* الحروب الدينية أو المذهبية هي أقذر الحروب على مر التاريخ، وتكمن قذارتها وقسوتها في أنها تستند إلى معيار الكفر أو الايمان، وشنت حروب مذهبية باسم الله ضد اتباع مذاهب بدعوى أنهم كفار أو ضالون أو زنادقة من قبل اتباع مذاهب أخرى يدعون أنهم اهل الايمان أو حراس العقيدة، وقد اشعلت حروب كثيرة من هذا النوع داخل الدائرة الإسلامية نفسها واستؤصلت مذاهب وطوائف بكاملها، بل وقعت مثل هذه الحروب داخل المذهب الواحد كالزيدية الذي استأصل المطرفية والسنية التي استأصلت سنية كما هو حال الوهابية التي استأصلت مذاهب سنية في جزيرة العرب. الحروب الاخرى مبعثها عداوات وصراعات حول مصالح دنيوية، بينما الحروب الدينية أو المذهبية وإن كانت تدور حول قضايا ومصالح دنيوية يضفي عليها اصحابها ثوب القداسة وترتكب فظائعها باسم الله أو دين الله ويكون استئصال الآخر قربة إلى الله، ومن هنا كانت هذه الحروب تكتسب وحشيتها، وتتميز أيضاً بالديمومة، فإذا خمدت استعرت من جديد. * وقد كاد زمن الحروب الدينية أو المذهبية ينقضي إلا أن رجال الدين المتعصبين اصبحوا يحاولون العودة إلى الماضي يستجرون منه أسوأ ما فيه من تعصب ديني ومذهبي كما حدث في العراق بين السنة والشيعة مؤخراً بفعل الموجة السلفية التي رافقتها موجات من الجهاديين الذين صدرتهم السنية واندمجوا في الجماعات الإرهابية، معززين بفتاوى تضع الشيعة في خانة ألد أعداء الإسلام وتعتبرهم اضر وأخطر على الأمة من (الكفار). الحروب المذهبية في العراق تسببت في قتل اعداد كبيرة من العراقيين تفوق اعداد الذين قتلوا في الحرب مع إيران وحروب صدام حسين الأخرى والحرب الأمريكية على العراق، ولا تزال قوافل الحجيج الشيعة إلى اليوم عرضة للهجمات الإرهابية التي تشن ضد من يسمونهم (الروافض) .. أي الشيعة، ولا يبدو أن الحروب المذهبية في العراق سوف تتوقف نهائياً مادام المتعصبون السنة أو السلفيون متمسكون بموقفهم في تكفير الشيعة، ومن ثم يتحول التكفير النظري إلى فعل مادي عنيف يسمونه الجهاد. * في محافظة صعدة بدأت نذر الحرب المذهبية في الظهور .. حرب حقيقية بين السلفيين في دماج ومن معهم من اليمنيين والأجانب الذين قدموا إلى دماج للدراسة والتعليم في دار الحديث من جهة، وبين الحوثيين المتحمسين للمذهب الزيدي من جهة أخرى. ومعروف أن الزيدية هي أحد المذاهب الشيعية إلى جانب الإثني عشرية والاسماعيلية، والزيدية بنظر السلفية الوهابية (روافض) رغم ان بعض شيوخ السلفية يقولون ان الزيدية أقرب مذاهب الشيعة إلى السنية ولكنه قول لا يغير من تلك النظرة العامة التي تتسم بالعدائية تجاه الشيعة الزيدية. نعم .. تدور هذه الأيام حرب مذهبية هناك لأول مرة منذ عدة قرون، والشيخ الحجوري وشيوخ سلفيون كثر أخذوا في رفع اصواتهم للحض على الجهاد ضد (الروافض) .. وتقارير اللجان التي ذهبت إلى صعدة واطلعت على ما يدور في دماج وحولها تشير إلى أن الجانبين في حالة حرب، وتعزز هذه التقارير تحركات سلفية وتحريض إعلامي للجهاد ضد الحوثيين الذين لا نبرئهم رغم أنهم لم يكونوا البادئين في شن الحرب.