تكاد محلات بيع الجرائد لا تخلو من (مجلات المرأة) كما يسمونها، مجلات كثيرة ومتنوعة زاهية الألوان، مختلفة الأشكال، تخاطب المرأة كما تخاطب الأطفال الذين يريدون الحلوى، هذا ما أكدته العديد من الدراسات. لا تخاطب المجلات عقل المرأة بقدر ما تخاطب جسدها، فمعظم هذه المطبوعات تركز على المظهر والديكور والملابس ويُغيّب فيها عقل المرأة تماماً، وتغيّب فيها مواضيع استهلاكية، مثل التكنولوجيا، والسؤال هنا، إذا كانت المنتجات التكنولوجية مواد استهلاكية لما لا تتضمن ما يسمى بمجلات المرأة؟. وأظهرت بعض الدراسات التي أشارت إليها صحيفة (الغارديان) البريطانية أن المجلات النسائية، تتجاهل التكنولوجيا وتشيئ المرأة وأظهرت بعض الدراسات أن (الصحافة النسائية) تصور المرأة في صورة النموذج الذي يهتم بالشكل أكثر مما يهتم بالجوهر، فالمرأة منهمكة بجمالها مسرفة في زينتها لا أكثر، أما المواضيع الحياتية الجدّية لا تحتويها هذه المجلات، بل يرى محللون أنّ أصحاب المجلات يسوقون المنتجات التي تعنى بجمال المرأة ولا يسوقون المنتجات التكنولوجية. وفي هذا الصدد ذكرت منظمة العمل الدولية أن الفتيات والنساء لا زلن متخلفات في مجال العلوم والتكنولوجيا سواء في المدرسة أو في أماكن العمل، وتعود الأسباب وفقاً للمنظمة إلى المواقف التقليدية فضلاً عن التمييز المباشر وغير المباشر ضدهن. وأشارت المنظمة إلى أنه وفي حين تتقدم العلوم والتكنولوجيا بوتيرة سريعة، وتوفران فرصا جديدة في أماكن العمل إلا أن النساء يواجهن خطر التخلف عن الركب، الأمر الذي يعود إلى مسألة المواقف ولا علاقة له بالاستعدادات. وقال كلود اكبوكافي، من مكتب منظمة العمل الدولية لأنشطة العمال: "إن النساء يزيد تمثيلهن في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية، ويقل تمثيلهن في مجال العلوم والتكنولوجيا". ودعا اكبوكافي إلى معالجة هذا الخلل من خلال وضع التدابير المناسبة. وبيّن المحللون أنّ هناك ضعفاً ملحوظاً في مستوى الأداء المهني لعدد من الصحف النسائية، بالإضافة إلى عجز هذه المجلات عن تشكيل رأي عام حقيقي وفاعل وواع بقضايا المرأة وتقديم صورة واقعية تعكس إنجازاتها وتناقش همومها ومشاكلها وتقدم مضموناً يشبع احتياجاتها المعرفية والثقافية والإعلامية ويربطها بقضايا المجتمع. ويرى الخبير الاجتماعي علي فهمي أنه لا بد من وضع خطة إعلامية مدروسة تهدف إلى تغيير الصورة السائدة عن المرأة، مع الاعتماد على رصد التغيرات التي حدثت لها في الفترة الأخيرة بما يبرز وضعها الحقيقي، والتركيز على هذا الأمر ينمي لدى الجماهير عامة والمرأة خاصة القيم الإيجابية التي تساعد على التعجيل في عملية تنمية المرأة. وتنمية قيم الوعي بقضايا المجتمع والقدرة على التطوير والتعديل من خلال النقد البناء الذي يتناسب مع مجريات التحديث، من خلال إستراتيجية إعلامية تقوم على النظر إلى قضية المرأة كجزء لا يتجزأ من قضايا المجتمع، وتجنب الفصل التعسفي الذي يؤدي إلى الوقوع في إطار النظرة التجزيئية إلى وضع المرأة وإغفال دورها الحقيقي في تنمية وتطور مجتمعها والعمل على دمج المرأة في كافة الأنشطة السياسية والاقتصادية المختلفة.