يتجلى في الوطن الكثير من المتغيرات وتظهر على السطح بعض البروفات التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني الذي تأجل أسبوعين على موعده الذي كان مقرراً في 26 /12/2009م فيما يبدو المشهد السياسي أكثر حراكاً وعراكاً، ولا نعرف إلى ما سيفضي وإلى ما سينتهي في ظل إجراء الإقصاء الذي تم بموجبه تقنين بطائق الدعوة وانحسار مقاعد المشاركين على بعض الأحزاب المقربة (المؤيدة) وما إذا سيسدل الستار عن هذا الشعار بمشاركة جميع الأحزاب أم سيظل الإصرار من قبل الحكومة حتى الانعقاد وإصدار القرار وإلى أن يحين ذلك الحين فإن الجميع سيبقى في حالة ترقب لما سيسفر عنه من نتائج خاصة إذا ما انعقد بحضور بعض دون آخر فذلك إنما يضع الحكومة في مفترق صعب قد لا يكون الخروج منه بالأمر السهل كما يتراءى لها الآن وهذا الكلام ليس جزافاً.. بل هي الحقيقة التي لا يجب أن تغيب عنها اليوم فنتجرع مساوئها غداً، فالعمل السياسي عمل جماعي لا بد أن يتمتع بالانفتاحية العالية والصلاحيات الواسعة التي تتيح للجميع المساهمة في صنع القرار الوطني الملبي لرغبات المواطنين على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم وأحزابهم.. بل إن أي مشروع وطني لا تشترك فيه كل القوى السياسية والاجتماعية والكتل الحزبية والشعبية يعتبر فاشلاً عاجلاً أم آجلاً كونه لا يمثل رأي الجميع ولا يخدم المصلحة العامة .. أليس الأحزاب سواسية في حكم الدستور لهم حقوق وعليهم واجبات، أم هناك فروقات بين حزب وآخر.. إن العمل من أجل الوطن و الشعب هو المحك الحقيقي والمرجع الأهم الذي يحتكم إليه الجميع، نظام وأحزاب، ورفعه شعاراً رسمياً ومطلباً أساسياً يجب العمل به وعدم الخروج عنه، وأن يكون هو الثابت في جميع الأحوال والظروف.. إنها أشياء لا تحتمل المقايضة أو المحاباة ..فلِمَ الإصرار على عدم الالتزام بها والخروج عن نصوصها على الرغم من معرفتنا المسبقة والملحقة بنتائجها السلبية على البلاد والعباد.. فمهما كان التباعد في وجهات النظر بين الحكومة والأحزاب فإنه لابد من التجاوز وردم الهوة القائمة بينهما؛ وذلك بتغليب المصالح الوطنية على الذاتية، والتخلي عن تهميش دور كل الأحزاب في رسم هذا المسار المتعلق بمصير أمة ومستقبل وطن، حيث إشراك الأحزاب بلا استثناء يعد ترجمة لآمال الجماهير التي تمثلها وتتحدث بلسانها، وإلا فإن صيغة الحوار المطلوب ستتحول إلى حوار مسلوب، لا يلبي رغبات كل فئات هذا الشعب المغلوب، أما عن سبيل التخلي عن هذه الأنانية التي لازمتنا طوال الفترة الماضية وتريدنا مواصلتها لفترة آتية، ومع كل ذلك فأملنا بالله كبير للتخلص من هذه الديمقراطية التي لا تعمل إلا لنفسها ولا ترى غير ذاتها أجدر وأبدر مع أن الواقع يقول عكس ذلك رغم مرور عشرين عاماً على الوحدة وانتهاج مبدأ الديمقراطية والتعددية، وكل عام هجري وميلادي جديد وبلدنا وشعبنا ينعم بأمن ورخاء.