للقاص والروائي اليمني الشاب ياسر عبد الباقي مجموعة قصصية صدرت العام الماضي بعنوان "امرأة ليلية" عن مركز عبادي للدراسات والنشر بصنعاء، وهذا هو العمل الثالث للكاتب بعد رواية "زهافار" ومجموعة سابقة بعنوان "أحلام". تضم المجموعة 13 قصة قصيرة تحلق بالقارئ في أجواء متباعدة من جهة اختلاف مضامين نصوصها التي تزاوج بين أكثر من فكرة، لكن تنوع المضامين في المجموعة لا يمنع وجود حالة من الاتساق الذي يتمظهر في أسلوب السرد وبساطة اللغة واعتماد الكاتب على الحوار بين الشخصيات كجسر يفضي إلى تنامي الأحداث واكتمال معمار النص، هذا إلى جانب اعتماد الراوي في أغلب النصوص على ضمير المتكلم، ولعل في هذه السمات الأسلوبية ما يعين القارئ على التنقل بين قصص تتنوع في اشتغالها على موضوعات متباعدة. يجعل الكاتب القصة التي حملت عنوان المجموعة "امرأة ليلية" في نهاية الكتاب، ويجد القارئ ثلاث قصص أخرى تتحد في مضمونها مع القصة/ العنوان، وهي (عينا رجل، البحر، هزاع) وما يوحد بين النصوص الأربعة هو حضور الأنثى كجسد مشتهى وأحياناً كصورة حالمة تعصف بالذكر وترمز لعجزة وتردده في المكاشفة والجهر بالحب، كما توحد رائحة البحر بصخبه تارة وشاعريته تارة أخرى بين هذه النصوص التي كان بالإمكان أن تمثل محوراً لمجموعة قصصية مكتملة. فيما تذهب النصوص الأخرى في الكتاب لملامسة قضايا أخرى بعيداً عن البحر والأنثى، وإن حضرت المرأة في بعض النصوص البعيدة عن البحر فإن استحضار الكاتب لها إنما بقصد خدمة فكرة النص، كما في قصة "سوسن والذئب" التي تتكئ على حادثة اغتصاب حقيقية تناقلت الصحف أصداءها، وكما في قصة "القصبة" التي تحضر فيها الأنثى في سياق مختلف يؤرخ لدورها في أحداث الثورة الجزائرية. ومن النصوص التي يجدر الوقوف أمامها تلك التي حملت مدلولاً سياسياً واضحاً وإن تخفت وراء الرموز، فتحت هذه العناوين (لنذهب كلنا للجحيم، البلهاء، الرجل الذي خدع كرسية) نطالع قصصاً مشحونة بمضمون سياسي صارخ يحاول الكاتب من خلاله التعبير عن سخرية الوعي الجمعي من ملابسات الواقع الراهن ومن يتحكمون بخيوطه ومساراته.