مهما تعددت التفسيرات وتباينت الاجتهادات إزاء ما يعتمل على الساحة الوطنية وتحديداً في معترك التصدي للإرهاب وتجفيف منابعة ودك تحصيناته من قبل القوات المسلحة والأمن واللجان الشعبية في بعض المحافظات التي حولتها هذه العناصر التخريبية إلى قواعد تنطلق منها مخططات تدمير الوطن.. نقول مهما تعددت تلك التباينات والاجتهادات، فإنها تقود إلى نتيجة واحدة وهي أن المرجعيات الدينية وبعض القيادات الحزبية التي تبرر وتدافع عن منظومة الإرهاب أو تتخذ موقفاً صامتاً، فإنها في واقع الأمر تكون في موقع الشراكة والفعل التدميري لحلم اليمنيين في إمكانية إعادة البناء على أسس حديثة ومتطورة. هذه الحقيقة المُرة هي التي تدمغ مواقف التردد والمخاتلة التي يعتمدها الخطاب التبريري لبعض قيادات الأحزاب التي تنكرت - كما يبدو - للتوافق الوطني الذي عبرت عنه مخرجات مؤتمر الحوار في التأكيد على ضرورة الاصطفاف المجتمعي ضد كل محاولات شق الصف وإعادة عجلة التغيير إلى الوراء. وبالطبع، فإن هذه النظرة القاصرة والموغلة في الانتهازية السياسية، لا تقتصر- فقط - على بعض رموز القيادات الحزبية باعتبارها شريكاً في عملية التسوية.. وإنما تعري كذلك تلك المرجعيات التي تدعي زوراً وبهتاناً الدعوة إلى الحوار مع هذه الجماعات الإرهابية التي جل أفرادها من الخارج وذلك في محاولات يائسة لإطالة أمد عمر هذه العصابات.. وهو منطق يفضح الصلة الوثيقة بين هذه الوجاهات الدينية والأفكار الحزبية الضيقة التي من الواضح أنها ترتبط جدلياً بمفاهيم ومنطلقات عصابات الارهاب...وبالتالي فإن ظل هذه المرجعيات والنخب الحزبية لن يستقيم في ظل هذا التناقض المربك للمشهد السياسي بين منطق البناء و معاول الهدم التي تقوم بها هذه العصابات في كل وقت وحين. ولاشك بأن هذا التخندق وراء الجرائم النكراء لهذه العصابات يترك قدراً كبيراً من التشكيك في صدقية تسليم هذه النخب والمرجعيات بمخرجات مؤتمر الحوار ومجمل التوافقات بشأن التسوية السياسية بكل تطلعاتها وآفاقها. وبصراحة شديدة، حريٌ بهذه الشخصيات والقيادات الحزبية أن تعلن موقفها الصريح والواضح تجاه خيار الانحياز لسلطة الدولة في بسط سيادتها وتجفيف منابع الإرهاب أو الارتهان كلياً وعلنياً إلى هذه العصابات التي تعيث في الأرض فساداً وقتلاً وتخريباً .. بمعنى آخر ليس المطلوب منها ومن إعلامها الذي أعتاد على خلط الحقائق وتزييف الوعي الوقوف إلى جانب خطوات القيادة السياسية والاصطفاف إلى جموع المواطنين في هذه المناطق وأبناء المؤسستين الدفاعية والأمنية لدرء هذا الخطر وتجفيف منابعة.. المطلوب من هؤلاء - باختصار - أن يخجلوا من سلبيتهم المدمرة و أنانيتهم المفرطة و منطقهم الانتهازي في تغليب مصالحهم الذاتية والحزبية على مصالح الوطن.. المطلوب منهم ألا ينصبوا من أنفسهم أبواقاً لكيل الأكاذيب وتلفيق الشائعات للتشكيك في صوابية هذا القرار الوطني الشجاع وبأن يتركوا للشعب القول الفصل في استكمال تحرير الوطن من رجس الإرهاب وتعرية أبواقه ما ظهر منها وما بطن!!