المتأمل للمشهد السياسي اليمني وما يعتمل فيه يجد العجب العجاب، فلو نظرنا لواقعنا السياسي لوجدنا أنه ينطبق عليه شعر أحمد مطر في الأبيات التالية: أكثر الأشياء في بلدتنا الأحزاب والفقر وحالات الطلاق عندنا عشرة أحزاب ونصف الحزب في كل رفاق ولم يعد عندي رفيق رغم أن البلدة اكتظت بآلاف الرفاق ولذا شكلت من نفسي حزباً ثم أني مثل كل الناس أعلنت عن الحزب انشقاق على نهج «التفريخ» و «الاستنساخ» غذّت السلطة الخطى نحو تفريخ الأحزاب والتنظيمات السياسية، فنجحت في تقسيم الناصريين إلى ثلاثة أحزاب، والبعثيين إلى حزبين، وحزب اتحاد القوى الشعبية إلى قسمين ومصادرة واستنساخ صحيفته. وكذلك تعرض الحزب الاشتراكي اليمني لمحاولات تقسيم؛ لكن السلطة فشلت في تحقيق مشروعها تجاه الحزب ورغم أنها أصدرت صحيفة مشابهة لصحيفة الحزب «الثوري» باسم «الثوري الوحدوي» لكن هذه الفقاسة لم يكتب لها البقاء وانتهت... كذلك دعمت السلطة أحزابها المفرخة فأنشأت ما سمي ب»المجلس الوطني للمعارضة» لمواجهة تكتل أحزاب اللقاء المشترك. لم تكتفِ السلطة بذلك بل قامت في السنوات الماضية بتفريخ مسيرات المتقاعدين، مناهضة لمسيرات المتقاعدين المعارضين، واستنساخ كذلك جمعية لمتقاعدين موالين للسلطة، كما قد كانت استنسخت منظمات جماهيرية ونقابات مهنية موالية لها، تناهض المنظمات والنقابات المعارضة لتوجهات السلطة، مثل تشتيت نقابة المعلمين إلى أربع نقابات، ونقابة الأطباء إلى أكثر من نقابة، وكذلك اتحادات ومنظمات الطلاب والشباب.. ولم يقتصر الأمر هنا بل تعدى أكثر من ذلك حتى تم تفريخ المشائخ، وتفريخ الإرهاب، وتفريخ المثقفين، وتفريخ الفن... فالنسخ والتفريخ حوَّل الساحة السياسية إلى مسرح كبير للمسرحيات السياسية الهزلية التي لعبت فيها السلطة دور البطل والمخرج، من خلال ما قامت به من تفريخ وتفتيت لأحزاب سياسية واستنساخ لصحفها ولقياداتها بطريقة هزلية، فهي تقوم بتقسيم المُقسَّم وتجزئة المُجزّأ، واعتمدت على سياسة فرِّق تحكم، ومشاريع التفريخ والاستنساخ؛ لإضعاف القوى الوطنية، وإنتاج فقاسات وتفريخات تدور في فلكها حتى تستمر لفترة أطول في الحكم، وما نشهده اليوم من حشد وتعبئة وتحريض من قبل السلطة والكيانات التي تدعمها كالملتقى السلفي العام، واللجان الشعبية للدفاع عن الوحدة، ووجود مجلس التضامن «القبلي» الوطني، يقابله ملتقى التشاور الوطني ووجود حراك سياسي كبير في الجنوب واستعداد السلطة لإجراء ترتيبات لإخراج مسيرات في ذكرى الجرح في 7/7 يزيد من قتامة صورة المشهد السياسي، وينذر بكارثة لا يعلم بنتائجها إلا الله.