الرباط / تباشير أيار.. إلى رشيدة القيلي أنا مبتهجة، أو هكذا كنت، لا أقرأ الصحف المحلية، إمعانا في البهجة، وخشية أن تُفسد أخبارها المفجعة بهجتي بحلول خمس عشرة شمسا في حضرة بهاء يمننا الواحد المتعدد؛ أنا مبتهجة جدا، أعني هكذا كنت، ولكن قاتل الله الشوق لأخبار البلاد، ولعنة الله على(شيء اسمه الحنين) لرؤية ما يكتب في اليمن على صفحة الأثير، لأن الشوق والحنين هما من أفسدا بهجتي العارمة بذكرى حلول أيارنا اليمني بكل عظمته وفرادة حضوره في أنصع صفحات تاريخ يمننا الجديد. فقد راعني ،فيما راعني من أخبارنا المحلية، أن أجد خبرا ،لم أعد أذكر هل طالعني في موقع واحد أم طاردني في اتجاهاتي كلها، الخبر يقول إن رشيدة القيلي وجملة من كُتّاب آخرين مطلوبون للنيابة. مطلوبون؟ في أي جرم يا ترى؟ النيابة اليمنية التي لم تطلب الفساد وهي تراه يأكل من لحم اليمن، هي نفسها التي تستدعي رشيدة؟ ماذا فعلتِ يا رشيدة؟ هل قتلتِ يا امرأة؟ أم سرقتِ ؟ أم أنك تعاطيتِ الرشوة وتلاعبتِ بمصائر البسطاء من المواطنين؟ ماذا فعلتِ يا امرأة كي تطلبك النيابة؟ قلت لنفسي (في جدل افتراضي) حتى لو كانت رشيدة قد تمادت في عالم الإجرام فقتلت، وسألت نفسي(في سياق الجدل الافتراضي نفسه) لمَ تطالب رشيدة، وأصحاب الرأي وحدهم، بعقاب في حين أن قتلة كثيرين يمشون في الأرض ويأكلون الطعام كأنهم أنبياء؟ لكأنهم معصومين عن النيابة ومحروسين من قبضتها العادلة؟ و إلاّ فأين قاتل (قتلة) جار الله عمر – على سبيل التمثيل بجريمة واحدة، وليس على سبيل حصر القاتلين- ؟ حتى لو سرقت؛ حتى لو.... ، لماذا هي وحدها/ هم وحدهم؟ وكل الجرائم تمشي على قدميها فوق أديم الوطن فلماذا تطلب امرأة كل جرمها أنها تحمل قلما، به تؤكد لليمن صدق ما فعلته فينا الوحدة من قدرة على الاختلاف المحب، من ولادة أخرى للكلمة الحرة، و استعادة لقداسة الرأي الآخر. امرأة ذات قلم يتماهى مع اسمها لولا أنها تفوقه بتاء عصية على التدجين، تاء مربوطة باستدارة تحكم قبضتها على أعناق الفساد. امرأة اسمها رشيدة. ولكنكِ يا رشيدة أسرفتِ (أنسيتِ أن المبذرين أخوان الشياطين ويحق للنيابة ملاحقة الشياطين وإخوانهم، وسيلاحقون حتى لو كانوا أخوان مسلمين؟) نعم أسرفتِ في الجهر ،أكثر من سواك، بحب اليمن، في الدعوة بإخلاص لكرامة إنسانها، و نسيت أنك لست سوى امرأة حتى لو اتصفتْ بالرشد، امرأة فقط ،يا امرأة، لم تستح أن تنافس الحكومة وتنازعها في اسمها، الحكومة فقط يا رشيدة هي الرشيدة ( وهل ستفهمين أكثر من الحكومة؟ على رأي عادل إمام). أنا غاضبة منك يا رشيدة لأنك أفسدت عليّ فرحتي بحلول أيار/ مايو، غاضبة منك لأنك كشفتِ لي في شهر الوحدة أن منجز الوحدة يُسرق ،رويدا رويدا، من بين أقلامنا، إن فرحتنا الغامرة بالديموقراطية تُضرب في مقتل في شهر الديموقراطية نفسه، في شهر فرحتنا بذكرى حلول احتفالات شعبنا بشعبنا الواحد الحر، شعبنا الذي تغاضى عن إفقاره حين تمت ترضيته بما يشبه الديموقراطية، لأن الأخيرة تجري في دمه منذ وجد، ليست منحة طارئة عليه، ليست مكرمة رئاسية، ليست عطاء من أحد إنها اختياره، وميراثه المعلن على لسان الرائعة: بلقيس التي حكمتْ بالشورى لا بمعاونة النيابة. آه، على ذكر الشورى أنت تكتبين فيها وتحلمين بتحققها كاملة غير منقوصة، وحقيقية لا بهرجة أو ادعاء، هل ظن الجاهلون أنك بسبب الشورى تطمحين أن تستعيدي مكانة جدتك/ جداتك وما أكثرهن، لتحكمي بشوراها/ شورى النساء؟ هل تلاحقك النيابة بهذه التهمة؟ هل رأت فيك تلك النيابة خطرا على نظام الحكم الذكوري الوجه واليد واللسان؟ إذن لم لا تغيرين الصحيفة؟ اكتبي في مكان آخر، اكتبي بقلم آخر، اكتبي باسم آخر، اكتبي لوطن آخر، وفي وطن آخر، اكتبي شيئا آخر غير الذي به تزعزعين فرحتي/ فرحتنا جميعا بعيد يستحق أن يحمل صفة الوطنية بجدارة. اكتبي أو لا تكتبي يا امرأة. ودعيني ،دعينا جميعا، نكتب عن فرحتنا بالديموقراطية والتعددية والمنجزات الكثيرة الكثيرة التي ليس مهماً أن نراها لكننا نثق بوجودها في ربوعنا ثقتنا بوجود الله في هذا الكون، لا نكفر بها وإن لم نرها، كما لا نكفر بالله ونحن لا نراه. كنت مبتهجة حقا فماذا فعلتِ يا رشيدة كي تهددي فرحتي؟ ماذا فعلتِ؟ أو ماذا نفعل يا رشيدة كي لا تسرق منا فرحتنا و هويتنا اليمنية الضاربة في الأصالة والموسومة بالكبرياء؟ كي لا يأتي عيدنا اليمني الباذخ دون عيد؟ وأكاد أقول دون يمن، أترى حقا يمكن أن تسرق اليمن تماما؟ ومن ستطلب النيابة حينها؟ هل تجيبي أنت يا رشيدة؟ فليس في طوقي الجواب ولست مهيأة لاستدعاء النيابة، وما زلت أريد أن احتفل بيمنيتي في تجليها الربيعي، في ذكرى إعادة تحقيق الوحدة بطريقة سلمية، وفي ذكرى إعادة تحقيق الديموقراطية ليمن ابتدع للبشرية أصول الديموقراطية ولن أقول الشورى، حتى لا يلتبس الأمر على أحدهم فيوعز للنيابة باسمي. لا قدرة لي الآن إلا على محاولة إعادة تحقيق الفرحة بذكرى تحقيق الوحدة. فهلا كتبتِ لي أو عني يا رشيدة؟ الغاضبة منك حد البكاء عليك/علينا ابتسام