إنجلترا تبدأ يورو 2024 بفوز على صربيا بفضل والدنمارك تتعادل مع سلوفينيا    نجل القاضي قطران: مضبوطات والدي لم تسلم بما فيها تلفوناته    كيف استقبل اليمنيون عيد الاضحى هذا العام..؟    فتح طريق مفرق شرعب ضرورة ملحة    يورو 2024: بيلينغهام يقود انكلترا لاقتناص الفوز امام صربيا    تن هاغ يسخر من توخيل    مع اول أيام عيد الأضحى ..السعودية ترسم الابتسامة على وجوه اليمنيين    كارثة في إب..شاهد :الحوثيون يحاولون تغيير تكبيرات العيد !    في يوم عرفة..مسلح حوثي يقتل صهره بمدينة ذمار    "لما تولد تجي"...الحوثيون يحتجزون رجلا بدلا عن زوجته الحامل ويطالبون بسجنها بعد الوضع    هولندا تقلب الطاولة على بولندا وتخطف فوزًا صعبًا في يورو 2024    "إرسال عبدالملك الحوثي إلى المقصلة ومن ثم عقد سلام مع السعودية"..مسؤول حكومي يكشف عن اول قرار سيقوم به حال كان مع الحوثيين    الحوثيون يمنعون توزيع الأضاحي مباشرة على الفقراء والمساكين    حاشد الذي يعيش مثل عامة الشعب    خطباء مصليات العيد في العاصمة عدن يدعون لمساندة حملة التطعيم ضد مرض شلل الأطفال    طارق صالح في الحديدة يتوعد الإمامة ويبشر بدخول صنعاء (فيديو)    كاتب سعودي: تجار أميركا يرفعون أسعار الأضاحي    أعجوبة مذهلة .. مغترب يمني يعود للحياة بعد اعلان وفاته رسميا    العيد يوم مختلف ؟؟    حدث ما كان يخشاه عبدالملك الحوثي من فتح طريق الحوبان في تعز.. هل تعيد المليشيات إطباق الحصار؟    الرئيس الزُبيدي يستقبل جموع المهنئين بعيد الأضحى المبارك    طقوس الحج وشعائره عند اليمنيين القدماء (الحلقة الثالثة)    آخر موعد لذبح أضحية العيد وما يجب على المضحي فعله    فرحة العيد مسروقة من الجنوبيين    نازح يمني ومعه امرأتان يسرقون سيارة مواطن.. ودفاع شبوة لهم بالمرصاد    رئيس تنفيذي الإصلاح بالمهرة يدعو للمزيد من التلاحم ومعالجة تردي الخدمات    حجاج بيت الله الحرام يتوجهون إلى منى لرمي الجمرات    كل فكر ديني عندما يتحول إلى (قانون) يفشل    جواس والغناء ...وسقوطهما من "اعراب" التعشيب!    شهداء وجرحى في غزة والاحتلال يتكبد خسارة فادحة برفح ويقتحم ساحات الأقصى    هيئة بحرية: تقارير عن انفجارين قرب سفينة قبالة ميناء المخا    تبدأ من الآن.. سنن عيد الأضحى المبارك كما وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم    بعد استهداف سفينتين.. حادث غامض جنوب المخا    "هلت بشائر" صدق الكلمة وروعة اللحن.. معلومة عن الشاعر والمؤدي    يوم عرفة:    سجن واعتقال ومحاكمة الصحفي يعد انتكاسة كبيرة لحرية الصحافة والتعبير    وصلت لأسعار خيالية..ارتفاع غير مسبوق في أسعار الأضاحي يثير قلق المواطنين في تعز    استعدادا لحرب مع تايوان.. الصين تراقب حرب أوكرانيا    يورو2024 : ايطاليا تتخطى البانيا بصعوبة    عزوف كبير عن شراء الأضاحي في صنعاء بسبب الأزمة الاقتصادية    ياسين و الاشتراكي الحبل السري للاحتلال اليمني للجنوب    صحافي يناشد بإطلاق سراح شاب عدني بعد سجن ظالم لتسع سنوات    ثلاثية سويسرية تُطيح بالمجر في يورو 2024.    - ناقد يمني ينتقد ما يكتبه اليوتوبي جوحطاب عن اليمن ويسرد العيوب منها الهوس    بينهم نساء وأطفال.. وفاة وإصابة 13 مسافرا إثر حريق "باص" في سمارة إب    - 9مسالخ لذبح الاضاحي خوفا من الغش فلماذا لايجبر الجزارين للذبح فيها بعد 14عاماتوقف    أربعة أسباب رئيسية لإنهيار الريال اليمني    لماذا سكتت الشرعية في عدن عن بقاء كل المؤسسات الإيرادية في صنعاء لمصلحة الحوثي    صورة نادرة: أديب عربي كبير في خنادق اليمن!    المنتخب الوطني للناشئين في مجموعة سهلة بنهائيات كأس آسيا 2025م    فتاوى الحج .. ما حكم استخدام العطر ومزيل العرق للمحرم خلال الحج؟    أروع وأعظم قصيدة.. "يا راحلين إلى منى بقيادي.. هيجتموا يوم الرحيل فؤادي    نقابة الصحفيين الجنوبيين تدين إعتقال جريح الحرب المصور الصحفي صالح العبيدي    الكوليرا تجتاح محافظة حجة وخمس محافظات أخرى والمليشيا الحوثية تلتزم الصمت    20 محافظة يمنية في مرمى الخطر و أطباء بلا حدود تطلق تحذيراتها    بكر غبش... !!!    مليشيات الحوثي تسيطر على أكبر شركتي تصنيع أدوية في اليمن    منظمة حقوقية: سيطرة المليشيا على شركات دوائية ابتزاز ونهب منظم وينذر بتداعيات كارثية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منهج علمي جميل لمعالجة الثقافة التراثية
سطور
نشر في 14 أكتوبر يوم 10 - 04 - 2014

لفتت نظري في موقع الفيس بوك، إجابة جميلة للمهندس سبأ طاهر الصليحي على سؤال توجه به أحدهم إليه حول قصة أصحاب الفيل، وكانت الإجابة كما سنرى بعد قليل، معالجة علمية بمنهج رفيع لموضوع تراثي حساس في العادة، ونموذج ينبغي أن يحتذى به في معالجة مثل هذه المواضيع، ولتعميم الفائدة أنقل هنا نص الإجابة التي جاءت كما يلي:
«الأخ جمال أشكر ثقتك وثقة من نصحك بي: إنها تشعرني بالخجل وتضعني في موقف من يوشك أن يخيب ظنكما، أما عن فارق العمر بيننا فلن يقربني ذلك من زمن أصحاب الفيل مهما كان.. هههه).. وكما قلت لك ليس هذا مجالي ولكني استطيع التفكير معك أو الحديث عن المنهجية التي تناسب الموضوع.
مصادر الموضوع هي:
التاريخ والآثار
التاريخ الديني
القصص الشعبي ( هل هناك مصادر أخرى؟)
أما عناصر الموضوع وأحداثه كما تقترحها المصادر فهي كما يلي :
اضطهاد الملك الحميري ذي نواس ملك اليمن لبعض رعاياه بسبب اعتناقهم المسيحية وإحراقهم أحياء في أخاديد أنشئت للغرض.
غيرة ملك الحبشة المسيحي وإمبراطور روما لهذه الحادثة وقرار توجيه جيش للانتقام.
سقوط اليمن تحت الحكم الحبشي وأبرهة ملكاً وقائداً للاحتلال
تأهيل صنعاء كمركز للمسيحية في محيط الجزيرة الوثني ببناء كنيسة كبيرة تسميها المصادر (القليس).
قرار أبرهة إزالة أكبر مركز ديني منافس في الجزيرة وهي كعبة مكة
توجه أبرهة بجيش كبير مجهز بفيل أو فيلة لهدم الكعبة ووصول الحملة إلى مكة.
تبدد وفناء جيش أبرهة بصورة غامضة وفشل حملته في تحقيق هدفها.
سقوط الحكم الحبشي لليمن واعتلاء الأمير الحميري سيف بن ذي يزن الحكم بدعم فارسي.
نقد المصادر المذكورة قد يقود إلى التالي:
عدم وجود آثار ذات علاقة مباشرة.
وجود آثار قليلة ذات علاقة غير مباشرة وهي أخدود نجران وقليس صنعاء المعروف بحسب التراث الشفاهي المتناقل وهو موقع غير منقب وغير مستكشف.
جل التاريخ المكتوب هو ما يسمى (كتب الاخباريين) وتحتاج رواياته إلى كثير من التمحيص ومن الصعب أخذها بثقة.
الإشارة للحادثة في القرآن إجمالية وتقتصر على الإشارة إلى فشل أصحاب الفيل وتدمير الله لهم بحجارة من سجيل عصفت بهم. كما أن الإشارة لحادثة حرق النصارى وردت في القرآن إجمالية أيضاً وكإدانة لأصحاب الأخدود الذين أحرقوا المؤمنين.
تفاصيل الحادثتين توردها كتب التفسير معتمدة على المرويات الشفهية ومرويات السيرة والحديث مما قد لا يصمد أمام النقد المنهجي.
لا يمكن الاعتداد بالمصدر الثالث وهو القصص الشعبي الذي يستقي من كل المصادر ويضيف ويحذف بحرية ما يفقده الثقة أمام مناهج البحث.
نقاط مهمة:
يمكن في البحث العلمي قبول القرآن كمصدر للمعلومات (كمؤمنين به) أو عدم قبوله (كغير مؤمنين به) وعلى أية حال فإن المادة القابلة للنقاش في المرويات تأتي من خارج النص القرآني وهو التفسير والسيرة والروايات.
قد يكون من المهم البحث عن مصادر رومانية أو حبشية لدعم الروايات العربية في هذا الموضوع أو مقابلتها. ومن الوارد وجود مثل تلك المصادر فالقصة تشرك أطرافاً لها آثارها ومدوناتها.
إن القصة في السياق التاريخي المتصور تبدو قابلة للتصديق وممكنة الوقوع في الظروف وتبعاً للتفسير المادي المعقول باستثناء بعض التفاصيل التي تتلخص في الأسئلة التالية:
هل يعقل أن يخرج أبرهة على رأس حملته لهدم الكعبة؟
هل كان الفيل أو الفيلة لغرض هدم الكعبة؟ وهل ذلك أمر عملي؟
هل من الممكن أن يدمر الجيش بتلك الصورة دون مقاومة كما تذكر الروايات؟
ما هي الطير الأبابيل وحجارة السجيل التي جعلتهم كعصف مأكول؟
يمكن الإجابة على الأسئلة السابقة في التالي:
تذكر الروايات أن أبرهة كان قائد الحملة بل أنه كان الناجي الوحيد بعد دمارها وتذكر بعضها مصرعه على مشارف صنعاء عند عودته. وليس من المستبعد أن يكون هو نفسه على رأس حملته إذا كانت الحملة مهمة في نظره لمستقبل مملكته. وعلى أية حال فمن الممكن أن الحملة كانت بقيادة غيره، وهو ما لا يعني أنها لم تجرد أصلاً، وإذا صح خروج أبرهة على رأس حملته فإن ذلك يؤكد أنها كانت تقصد هدفاً أبعد مما تقترحه المصادر من هدم الكعبة وتتجاوزه إلى بسط نفوذ مملكته على الجزيرة.
إن وجود فيل في الحملة هو ما تجمع عليه الروايات وهو ما أعطاها فرادتها في تلك البيئة وأهلها لتكون معلماً للجيش وللحادثة ككل. وهذا أمر غير ممتنع كما يظهر فالجيش حبشي أساساً ولا يستبعد أن يكون في قوامه فيلة أتي بها من الحبشة لليمن. ويمكن أن تكون الفيلة جزءاً من عتاد الجيش الحبشي في تلك الأيام، أما المهمة التي كانت موكلة للفيل فهي هدم الكعبة كما تقترح الروايات ولا يبدو أنها تقترح مهمة له غير ذلك. ويظهر كذلك أن الفيل سيقوم بنطح الكعبة لتنهار تحت وطء نطحاته. إن هذه المهمة ساذجة بعض الشيء، ولا يتصور المرء الاحتياج لتلك الوسيلة لهدم بناء بسيط من الأحجار والطين يمكن لثلاثة أو أربعة جنود أن ينقضوه، قد يكون اصطحاب فيل أو أكثر في الحملة جزءاً من استعراض القوة التي يحتاجها غازٍ لإرهاب منطقة واسعة تحت نفوذ المركز الذي هاجمه.
أما عن هلاك جيش يفترض أنه مجهز وقوي هلاكاً تاماً دون أن يواجه عدواً قادراً على تدميره فلا يبدو مقبولاً في الظروف العادية. ومن اللازم أن يكون قد تعرض لكارثة ما أدت إلى زواله بالكامل، ومحاولة تخيل الظروف التي يمكن أن يمر بها الجيش في ذلك الزمان والمكان قد تصل إلى إمكان فشل الدعم اللازم للجيش في بيئة صحراوية قاسية شديدة الحرارة والجفاف. وقد يتضعضع الجيش وتنهار إمكانياته بسبب غياب الإمداد والدعم اللازمين في منطقة مجهولة وظروف غير مألوفة له. أما افتراض وقوع كارثة طبيعية أو تفشي وباء كالطاعون أو الكوليرا أو الجدري وسط الجيش في ذلك الزمن فهو ما قد يؤدي ببساطة إلى القضاء على الجيش عن بكرة أبيه.
إن التفسير الغيبي الذي أصاب الجيش مذكور في النص القرآني وتفاسيره وهو ما لا يمكن تحديده بالمفاهيم المادية المحسوسة. أما التفسير المادي لما أصاب الجيش فلا يعدو الوباء الفتاك الذي ينتشر بسرعة وغموض يستعصي على إدراك أو إمكانيات إنسان القرن السادس. ويمكن تأويل النص القرآني في ضوء هذا التصور ليعني ذلك بالضبط. فالطير الأبابيل ليست إلا هذه الميكروبات أو الجسيمات الحاملة للمرض الفتاك. وما حجارة من سجيل إلا فيروس أو إشعاع مهلك ينهش أجساد البشر فيذرهم كأنما قد عصف بأجسادهم المأكولة.
أما بعد:
أرجو ألا أكون قد كررت في إجابتي ما لم يشف غليلك فيما بحثت من أجوبة. فإن فعلت فإنما يشفع لي أنني لست من أهل المجال. واغفر لي جرأتي! ولك الشكر!".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.