاً *** صفي خالص من قبح عين (الميل) أذاع الخير فينا كل وقت *** وعوذ أمة من شر عين (الحسد) علا رتباً فليس لها انتهاء *** وأظهر دينه لخيار عين (الجماعة) يقيم شريعة غراء فينا *** بها كم قد هدى من كل عين (الإنسان) * خطيب جامع الهاشمي الشيخ عثمان