في خطابه الوطني الهام حدد الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية ملامح ومتطلبات المستقبل في ضوء مخرجات الحوار الوطني والتي تقوم على مبدأ المسئولية التضامنية والشراكة الوطنية في بناء مستقبل اليمن دون إقصاء أو تهميش أو إلغاء ، الأمر الذي يتطلب تضافر جهود كل أبناء الوطن خاصة بعد أن بارك العالم أجمع وثيقة التوافق الوطني لبناء اليمن الجديد. وتبعاً لذلك يحق لليمنيين بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي الاعتزاز بهذا الإنجاز الحضاري غير المسبوق في سِفر تاريخهم النضالي الطويل ، إذ يدون اليمنيون بهذا الإنجاز أروع صفحات هذا النضال المتواصل من أجل تحقيق غايات الانتقال بالواقع الذي أنتجته ثورتا سبتمبر وأكتوبر إلى آفاق جديدة من الحرية والاستقرار والرخاء ، ذلك أن الثورة لا تقوم - فقط -لإزالة صنوف الظلم والقهر والاستبداد والاستعمار وإنما أيضا لتحقيق تطلعات المواطنين في الحكم الرشيد وترجمة تلك التطلعات إلى واقع ملموس ومعاش. لقد تُوجت مخرجات مؤتمر الحوار الوطني بهذه الوقفة الدولية المساندة لخيار الشعب اليمني في إنجاز حلمه الكبير صوب التغيير بوسائل وأدوات سلمية وحضارية، الأمر الذي استحقت عليه التجربة اليمنية هذا الدعم والثناء الدولي، ذلك أنها تحقق التطلعات في الخلاص من مترتبات سنوات التجريب وتراكم الأخطاء السلبية و في اتجاه مرحلة جديدة لا يعود بعدها اليمنيون إلى حالة الانقسام والتشتت وإهدار الإمكانات وإضاعة الفرص. وتبعاً لذلك، فإن من حق اليمنيين الاعتزاز بهذا الإنجاز الحضاري غير المسبوق على مستوى دول ثورات الربيع العربي التي ما زال بعضها يرزح تحت لهيب الاحتراب الأهلي، خاصة وإن ما توصل إليه المتحاورون داخل قاعات مؤتمر الحوار لم يكن بالشيء القليل أو الهين نظراً إلى حجم صعوبات وتعقيدات المرحلة.. الأمر الذي استحقت عليه مختلف المكونات السياسية والشباب والمرأة على امتداد الساحة اليمنية وفي المقدمة الأخ المناضل عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية كل التحايا والتقدير والثناء. ومن حُسن الطالع أن يهل علينا العام الميلادي الجديد وقد توافق اليمنيون على مخرجات بناءة لوضع خارطة طريق تحدد معالم وآليات ارتياد المستقبل بوضوح شديد، وبحيث تكفل تثبيت أسس قيام النظام الاتحادي الديمقراطي والمرتكز على قيم العدالة والحرية والمساواة والحكم الرشيد والشراكة في السلطة والثروة، بل ومن حُسن الطالع كذلك أن تشمل هذه المخرجات تجديد الثقة بقيادة الرئيس هادي الذي لم يُكذَّب أهله وهو يقود معركة التغيير الإيجابي، متحملاً عناء ومشقات المرحلة بكل مخاطرها وسلبياتها، حيث أستطاع خلال فترة وجيزة إعادة الثقة إلى النفوس القلقة على مصير الوطن بإمكانية الخروج من الأزمة والانتقال من متاريس الاحتراب إلى فضاء الاحتكام إلى لغة الحوار .. وهو ما نجح فيه الرئيس هادي بامتياز عندما تمكن من نزع فتيل الاحتراب و إدارة معترك الحوار باقتدار وحكمة وصولاً إلى تلك المخرجات البناءة التي تُعد - بحق - ثورة جديدة في مسار التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وفي الحقيقة، فإن نشاط الرئيس هادي خلال هذه المرحلة لم يقتصر فقط على نزع فتيل الاحتراب وتضميد الجراح إلى حالة الوفاق وصولاً إلى مخرجات الحوار وإنما أمتد هذا النشاط الرئاسي إلى أفق الخارج، إذ بادرت دول الإقليم والمجتمع الدولي إلى تقديم العون الاقتصادي والمساندة اللوجستية لليمن ولجهود الرئيس هادي في تخطي تلك التحديات . وقد جددت هذه الدول دعمها لمسار التسوية السياسية في تلك المشاهد التي لا تخلو من دلالة عندما استضافت العاصمة صنعاء خلال العام المنصرم جلسة لمجلس الأمن الدولي بكامل أعضائه وفي الحضور الأممي اللافت بمناسبة اختتام فعاليات مؤتمر الحوار الوطني وفي دعمها كذلك لمسار التسوية السياسية خلال الفترة المنصرمة التي نجح فيها اليمنيون بامتياز، إذ باتت هذه التجربة تشكل أنموذجاً حضارياً يحتذى به. ومن المناسب في هذا الصدد التنويه إلى أهمية الاستحقاقات التي يواجهها اليمنيون خلال فترة ما بعد إقرار وثيقة الحوار الوطني وما تضمنته من حلول وضمانات للقضية الجنوبية وباقي الوثائق ذات الصلة بقيام اليمن الاتحادي الديمقراطي الجديد .. وهو ما يستدعي من مختلف القوى والمكونات الوطنية الاضطلاع بمسؤوليات تنفيذ مخرجات الحوار خلال المرحلة المقبلة وبنفس المستوى من المسؤولية والحماس التي طبعت مرحلة الحوار خلال الأشهر المنصرمة.