قلما يمكن أن يجذبك إعلام اليمن المرئي إلى أحد برامجه؛ فالعرض رتيب جداً، والأسلوب ركيك للغاية، والخطاب ساذج إلى حد كبير.. قد تداهمك أعراض الملاريا تدريجياً وأنت تتابع إحدى الفضائيات اليمنية مثلما أنك تقرأ مجلة (المنتدى) الصادرة عن جمعية الحكمة اليمانية الخيرية (!!)، مع أنها رائدة في بابها. إنه عصر الصناعات الإعلامية، ولا وقت للخطاب الوعظي التقليدي الذي أكل عليه الدهر وشرب، مع احترامنا للطروحات الفكرية الجريئة، والموضوعات الثقافية الرصينة التي قد تتخلل بين فينةٍ وأخرى هذه الفضائية أو تلك المجلة.. البرامج في غالبيتها مستنسخة من الفضائيات العربية (الكلاسيكية)،، والمذيعون والمذيعات في حيرة من أمر اللغة الفصحى، فتراهم يتكلفون ويتصنعون دون أن تظهر أساليبهم اللغوية خالية من أوزار اللحن والخطأ.. فضلاً عن ذلك،، فإن معظم الأفكار باهتة ويحوم أصحابها حول جدليات شكلية،، ويتداولون الأدوار ويتناوبون الحديث على غرار ما يبث في دواوين المقيل وحلقات الأربطة الصوفية!! المراسلون وكتاب التقارير يتواجدون غالباً في أحياء محيطة بمقرات الفضائيات، ويزمجر أحدهم قائلاً بصوتٍ كأنه جلمود صخرٍ حطهُ السيلُ من علٍ: فلان بن فلان الفلاني، لقناة (كيت) الفضائية، من أمانة العاصمة،، وكأنه واقف في جهة أخرى من العالم!! خطاب إعلامي بدائي،، وجعجة لا طحين لها،، وشخوص مرحلية تهمتم بحضور هياكلها على حساب حضور القضايا ذات الجدوى!! عناوين ديكورية،، ومضامين ضائعة،، وكلام فارغ،، وتوقيت عجول.. وقليلاً ما يستمر برنامج أو مسلسل أو فيلم دون أن تقطعه عبارة تقول: نكمل معكم البرنامج/ المسلسل/ الفيلم، عقب نشرة الأخبار!! وبمناسبة "نشرة الأخبار" هذه؛ فإن نشرات الأخبار في الفضائيات اليمنية سفر من صنعاء إلى حضرموت،، ولو أنك رافقت نشراتنا الإخبارية في فضائياتنا اليمنية أوقات انطفاء التيار الكهربائي لوجدت أن الكهرباء تنظفئ ثلاث ساعات، والنشرة تستمر ثلاث ساعات!! إعلامنا المرئي: لا صوت ولا صورة.. بل ارتجالية وعشوائية وارتباك واضطراب،، وفي أحسن الأحوال نمطية وتكرار.. متى ينهض هذا الإعلام من سباته العميق ويجاري الوقائع والأحداث بما يتواكب ومعطيات العالم؟!!.. إننا في شغفٍ ما بعده شغفٌ لأنْ نُكحِّل أعيننا ونشنف آذاننا بإعلامٍ خالٍ من الوشوشة والدردشة!!