ديمقراطية أميركا بالعراق تهديد للمنطقة كتب جيمس تروب من مجلس العلاقات الخارجية الأميركي مقالا بمجلة فورين بوليسي يقول فيه إن الديمقراطية التي جلبتها أميركا للعراق تشكل أكبر تهديد لاستقرار الشرق الأوسط، ملقيا باللائمة على سياسات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. ويستهل الكاتب مقاله بالقول إن المالكي يتميز بصنع الأعداء، مشيرا إلى أن لقاء القمة العربية في مارس الماضي ببغداد كان خير مثال على ذلك. ويوضح أنه بينما كان ذلك الحدث العربي يقصد منه استعادة احترام العراق في الوسط العربي «بعد عقود من حكم الاستبداد وسفك الدماء»، فإن قادة عشر دول من أصل 22 -بمن فيهم قادة دول الخليج جميعا- رفضوا الحضور استياء مما يتصورون أنه عداء المالكي للسنة في الداخل والخارج، وهو ما حوّل القمة إلى طقس تافه. فكان الصديق الوحيد الذي تبقى للعراق في المنطقة هو إيران الشيعية» التي يبدو أنها على استعداد لتقزيم جارها حتى يصبح دولة تابعة. ويقول الكاتب إن العراق يبدو اليوم أشبه بمخلب قط إيراني، مشيرا إلى أن الدبلوماسيين العراقيين رفضوا في القمة العربية الجهود الرامية لاتخاذ إجراء ضد سوريا أو حتى استخدام لغة قاسية، وهو ما جاء لصالح الأجندة الإيرانية على حساب السعودية وقطر اللتين أيدتا تسليح الثوار السوريين الذين يسعون للإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد. ويضيف أن جميع الخبراء في شؤون العراق يتفقون على أن المالكي قومي عراقي وجد نفسه تحت النفوذ الإيراني لجملة من الأسباب، مشيرا إلى أنه يلحق ضررا كبيرا ببلاده، ويقول «لا يوجد قائد عراقي رشيد يخوض قتالا مع تركيا، كما فعل المالكي». فالعراق -والكلام لتروب- بحاجة إلى تركيا أكثر من حاجته إلى إيران، ولا سيما أن الناتج المحلي الإجمالي في تركيا يبلغ ضعفي نظيره في إيران، كما أن الفجوة قد تتسع في ظل استمرار التوسع التركي والانكماش الإيراني بسبب العقوبات الدولية المفروضة على طهران. فما يحدث في حقيقة الأمر هو أن التوتر المحلي -الذي يعصف بالعراق نظرا لعدم استعداد أي طرف سواء الشيعي أو السني أو الكردي للقبول بشرعية الطرف الآخر- أصبح يمتد إلى خارج الحدود، ويؤجج التوتر الطائفي الذي يطوق المنطقة أصلا. ويضرب الكاتب مثالا على ذلك بالحديث عن محاولة اعتقال قوات المالكي لطارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي وعضو كتلة العراقية التي تحظى بدعم سني على نطاق واسع، وما أثارته تلك المحاولة من توتر بين بغداد وأربيل إثر فراره إلى كردستان. كما أن زيارة الهاشمي لتركيا وقطر أثارت الغضب بين الطرفين، ودفعت إلى تبادل الاتهامات بين بغداد وأنقرة على وجه الخصوص. ويشير الكاتب إلى أن انهيار المحادثات بين بغداد وحكومة إقليم كردستان العراق الذي يقاتل من أجل العائدات النفطية والحدود، رفعت من مستوى درجات الحرارة في المنطقة. ويرى أن السبب الأخير الذي رمى بالمالكي في أحضان إيران هو تهميشه لمنافسيه السنة والمعتدلين من الشيعة مثل رئيس الوزراء السابق إياد علاوي مؤسس كتلة العراقية. أما الصورة الكبرى التي تثير القلق -كما يقول تروب- فهي أن أحد آثار الاحتجاجات التي شهدتها الساحة العربية خلال ال16 شهرا الماضية يتمثل في ظهور الخلاف الطائفي على السطح، تماما كما حدث لدى الغزو الأميركي للعراق، وهو ما أدى إلى تفتيت العلاقات في المنطقة. فالاضطرابات التي وقعت في البحرين والاحتجاجات المناهضة للنظام السوري وضعت تركيا ودول الخليج في مواجهة مع إيران، والآن مع العراق، وكلما طال أمد الصراع ازداد الشق اتساعا. ويختم المقال بأن إدارة الرئيس السابق جورج بوش تصورت أن العراق سيشكل محورا للتحول في المنطقة، ولكن العراق في ظل المالكي غدا دولة مجزأة تتسم بخصائص سطحية للديمقراطية، وشبكة لتصدير الطائفية، وقال إن ذلك يعد درسا آخر لصناع السياسة الأميركيين -إذا ما احتاجوا إليه- بشأن العواقب غير المقصودة لتغيير أي نظام. معظم الإسرائيليين يرفضون حربا مع إيران جاء في تعليق صحيفة غارديان البريطانية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصقور الغرب الذي يسعون لضربة مبكرة ضد إيران يتجاهلون آراء خبراء الأمن والناس بأن معظم الإسرائيليين لا يريدون حربا مع إيران. وأشارت الصحيفة إلى ما قاله يوفال ديسكين، الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشين بيت) بأن نتنياهو ووزير دفاعه إيهود باراك يضللان الشعب حول مسألة إيران ويضعان قرارات مبنية على مشاعر «يسوعية» ووصفه لنتنياهو بأنه غير كفء للإمساك بعجلة قيادة السلطة. وقال ديسكين لقد لاحظتهما عن كثب... فهما ليسا من الأشخاص الذين يمكن الوثوق بهم لقيادة إسرائيل إلى حدث بهذه الضخامة ويفوزون فيه... وهما يخبران الشعب بأنه إذا تحركت إسرائيل فإن إيران لن يكون لديها قنبلة نووية.. وهذا تضليل. والحقيقة هي أن كثيرا من الخبراء يقولون إن هجوما إسرائيليا سيسرع السباق النووي الإيراني. وقالت الصحيفة إن ديسكين ينضم إلى قائمة طويلة من أعضاء بارزين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية الذين عبروا علنا عن نقدهم ومعارضتهم لخط حكومتهم الصقوري المتشدد تجاه إيران. وهذا الهجوم المثير من ديسكين جاء بعد 48 ساعة فقط من إعلان رئيس المؤسسة العسكرية الجنرال بيني غانتس أن القيادة الإيرانية لم تتخذ قرارا بعد لبناء أسلحة نووية، وأنه من غير المحتمل أن تخطو هذه الخطوة الخطيرة وأنها قيادة من أناس في غاية العقلانية. وأضاف أن القرارات يجب تتخذ بعناية بسبب المسؤولية التاريخية لكن بدون هستيريا. وأشارت الصحيفة إلى أن مئير داغان، الرئيس السابق للمخابرات الإسرائيلية (الموساد) قال في مقابلة مع شبكة سي بي إس الأميركية الشهر الماضي إن حربا مع إيران ستكون مدمرة للإسرائيليين لأنها «ستشعل، من وجهة نظري على الأقل، حربا إقليمية. وفي وقت سابق وصف الهجوم الإسرائيلي على إيران بأنه «أغبى فكرة سمعتها. وأضافت الصحيفة أنه ليس هناك إجماع يؤيد العمل العسكري ضد إيران داخل المؤسسة السياسية الإسرائيلية أيضا. وهناك تقارير إعلامية تشير إلى حالة من العزلة التي يعيشها نتنياهو وباراك داخل مجلس الوزراء. والشعب الإسرائيلي أيضا أدلى بدلوه في هذا الأمر. فقد أظهرت نتائج استطلاع نشره الشهر الماضي المعهد الديمقراطي الإسرائيلي وجامعة تل أبيب أن 63% من الإسرائيليين يعارضون ضربة إسرائيلية منفردة ضد المنشآت النووية الإيرانية. وفي استطلاع سابق لجامعة ميريلاند في فبراير/ شباط أيد خمس الإسرائيليين فقط ضربة ضد إيران بدون دعم الولاياتالمتحدة. وقالت الصحيفة إن في هذا الموقف درسا هاما لصقور وحمائم الغرب على السواء. فالصقور في مجلسي العموم البريطاني والنواب الأميركي الذين يستحضرون الأمن القومي لإسرائيل بأنه المبرر الأساسي لهجمة استباقية على إيران يتجاهلون آراء الخبراء بالمؤسستين العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية، في الحاضر والماضي. وفي نفس الوقت ينبغي على الحمائم الذين خرجوا إلى الشوارع رافعين شعارات مناوئة للحرب تلوم الدولة اليهودية على المبالغة في التهديد القادم من إيران أن يدرسوا استبدال كلمة «إسرائيل» ب»نتنياهو». لأنه هو الذي ينتهز كل فرصة للترويج للخوف من التهديد المشابه للنازية القادم من إيران. لكن نتنياهو ليس إسرائيل -فهي أمة من 7.8 ملايين شخص، بمن فيهم 1.6 مليون عربي. وأولئك الذين يعارضون صراعا كارثيا في الشرق الأوسط ينبغي ألا يسمحوا لخطابه هذا المثير للخوف بدون داع واليسوعي أن يطغى على أصوات حمائم إسرائيل: المنتقدون للعمل العسكري الذين يفوقون في عددهم وفصاحتهم الحمائم في البرلمان الأميركي أو البريطاني ومصداقيتهم أفضل بكثير. وختمت الصحيفة بأنه كما هو خطأ اختصار إيران في شخص أحمدي نجاد أو الولاياتالمتحدة في شخص رئيسها السابق جورج بوش فمن الخطأ أيضا ومن غير المثمر اختصار إسرائيل في شخص نتنياهو. فمواطنوها العاديون لا يريدون حربا مع إيران وقادة التجسس والجنود فيها يصطفون ليقولوا لنا سبب ذلك. مخاوف من هجرة أدمغة جنوبي أوروبا أشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى ما وصفتها بالمخاوف إزاء هجرة الأدمغة من دول جنوب أوروبا التي تعاني ارتفاعا في معدلات البطالة، وقالت إن ألمانيا تجذب تلك الأدمغة لإشغال وظائف متعددة في البلاد. وأضافت الصحيفة أن ألمانيا -التي وصفتها بالقوية- باتت في أمس الحاجة للعمال المتعلمين، وأنها بدأت تبحث عن الحل في جنوبي القارة الأوروبية، ووظفت الآلاف من الشباب الذكي والمؤهل بشكل كبير على مدارال18 شهرا الماضية، وأن من شأن هجرة تلك الأدمغة ترك آثار سلبية على بلدانهم الأصلية من جهة وزيادة تقدم ألمانيا من جهة أخرى. وأشارت الصحيفة إلى أن إحدى المساهمات في رسم ملامح هذه المرحلة الجديدة في أوروبا هي المهندسة الإسبانية كريستينا فيرنانديز (36 عاما) والتي وصلت حديثا إلى ألمانيا، قادمة من بلادها التي تعاني ارتفاعا في معدل البطالة يصل إلى 24.4% وهو ما وصفته نيويورك تايمز بالمعدل الذي يبعث على الإحباط. وقالت إن الشركة التي تعمل لديها المهندسة الإسبانية في ألمانيا توفر الرعاية الطبية وظروف العيش المناسبة الأخرى، بل وتساعدها في إيجاد الطبيب أو السوبر ماركت، وأضافت أن المهندسة التي شكت من تفشي البطالة في بلادها إسبانيا، أعربت عن شكرها لما توفره لها الشركة التي تعمل لديها في ألمانيا. وأشارت الصحيفة إلى أن حرية حركة العمال كانت من الأسس التي أقيم عليها الاتحاد الأوروبي، وذلك كجزء من الجهود الرامية إلى إيجاد سوق موحدة، مضيفة أن قلة من العمال اضطروا لمغادرة بلدانهم في الوقت الأكثر رخاء، ولكن الظروف تغيرت تحت ضغط أزمة اليورو والركود الاقتصادي القاسي. وأوضحت أن هجرة الأدمغة والعمالة المدربة بين دول أوروبا -حتى وإن كانت شرعية- من شأنها أن تزيد من معدل التوتر المحتمل، وذلك من وجهة نظر الحكومات وأرباب العمل والعمال المهاجرين أنفسهم على حد سواء. كما أشارت إلى الخسارة التي تتكبدها الدول في جنوبي أوروبا في ظل هجرة الأدمغة التي تكلف البلدان الأم الكثير من النفقات، وإلى أن تأهيل وتدريب المهندس الواحد في إسبانيا يكلف قرابة ثمانين ألف دولار، وأنه بمغادرته بلاده يكون شكل لها خسارة كبرة، وشكل عقبة أمام شركات بلاده تتمثل في صعوبة إيجاد ما تحتاجها من عمالة مؤهلة.