تعتبر ظاهرة العنف ضد الأطفال من أبرز المشكلات التي لا يكاد يخلو منها مجتمع سواء وصف بالتقدم أو الرجعية. وهي ظاهرة ما تزال تتفاقم وتنمو بشكل مضطرد حتى بدت السيطرة عليها أمراً مستحيلاً وذلك بسبب خصوصية هذه المشكلة. فهذه الظاهرة تتراوح بين حدود خارجة عن الإرادة المجتمعية، وحدود تدخلات الدولة وتشريعاتها. فالطفل وفق ما هو متعارف عليه دولياً هو «كل إنسان لم يبلغ سن الثامنة عشرة»، وقد أقرت حقوق الأطفال في شرعة دولية أطلق عليها اسم «اتفاقية حقوق الطفل» وقعت عليها جميع دول العالم باستثناء الولاياتالمتحدةالأمريكية. ولابد لنا أيضاً من الإشارة إلى أن الخوض في مثل هذا الموضوع الشائك يظل قاصراً وتنقصه الدقة العلمية وذلك لعدم توفر إحصائيات علمية دقيقة بالأخص في البلدان العربية، وكذلك عدم وجود مراكز أبحاث متخصصة تعنى بهذا الموضوع في عالمنا العربي. أي أننا لا نملك لمعالجة هذا الموضوع أية مصادر ميدانية باستثناء بعض التحقيقات الصحفية المتفرقة والاستطلاعات والدراسات المبنية على أساس العينة العشوائية في الغالب والتي يقوم بها بعض الأفراد من مختصين أو صحفيين بجهودهم الشخصية. إلا أن مثل هذه الدراسات والتحقيقات ليست عديمة الجدوى والفائدة وإنما تعطي مؤشراً جيداً حول وضع الطفل بشكل عام من حيث تعرضه للعنف والاضطهاد والممارسات اللا إنسانية، وتحمل بعض الدلالات والمؤشرات على الاتجاه العام لهذه الظاهرة. وفي اختتام الدورة التدريبية الخاصة بظاهرة العنف ضد الأطفال والتي حملت شعار « معاً لمناهضة العنف ضد الأطفال « والتي نظمتها جمعية حماية الأطفال من الانحراف بمحافظة عدن ومنظمة رعاية الأطفال بالمحافظة الأسبوع الماضي وبالتنسيق مع نقابة الصحفيين اليمنيين فرع عدن واستهدفت (25) إعلامياً وإعلامية من مختلف وسائل الإعلام (المقروءة والمسموعة والمرئية). صحيفة 14اكتوبر التقت بعدد من الصحفيين والإعلاميين وسألتهم عن انطباعاتهم حول مخرجات الدورة فكانت الحصيلة كالتالي: أهداف عمل الجمعية وحول موضوع الدورة التقينا بالأخت لولة سعيد علي مديرة دار الأحداث ورئيسة جمعية حماية الأطفال من الانحراف وموجهة تربوية في الخدمة الاجتماعية في مديرية البريقة محافظة عدن فاستعرضت لنا مهام وأهداف الجمعية قائلة: هذه الدورات جاء من اجل حماية الأطفال ضمن برنامج عام بدأته مع منظمة رعاية الأطفال في 2008م حيث كانت البداية الأولى في مديرية البريقة ،وقد استهدفت الجمعية في هذا العام مديريتي دار سعد والشيخ عثمان حيث استهدفت الجمعية في برنامجها السلطة المحلية وأجهزة الدولة المختلفة والمعنية بحماية الأطفال إلى جانب مدراء المدارس واختصاصيين اجتماعيين إلى جانب أولياء الأمور إضافة إلى أئمة المساجد وعقال الحارات ومدراء مراكز الشرط وضباط التحري والناشطين الاجتماعيين ومكاتب الشؤون الاجتماعية،مشيرة في الوقت نفسه إلى أن البرنامج جاء لغرض التشبيك والتنسيق من اجل حماية الأطفال في كل المديريات بالمحافظة ل (40) طفلاً من كل مدرسة إلى جانب سبع مدارس بمديرية البريقة وأربع مدارس في مدريتي دار سعد والشيخ عثمان باعتبار المدرسة يعاني الأطفال فيها الكثير من المشاكل ، مضيفة أن احد هداف الجمعية هو تفعيل القرار الوزاري لمنع العنف بالمدارس . وقالت لولة إن رسالة الإعلام تعد الأقوى حيث قامت الجمعية باستقطاب شريحة من الإعلاميين والصحفيين العاملين في مجال الطفولة من مختلف أجهزة الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وقالت إن رسالة الإعلام هم يحمله الجميع باعتبارهم أكثر الناس تحملاً لهذه المسؤولية الملقاة عليهم ،مشيرة إلى أن تدشين هذه الدورة جاء من اجل وضع خطة إعلامية كل في مجاله بما يتعلق بالمواضيع التي سوف يتناولها الصحفي أو الإعلامي في وسيلته الإعلامية خلال الستة الأشهر المتبقية من هذا العام باختيار أبرز المشاكل الذي يعاني منها الأطفال كعمالة الأطفال والتسول والتحرش الجنسي والتسرب من المدارس من اجل مناصرة ومناهضة العنف ضد الأطفال من خلال تفعيل القرارات الوزارية وتوعية الأسر والمجتمع بشكل عام والدولة وتقديم مساندتها ودعمها للأطفال باعتبارهم عماد المستقبل والدولة إذا حافظنا عليهم وأبعدنا عنهم الخطر والمساوئ التي يتعرضون لها واختتمت لولة حديثها بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم « كلكم راع ٍ وكلكم مسؤول عن رعيته » إعطاء مساحة واسعة لقضايا الطفولة التقينا بالمذيعة المتألقة جميلة جميل غانم من قناة عدن الفضائية معدة ومنتجة برامج الشباب (كانت بالسابق مقدمة لبرامج الأطفال لفترة طويلة) فتحدثت حول موضوع الدورة قائلة: من المهم عقد مثل هذه الدورات التدريبية للإعلاميين لتعريفهم حول أهم القضايا الخاصة بالأطفال باعتبار مجتمعنا يعاني الكثير من مشاكل العنف وبالأخص الموجهة ضد الأطفال إلى جانب البطالة والفقر والنزاعات المسلحة وما سببته نزوح وتشرد آلاف الأطفال والأسر إلى الشوارع ومركزةً حديثها حول معاناة نازحي أبين . ووصفت جميلة خلال حديثها وسائل الإعلام بالموسمية من خلال ما تطرحه لتنفيذ خطط إعلامية لا تختص بقضايا الأطفال أو بالتوعية والإرشاد إلى جانب القضايا الأخرى محل النقاش،وقالت انه من حقهم كوسيلة إعلامية مرئية العمل بتلقائية وشفافية في مناقشة المواضيع والقضايا التي تهم الموطن وتلامس احتياجات المجتمع بكافة شرائحه ومن بينهم الأطفال. وأعربت جميلة عن أسفها لعدم وجود برامج خاصة تهتم بقضايا الأطفال وتلامس وصنفت وشبهت برامج قناة عدن الخاصة بالطفولة بالترفيهية وليست تربوية تلامس احتياجات ومعاناة الأطفال أو تقدم معالجة حقيقية واقعية لمشكلة الطفل في البيئة التي يعيش فيها ،مشيرة إلى أن أسباب القصور في عدم وجود مثل هذه البرامج الخاصة بقضايا الطفولة هي ضعف في الكادر الإعلامي المتخصص في القناة من خلال عدم توفر أشخاص متخصصين في الكتابة للطفل أو التنسيق والتشبيك مع المنظمات لاستضافتهم في البرامج المحلية بالقناة،وعاتبت كافة المنظمات العاملة بمجال الطفولة بالمحافظة لعدم قدرتها على التعاون معهم لعمل برامج محلية خاصة بقضايا الطفل بالمحافظة من خلال تقديم الرعاية والدعم والتوجيه ،مشيرة إلى أن كادر المصورين والمخرجين بالقناة لا يملكون القدرة على التعامل مع شريحة الأطفال من بينها(المعنفين، والمعتدى عليهم جنسيا، وأطفال الشوارع ،والتسرب من المدارس والمتسولين).. وغيرها من الظواهر التي انتشرت بشكل كبير في محافظة عدن ،موضحة أنهم اعتادوا على تصوير البرامج الترفيهية التي يظهر فيها الأطفال سعداء أي يتناولونها من الجانب الجميل والمشرق ولكن لم يتم يوما التعامل مع الصورة والوجه القبيح من المعاناة والواقع المؤلم للأطفال وافتقادهم لآلية التعامل معها وكيفية توعية الطفل والمجتمع بخطورة هذه الظواهر عليهم وتحصين الأسرة والأطفال وإشعارهم بالخطر الكبير الذي يمكن أن يتعرضوا له أثناء وجودهم بالشارع، وقالت إن الإعلامي بحاجة إلى تنشيط وتحفيز وإثارة واستفزاز الغريزة الصحفية في داخلة من خلال الاطلاع على تجارب الآخرين وبالأخص التعامل والتنسيق مع المنظمات والجهات المعنية بالطفولة لمعرفة أسباب المشكلة من جميع النواحي، وطالبت في ختام حديثها بضرورة إفراد مساحة كافية عبر القناة لمناقشة العديد من القضايا في المجتمع، واقترحت ضرورة إنشاء صندوق أمان اجتماعي يتم تزويده بإيرادات من استقطاعات فواتير الماء والكهرباء ومن كل كيس اسمنت ومن شركات التبغ والسجائر إلى جانب شبكات المحمول والاتصالات من خلال فرض ضريبة على منتجاتهم وعوائدها إلى صندوق الأمان الاجتماعي ومهمته رعاية ودعم هؤلاء الأطفال و إنشاء مراكز خاصة تقدم خدماتها لهذه الشريحة ورعايتهم (تعليميا وصحيا وغذائيا) من هذالصندوق. مسار الدورة في سياق الدورة التقينا بالصحفي صالح عكبور مراسل صحيفة الطريق فتحدث قائلا: إن الدورة تطرقت إلى موضوعات مهمة جدا تمس شريحة مهمة في المجتمع وهي فئة الأطفال وما تتعرض له من مشكلات تؤثر في حياتهم وتضعهم في مسار خطير يمكن أن ترسم لهم طريقاً كخارجين عن القانون إذا لم تعالج مثل هذه الممارسات، مضيفا أن الدورة وفرت للمشاركين الفرص والإمكانية في تناول المشكلات التي يتعرض لها الطفل من خلال مساهمتنا كإعلاميين في تقديم حلول لها بطرقنا أبواب أصحاب الشأن في ضوء الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي وقعت عليها بلادنا في حماية حقوق الطفل، مشيراً إلى أن نتائج الدورة تعد ايجابية متمنياً أن تكون هناك برامج عمل للقيام بالأنشطة الإعلامية المكرسة لهذا الغرض. دور الإعلام للحد من الظاهرة من جهة أخرى تحدث إلينا المذيع والإعلامي المتميز احمد صالح ربيع مذيع في إذاعة عدن (البرنامج الثاني) عن مخرجات الدورة معتبراً الدورة شكلت أهمية بالغة خاصة في الظروف الحالية التي يمر بها اليمن ومن شانها أن تساعد الإعلاميين في المساهمة الفاعلة في عملية التوعية بالمخاطر التي تحدق بالأطفال والتي تتمثل بمجموعة من الظواهر التي انتشرت بشكل كبير في المرحلة الراهنة الأمر الذي يستدعي من الإعلاميين العمل بجدية باتجاه توعية المجتمع بكل شرائحه بضرورة التخفيف من معاناة الأطفال والحد من العنف الذي يؤثر على مستقبل الطفولة. والالتزام بحقوق الطفولة. وأضاف ربيع أن حقيقة هذه الدورة التدريبية كانت متميزة إلى حد كبير حيث أثيرت فيها النقاشات المستفيضة التي أبرزت أفكاراً من شانها أن تخدم العملية التوعوية المجتمعية بأهمية الحد من العنف ضد الأطفال. تفعيل دور الرسالة الإعلامية وقد التقينا بالصحفي عبد السلام الصوفي مدير مكتب صحيفة (الجمهورية) بعدن فتحدث لنا عن مشاركته بالدورة قائلاً: الدورة بالجيدة وخصوصاً مايتعلق بتعريف نخبة من الإعلاميين والصحفيين في محافظة عدن بأهمية حماية الأطفال من العنف وضرورة تفعيل دور الرسالة الإعلامية والصحفية في المساهمة الفاعلة للحد من ظاهرة العنف ضد الأطفال وما يتعرضون له من إساءة واستغلال،مشيرا إلى أن نتائج الدورة كانت طيبة، مؤكداً أن المشاركين سيبذلون جهداً في سبيل كتابة المواضيع وإجراء التحقيقات واللقاءات الصحفية التي تسهم في خدمة قضايا الطفل وفق التزامات أخلاق المهنة والقانون الدولي لحماية الأطفال.