المجالس المحلية ومجلس النواب أحد الوسائل الديمقراطية الشكلية والتنفيذية التي يرشح فيها المواطنون من يمثلهم وينوب عنهم للمطالبة بحقوقهم والعمل بشكل دؤوب على تنفيذ ما وعدوهم به في برنامجهم الانتخابي. ولكن مع الأسف فإن هذه المجالس تتعالى على ناخبيها، وتتحول إلى غرف مغلقة، وتفيد سكرتاريات هذه الغرف بأن الجميع أو البعض أو المدير في اجتماع مغلق، وأنه لا يريد دخول أحد ولا وقت لديه لمعاملات أو غيرها، هكذا هو حال الإدارات الحكومية والمجالس سواء أكانت محلية أم نيابية أم غيرها طوال فترة الترشيح الأربع سنوات عامين تقريباً اجتماعات داخلية، أو خارجية، وأربعة إلى ستة أشهر مسافر، وما يقاربها إجازات وطنية أو دينية أو مرضية؛ فماذا بقي لهؤلاء من مهام سوى اهتماماتهم الشخصية، أما المواطن فلم يستفد منهم شيئاً وإذا كانت معه معاملة فإنه يستغرق أسابيع في متابعتها دون جدوى فيمل المعاملة ويتركها أو يمزقها!.. وخلال هذه الأشهر بل ومنذ ذكرى الوحدة اليمنية ترك معظم المسئولين في بلادنا مدراء عموم، وأعضاء عموم، وأعضاء مجالس ورؤسائهم وأعضاء لجان دائمة كل أعمالهم وواجباتهم كل منهم ابتدع فكرة السفر إلى محافظته أو محافظة أخرى وربطها بواجب وطني هو التوعية بأهمية الوحدة ورسوخها، وكم يا شيكات وأرصدة تنفق مقابل هذا الواجب والذي لا وجود له في الواقع سوى أنه احتيال للنيل من المال العام لاسيما أن الحكومة قالت إنها خفضت النفقات للعام الجاري بسبب الأزمة المالية العالمية، المهم أن 80% أو أكثر من مسئولينا منذ 22/5/2009م حتى اليوم منشغلون بمهام وطنية وحدوية وبترسيخ أداء المجالس المحلية والمساعدة بتوسيع صلاحياتها من خلال توسيع اجتماعهم، مهام تمليها على البعض مبادرة ذاتية، نظير سلب للمال العام، والبعض الآخر موجه لخدمة النظام، ويا له من نظام رسخ قواعد العشوائية في البلاد، ويجتهد أو يحتال لحل مشكلة بإضافة عشرات المشاكل الأخرى. فكم كلفت الدولة احتفالات ومبادرات، وابتكارات عيد الوحدة المباركة، وهل ستحظى الدولة حتى على دعوات من أصابتهم بركاتها بعمر مديد؟ وهل هذه الممارسات ترسيخ للوحدة؟ أم تعميق للفساد والظلم ونهب المال العام، وكلها تهدد أمن الوطن ووحدته. نظام عكسي الفهم والأداء كما هو غالب على نظامنا الحاكم والذي لا يؤمن بخير لعبة التوازن وتوزيع المال على مراكز القوى وفئات النخبة السياسية والاجتماعية كحل وحيد لكل الأزمات أياً كان نوعها، متغافلاً مطالب أكثر من 20مليون يمني وكأنهم لا ذوات لهم بل عبيد أو جواري لدى تلك النخب الاجتماعية، في الوقت ذاته لا يوجد في العالم الديمقراطي كله والدول التي تدعي امتلاكها قوانين وأنظمة نظام يعمق الطبقية ويضعها فوق كل اعتبار وقانون أياً كانت سلبية عدا النظام اليمني، وهو بتعاملاته من أحيا نزعات السلطات والمشائخ والدويلات في جنوب الوطن، نظام يزرع لنفسه الآفات والمشاكل وللوطن أجمع ثم ينادي ويحمل الجميع المسئولية أو يلقي باللوم على البعض، وكأن كل عناصره لم تدرس أو تقرأ عن أدب اللغة العربية وأمثالها، التي تتردد حتى في جلسات المقيل والسمر، وفي الأحداث اليومية ومنها مثلاً: «من حفر حفرة لأخيه وقع فيها»، وأيضاً «يداك أوكتا وفوك نفخ». والجميع يتساءل أتعكس هذه الممارسات عناد النظام بمعنى التحدي واللامبالاة بما يجري في الوطن، وهي الجزئية التي لا تنفصل عن الغباء الذي يرونه سبباً آخراً ؟!! أم أن عدداً كبيراً ممن يملكون زمام الأمور في اليمن لا يعدون عن كونهم يمنيي البطاقة؟؟ في الوقت ذاته تحدثت الحكومات المتعاقبة عن الازدواج الوظيفي، وأنفقت الخدمة المدنية للحد من ذلك مليارات الريالات غير أن 90% من مسئولي الدولة يملكون أكثر من 34 وظائف ومناصب وهو ما تعريه الاجتماعات العمومية للدولة، فإلى متى كل هذه الممارسات السيئة للوطن وأهله والتي تبرز الرأي العام اليمني وتصوره على أنه أجهل وأغبى شعب في العالم لإذعانه وإذلاله واستكانته؟ وإلى متى سيظل إدمان جلسات المقيل لدى المسئولين في بلادنا مسيطراً حتى على أوقات دوامهم؟!