لم يكن هناك قلق مع بدايات شبكة الإنترنت تجاه «جرائم» التي يمكن أن تنتهك على الشبكة، وذلك نظراً لمحدودية مستخدميها علاوة على كونها مقصورة على فئة معينة من المستخدمين وهم الباحثون ومنسوبو الجامعات. ولكن مع توسع استخدام شبكة الإنترنت ودخول جميع فئات المجتمع إلى قائمة المستخدمين بدأت تظهر جرائم الإنترنت وازدادت مع الوقت وتعددت صورها وأشكالها، وذلك مع اختلاف المعتقدات الدينية والمستويات العلمية لمستعملي شبكة الانترنت فقد ظهرت ممارسات غير مشروعة وأصبحت هذه الشبكة أداة في ظهور طائفة جديدة من الجرائم العابرة للحدود، ومختلفة عن باقي الجرائم التقليدية، وقد سميت بالجرائم المعلوماتية أو الالكترونية أو جرائم الانترنت. وتدخل هذه الجرائم في نطاق دراسات القانون الجنائي الوطني، والتي تقع في صميم القسم الخاص لقانون العقوبات، و باعتبارها أفعالاً تتخطى حدود الدولة فتعد أيضاً من اهتمامات القانون الجنائي الدولي، كما تدخل في عداد الجريمة المنظمة التي تقوم على أساس تنظيم هيكلي و تدرجي له الاستمرارية لتحقيق مكاسب طائلة وتكمن أهمية دراسة هذا الموضوع لما يكتسبه من جدة وغموض، أمام انتشار ظاهرة الجريمة المعلوماتية أو جرائم الانترنت. وهذه الجرائم لا تترك أثراً، فليست هناك أموال أو مجوهرات مفقودة وإنما هي أرقام تتغير في السجلات. ومعظم جرائم الحاسب الآلي تم اكتشافها بالصدفة وبعد وقت طويل من ارتكابها، كما أن الجرائم التي لم تكتشف هي أكثر بكثير من تلك التي كشف عنها. مفهوم جرائم الإنترنت لقد أطلق على ظاهرة الجرائم المتعلقة بالكمبيوتر والانترنت عدة مصطلحات دون أن يتم الاتفاق على مصطلح واحد للدلالة على هذا النوع من الجرائم الحديثة، وقد ساير هذا التباين التطور التقني، ونمو ظاهرة الجريمة بالموازاة، فبدأ بمصطلح جرائم الكمبيوتر والجريمة المرتبطة بالكمبيوتر، ثم جرائم التقنية العالية إلى جرائم الكمبيوتر والانترنت أو بعدها جرائم الاختراقات وأخيراً، جرائم العالم الافتراضي. وتنقسم جرائم الإنترنت إلى مجموعتين: المجموعة الأولى: تستهدف مراكز معالجة البيانات المخزنة في الحاسب الآلي لاستغلالها بطريقة غير مشروعة كمن يدخل إلى إحدى الشبكات ويحصل على أرقام بطاقات ائتمان يحصل بواسطتها على مبالغ من حساب مالك البطاقة، وما يميز هذا النوع من الجرائم إنه من الصعوبة اكتشافه ما لم يكن هناك تشابهة في بعض أسماء أصحاب هذه البطاقات. المجموعة الثانية: تستهدف مراكز معالجة البيانات المخزنة في الحاسب الآلي بقصد التلاعب بها أو تدميرها كلياً أو جزئياً ويمثل هذا النوع الفيروسات المرسلة عبر البريد الإلكتروني أو بواسطة برنامج مسجل في أحد الوسائط المتنوعة والخاصة بتسجيل برامج الحاسب الآلي ويمكن اكتشاف مثل هذه الفيروسات في معظم الحالات بواسطة برامج حماية مخصصة للبحث عن هذه الفيروسات ولكن يشترط الأمر تحديث قاعدة بيانات برامج الحماية لضمان أقصى درجة من الحماية. صائص جرائم الإنترنت تعتبر الجرائم التي ترتكب من خلال شبكة الانترنت، جرائم ذات خصائص منفردة، لا تتوافر في الجرائم التقليدية، سواء من حيث أسلوب وطرق ارتكابها، أو شخص مرتكبها، و تعددت هذه الخصائص والمميزات، وسرعة غياب الدليل وصعوبة إثباته، أن المعلومات التي يحملها الانترنت تكون في شكل رموز مخزنة على وسائط تخزين ممغنطة ولا تقرأ ألا بواسطة الحاسب الآلي، وهو ما يجعل الدليل الكتابي أو المقروء، أمراً يصعب بقاؤه أو أثباته مما يتطلب وجود مختصين للبحث و تفحص موقع الجريمة وهو ما يتعارض مع قلة الخبرة لدى أجهزتنا الأمنية القضائية. ويسهل محو الدليل من شاشة الكمبيوتر في زمن قياسي باستعمال البرامج المخصصة لذلك. أنواع جرائم الانترنت - انتحال الشخصية: هي جريمة الألفية الجديدة كما سماها بعض المختصين في أمن المعلومات وذلك نظراً لسرعة انتشار ارتكابها خاصة في الأوساط التجارية، وتتمثل هذه الجريمة في استخدام هوية شخصية أخرى بطريقة غير شرعية، وتهدف إما لغرض الاستفادة من مكانة تلك الهوية (أي هوية الضحية) أو لإخفاء هوية شخصية المجرم لتسهيل ارتكابه جرائم أخرى. فارتكاب هذه الجريمة على شبكة الإنترنت أمر سهل وهذه من أكبر سلبيات الإنترنت الأمنية. - تشهير وتشويه السمعة: يقوم المجرم بنشر معلومات قد تكون سرية أو مضللة أو مغلوطة عن ضحيته، والذي قد يكون فرداً أو مجتمعاً أو ديناً أو مؤسسة تجارية أو سياسية. وتتعدد الوسائل المستخدمة في هذا النوع من الجرائم، لكن في مقدمة قائمة هذه الوسائل إنشاء موقع على الشبكة يحوي المعلومات المطلوب نشرها أو إرسال هذه المعلومات عبر القوائم البريدية إلى أعداد كبيرة من المستخدمين. السب والقذف على الإنترنت: تعد جرائم القذف من الجرائم التي لها الأثر البالغ سلباً على شخص الإنسان، وهي الأكثر شيوعاً وانتشاراً خاصة بعد ظهور شبكة الإنترنت إذ يساء استخدامها للنيل من شرف الغير أو كرامته أو اعتباره أو تعرضه إلى بعض الناس واحتقارهم بما يتم إرساله للمجني عليه على شكل»رسالة بيانات». - الالتقاط غير المشروع للمعلومات أو البيانات. - الدخول غير المشروع على أنظمة الحاسب الآلي. - التجسس والتنصت على البيانات والمعلومات. - انتهاك خصوصيات الغير أو التعدي على حقهم في الاحتفاظ بأسرارهم وتزوير البيانات أو الوثائق المبرمجة أيا كان شكلها. - إتلاف وتغيير ومحو البيانات والمعلومات. - جمع المعلومات والبيانات وإعادة استخدامها. - تسريب المعلومات والبيانات. -التعدي على برامج الحاسب الآلي سواء بالتعديل أو الاصطناع. - نشر واستخدام برامج الحاسب الآلي بما يشكل انتهاكا لقوانين حقوق الملكية والأسرار التجارية. مكافحة جرائم الإنترنت أهم خطوة في مكافحة جرائم الإنترنت هي تحديد هذه الجرائم بداية ومن ثم تحديد الجهة التي يجب أن تتعامل مع هذه الجرائم والعمل على تأهيل منسوبيها بما يتناسب وطبيعة هذه الجرائم المستجدة ويأتي بعد ذلك وضع تعليمات مكافحتها والتعامل معها والعقوبات المقترحة ومن ثم يركز على التعاون الدولي لمكافحة هذه الجرائم.