يحل شهر رمضان الفضيل هذا العام في لحظة يشتد فيها توقنا نحن اليمنيين لفيض روحانيته ودفق نورانيته وطاعاته وبركاته، وتتعاظم فيها حاجتنا لبذخ صفائه ونقائه، وما يستثيره فينا من ألق الإقبال على التواد والتسامح والتراحم وفعل الخيرات، لعلنا ننسلخ في رحابه عن كل ما يضرم التنافر والشحناء والتناحر والتمزق بيننا، ونجتمع على كلمة سواء تخرجنا جميعاً من مآزق حاضرنا وتجتث من آفاق غدنا، نذر الانهيار في مجاهل مدمرة، وتكتب لنا عناوين انطلاقة جديدة مجيدة. هو شهر مبارك ومعظم متوهج بأجوائه الروحانية الباثة والحاثة على فعل التحولات وصناعة الإعجازات، والباعثة على صفاء النفوس وسموها وقابليتها على لجم نوازع الكبر والعناد والاعتزاز بالإثم، وميلها إلى التعاطي بصدق وأمانة وشفافية وحكمة وإيجابية .. نعم، هو شهر مبارك، حري بنا ونحن نكابد حالة راعبة مشحونة بالتوترات والتشظيات وأشباح الانهيار، أن نكف خلال هذا الشهر الكريم، عن كل المشاحنات والصدامات والمواجهات، وأن نتخلص من فاعليات التأزيم القاتلة، وصولاً إلى جعل أمسيات الشهر الفضيل، مساحات تواصل وتشاور وحوار جمعي صريح وجاد وشفاف، يروم تدارك الأوضاع المتفجرة، وإنجاز (خارطة طريق) واضحة ومحددة، لسبل الخروج الآمن والفاعل بالوطن ووحدته من شفير الهاوية، واستحقاقات خلاصه من كل العوامل والمنابت التي تعطل ما يرجوه أبناؤه من استقرار واندماج ووئام وعدالة ومساواة ونماء وتطور ورفاه، والتي تولد في نفوسهم كل صنوف التباغض والفرقة والضغائن والعصبيات والنزعات التفتيتية. مؤلم ما بتنا عليه نحن اليمنيين اليوم، فأجج الاحتقانات والصدامات والمواجهات الدامية يتسامق ويضطرم جنوباً، ولهيب الاحتراب المندلع شمالاً يغرق صعدة بانهمارات الدماء، وتيارات التطرف والإرهاب الناشطة على امتداد خارطة الوطن، تتربص بالأرض والبشر، ومفاعيل الأزمة الاقتصادية تسحق البسطاء المكدودين .. أليس الوضع والحال كذلك بحاجة إلى وقفة جريئة، وإرادة حاسمة، وأفعال جادة وعاجلة ؟ .. رمضان الباذخ بركات فرصتنا السانحة التي قد لا تتأتى حين لا ينفع الندم .. والمبادرة الوطنية لحزب الرابطة (رأي)، تبدو (خارطة الطريق) الأسلم والأنضج التي ترسم دروب الإنقاذ الوطني، والتي يتعين على جميع الفاعلين السياسيين إثراءها وتبنيها بصفتها المشروع الضرورة لتفادي انزلاقه وشيكة تذهب باليمن ووحدته إلى المجهول .. نأمل أن يحل شهر رمضان الكريم على شعبنا ووطننا ببشارات الفكاك الأبدي من سعير أزماتنا وأشباح تمزقنا وتناحرنا وهلاكنا وخراب بلادنا .. كل عام والجميع بخير ولله الأمر من قبل ومن بعد