يحتفل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها ومن تواجد منهم في شمالها أو جنوبها بعيد الفطر المبارك يحيون طقوسه ويعايشون لحظاته.. كونه يخصهم يجسد هويتهم. والاحتفال به واجب ديني أقرَّه ونظم احتفائيته الدين الإسلامي الحنيف منذ أن سُن على يد المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه قبل ألف وأربعمائة عام وحتى اليوم والعيد الحقيقي أيها الأخوة هو اليوم الأول من أيام الفطر التي تبدأ بأول أيام شهر شوال، وأما بقية الأيام فإن الاحتفالات فيها تعد ثانوية ولا ترقى مباهجها إلى مستوى اليوم الأول.. لا لشيء إلا لأن هذا اليوم قد اكتسب من الأهمية لدى المسلمين عموماً صائمين وغير صائمين أكثر من التسمية وإن كان البعض قد أسماه بعيد الصائمين. من الناحية الدينية. حتى الأعياد الأخرى دينية أو وطنية .. إلخ، جميعها لا تضاهي فرحة اليوم الأول، هذا بالنسبة له كيوم يختلف في أهميته وفرادة فرحته عن بقية الأيام التي تمتد أحياناً إلى سابع وعاشر يوم يقضيها المعيدون ما بين رحلات وتنقلات وزيارات وهات يا إجازات وتعطيل للأعمال وتأخير في الدوامات بحجة العيد وهو ما حدث بعد اجازة عيد الفطر حيث امتدت اجازة العيد لما يقارب العشرة أيام، مع أنه في التسمية يتنافس بأعياد أخرى مثل الأضحى المبارك الذي أصبح أثراً للمناسبة بسبب غلاء المعيشة وما عكسه على حياة الناس من منغصات وصلت حد الحرمان من الاحتفاء بمناسبات كثيرة ومنها الأضحى.. ولعل المهم هنا أن هذه الواحدية التي تفرد بها عيد الفطر نتيجة إنعكاس الوضع العام الذي لا يسر، قد دفعت الناس إلى الاستعداد المبكر وعمل الاحتياطات والإمكانيات المستطاعة وفوق المستطاعة لإنجاح هذا العيد وإحياء مراسيمه كما يجب؛ كونه العيد الوحيد في بلادنا الذي ما زلنا نعطيه حقه مقارنة بظروفنا وما تقدر عليه قدراتنا وضآلة إمكانياتنا التي تناثرت بين محدودية دخلنا وتزايد الغلاء الذي يدكنا من عام إلى عام ومن مناسبة إلى أخرى. بل إنه وبسبب هذه الفرضية أصبحت أُسر كثيرة تتحمل لهذا العيد الوحيد (الفطر) من الديون ما يثقل كاهلها طوال العام ولا تستطيع الفكاك من كماشته التي أفقدتنا حلاوة الفرحة وبهجة المناسبة، فنحن والعيد والغلاء أصبحنا متلازمين بشكل عجيب لا ندري إلى متى.